• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العمل التطوعي جزء من إنسانية المجتمع

العمل التطوعي جزء من إنسانية المجتمع

◄من أسمى أنواع الإنسانية أن يهب الإنسان نفسه ووقته لخدمة الآخرين دون مقابل، والأسمى من ذلك عندما ينقذهم ممّا هم فيه من صعوبات ومشقات. يعدّ الوقت والمال من أغلى ما يملك الفرد، لذلك وهب الفرد جزءاً من وقته وماله للآخرين هو خير من الدُّنيا وما فيها، قال تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة/ 148).

إنّ العامل النفسي للإنسان المتطوع يجعله يتخلّى عن الصفة الأنانية في أفضل مراحل عمره، إذ يعلمه على عدم السعي خلف نفسه حبّاً في نفسه ولا يدركها. فالأعمال التطوعية هي نواة المجتمعات المتقدّمة، وجزء لا يتجزأ من إبداع ونهضة وتطوّر الدول.

العمل التطوعي وبالأخص العمل التطوعي الجماعي من أبرز وأهم عوامل تطوّر الفرد والمجتمع والبيئة، فبالتطوع في التعليم أو التطوع في عمل المشاريع، أو التبرع بالأموال للفقراء، أو تنفيذ المشاريع النهضوية، وإلى غير ذلك من الأُمور المتعدّدة والمختلفة، سيجني المجتمع والدولة على حدٍّ سواء تلك الأعمال والمبادرات أحسن الثمار، ولعلّ العامل المشترك في الدول المتقدّمة أنّ ساعات العمل التطوعي كثيرة وأعداد المتطوعين كبيرة، ومثال ذلك وجود 22 مليون شخص يشاركون بالتطوع وبشكل رسمي كلّ عام، وبساعات عمل تطوعي رسمية وصلت 90 مليون ساعة عمل كلّ أسبوع في المملكة المتحدة البريطانية.

الواقع يحتم علينا ألا نفصل الأعمال التطوعية الاجتماعية في دول العالم النامي عن التنمية، فالتطوع جزء أساسي وأصيل لتنمية المجتمع، وأشكال العمل التطوعي تتميز بين شكلين أساسيين، هما الفردي والمؤسسي.

النوع الأوّل الفردي هو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه، وإرادة لا يبغي منها أي مردود مادّي، وتقوم تلك الرغبة على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية، أو إنسانية أو دينية، كمساعدة محتاج أو تعليم جاهل، أو تفريج كربة، أو غيرها من الأعمال الخيرية التطوعية.

فيما يكون النوع الثاني المؤسسي أكثر تقدّماً من العمل التطوعي الفردي، وأكثر تنظيماً وأوسع تأثيراً في المجتمع، ومثال ذلك في الوطن العربي الجمعيات الخيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وحل المشكلات الاجتماعية والأُسرية، وغيرها من المؤسّسات والجمعيات.

إنّ المؤسّسات الخيرية في الدول العربية التي تضمّ مؤسّسات متعدّدة وجمعيات أهلية تساهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع، لكنّها قليلة إذا قورنت بالجمعيات الموجودة في دول أوروبا وأمريكا، والإحصاءات والأرقام تبرهن على ذلك.

إيجابيات العمل التطوعي على الفرد عظيمة جدّاً، لعلّ أبرزها الرِّضا عن النفس، وقد أثبت العلم النفسي أنّ التطوع يوفِّر سعادة حقيقية أكثر من أي عمل آخر في الحياة، ويساعد العمل التطوعي المتطوع على تكوين شبكة كبيرة من العلاقات الاجتماعية، ومعرفة التعامل مع جميع طبقات المجتمع، والتي بدورها تساعد على صقل الشخصية، والمهارات وتقويتها، كما أنّ العمل التطوعي وسيلة من وسائل تنمية المجتمع.►

ارسال التعليق

Top