لا أزال مُصرّاً على هذه المقولة، لأن مهرجانات وتظاهرات وأسابيع تكريمية تُقام هنا وهناك، في هذا البلد العربي أو في تلك المدينة العربية، تتيح للنقّاد والمشاهدين فرصة الاطّلاع على كل جديد، بهدف مشاهدتها أوّلاً، ومناقشتها ثانياً، وتفكيك بناها الدرامية والجمالية والفنية والتقنية ثالثاً. وهذا كلّه بهدف متنوّع الاتجاهات: التمتّع بالصورة السينمائية ومضمونها الدرامي وجمالياتها الفنية، والاطّلاع على منهج معيّن في مقاربة المواضيع، والتفريق بين الغثّ والسمين. ومع أن تفريقاً كهذا لا يبلغ مرتبة واحدة لدى الطرفين، إلا أنّ النقد والتأريخ والتحليل كفيلة كلّها بوضع فاصل واضح وحقيقي بين الجيِّد والسيِّئ، وفقاً لمعايير علمية مُتّفق، ضمنياً عليها من قِبَل الجميع تقريباً. إضافة إلى الفرق بين آراء النقّاد والمشاهدين، هناك فرقٌ ثانٍ بين آراء النقّاد أنفسهم، وآراء المشاهدين أنفسهم أيضاً. لكن هذا لا يعني أن لا إمكانية لتوضيح الاختلاف بين جيِّد وسيِّئ، لأنّ المعايير باتت معروفة لدى الغالبية الساحقة من المُشاهدين، إلى جانب المعرفة النقدية والثقافية لدى المحلّلين والمؤرِّخين.
السينما العربية بخير؟
بالتأكيد، هذا أمرٌ مُسلّم به، خصوصاً أن إنتاجات حديثة ظهرت في الأعوام القليلة الفائتة، في دول المغرب العربي كما في بعض دول المشرق العربي تحديداً، أكّدت أن هناك من بات قادراً على التفوّق في منح الصورة البصرية رونقها السينمائي الجميل. كما أكّدت أنّ الريادة لم تعد حكراً على مصر فقط، السبّاقة في صناعة سينما عصرية ومنفتحة وجدّية وصدامية وقادرة على نقاش حيوي يطال مختلف الأسئلة الممكنة، لأن سينمائيين مغاربيين ومشرقيين باتوا أقدر على قول الممنوع والمبطّن والمخفي، بلغة سينمائية متطورة وعصرية، وبأدوات تعبيرية أكثر حضارية وحيوية وجمالية.
بعيداً عن الجغرافيا السينمائية وتبدّلاتها الثقافية والفنية والبصرية، تزداد صناعة السينما العربية بهاءً وإبداعاً وبراعة في استخدام الأدوات كافة، وفي طرح المواضيع كافة، وفي مقاربة الأشياء كلّها من دون استثناء. سينما تقول حكايات فردية، وتستعيد ذاكرة يُراد لها ان تختفي نهائياً، وتلتقط نبض شارع وأفراد.
السينما العربية بخير. هذا واقع حقيقي.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق