• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإعلام الجديد.. آفاق وتطلّعات صحافيي المستقبل

تحقيق: نبال أكرم

الإعلام الجديد.. آفاق وتطلّعات صحافيي المستقبل
  غزا الإعلام بوجهه الجديد وسلاحه التقني الحديث العالم، وتجذرت أدواته فيه، حتى باتت أساساً لا يكون الإعلام من دونها. ويكاد لا يستغنى عن أدوات الإعلام مَن يعمل في هذا القطاع ومَن لا يعمل فيه، ولم يعد عمل الإعلامي يقتصر على فئة معينة من الناس، لأنّ الأدوات الحديثة أتاحت للصغير وللكبير خوض غمار الصحافة. والشباب قبل غيرهم، يمشون في درب الإعلام الحديث مستخدمين تقنياته التي لا تكتمل حياتهم من دونها. فهل أعدت الوسائل الحديثة جيلاً من الإعلاميين الجدد؟ وكيف ينظر الشباب إلى هذا الغزو الذي جعل الكثيرين يتجهون إلى الإعلام بأشكاله المختلفة؟ من دون أدوات الإعلام الجديد المتمثل في التواصل الإجتماعي من (فيس بوك) و(تويتر) و(واتس آب)، فاتت حياة الشباب لا معنى لها. فقد اندمجت فنون التواصل الإجتماعي بفكر الشباب وغيّرات الأدوات الحديثة مفاهيم الناس، فانتقل الإنسان من طور التلقي إلى عالم المشاركة وإبداء الرأي وأصبح أكثر تفاعلاً مع العوالم الأخرى. خرج من القوقعة إلى الفضاء الرحب، وهكذا أصبح شباب اليوم أكثر إنطلاقاً وإنتاجاً وفاعلية.   -         عوالم خاصة تقول أفنان عادل، خريجة إعلام إلكتروني: "الإعلام الجديد يتمثل في المواقع التي تديرها مؤسسات إخبارية وتتضمّن مجمل التطبيقات التقنية والتحريرية والإقتصادية وتختلف المواقع الإعلامية من حيث المضامين المؤسساتية والشخصية والإعلامية. والمهارات التي بنتها هذه الأدوات للأفراد تجعل كل مَن يتعامل معها أكثر تفاعلاً ومقدرة وجرأة على التحاور وإدارة النقاش. أنا أتحدّث بالطبع على مستوى عام وليس على مستوى الحياة الإجتماعية. فهذه الأجواء وتنوّع مضامينها أسهمت في غياب وحدة المجتمع وهو ما يُسمّى بعملية التشظي أو تفتيت الجمهور لأنّه أصبح لكل منّا عالمه الخاص به".   -         ضرورة ملحة من جانبها، قالت لبنى محمد، تدرس تصميم جرافيك: "ما يمثله الإعلام الحديد لطالب الإعلام أنّه ضرورة ملحة لبلورة أفكاره بحرّية ومن دون وصاية أو تسييس. فنحن كطلبة إعلام نستفيد من الإعلام الجديد وأدواته في تصفح مواقع الأخبار العالمية المختلفة والإطلاع على حدث واحد في أكثر من جهة إعلامية، كما يتيح لنا الإعلام الحديث التعليق والنقاش حول حدث معين يهمّنا كإعلاميين بطريقة مرنة من دون حواجز الزمان والمكان والبُعد الجغرافي، فهو يبني لديّ كإعلامية مهارات الكتابة والنقاش واحترام الرأي الآخر ومرونة التواصل، فهناك مَن يستغل هذه الأدوات في تطوير قدراته، وهناك مَن يجعلها بوابة للتسلية فحسب".   -         شخصية إلكترونية يقول أسامة درويشة سعدالدين، طالب في الإتصال الجماهيري: "أتعامل مع هذه الأدوات كأنّها جزء من حياتي اليومية، وأنا لا أعتبر نفسي شخصاً طبيعياً إذا لم أتعرّض أقل شيء إلى أداتين إعلاميتين يومياً ولاسيما أنني أدرس في مجال الإعلام. فأنا أتعامل مع هذه الأدوات 24 ساعة لأن أدوات الإعلام الجديد أصبحت بين أيدي الجمهور وسهلة الوصول ولا أتخيل أنّ هناك أحداً لم يتعامل معها. فقد أصبح الإعلام الجديد يُكَوِّن شخصية الطالب الإعلامي، فهذه الأدومات بنت لي شخصية، لا أعرف من أين أتت، بنت لي مهارات الإنفتاح على العالم الآخر، وبنت لي مهارات القراءة وحبّ الإستطلاع والأهم أنّها بنت لي شخصية إلكترونية"!   -         المتلقي بات شريكاً أمّا محمد سلامة، فيقول: "من وجهة نظري اعتمدت وسائل الإعلام منذ نشأتها على المعادلة التالية: مرسل + رسالة + مستقبل، ثمّ أضيف إليها عامل (رجع الصدى) وهو رد فعل المتلقي على ما يرسل من وسيلة الإعلام، حيث يكون المرسل قادراً على صناعة الرسالة الإعلامية المستقبلية للمستهلك على ضوء توجهاته وميوله. فالمتلقي غير قادر على أن يضع بصمته في صياغة الرسالة الإعلامية بشكل مباشر لأنّه لا يملك الآليات لذلك، لكن الإعلام الجديد وفّر هذه الألية للمتلقي، حيث اصبح شريكاً في صياغة الرسالة الإعلامية، بل أصبح قادراً على أن يصوغ رسالته الإعلامية الخاصة به والتي يقدر أن يوصلها إلى كل سكّان الأرض بأسرع وقت وأقل كلفة، وتعتمد هذه الآلية على استخدام الكمبيوتر والإنترنت في صناعة وإنتاج وتخزين وتوزيع المعلومات. وتعتمد على تفاعل المتلقي، حيث يكون له رد فعل على ما يرسل له من معلومات، قد يكون تعليقاً أو رأياً أو معلومة يملكها تدعم أو تفند رأي وسيلة الإعلام التقليدية، بل قد يكون هو أحياناً مصدراً للمعلومة التي تعتمدها وسيلة الإعلام". وتابع محمد: "بدأ الأمر حين تحولت وسائل الإعلام إلى الإنترنت فأصبحت تبث رسالتها عبره، فقد اختلفت وسيلة التلقي، ثمّ تطورت المواقع الإلكترونية لتصبح صفحات تفاعلية تستقبل التعليقات والمعلومات، وأصبح كل شخص قادراً على إنشاء مدونته الخاصة التي يضمنها ما يشاء من المعلومات والأخبار والصور والملفات الصوتية والفيديو". وواصل محمد كلامه متحدثاً بكل حماسة: "أرى أنّ الإعلام الجديد صار يشكل جزءاً من حياة الشباب، وبالأخص طلبة الإعلام لأنّه يوفر لهم خصوصية تامة، وكل متطلباتهم من المعلومات، ويمكن الإستفادة منه في جمع المعلومات والأخبار وفي التواصل مع الأصدقاء، وإجراء نقاش عن الأحداث".   -         دور قوي ومؤثر ووافقت رجاء أمين، خريجة صحافة، محمداً رأيه: "إنّه مصدر مهم للمعلومات، ففي وقتنا الحالي أصبح للإعلام الجديد دور قوي ومؤثر وبالأخص في فئة الشباب الذين أصبحوا يتعاملون معه كمصدر أساسي للمعلومات. فقد حلّ بالنسبة إليهم محل الصحف والتلفاز والراديو أي محل وسائل الإعلام التقليدية. وفي الحقيقة، يوفر الإعلام الجديد الكثير من الوقت أحياناً. البعض يقول إنّه يستهلك الوقت ولكن هذا يعتمد على مَن يستخدمه وفي ماذا؟ أنا مثلاً لا أهتم كثيراً بإستخدام الـ(فيس بوك) كوسيلة للتواصل الإجتماعي أكثر مما أتخذه مصدراً للأخبار. فأنا متابعة لبعض الصفحات الخاصة بصحف يومية وعالمية ومؤسسات إعلامية مختلفة وأستطيع قراءة آخر الأنباء من خلال الهاتف النقال دون أي عناء وفي أي مكان، على عكس التلفاز لأنّه يجب على المرء أن يكون في المنزل أو يجلس في مكان معيّن للمتابعة، وأيضاً بالنسبة للجيل الجديد قد لا تكون هناك رغبة في حمل الصحيفة وقت التنقل. وهذا من وجهة نظري المتواضعة بالطبع. الجيل الحالي يريد المختصر المفيد ولا أعتقد أنه يرغب في قراءة صحيفة كاملة أو حتى مشاهدة نشرة أخبار كاملة، فهذا بالنسبة لنا ممل!!".   -         السلطة الرابعة متكاملة الدكتور أحمد فاروق رضوان، أستاذ مساعد بقسم العلاقات العامة (كلية الإتصال)، يرى أنّ الإعلام الجديد مصطلح يطلق على وسائل الإتصال الحديثة والتي غالباً ما تكون معتمدة على الإنترنت، كالمواقع الإلكترونية الإخبارية والمدونات وموقع شبكات التواصل الإجتماعي وتبادل الملفات، ويطلق هذا المصطلح عليها تمييزاً عن الوسائل التقليدية المتمثلة في الصحف والإذاعة والتلفاز. ويقول: "أتعامل شخصياً مع أدوات الإعلام الجديد من خلال عملياتها، فهي تسمح للجمهور بالتفاعل بصورة كبيرة سواء مع القائم بالإتصال أو الوسيلة أو الرسالة. والإعلام الجديد يمثل (فرصاً وتحديات) للإعلاميين، فهو (فرصة) أمامهم للوصول الأسرع للجمهور والإنتشار الكبير، والدليل على ذلك أن معظم وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمتمثلة في القنوات الإخبارية لديها مواقع على شبكة الإنترنت ولها صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي كالـ (فيس بوس) و(تويتر) كي يتمكنوا من خلالها من التواصل بشكل فعّال مع الجمهور. أمّا (التحدي)، فيتمثل في ضرورة اكتساب الإعلامي للمهارات الإعلامية والتقنية بالتعامل مع هذه الوسائل الحديثة واكتسابه للجوانب المعرفية الخاصة بالكتابة والإنتاج لهذه الوسائل. ويتابع الدكتور رضوان: "بالنسبة للمهارات التي يمكن أن تبنيها هذه الأدوات، فهي عديدة. وفي رأيي لا يستحق الإعلام الجديد لقب السلطة الخامسة ليس تقليلاً من أهميّته وإنما لأنني مع فكرة أن أدوات الإعلام متكاملة. فالإعلام بكل وسائله التقليدية والحديثة يمكن أن ينطبق عليها مصطلح السلطة الرابعة. فأنا ضد فكرة الفصل بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي. والدليل أوّلاً أنّ وسائل الإعلام التقليدية اصبحت موجودة عبر الإعلام الجديد من خلال صفحاتها فيه. ثانياً: أنّ الجمهور مازال معتمداً على كل أنواع الوسائل التقليدية التي تمثلها منظمات إعلامية متكاملة تتفوّق في أمرين، أوّلهما: المصداقية الأعلى. وثانيهما الإلتزام بضوابط إعلامية وأخلاقية، حيث يمكن محاسبتها إذا خالفت هذه الضوابط، وبالتالي الثقة في موقع إلكتروني إخباري ينتمي لمؤسسة إعلامية معروفة تكون أكثر من الثقة في موقع أو مدونة أو صفحة تخص فرداً أو جهة غير معروفة". ولا ننسى أخيراً أنّ الشركات والمؤسسات الربحية وغير الربحية من الإعلام الجديد استفادت كثيراً. فقد اصبحت المواقع الإلكترونية لهذه المنظمات وسيلة من وسائل الإتصال مع عملائها ومستهلكي خدماتها وتمكنت من خلال هذه المواقع من دعم سمعتها وهويتها ونشر ثقافتها المؤسسية، كما أصبحت قادرة على التواصل مع جمهورها بمختلف فئاته ووسائل الإعلام، ونشر أخبارها والتعريف بإنجازاتها وأحداثها.   -         تحدٍّ جديد يقول الشفيع عمر حسنين، الحاصل على ماجستير في الصحافة الإلكترونية: "التغييرات التي حدثت في الإعلام وشملت حتى الإسم نفسه ليصبح مصطلح (الإعلام الجديد) هو السائد، جاءت لاسباب معروفة للجميع وهي الإستفادة من ثورة الإتصالات والثورة التكنولوجية. هذا التغيير السريع جداً والفائق على مستوى الجودة أعطى الإعلام تسهيلات كبيرة على مستوى الرسالة نفسها ومن خلال الوسائط الجديدة مثل الإنترنت الذي عمل على ربط العالم كله بسرعة رهيبة مما أعطى مساحات جديدة للإعلامي ليرتفع بمستوى المهنة لتوفر كثير من المعينات التي كانت في السابق تشكل تحدياً من حيث سرعة وصول المعلومة. وقد خلق التغيير تحديات أمام الإعلامي في تطوير التجربة الإعلامية نفسها، من خلال تقديم جهد مميز لقارئ ومشاهد يملك أدوات الإعلام من تصوير وتسجيل صوتي وإنترنت أي قادر على الوصول إلى الخبر بسرعة كبيرة. والإعلامي يستطيع أن يكون على مستوى الحديث، بمعنى أن يسيطر على الإعلام على الرغم من أنّ التغييرات التي شملت مهنته كان أغلبها خارجاً عن إرادته، بمعنى أنها تقنية، فإن إمكانية الإعلامي للسيطرة موجودة بشرط أن يحاول اللحاق بما يستجد من إمكانات عالية المستوى، وأن يثقف نفسه جيداً، ويتدرّب على التقنيات الحديثة، ويستخدمها في عمله، إذ لا يعقل أن يكون المواطن العادي على سبيل المثال قادراً على الحصول على صورة فيديو أو تسجيل صوتي لحدثٍ ما، والإعلامي يقدم الحدث بلا صورة، إذاً لدى الإعلامي مهمة شاقة إلى حدٍّ ما في تثقيف نفسه، والتواصل مع كل وسائط الإعلام الحديثة.

ارسال التعليق

Top