عالم بلا طفولة هو عالم بلا حياة؛ فالأطفال هم الأزهار التي نروي بذورها اليوم لتتفتح غداً على مستقبل مليء بالأمل والتفاؤل والأمان، ومن أجل عيون الطفولة خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1959 وأكدت عليه اتفاقية حقوق الطفل عام 1989 العشرين من نوفمبر ليكون اليوم العالمي للطفل، والذي يحتفل به أطفال العالم باعتباره يوماً للتآخي والتعارف، ومن المفترض أن تكون السمة الأساسية لهذا اليوم هي نبذ ثقافة العنف ضد الطفل، والتذكير الدائم بضرورة السعي نحو تغيير واقع أطفالنا في أنحاء العالم نحو الأفضل. ولكن هذا الحلم يتحطم على صخرة الواقع المرير الذي يعيشه أطفالنا في عالم مليء بالعنف والصراعات والحروب والكوارث، والتي تبدل بهجة الأولاد في عيدهم فلا تقوى على تغيير شحوب وجوههم الخائفة ونظرات عيونهم الزائغة ونفسياتهم المذعورة، التي اصطبغت بلون وحيد باهت، جراء ما يدور حولهم من أحداث تجعل الخوف هو المسيطر على قلوبهم البريئة. فالطفولة كلمة واحدة تحمل عالماً قائم بحدّ ذاته، هو عالم نتميّز به لبراءته وطيبة قلب كلّ طفل بعيداً عن انشغالات الحياة التي تجعلنا أحياناً نتّصف بصفات لا تكون دائماً إيجابيّة، وغالباً ما نلتجئ إلى ذكريات الطفولة لنجد القليل من السعادة عندما نشعر بالضيق أو لدى مواجهة أيّة مشكلة، أو ننظر إلى وجه طفل ليعكس لنا لحظات من السعادة والحنان. ولكن، سرعان ما يتحوّل عالم الطفل وبراءة وجهه إلى مصدر ألم وخوف على ما يعانيه أمام الظلم الذي يخيّم أحياناً عليه والمشكلات التي يواجهها والتي تمحي ملامح الحبّ والطهارة وترسم الكآبة والتعب من المشكلات التي يتعرّض لها ومنها العمالة والعنف والاغتصاب وغيرها. وليس مستغرباً أن يكون هناك حقوق خاصّة بالطفل وواجبات تجاهه، واليوم العالمي للطفل جاء ليكون بمثابة حماية أمام ضعف الطفل في مواجهة قوّة الأكبر منه والذي ينتهك حقوقه في بعض الأوقات.. فحقّهم واجب في الحياة والتمتع بالأمن والحرّية. وحقّهم في الصحّة، حيث يجب توفير مستوى من الخدمات الصحّية، يضمن حمايتهم من الأمراض والقدرة على معالجتهم. كما وحقّهم في التعليم، وذلك لضمان حصولهم على الوعي الكافي والثقافة اللازمة لتمكينهم في المجتمع، ليصبحوا أفراداً فاعلين ومنتجين. وحقّهم في الغذاء، فالجدير بالذكر أنّ مرحلة الطفولة هي مرحلة بناء الجسم والنمو بشكل صحيح، وحصول أي خلل في غذائهم الصحّي يعمل على حدوث تأثيرات صحّية خطيرة. كما حقّهم في اللعب من الأساسيات، حيث يساهم هذا الحقّ في نمو الطفل وتكوين شخصيته بأسلوب صحيح متزن، لما لهذا الجانب في حياة الطفل من دور فعّال ومهم، فيسهم في بناء الطفل جسدياً ونفسياً. وعلى الرغم من وجود العديد من القوانين التي تكفل للأطفال حقوقهم وحمايتهم من أي استبداد، إلّا أنّ هناك الملايين من الأطفال حول العالم يعانون من انتهاكات وحرمان لحقوقهم، وهذا جميعه يؤدي إلى نمو أجيال تعاني من اضطرابات نفسية وجسدية تعمل على انهيار المجتمع، وتقلل من فرص ازدهاره ونموّه، وبالتالي لا بدّ من فرض عقوبات مشددة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الدول من انتهاك حقوق أطفالها، والسعي على حمايتها بكلّ الوسائل المتاحة من خلال الخضوع للجنة حقوق الطفل بشكل مستمر؛ ليتم التأكد من ضمان تطبيق هذة الحقوق بالشكل الصحيح.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق