◄قال رسول الله (ص) أُوصيكم بالشباب خيراً فأنّهم أرق أفئدة.
نعم إنّ الشباب أرق أفئدة وأصلح قلوباً، إذا وجدوا منذ بداية الطريق مَن يحسن قيادتهم وسياستهم، فإنّ في الشبيبة معنى العزم والتوقد والإقدام، وكلمة «الشباب» نفسها فيها معنى الحرارة والنور، لأنّها مأخوذة من قولهم: شبّ الرجل النار، إذا أوقدها فتلألأت ضياءاً ونوراً، وفيها معنى الطموح والارتفاع.
ويذكر لنا التاريخ أنّ أوّل مَن أوجد المؤسّسات التي تهتم بالشباب في الإسلام هو الإمام عليّ (ع) أبان حكمه عندما أوجد تشكيل شبابي سماه (الفتوة) ضم مجموعة من الشباب من أبناء الصحابة فرعاهم ودربهم وغذاهم على مختلف المهارات الفكرية الإسلامية والبدنية والعسكرية والعلمية وجعل عليهم مَن يعلِّمهم ويدرِّسهم.
فالشباب طاقة كامنة يجب أن نهتم بتطويرها واستثمارها كما نستثمر كلّ الطاقات التي تختزنها الأُمّة فهم رجال وقادة البلد عمّا قريب ونجاح الوطن وتطوّره مرتبطاً ارتباطاً عضوياً بعلاقة طردية غير منفكة عن تطوير طاقات الشباب وتوظيفها ضمن خطط إستراتيجية معدّة بشكل مدروس من قبل مؤسّسات الدولة التي لها علاقة بهذه الشريحة من المجتمع.
ومن الطبيعي أنّ أعداء الأُمّة لا يرغبون أن نتطوّر أو نتقدّم فهذا ليس في مصلحتهم فيبذلون وسعهم في أن لا يلتفت الشباب إلى دورهم الحقيقي وهو صناعة مستقبل الوطن ويشغلوهم بكلّ ما من شأنه أن يلهيهم عن هدفهم وبشتّى الوسائل من خلال توفير كلّ ما من شانه الإلهاء والتميع وتسطيح الفكر ونشر الرذيلة والتسافل الخلقي تارة أو زرع حالة اليأس والإحباط في نفوس الشباب تارة أُخرى أو توجيه الأفكار نحو الانبهار بالحضارة الغربية إلى درجة استصغار قدرتنا على اللحاق بهم أو التفوّق عليهم رغم أنّ أبرز مَن يقود المؤسّسات العلمية والتكنلوجية عندهم هم من شبابنا الذين لم نحسن استثمار عقولهم ولو أنّنا وفرنا لهم بعض ما يحتاجونه لقدموا أفضل ممّا يقدّموه في تلك البلدان لأنّ الدافع سيكون أكبر بقدر الوطن وحبّهم لهذه التربة التي أنجبتهم والوفاء لمن رعاهم.
ولهذا فمهمتنا اليوم هو رعاية هؤلاء الشباب وتوفير كلّ مستلزمات هذه الرعاية وهو واجب على كلّ مَن يعتبر نفسه قائد سواءاً مسؤول في الدولة أو في المجتمع وتبدأ هذه الرعاية من الأسرة ولا تنتهي عند المؤسّسات الحكومية أو المجتمع بصورة عامّة فهو واجب تكاملي ومهمّة الشباب أن يستغلوا كلّ طاقاتهم ووقتهم وعنفوانهم لتوظيفه في مدارات علمية ودراسية في البحث والتجريب والتقصي واستثمار ثورة الاتصالات والإنترنت وتوظيفها بما يخدم تطوّر الفرد ذاتياً وتطوير القدرات الخاصّة وحبّ العلم والمعرفة والثقافة فكما تقاس أعمار الأُمم بكونها أُمم شابة أو مصابة بالشيخوخة والعجز والهرم من خلال معدل أعمار أغلب أفرادها فهذا لا يعني أنّ أُمة أغلب أفرادها من الشباب كأُمّتنا نحن يمكن أن نحكم عليها أنّها أُمّة شابة إن لم يكن شبابها يرتدون العلم لا الجهل ويسابقون رياح التطوّر لا التقهقر ويمسكون بالوقت كالذهب لا أن يبذلوه رخيصاً على قارعة الشوارع أو في دردشة تافهة أو في حوار طويل حول فوز هذا الفريق وخسارة ذاك الفريق.
إنّنا نقف في مفترق طُرُق، أمّا أن نؤدِّي تكاليفنا بإخلاص ونأخذ بيد بعضنا البعض فننهض بهذا الوطن لنصنع مستقبله بأيدينا كما نريده أن يكون شامخاً كالجبل ثابتاً لا يهاب الاندثار وأمّا أن نحكم على وطننا بالجهل المؤبد ليصاب بالشلل والفقر رغم أنّه يحوي الكنوز بين ثناياه التي تشير الروايات أنّه سيأتي يوم ينكشف الفرات عن كنوز ويفسِّر أحد المراجع هذه الكنوز بالشباب الواعي أي أنتم.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق