◄قال تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (إبراهيم/ 1).
لا شك أنّ الدين الإلهي هو السبب الوحيد لسعادة الإنسان، والمصلح لأمر حياته، يصلح الفطرة بالفطرة، ويعدّل قواها المختلفة عند طغيانها، وينظّم للإنسان سلك حياته الدنيوية والأخروية، والمادية والمعنوية، ولذلك بعث الله أنبياءه وواتر رسله تكريماً لإنسانية الإنسان واحتراماً لمقامه الشامخ الذي أراده له، فالأنبياء (عليهم السلام) جعلوا الإنسان نصب أعينهم وعملوا على تجسيد الإنسان الكامل في سلوكهم ليكونوا أسوةً للناس وقدوةً لهم.
1- التكامل: قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (الأنعام/ 91).
2- إنقاذ الإنسان من ولاية الطواغيت: قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (النحل/ 36).
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي) (الزّمر/ 17).
وعن عليّ (ع): "إنّ الله تبارك وتعالى بعث محمّداً (ص) بالحقّ ليُخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته، ومن عهود عباده إلى عهوده، ومن طاعة عباده إلى طاعته، ومن ولاية عباده إلى ولايته".
3- تعليم الكتاب والحكمة: قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الجمعة/ 2).
وقال تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة/ 129).
4- تزكية الأخلاق: قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ) (الجمعة/ 2).
وقال تعالى: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة/ 129).
وعن رسول الله (ص): "بُعِثْتُ بمكارم الأخلاقِ ومحاسنها". وعنه (ص): "بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
5- إخراج الناس من الظلمات إلى النور: قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (إبراهيم/ 5).
وقال تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة/ 16).
وعن الإمام علي (ع): "إنّ من أحبّ عباد الله إليه عبداً أعانه الله على نفسه... فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى... مصباح ظلمات، كشّاف عشوات (غشوات)، مفتاح مبهمات، دفّاع معضلات، دليل فلوات".
6- قيام الناس بالقسط: قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد/ 25).
وعن الإمام علي (ع) -في صفة الله سبحانه-: "الذي صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه".
7- وضع الإصر والأغلال: قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف/ 157).
وفي التفسير: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) أي الأمور التي تثبّطهم وتقيّدهم عن الخيرات، وعن الوصول إلى الثوابات، والأغلال جمع غُلّ، وهو ما يقيَّد به...
8- الهداية إلى سُبُل السلام: قال تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة/ 16).
والضمير في قوله: "به" للآلة، عائد إلى الكتاب أو إلى النور سواء أريد به النبيّ (ص) أو القرآن.
وقد قيّد تعالى قوله: (يَهْدِي بِهِ اللهُ) بقوله: (مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ) ويؤول إلى اشتراط فعلية الهداية الإلهية باتباع رضوانه، فالمراد بالهداية هو الإيصال إلى المطلوب، وهو أن يورده الله تعالى سبيلاً من سُبُلِ السلام أو جميع السُبُل أو أكثرها واحداً بعد آخر. وقد أطلق تعالى السلام، فهو السلامة والتخلُّص من كلّ شقاء يختلّ به أمر سعادة الحياة في دنيا أو آخرة. وقد نفى الله سبحانه عنهم هدايته وآيسهم من نيل هذه الكرامة الإلهية بقوله: (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة/ 19).
9- إتمام الحجة: قال تعالى: (رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء/ 165).
فعن الإمام علي (ع): "بعثَ الله رسله بما خصّهم به من وحيه، وجعلهم حجةً له على خلقه، لئلّا تجبَ الحجة لهم بترك الإعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق".
وعن الإمام الصادق (ع) -لما سُئل عن فلسفة النبوّة-: "لئلّا يكون للناس على الله حجةٌ من بعد الرسل، ولئلّا يقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير، ولتكون حجة الله عليهم".
وعن رسول الله (ص): "بعثَ إليهم الرسل لتكون له الحجةُ البالغةُ على خلقه، ويكونَ رسله إليهم شهداء عليهم، وابتعث فيهم النبيين مبشّرين ومنذرين ليهلك مَن هلك عن بينة، ويحيى مَن حي عن بينة...".►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق