• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التعنيف البدني.. مُدمِّر لشخصية الطفل

التعنيف البدني.. مُدمِّر لشخصية الطفل

غالباً ما تتردّد عبارة "جميعنا تربّينا على الضرب"، من منطلق تقديم النصح للأبوين في تقويم سلوك الطفل المرذول. ولكن هذه العبارة، وحين يأخذها المربي وسيلة في التربية، تدمِّر نفسيّة الصغير.

تشبه علاقة الطفل بوالديه أي علاقة اجتماعية بين طرفين، ما يعني أنها يجب أن تُبنى على الاحترام والتفاهم والبُعد عن العنف والإهانة، لاسيما العنف الجسدي، الذي تترتب عليه إعاقة نفسية للطفل تفقده الثقة في نفسه. فقد يظهر الطفل مطيعاً مهذّباً بعد التعدّي عليه بالضرب، ولكنه داخلياً محطّم نفسياً وذاتياً!

 

-        الضرب عند الضرورة؟!

ليس كل تهذيب من خلال الضرب مدمِّراً؛ عند بلوغ الطفل العاشرة من عمره وإدراكه للعقاب والثواب، وفي حالة العناد الشديد والإصرار على الخطأ، على الرغم من محاولة الوالدين في النصح والتهديد والتأديب اللفظي، يتم استخدام " الضرب التربوي"، أي تفرغ شحنة غضب المربي بصفق يديّ الولد، بعيداً عن العنف.

 

-        العقاب البنّاء والإيجابي:

لمسار التربية واجهتان: الوالدان والطفل. وفي هذا الإطار، يجب أن يتصف مسار وليّ الأمر بضبط الانفعال عند الغضب من تصرف الصغير ليحسن اختيار العقوبة السليمة، كي لا يصبّ غضبه الكامل على طفل غير مدرك لما أقدم عليه، مع تطبيق الآتي:

- التدرُّج في العقاب: عند خطأ الطفل الأوّل، يوجّه أحد الوالدين الطفل على الخطأ الذي أقدم عليه، موضحاً له سبب الخطأ وأضراره، مع التنبيه إليه بعدم تكراره. ولكن، عند تكرار الطفل للخطأ، يستخدم المربي عقاب التهديد والتحذير، يليه عقاب الحرمان من أحد الأُمور المفضّلة للصغير.

- المقاطعة الكلامية: على المربي ألّا يسيء للطفل بالسبّ والشتم والإهانة، بل أن يستخدم نبرة حادة في سرد الخطأ، ثمّ يمتنع عن الكلام مع الصغير ويتجاهله لبعض الوقت، تعبيراً عن الغضب لتصرف الأخير والرفض لما أقدم عليه.

- العزلة: إنّ عقاب العزلة لا يعني حبس الطفل في غرفة مظلمة وجعله يذعر ويصاب بالرهاب، بل وضع الصغير في غرفته منفرداً لفترة من الوقت حتى يقدم على الاعتذار.

- تحمّل الخطأ: من الهام أن يُدفع الصغير إلى تحمّل مسؤولية الخطأ الذي ارتكبه، وأن يعترف به، ويقدم على تعويض غيره.

 

أضرار العنف البدني المدمّرة:

-        يولّد العنف البدني آثاراً سلبية في النمو النفسي والفكري، ويشعر الطفل بالإهانة والإنكسار، خصوصاً عند عرضته للضرب والشتم أمام آخرين. وهو يزيد مشاعر الغضب والنبذ، ما قد يصل إلى كره الصغير أفراد الأسرة.

-        يعدّ العنف البدني شخصية ضعيفة، تشعر بالخوف المستمر عند الخطأ وتهاب المواجهة، أو شخصية عدائية ميّالة إلى الانتقام والتصرف بانفعال مبالغ لتعويض ما تشعر به من نقص نفسي داخلي.

-        هو ينمّي الكذب والخداع عند الصغير خوفاً من العرضة للعقاب، فيكون الحل الأسهل تزوير الحقيقة لتفادي العقاب!

-        يُشعر تعنيف الوالدين اللفظي الطفل بعدم الأمان، ليفقد الأخير حلقة الوصل من المحبة والألفة بين والديه وبينه، خصوصاً في المواقف التي يسمعه فيها الأهل هذه المقولة: "اعترف بخطئك ولن أعاقبك"، ويحدث العكس بنيل الطفل عقاباً قاسياً!

-        يدمّر العنف البدني شخصية الطفل ويجعله مسيّراً لرغبة الآخرين وليس لرغباته، فيصبح إنقيادياً لما يريده منه الآخر.

بعد معرفة ما يُشكِّله عقاب العنف البدني على الصغير، على ولي الأمر التوقف الآن والبدء في علاج آثاره على الطفل، من خلال:

·      الثناء عليه أمام الآخرين والإشادة بكل أمر إيجابي يقدم عليه.

·      إشعار الطفل بأهميّته وتركه يُعبِّر عمّا في نفسه من ألم تعرّض له.

·      التقرُّب من الطفل وفهم قدراته وحاجاته والاهتمام به والقيام بالأمور التي يحبّها، بدون الإفراط في الدلال.

ارسال التعليق

Top