تعريف العدل والصمت:
معنى العدل لغةً: العدل خلاف الجور، وهو القصد في الأُمور، وما قام في النفوس أنّه مستقيم، من عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل من عُدولٍ وعَدْلٍ، يُقال: عَدَلَ عليه في القضية فهو عادِلٌ. وبسط الوالي عَدْلَهُ.
معنى العدل اصطلاحاً: العدل هو: «أن تعطي من نفسك الواجب وتأخذه». وقيل هو: «عبارة عن الاستقامة على طريق الحقّ بالاجتناب عمّا هو محظور ديناً».
معنى الصمت لغةً: أمّا معنى الصمت لغةً: صَمَتَ يَصْمُتُ صَمْتاً وصُموتاً وصُماتاً: سَكَتَ. وأَصْمَتَ مثله، والتصْميتُ: التسكيتُ. ويُقال لغير الناطق: صامت ولا يُقال ساكت. وأصمتُّه أنا إصماتًا إذا أسْكَتُّهُ. ويُقال: أخذه الصُّمات. إذا سكت فلم يتكلم.
ومعنى الصمت اصطلاحاً: الصمت: «فقد الخاطر بوجد حاضر. وقيل: سقوط النطق بظهور الحقّ. وقيل: انقطاع اللسان عند ظهور العيان». «الصمت إمساك عن قوله الباطل دون الحقّ».
قيمة العدل: جعل القرآنُ الكريم إقامةَ القسط – أي العدل – بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلّها، فقال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد/ 25). من هنا، فالمؤمنون الملتزمون بدينهم حقّاً هم أهل العدل، يسعون بكلّ قوّة إلى أن يكونوا العادلين مع أنفُسهم وعيالهم وجيرانهم والناس من حولهم، فلا يتعدوا حدود الله ولا يعرفوا غير الحقّ سبيلاً.
كذلك أمرنا تعالى بالعدل في القول، فقال تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) (الأنعام/ 152)، كما أمر بالعدل في الحكم، فقال تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (النِّساء/ 58).
كما أمر بالعدل في الصُّلْـح، فقال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ) (الحجرات/ 9).
فالمؤمنون في كلّ موضوع يتحرّكون فيه في الحياة، هو على أساس الحقّ والعدل، وما يتطلّبه ذلك من عزيمة وإخلاص وإيمان، فهم يقيمون العدل حتى على أنفُسهم ومَن يخصّهم، مهما كان قريباً نسباً ورحماً، وهم يحكمون بالعدل ليعرفوا الناس سوء الباطل والظلم، ويعدلون في الظروف والأوقات التي تحتمها الوحدة ولمّ الشمل.
النتيجة أنّ العدل فوز وكرامة للإنسان، فهو من جهة فوز في الدُّنيا والآخرة، وكرامة للإنسان أمام الناس وأمام ربّه يوم البعث.
قيمة الصمت: الصمت بما أنّه سكوت أو إمساك عن القول والخوض في ما يُثار من كلام ومواقف، من أبرز القيم الأصيلة التي يتمتع بها المؤمن، بحيث تراه صامتاً لا يخوض مع الخائضين والمثرثرين، وليس معنى ذلك أنّه حالة سلبية، بل على العكس، هو يتجنّب بصمته ما يثير القلاقل والفتنة وزرع الحقد والكراهية وخلق التوتر والمشاكل.
من هنا، كان صمته إيجابياً، حيث وفّر على المجتمع الكثير من الدخول في ما لا يعنيه، فهو يتدخّل في حالة واحدة عندما يتطلّب منه الموقف ذلك، يقول كلمة الحقّ ولا يتراجع عنها. قال أحدهم: الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت، والعاشرة في اعتزال الناس.
نسب إلى لقمان الحكيم قوله لابنه وهو يعظه: «إذا افتخر الناسُ بحُسن كلامهم، فافتخر أنت بحُسن صمتك».
النتيجة: في الصمت وقار للإنسان وهيبة واحترام، وسلامة من الدخول في سخافة الكلام وما يتركه من آثار سيِّئة.
من هنا، فلنراجع ما بنا من أحوال، ولنلتزم الصمت ونقوم بالعدل، كي نخفّف المشاكل والأعباء عن حياتنا التي تتعطّش لصمتنا أحياناً وتتوق إلى عدلنا.
يقول أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): «الصمتُ وقارٌ وسلامة، والعدلُ فوزٌ وكرامة».
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق