لا يتصوّر الإنسان أن يسير مركب الحياة بدون أن يكون هناك تواصلٌ بالحوار بين الناس، فالتواصل والاجتماع والحوار وتبادل المعارف والمعلومات بين الناس هو سنّة الكون وسنّة الحياة الدُّنيا، ذلك بأنّ مخرجات كثيرٍ من الأعمال تأتي من خلال تواصل الناس بعضهم البعض، فالإنسان حين يريد أن يبني بيتاً تراه يتواصل مع متعهّد البناء والمقاول، ويبحث معهم أسلوب البناء وطريقة دفع المستحقات وغير ذلك، فالتواصل بجوهر الحوار بلا شكّ هو مهمٌ جدّاً لحياة الإنسان وتتجلّى أهميّته في أكثر من جانب من جوانب الحياة.
فالتواصل هو وسيلة لفهم الناس، فالإنسان يحتاج إلى أن يتواصل مع غيره حين يريد أن يستعلم عن شيءٍ معين، كما هو وسيلة لفهم طبائع الناس، فالإنسان قد يسمع الكثير عن شخصٍ معيّن، ولكن حصول تواصل مباشر بينها قد يجلّي حقائق كثيرة عن الشخص لم تستطع الأخبار نقل صورةٍ صحيحةٍ وحقيقية عنها، وفي الأثر ليس الخبر بالمعاينة، أي أنّ رؤية الشخص أو الشيء غير السماع عنه، وبالتالي فإنّ أهميّة التواصل تكمن في أنّها تجلّي كثيراً من الحقائق التي قد تكون ملتبسة، كما أنّها تتيح للإنسان رؤية الصورة الحقيقية التي لا زيف فيها للشخوص والأشياء.
التواصل يعدّ وسيلة لتحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال تحت مظلة الحوار، فالإنسان حين يضع نصب عينه هدفاً معيّناً فإنّه لا يستطيع تحقيقه بدون أن يتواصل مع غيره من الناس، فجهود الناس مسخّرة لخدمة بعضها البعض، كما أنّ سنّة الحياة الدُّنيا مبنيّةً على التعاون وتبادل الخبرات والمهارات بين الناس فكلّ واحدٍ لديه شيء يميّزه عن أخيه؛ وبالتالي يشكّل التواصل فرصةً لتبادل المهارات والخبرات التي تؤدِّي بالنتيجة إلى تحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال. كما أنّ التواصل يعدّ وسيلة لإيصال الرسالة، فقد استخدم الأنبياء أسلوب التواصل مع أقوامهم من أجل إيصال رسالة الله سبحانه وتعالى للبشر وتبليغ شرائعه وتعاليمه للناس بالكلمة الحوارية، كذلك يستخدم المعلم والمربّي أسلوب التواصل حين يريد إيصال رسالة التعليم إلى طلابه وشرح العلوم المختلفة لهم، وهذا الأسلوب ينطبق على كثيرٍ من الناس الذين يحملون رسالة نبيلة في حياتهم ويودّون توصيلها إلى الناس. التواصل كذلك وسيلة لحلّ المشكلات والخلافات بين الناس، فالإنسان الساعي بالخير والإصلاح بين الناس يتواصل مع المتخاصمين من أجل أن يصلح ذات البين بينهم. وهو أيضاً أسلوب يستخدمه السياسيون وأصحاب البرامج، فالسياسي الذي يطمح في الوصول إلى المناصب السياسية في الدولة مثل نواب الشعب يستخدم أسلوب التواصل مع قاعدته الشعبية من أجل شرح برنامجه السياسي وما ينوي فعله من أجل خدمة الناس وحُسن إدارتهم. فيعدّ الحوار من أهمّ وسائل الاتصال بين البشر، فقد نجح حوار الحضارات في بناء حضارة عالمية جعلت العالم قرية صغيرة لا مثيل لها، وكذلك فإنّ هناك أنواع مختلفة من الحوار لا تقتصر على ما يعرف بحوار الحضارات، فالاتصال الكلامي بين زملاء العمل حوار، والاتصال بين الأصدقاء والنقاش في أُمور حياتية مختلفة حوار، وأنواع كثيرة أُخرى، لكلّ منها تأثيرها السحري في بناء علاقات سليمة بين بني البشر.
ولا يتصوّر الإنسان أن يسير مركب الحياة بدون أن يتواصل الناس مع بعضهم البعض، فالتواصل هو سنّة الحياة، وبدون التواصل يعيش كلّ إنسانٍ بمعزل عن الآخرين وهذا بلا شكّ ليس من مقاصد هذه الحياة وغاياتها، فالإنسان يسعى للتّواصل مع الآخرين لما يجنيه من ثمار كثيرة نتيجة ذلك، بل إنّ التواصل يحقّق أهدافاً وغايات لن تدرك بدونه، وإنّ الناظر في الكون والحياة ليرى التواصل بالفطرة بين أبسط الكائنات التي خلقها الله تعالى، فترى النحل على سبيل المثال يتواصل فطرياً مع بعضه البعض من أجل إنشاء خلية النحل التي تسهم كلّ نحلةٍ فيها بمجهودٍ معين، وينطبق الأمر بالأُولى والأحرى على الإنسان الذي أكرمه الله تعالى بنعمة العقل والتفكير وفضله على سائر مخلوقاته، فالإنسان إذن محتاجٌ للتواصل في حياته إنسانياً واجتماعياً بلغة حوارية هادفة ذات مغزى ومعنى لتحقيق روح التواصل الإيجابي بين بعضنا البعض.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق