• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

العين ودورها في القراءة

العين ودورها في القراءة

◄لا تنساب عين القارئ فوق الكلمات بسهولة وإذا حصل هذا فإنّها لن تستطيع رؤية شيء، لأنّ العين ترى الأشياء، بشكل واضح عندما تستطيع أن تتوقف عليها وتأخذ صورة واضحة منها وتكون هذه الصورة في القراءة عبارة عن وحدة التركيز.

لذلك فإذا بقي جسم ثابتاً فإنّ العين يجب أن تبقى ثابتة لتتمكن من مشاهدته وإذا تحرك فإنّ العين يجب أن تتحرك خلفه لكي تشاهده.

عندما يقرأ الشخص سطراً فإن عينيه تتحركان في سلسلة من القفزات السريعة يتخللها وقفات وعلى فترات محددة. إنّ هذه القفزات سريعة جدّاً بحيث لا يمكن ملاحظتها لكن تقدر سرعة القفزات بين وحدات التركيز من ربع ثانية إلى ثانية ونصف وفي أبطأ سرعة قراءة يصل معدل قراءة الشخص إلى أقل من 100 كلمة في الدقيقة.

وهكذا فإنّ العين تأخذ جرعات قصيرة من المعلومات في نقاط التوقف فهي لا ترى شيئاً في الحقيقة بل فقط تنتقل من نقطة إلى أخرى ونحن لا نلاحظ هذه القفزات لأنّ المعلومات المتكاملة والمتتابعة والمحمولة إلى الدماغ مستقاة من وحدات التركيز الواحدة تلو الأخرى ولذا فإنّه لا يمكننا أن نحقق مسحاً سلساً للكلمات دون التوقف بينها مع المحافظة على قراءة سليمة. إنّ العين نادراً ما تتوقف لأكثر من نصف ثانية حتى عندما تشعر أنّ العين ثابتة بالكامل. فمثلاً عندما تنظر بثبات على نقطة ثابتة فإنّ العين في الحقيقة تقوم بعدد من الحركات الصغيرة حول النقطة لأنّ العين إذا لم تتحرك بهذه الطريقة صانعة وحدات تركيز جديدة لها فإن ذلك سيؤدي إلى أن تبهت الصورة بسرعة وتختفي.

تأخذ العين غير المدربة حوالي ربع ثانية في كل نقطة تركيز لذا فهي محددة بحوالي أربعة نقاط تركيز في الثانية مما يعني أنّ القارئ المتوسط الذي يأخذ من كلمة إلى كلمتين في وحدة التركيز الواحدة ولكي يقرأ سطراً على هذه الصفحة فإنها ستأخذ منه بين ثلاث إلى ست واحدة تركيز.

ومما لا شك فيه أيضاً أن مدة الوقفات وعدد الكلمات التي يتم أخذها في كلّ وحدة تركيز تتفاوت إلى حد كبير فيما بينها نظراً لاختلاف المادة المقروءة والشخص القارئ بالرغم من أن أكثر الإدراكات البصرية التي تدرك بعيداً عن المركز تكون ممكنة الرؤية لكن بوضوح أقل تسمى هذه الرؤية الرؤية المحيطية (Peripheral Vision) وهي تؤدي وظيفة ربما تعد الأثمن أثناء القراءة حيث أنّ الكلمات التي تأتي بعد وحدة التركيز الحالية (التي تقوم العين بقراءتها) مباشرة تكون قد استلمت بشكل جزئي من خلال العين وأرسلت للدماغ وإن احتمالية حدوث هذا الأمر كبيرة لأنّ الكلمات يمكن أن تدرك وهي في مجال الرؤية المحيطية في نفس الوقت الذي تكون فيه الأحرف الفردية مشوشة جدّاً ولا يمكن التعرف عليها.

وعلى هذا الأساس فإنّ الرؤية المشوشة أو غير الواضحة بعض الشيء لما هو آت تخبر الدماغ أين هو المكان الآتي لسقوط العين في الحركة القادمة وأين هو المكان المناسب للتوقف وهكذا فإنّ العين لا تتحرك في سلسلة منتظمة من القفزات بشكل متساوٍ لكنها تقفز عن الكلمات المطولة وتركز على الكلمات الأهم في النص (الفريدة والمميزة).

يعتمد مدى الذاكرة الفوري على عدد الجرعات بدلاً من محتوى المعلومات المتوفرة حيث أننا عندما نقرأ نستطيع أن نأخذ حوالي خمس جرعات في وقت واحد والجرعة الواحدة قد تكون حرفاً أو كلمة أو حتى عبارة صغيرة وكلما كانت الجرعة أكبر كان الفهم أسهل. تتجمع وحدات التركيز عند القارئ المتمرس في منتصف سطر الطباعة فعندما تذهب العين إلى سطر جديد فإنها عادة لا تذهب إلى بداية السطر بل بدلاً من ذلك تبدأ بعد كلمة أو كلمتين من الحافة أما بالنسبة للدماغ فإنّه يكون قد كون فكرة جيدة عن الكلمات التي ستأتي من الخبرة التي اكتسبها خلال الأسطر السابقة وهو بحاجة فقط لاستشارة الرؤية الخارجية (Peripheral Vision) للتأكد من أنّ الكلمات الأولى هي فعلاً كما توقعها أم لا، وبنفس الطريقة تعمل العين والدماغ معاً بهذا التناغم في نهاية السطر.

سيقوم القارئ البطيء الذي يتوقف عند كلّ كلمة، ومن يقفز للكلمة التالية بقراءة نفس الكلمة مرتين إلى ثلاث مرات فهو لن يكون قادراً على فهم معظم ما يقرأ وعند نهاية الفقرة فإنّ المفهوم يكون قد ضاع بسبب طول الوقت والتكرار الممل منذ بداية قراءة الفقرة.

أثناء عملية إعادة القراءة فإن قدراته على التذكر تكون قد ضعفت ويكون قد بدأ بالشك في قدراته.

فعلى مدى أكثر من مئة سنة استنتج الخبراء في الحقل الطبي والبحث النفسي بأن أكثر البشر يستعملون 4% إلى 10% فقط من قدراتهم العقلية في جميع نواحي حياتهم. تسريع عملية مثل القراءة هي طريقة فعالة جدّاً لتمكين الناس من زيادة نسبة الاستيعاب لديهم واستغلال القدرات المهدورة التي لا يقومون باستغلالها على أكمل وجه لأنّ القراءة السريعة تحسن الفهم فيصبح مستوى القارئ في التركيز أعلى مع تقليل الوقت مما يقلل من التوتر والآلام الطبيعية مثل الصداع وآلام الرقبة.►

 

المصدر: كتاب القراءة السريعة

ارسال التعليق

Top