• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الغضب.. حالة نفسية ذات هدف نافع أحياناً

عمار كاظم

الغضب.. حالة نفسية ذات هدف نافع أحياناً

جاء رجل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : أوصني. فقال رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) «لا تغضب»، ثم أعاد عليه، فقال : «لا تغضب»، ثم قال : « ليس الشديد بالصُّرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، خلق الله الإنسان، وجعل فيه حالات نفسية متعددة.. مثل حالة الحب الكراهية، والخوف، والغضب، وغيرها.. فكل إنسان يحس بوجود هذه الحالات، وآثارها في نفسه، فهو يحب ويكره، ويخاف ويغضب.. الخ، ولكل حالة من هذه الحالات النفسية فوائد ومنافع للإنسان، إذا استعملها استعمالا صحيحا، ولكنها تتحول الى خطر وضرر اذا استعملها استعمالا خاطئا، وعندئذ يضر نفسه، ويضر الآخرين بهذا الاستعمال غير الصحيح.

فمثلا جعل الله سبحانه الخوف في نفس الانسان، لحماية النفس من الأخطار والمهالك، والابتعاد عن الشرور والجرائم. فالخوف في هذه الحال صفةٌ حسنةٌ، تبعد الإنسان عن الشر والفساد. فالمؤمن يخاف الله ويخاف ذنوبه ويخاف من فعل الشر والجريمة... وبذا يكون إنسانا صالحا ومستقيما، مبتعدا عن ارتكاب أي ذنب.

ولكن هناك فرق بين الخوف والجبن.... فلا يصح أن يكون المؤمن جبانا يسيطر عليه الجبن، فلا يَرُدُّ الإعتداء، ولا يجابه الظلم والشر والفساد... فيكون ذليلاً خاضعا للإهانة والاعتداء. والغضب حالة نفسية موجودة في نفس الإنسان لها هدف نافع للإنسان اذا استعمله الإنسان استعمالا صحيحا فالإنسان يجب أن يغضب إذا رأى منكرا أو عدوانا على الحق أو فسادا في المجتمع... يجب أن يغضب للحق ولله وحده ويدافع عن الخير والمعروف ولكن الغضب يتحول إلى شر وحماقة وضرر على النفس والناس الآخرين... اذا كان الإنسان يغضب لأتفه الأسباب ولا يسيطر على نفسه ولا يملك غضبه وإرادته دفعه هذا الغضب وتلك إلى الاعتداء على الآخرين وارتكاب الجرائم ومعصية الله لذلك ينهى رسول الله صلى الله عليه وآله الإنسان عن الغضب ويعتبر الإنسان الذي يسيطر على نفسه عندما يواجه شيئا يغضبه، أو يثيره، هو الإنسان القوي بإرادته وعقله وحكمته، وهو أقوى من الإنسان المصارع الذي يصرع الناس ويتغلب عليهم بقوة العضلات لأنه يصرع قوة الشر والعدوان في نفسه.

إن الإنسان الذي يسيطر على نفسه عندما يغضب ويمنع نفسه عن أذى الآخرين أو الاعتداء عليهم أو معاقبتهم أو الرد عليهم، إنما هو إنسان قوي الإرادة ذو خلق إنساني عظيم يدفع المشاكل والأذى عن نفسه وعن الآخرين وينشر روح الحب والعفو والتسامح بين الناس إن الله يحب الإنسان الذي يمنع غيظه ويعفو عن الناس الذين يؤذونه فلا ينتقم منهم، ولا يعاقبهم. إن الله سبحانه عفو غفور.... يعفو ويغفر للعباد ويسامحهم وهو كذلك يحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض ويسامحه ولا ينتقم منه أو يعاقبه فإذا أساء إنسان أو أخطأ بحق شخص آخر.... فمن خلق الإسلام أم يعفو هذا الشخص ويترك العقوبة.... لأن الله عفوٌ يحب العافين عن الناس.

ارسال التعليق

Top