• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصيف.. فرصة للراحة أم موسم للخلافات الزوجية؟

الصيف.. فرصة للراحة أم موسم للخلافات الزوجية؟
                       ◄الرجال يوتّرهم الحرّ والنساء يضقن ذرعاً بتصرفاتهم الأبناء في البيت.. طلباتهم التي لا تتوقف.. ضغوط الإجازة المادية، عصبية الزوجة من فوضى البيت، كلمة من هنا وكلمة من هناك، فخلاف عالي الصوت ينشب بين الزوجين، والمتهم الوحيد في هذه الحالة هو الصيف. فهل صحيح أنّ الصيف هو فصل الخلافات كما يقول الأزواج؟ أم أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته؟ أظهرت إحدى الدراسات العلمية التي أُجريت في بعض الدول العربية مؤخراً، أنّ معدلات الخلافات الزوجية تزداد في موسم الصيف بنسبة 65 في المئة عمّا تكون عليه في فصل الشتاء، وأن فصل الصيف يستحوذ على نصف حالات الطلاق التي تقع على مدار العام. وأشارت الدراسة، التي شملت 1700 أسرة، إلى أنّ السبب الرئيسي الذي يقف وراء هذه الخلافات الصيفية، يرجع إلى الحالة المزاجية السيئة التي قد تصيب الأسرة في فصل الصيف، نتيجة ما يصاحبه من إرتفاع نسبة الرطوبة في الجو، التي تزيد بدورها معدّلات ضغط الدم، وتصعب عملية التنفس، وهو ما يؤدي في النهاية إلى حالة الضيق التي تندلع بعدها الخلافات والتي قد تكون أسبابها تافهة في كثير من الأحيان.   -        يكره الحر وسيرة الحر: في هذا الوقت من كل عام، وتحت درجة حرارة الصيف الملتهبة تضع أماني محمد (ربة منزل 39 عاماً) يدها على قلبها تحسباً لما سيحدث. فزوجها، الذي يكره الحر وسيرة الحر، يفتح في الصيف جبهة الخلافات الزوجية، مُحوّلاً موسم الإجازة إلى موسم لحرق الأعصاب. لهذا، تراها تصف الصيف بأنّه "إستحق أن يُقال عنه فصل النكد بامتياز". تفتح أماني صفحة من صفحات الصيف العادية، لتؤكد أن زوجها لا يجرها وحدها إلى خلاف معه، بل يضع البيت بأكمله تحت ضغط نفسي عالٍ، فتقسم بأنّه "ما إن يضع مفتاح البيت في القفل حتى تقول في سرها: "الله يستر". وتشير إلى أن "صوته وهو يلعن الصيف وحره ورطوبته" يصل إليها مُجلجلاً ويجعلها تعرف أنها على وشك الدخول في خلاف لا ناقة لها فيه ولا جمل، مؤكدة أنها باتت تكره الصيف من شدة ما يحمله لها من توتر يثيره زوجها لأتفه سبب، وتردد ضاحكة: "ويلي إذا كانت الرطوبة عالية ولم يجد زوجي موقفاً لسيارته قريباً من البيت، فحينها لن يتحمل نفسه والعرق يتصبب من جبينه، سيدخل البيت ويقيم الدنيا ولا يقعدها مقاتلاً ذباب وجهه، كما يقول المثل، وإذا تجرأتُ وسألته ألا يَرفَع صوته، يُجيب منفعلاً: "من الأفضل لك أن تقولي للصيف ألا يرفَع حرارته". إلا أنّ "الزوجة التي تسكت مرة ومرتين، لا تلبث أن تنفجر"، كما تعترف أماني بأسف، قائلة: "الحَرّ الذي يُفقد زوجي صوابه، أهْوَن بكثير من ضجّة أولادي الأربعة الذين يُحوِّلون البيت، بعد إجارات المدارس، إلى خليّة من النّحل تَطنُّ فوق رأسي. لهذا أجد نفسي عاجزة عن إبتلاع غضبه، بعد أن يصر على تحويل الحر إلى سبب لإشعال الحرب العالمية الثالثة في البيت، فأدخل معه في خلاف لا نعرف له بداية من نهاية".   -        أوروبا أو البقاء: إذا كان الحَرّ سبباً لإشعال الخلافات الزوجية، فإنّ التحضير للإجازة الصيفية هو أيضاً بمثابة سبب لخلاف آخر يفرضه الصيف على الأزواج. وفي هذا السياق، يؤكد منير محمود (إدارية في شركة خاصة)، أنّه يحسب حساب الصيف على مدار العام، لأن زوجته "لا تَرضى بغير أوروبا وجْهَة لإجازاتها". يفتح منير قلبه مُفضفضاً، مُستَحضراً خلاف الصيف الماضي، يقول: "حين يأتي حر الصيف تأتي معه بشائر الخلافات، فزوجتي تختنق من الصيف ليس بسبب حره فحسب، بل بسبب الإحساس بضرورة السفر، لأنّه كما تَصفه "فصل الإنطلاق والشوبينغ". يُضيف: "لهذا، ما إن يدخل الشهر، حتى يبدأ مسلسل النَّقّ من لحظة الإستيقاظ إلى لحظة النوم، فتسألني عن مشروعات إجازة هذه الصيفيّة، وعن ضرورة تحديد وجْهَة السفر لقطع "تذاكر الطيران"، وعن رصد مبلغ لـ"الشوبينغ" الخاص بها، إلى آخره من التعليقات التي تحفظها عن ظهر قلب، وتُردِّدها قبل كل إجازة صيف". سنوات الزواج السّبع، تضمَّنت، كما يقول منير ضاحكاً، سبع إجازات صيفية وسبع خلافات زوجية، تختلف عن كل الخلافات التي تَحدُث بينه وبين زوجته على مدار العام، لأنّ الصيف، كما يقول مُبرّراً، يُظهر "أنانية" زوجته التي لا تهتم إلا بمشروعاتها الخاصة، من دون الإهتمام بالتزاماته المادية، خاصة تجاه "أقساط المدارس" التي تَستنزف دَخْله مع بداية الصيف. ويشير وهو يسترجع منغصات كل صيفية "الجدالات البيزنطية"، التي تدور بينه وبين زوجته، حول ضرورة التوفير والإقتصاد في مسألة البَذخ الذي يفرضه السفر، وما يتبعها من مشاجرات وشد وجذب، وإصرار كل منهما على إثبات وجهة نظره، ولكن "لا حياة لِمَن تنادي"، بحسب ما يقول، "فالخلافات تستمر في ظل الصيف الذي لا يرحم بحرّه ولا بعروضه، التي تأتينا من شركات السفر المُصرَّة على إغراء زوجاتنا وخنقنا كل عام".   -        فوضى: "الصيف والخلافات الزوجية، وجهان لعملة واحدة"، بهذا الكلام يُقدِّم الإستشاري الهندسي سامي سعد، وجهة نظره في الموضوع، مُشيراً إلى "أن إغلاق المدارس وحالة الفراغ والفوضى التي يعيشها الأبناء، سبب رئيسي في خلاف الزوجين، حيث يتحول البيت في الصيف، إلى مهرجان من الفوضى والضّجة ورغبة الأبناء المستمرة في الخروج واللهو واللقاء مع الأصحاب، وكل هذا يتطلّب تَفرّغاً كبيراً من الأهل". هذا العَجْز عن تلبية طلبات الأبناء، يُطلق شرارة الخلاف بين الزوجين، فكل منهما يُريد رمي الحِمْل على الآخر، المرأة المشغولة بواجباتها من جهة، والرجل المشغول بوظيفته من جهة أخرى، وإلحاح الأبناء الذي يُشبه الدَّق على الطَّبل، يُفقد الأبَوين السيطرة على أعصابهما، فيختلفان ويتشاجران على الرغم من تَفَاهَة الأسباب"، مُضيفاً: "إنّ إشتعال الخلافات الزوجية في الصيف لا يكشف أي خلل في العلاقة الزوجية، إنّه مجرد تعصيب لا أكثر يصعده الأبناء ويكمل عليه حر الصيف".   -        هزة عائلية: "لا يمكن للصيف أن يمرّ من دون خلاف يدق باب البيت"، بهذا الرأي يؤكد المهندس المعماري فيكتور مرقص ما تقوله الدراسة، مُعتمداً على الضغط النفسي الذي يسببه التحضير للإجازة، سواء من ناحية الترتيبات المادية أم من ناحية البحث عن وجهة السفر، فيقول: "يدخل الزوج في حالة من الإرتباك مع قدُوم الصيف من ناحية التخطيط والتدبير والتحضير للسفر، فالسفر لم يعد خطوة ترفيهية تقدم عليها العائلات المقتدرة فقط، إنّه ضرورة من ضروريات الإجازة التي يفرضها الواقع الجديد للمجتمع المادي الذي يرهق الناس ويستنزف مواردهم". لهذا، تتعرض العلاقة الزوجية إلى بعض هزات عائلية سببها الأول والأخير "الخناقات" التي تسبق الإجازة والتي تدور أغلبيتها حول إختيار المكان الذي يتشارك فيه الأبناء والأب والأُم". إختلاف وجهات النظر بين أفراد العائلة مشكلة لا يدفع ثمنها إلا الأزواج، كما يقول فيكتور، حيث يجد أنّ "الأبناء يخرجون من الجداول مثل الشعرة من العجينة، إنهم فقط يشترطون ويطلبون ويتمنون، وما على الأب إلا أن يدفع، والأُم أن تحرق أعصابها ريثما تقلع الطائرة وتمضي السفرة على خير".   -        طبيعة: "الخلافات الزوجية في الصيف حقيقة لا تنكر في حياة الأزواج العصبيين الذين لا يتحملون نقطة عرق على جبينهم"، بهذا يحدد المهندس عبدالله الزعبي طبيعة الأزواج كشرط لدخولهم في حلقات المشاجرة، فيقول: "يتشاجر الأزواج في الصيف، لأنهم يتوترون جرّاء الحر، ويعانون رطوبة الطقس، فيفقدون التعقل في ردود أفعالهم حتى يصلوا إلى المشاجرة الزوجية بسهولة"، لافتاً إلى أنّ "الطقس ليس السبب، لأنّ الزوج العصبي سيجن جنونه لو سقط عليه المطر فجأة في عز الشتاء، وكذلك الزوجة العصبية سيرتفع صوتها من الغضب لو هبّت نسمة غير متوقعة عليها، فالطقس يتلاعب بالأعصاب ولكن أعصاب الأزواج الإنفعاليين فقط".   -        مبررات: لا يُصوِّت مهندس الكمبيوتر أيمن نجيب، لمصلحة تلك الدراسة التي تربط الحر بإشعال الخلافات الزوجية، بل يجدها "مجرد شمّاعة يعلق عليها الأزواج مشاكلهم". يقول موضحاً وجهة نظره: "يتحول الحر في الصيف إلى مبرر مجاني يستعمله الزوج حين يدخل في شجار مع زوجته، فإذا لامته على انفعاله لعن الحر والصيف، وإذا فقد أعصابه من دون مبرر، قال لها: "ألا تشعرين بالرطوبة القاتلة؟". الحديث عن سياسة الزوج الرامية إلى تحميل الصيف ذنب عصبيته، "لا يعفي الزوجة" كما يعلق أيمن "من حقيقة أنها تستعمل السياسة نفسها، ولكن مع بعض الفروق. فالمرأة قد تعتمد على ضوضاء الأبناء في البيت كحجة لتفجير غضبها في وجه الزوج، فتسوق أمامه ما فعلوه أثناء غيابه، ناقمة على العطلة التي ألزمتها بهم طوال ساعات النهار". يضيف: "هكذا، تَعلُو كلمة من الزوج على كلمة من الزوجة، ليأتي الخلاف مُتزامناً مع حر الصيف، وعطاياه المناخية الكريهة التي يستعملها الأزواج، مخرجاً لعصبيتهم وشدة إنفعالهم".   -        فصل الفوضى: وبينما تستمر الأصوات المؤيِّدة لتأثير الصيف السلبي في العلاقة الزوجية، ترى وفاء عرفة عبدالوهاب (ربة منزل، متزوجة منذ 27 سنة) أنّ "الصيف هو بمثابة مسلسل تبدأ حلقاته الأولى بالحر وتنتهي بالصِّياح". تقول في هذا السياق: "يُفاجئنا الصيف في كل عام بما لا نتوقع، فمشاكله أكبَر من حسناته، إنّه فصل الفوضى المنزلية بامتياز، ويا للكارثة لو قرَّر الزوج تمضية إجازته في البيت، عندها سيكون على الزوجة أن تَعدّ للعشرة كل نصف ساعة، حتى لا تفقد أعصابها". نسألها: مَن الذي يُثير الأعصاب أكثر، الزوج أم الأبناء؟ تُجيب ضاحكة: "الإثنان مَعاً، فقبل أن يأتي الصيف وتبدأ إجازات المدارس، يكون البيت مثل المملكة التي لا يحكمها إلا ملكة واحدة هي المرأة، ولكن مع بدء الإجازات، يتحوّل النظام إلى فوضى، الأمر الذي يَجرّ المرأة إلى العصبية رغماً عنها". وإذ تعترف وفاء، من دون قصد، بأنّها شريك فعّال في خلافات الصيف، تعود لتُؤكِّد: "بصراحة إنّ الأعصاب في الحر تكون على المحك، فأي خروج على المألوف يشحنها، وأي إنفعال يصدر عن الشريك يحرقها، ليكون الصيف والأعصاب وزحمة البيت أعداء العلاقة الزوجية".   -        وعود معسولة: بعد خبرة 55 سنة زواج، ترى وفيقة عبدالوهاب أنّ مُتطلّبات الصيف المادية تُعتَبَر عَصَب الخلافات الزوجية. السَّبب في رأيها يعود إلى "الوعود التي يقطعها الرجل لزوجته وأبنائه طوال العام، والتي تُحوِّل الصيف في عرفهم إلى بوّابة الأحلام السعيدة". إلا أنّها تُشير إلى أنّ "الذي يحدث يُخالف التوقّعات". تُضيف بجدِّية: "فالعين بصيرة واليد قصيرة، لهذا تَكرّ مسبحة الخلافات ما إن يأتي حر الصيف، وتجد الزوجة نفسها مُلزَمَة بالبقاء في البيت، كأنّه فصل عادي من فصول السَّنة". ويبدو أنّ الوعود المعسولة التي تُذوِّبها حرارة الصيف، لا تقف عند حدود العلاقة بين الرجل وزوجته من وجهة نظر وفيقة. فها هو تَذمُّر الأبناء يضيف فوق خلافات الزوجين جرعة إنفعال زائد، ليجد الرجل نفسه مُحمَّلاً بما يفوق طاقته المادية، فيثور لأصغر سبب، فاشّاً خلقه بزوجته، لأنّه لا يستطيع أن يَفشّه في وجه أبنائه.   -        ضغوط: من جهتها، تَجد دَعد منير معلم، أنّ "إزدياد المصروف والسفر والحر، هي الإجابات الكافية للرد على السؤال، حول أسباب إشتعال الخلافات الزوجية". تتساءَل: "لِمَ علينا أن نحتار بشأن تلك الخلافات، وكل شيء في الصيف جاهز لشد العلاقة الزوجية؟". تَعود لتُوضِّح وجهة نظرها: "أسْمَع الكثير عن زيجات تتعرّض لهزّات كبيرة في الصيف، وحين نسأل عن السبب نُدرك أنّ الصيف هو موسم المشاكل، وأحياناً موسم الطلاق". تقول: "إنّ المرأة لا تتحمّل فكرة أن تُحرَم من السفر في الصيف، بحجة دفع أقساط مدارس الأبناء، لهذا يتحول الجدال بينها وبين زوجها، إلى مُشاجَرة كلامية، لأنّها ببساطة تُؤمن بحقها في الإستمتاع بالصيف بعد عام دراسي كامل". تضيف: "سمعت مرة عن خلاف بين زوجين، سببه إختيار كل منهما وجَهَة سفر مختلفة، فالرجل يُريد التوفير، والمرأة تُريد المتعة، من دون أخذ الإعتبارات المادية في الحسبان".. ماذا حَدَث في النهاية؟ تُجيب: "سمعت أنها حَرَدَت في بيت أهلها طوال فترة الصيف".   -        مزاجية معكرة: هل صحيح أنّ الطقس الحار يؤثر في الحالة النفسية، أم أنّ هذه المسألة هي مجرد مبررات، يسوقها الأزواج لتبرئة أنفسهم من إشعال خلافاتهم الزوجية؟ يؤكد إستشاري الطب النفسي الدكتور علاء الحويل، "يتأثر المزاج بشكل سلبي بالطقس الحار، حيث يميل الشخص إلى العصبية والإكتئاب والتوتر والصراخ والإنفعال السريع ولو لأتفه الأسباب". ويكشف د. الحويل عن دراسة أميركية تفيد بأنّ "الرجل أكثر من المرأة عرضة للتقلبات المزاجية بسبب الحر، حيث يؤثر الحر في الوظائف الذهنية الخاصة به، الأمر الذي يؤدي إلى التشتّت وفقدان الانتباه والتركيز وكثرة الأخطاء في العمل، وصعوبة الاستيعاب وقلة الصبر". يضيف: "من هنا يأتي تفسير إزدياد الخلافات الزوجية في الصيف، حيث تتضافر كل تلك العوامل لشحن أعصاب الأزواج الجاهزين نفسياً لمثل تلك الخلافات، فالصبر معدوم، والتركيز مُشتَّت، وتحمُّل الشريك مسألة صعبة في ظل الضغوط النفسية، الناتجة عن الحر وما يسببه من مشاكل غير مباشرة". ويشير إلى أنّ "الجو الحار ليس السبب الوحيد في إشعال الخلافات الزوجية"، حيث يجد الدكتور الحويل أن "ضغوط العمل من مشاكل التركيز وتَوتر المزاج، من المسبّبات التي يجب تُؤخَذ بعين الإعتبار، ونحن نتحدث عن خلافات الصيف الزوجية. فالزوج، وما إن يعود إلى البيت حتى يجد نفسه عاجزاً عن كبت توتره، فيُفجّره في وجه زوجته التي تكون جاهزيتها النفسية للشجار عالية المستوى، نظراً إلى ما يفرضه وجود الأبناء في العطلة الصيفية، من متاعب جسديّة تتحمَّلها طوال الوقت، ناهيك عن الإهمال النفسي الذي يشعره الرجل في علاقته الزوجية، بسبب إنشغال زوجته عنه بأمور الأبناء ومتطلباتهم، فتزداد حساسيته ويصبح على إستعداد دائم للدخول في خلاف وصدام مهما كان، ليكون في جو آخر وفي ظروف أسرية أخرى".   -        بدائل: بدوره يُشير المتخصِّص النفسي الدكتور أمين بخاري إلى أن "إرتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، يؤثر تأثيراً سلبياً في مشاعر وسلوكيات الإنسان، لأنّ الشعور غير المريح الذي ينتج عن إرتفاع درجة حرارة ورطوبة الطقس، يؤدي إلى إثارة الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي تترتَّب عليه زيادة درجة الإثارة العصبية مع التوتر، بالتالي صعوبة السيطرة على التصرفات والسلوكيات غير المرغوبة". وفي ظل الحديث عن الخلافات الزوجية، يجد الدكتور بخاري أنّ "المشاعر والسلوكيات غير المرغوبة، تؤثر في العلاقات الإنسانية في مجال الأسرة، حيث يثور الزوج المتوتر عصبياً لأبسط سبب مع زوجته. وهذا ما يَدْعَم الدراسات التي أثبتت أن معدَّل الخلافات الزوجية يرتفع في فصل الصيف". هُنا، يُقدِّم الدكتور بخاري جملة من المقترحات، التي تحمي العلاقة الزوجية من التعرُّض إلى تلك الخلافات الصيفية، فيقول: "ننصح بالذهاب إلى أماكن معتدلة الطقس، للأزواج المتمكِّنين من السفر، وعلى الأزواج غير القادرين على مصروفات السفر الإستفادة من الموجود، من خلال الترفيه عن أنفسهم ضمن المعطيات المتوافرة لديهم، كالذهاب إلى الحدائق العامة في الليل، أو تخطيط برنامج ترفيهي للأبناء، بغية التنفيس عن طاقتهم، أو الذهاب إلى شاطئ البحر وإستغلال وسائل الإسترخاء المتعدِّدة، مثل تمارين التنفُّس العميق أو تدريبات الـ"يوغا" أو التأمُّل، التي تساعد على التحكم والسيطرة على الإنفعالات، بالتالي على السلوكيات غير المرغوبة، التي تؤدي إلى توتر في العلاقة الزوجية".   -        الطاقة الفعالة: يتوقَّف الخبير في "الطاقة الحيوية الكمية" الدكتور عبداللطيف العزعزي، عند علاقة إرتفاع الحرارة بالحالة النفسية للإنسان، فيقول: "علينا في البداية معرفة أنواع الطاقة، لكي يسهل علينا فهم تأثير الصيف في الإنسان، فالطاقة موجودة في التين: حالة الهدوء "ين" (YIN)، وحالة نشطة "يانج" (YANG). فطاقة الليل تكون "ين" للراحة والسكينة، وطاقة النهار تكون "يانج" للنشاط والعمل". يُضيف: "من المعروف أنّ درجة الحرارة لها تأثيرها في جسم الإنسان، خارجياً وداخلياً، الأمر الذي يُؤثّر في طاقة الجَسَد، ويعمل على تعكير مزاج الكثيرين"، مشيراً إلى أنّه بناء على ذلك "يصل بعض الناس إلى مرحلة عَدَم تَقبُّل أنفسهم وحتى الملابس التي يلبسونها، فيُقدِمُون على تصرفات وسلوكيات إنفعالية تؤذي الآخر، تحت شعار أنّه مُتأزِّم من الحرارة". يشير الدكتور العزعزي، إلى المفارَقة التي تَحدُث في الشتاء، "حيث تكون أمزجة الناس أكثر هدوءاً، تَتَّسم بقدرٍ كبير من التسامُح والمَيل إلى التغاضي والعفو، بخلاف فصل الصيف، حيث تلعب درجة الحرارة والرطوبة دوراً كبيراً في عجز الناس عن ضبط إنفعالاتهم". يقول: "لهذا، حين نقول إنّ فلاناً من الناس عصبي، فهذا يعني أن طاقة (يانج) النشطة الإنفعالية، تكون عالية عنده بسبب مؤثرات داخلية وخارجية"، ومن ضمن المؤثرات الخارجية كما يفيد الدكتور العزعزي: "الصيف ودرجة الحرارة والغبار وغيرها، حيث تَتغيَّر الطاقة بحسب المتغيرات المحيطة". يُتابع: "أمّا في الشتاء، فيكون الجسم أكثر راحة وهدوءاً وسَكينة وأقلّ حركة. لذا، تَغلب عليه طاقة (ين" الهادئة، بسبب الجو البارد والسماء الصافية، ومناظر الأشجار والطبيعة وزرقة البحر". أما النصيحة التي يُقدّمها الدكتور العزعزي للأزواج والزوجات، لتَجنُّب الخلافات الموسمية التي يشهدها فصل الصيف، فهي: "أن يَتحكّموا في إنفعالاتهم، وأن يعملوا على تفعيل طاقة التفكير المتَّزن لإدارة أنفسهم بشكل سليم، خاصة في العلاقات الزوجية. كما أنّ عليهم تَجنُّب النِّقاش في أجواء شديدة الحرارة، لأنّ المزاج يكون في حالة غير هادئة والطاقة في حالة إنفعال"، مُؤكّداً أنّ "من الأمور المهمّة التي يحتاج إليها الإنسان، ليكون أكثر هدوءاً وراحة في مثل هذه الظروف، هو الجلوس والإسترخاء، مع إغماض العينين والتنفُّس بطريقة هادئة ومريح، لمدة (3 إلى 5) دقائق على الأقل، حيث يعمل التنفس الهادئ المنتظم، على إعادة شحن الجسد بطاقة الهدوء والراحة (طاقة "ين")".►

ارسال التعليق

Top