• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الصوم علاج للإجهاد ومصدر الطاقة الإيجابية

الصوم علاج للإجهاد ومصدر الطاقة الإيجابية

بيئة للأفكار الحكيمة والهدوء النفسي

يعيش الإنسان الإجهاد والتوتر في كلّ ساعة من اليوم، ابتداء من القيادة على الطرقات المزدحمة، مروراً بهموم الوظيفة والتعامل مع الموظفين والمديرين والزبائن، وانتهاء بالبيت ومشكلات الأسرة.

إنّها أسباب وعوامل يومية في حياتنا تجعلنا سريعي التوتر وبالتالي مجهدين ومرهقين، وقد يظن البعض أنّ الصوم عامل إضافي يزيد من وتيرة الإجهاد في حياتنا، إلّا أنّ مجلة "فريدوم يو" الكندية نشرت دراسة جديدة تظهر أنّ الصيام علاج طبيعي ومجاني للإجهاد والتعب، لما له من فوائد تعود على الصحّتين الفكرية والبدنية. وحدد الدكتور رون ليجيركويست العلاقة بين الجهازين البدني والنفسي في أثناء الصوم، مشيراً إلى كيفية معالجة الإجهاد بالصوم من خلال الخطوات التالية:

 

1- العمل على تهدئة الأعصاب:

يعمل الصيام على تهدئة الأعصاب من خلال خفض ضغط الدم الذي غالباً ما يكون مرتفعاً عند الإنسان، خصوصاً في الأيّام الطويلة والمرهقة. الإجهاد عادة يؤدي إلى افتعال المشكلات مع الآخرين ورفع حدة التوتر داخل الإنسان، ما يعرضه للمشاجرات الحادة، إلّا أنّه وفي أثناء الصيام وبسبب انخفاض ضغط الدم يصبح الإنسان أكثر هدوءاً.

 

2- السكون الذهني:

يعتبر السكون الذهني مسألة شبه مستحيلة في الحياة العملية واليومية حيث الضجيج وضغوطات العمل، إلّا أنّ الصوم يمنح الصائمين ميزة السكون الذهني والهدوء، وذلك من خلال إبطاء حركة الجسد البيولوجية الداخلية، وتنقية الذهن من الأفكار الملوثة ومشكلات الحياة الثانوية، وهذا ما يجعل الإنسان قليل الكلام، كثير الصفاء الذهني والتفكير الهادئ والميكانيكي في حل الأزمات والمشكلات.

 

3- الامتنان والشكر:

عندما يختبر الصائم شعور الجوع والعطش، يصبح أكثر اقتناعاً بما يمتلك من نعم وبما لديه من أكل وشراب ووظيفة وراتب. وهذا ما يشعره بالشكر والامتنان بسبب الإيجابيات في حياته بالرغم من وجود الصعاب والعراقيل. يشعر الصائم بآلام الجوع، ما يبعث داخله مشاعر الرحمة والشفقة على الفقراء والمساكين، ويحوّل غروره إلى قناعة وامتنان لكلّ نعمة حصل عليها.

 

4- الطاقة الإيجابية:

يمنح الصوم الصائمين طاقة إيجابية فتفيض عليهم الأفكار الناجحة والمثمرة، ويؤثر الصوم في نفسية الصائم ويجعلها أكثر راحة وسلاماً، ما يشعره بإيجابية الأحداث والأمور فيرى الكأس الممتلئة بدلاً من الفارغة. هذه الطاقة الإيجابية مستمدة من الصبر والقوة وعزيمة الصائم على استمرارية صيامه وقدرته على تنفيذ كلمته والسيطرة على رغباته وجوعه.

 

5- وجهة نظر صائبة:

يتحوّل الصائم إلى إنسان هادئ، ممتن للنعمة، صافي الذهن ولديه طاقة إيجابية حسبما ذكرت الدراسة، وهو ما يجعل وجهات النظر صافية وصائبة، تعبر عن تعقل وتفهم وعقلانية ناتجه عن كلّ العوامل المذكورة سابقاً، وبدلاً من اتخاذ القرارات غير الصائبة وارتكاب الأخطاء بسبب الغضب واشتباك الأفكار في الذهن، يوفر الصيام بيئة سليمة للأفكار النيرة والآراء الحكيمة والمدروسة.

 

6- ضبط النفس:

مهما شعر الصائم بغضب وحاجة للصراخ وافتعال المشكلات والمشاجرة لأخذ حقّه والدفاع عن نفسه، إلّا أنّ الصوم يمنعه عن ذلك، لأنّ الصوم عن الطعام والشراب يجعل الإنسان أكثر انضباطاً من حيث الأخلاق والتصرفات، إضافة إلى القدرة على السيطرة على ردود الأفعال وتحكيم العقل والمنطق. ويأتي الصيام في رمضان بمثابة دورة تدريبية سنوية على هذا الصبر.

 

7- قوة الشخصية:

عندما يتحدى الإنسان جسده ويتمكن من الصيام لمدة يوم كامل عن كلّ ما يشتهيه من مأكولات ومشروبات وحلويات بمختلف أنواعها، يتحول إلى إنسان قوي وصلب لديه إرادة قوية تجعله يقتل شهواته ورغباته ويحكم جسده بشخصيته القوية وإرادته الصلبة. فاستمرار التدريب على ضبط الشهوات والسيطرة عليها مدة شهر كامل من كلّ عام، يعلّم الإنسان قوة الإرادة والشخصية.

 

8- الإحساس بالذنب:

الإحساس بالذنب هو حالة نفسية ضرورية للإنسان بين الحين والآخر. ما من أحد معصوم من الخطأ؛ لذا على الإنسان أن يراجع حساباته بين الحين والآخر ويشعر بالذنب تجاه من أخطأ بحقهم ويحاول الاعتذار منهم والتعويض عن ذنبه. وهذا الشعور يتعزز بالصيام وحرمان النفس من الشهوات والملذات وتصفية الذهن من الأطماع والغرور والكبرياء.

 

9- انخفاض نسبة القلق:

يعتبر إيقاع الحياة السريع والمتزايد وتلاحق الإخفاقات والأخطاء والربح والخسارة، من الأمور التي تزيد من مشاعر التوتر والقلق عند الإنسان وتحوله إلى إنسان مكتئب، وبالتالي إلى مريض نفسي بكلّ ما تحمل الكلمة من معانٍ. وهنا أظهرت الدراسة أنّ تغيير مسار اليوم وتعديل سلوك الفرد فيه من خلال الصوم، يساعدان على خفض حدة التوتر والقلق.

ارسال التعليق

Top