ويمكن تلخيص وجهة الإسلام من ناحية تربية الإنسان تربية خلقية فيما يلي:
1- إنّ الإنسان خُلق مُزوّداً بقوى واستعدادات يمكن أن توجّه إلى الخير كما يمكن أن توجه إلى الشر. وإن كانت إرادة الخير في بعض الناس أقوى، وإرادة الشر في البعض الآخر أقوى، وبينهما تفاوت لا يعلمه إلّا الله.
في الحديث: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة".
وليست إرادة الإنسان مفطورة على الخير المحض ولا على الشر المحض.
يقول الله سبحانه:
(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (الإنسان/ 3).
ويقول سبحانه:
(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد/ 10).
2- وكلّ إنسان مسؤول عن تهذيب نفسه وإصلاحها. يقول سبحانه:
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 7-10).
ويقول سبحانه:
(بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (القيامة/ 14).
ويقول سبحانه:
(كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور/ 21).
ويقول سبحانه:
(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر/ 38).
3- وتزكية النفس وإصلاحها هو سبيل الفلاح، كما أنّ إهمالها هو السبيل إلى الخيبة والخسران. يقول الله سبحانه:
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر).
ويقول سبحانه:
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (الأعلى/ 14-15).
4- وإصلاحها يتمثل في التخلص من الهوى وكبت الشهوة، والارتفاع عن المادة، والسمو عن النقائص الخلقية.
فإنّ الهوى داعية الشر والفساد، وصادٌّ عن الحقّ والخير، وصارفٌ عن الهدى والرشاد.
يقول الله سبحانه:
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ...) (الجاثية/ 23).
يقول سبحانه وتعالى:
(يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (ص/ 26).
(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ...) (المؤمنون/ 71).
ويقول سبحانه:
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله...) (القصص/ 49).
5- والتخلص من الهوى يحتاج إلى مجاهدة شاقة، وصبرٍ ومصابرة، فإنّ طريق الوصول إلى الكمال ليس مفروشاً بالورد ولا الرياحين. يقول الرسول (ص): "حُفّت النار بالشهواتِ وحُفت الجنّة بالمكارِه".
كذا المعالي إذا ما رمت تدركها فاعبر إليها على جسرٍ من التعب
وفطام النفس عن شهواتها يحتاج إلى مراقبة دائمة، وخوف من الله ويقظة من الضمير. يقول الله تعالى:
(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات/ 40-41).
وفي الحديث، أنّ رسول الله (ص) قال: "المجاهدُ مَن جاهد نفسه في ذات الله".
والعبادات هي التي تجدِّد الإيمان بالله، وتحيي الضمير، وتعصم الإنسان من الانزلاق الخلقي، وتحفظه من نفسه الأمارة بالسوء.
يقول الله تعالى:
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت/ 45).
6- والقدوة الطيبة والأسوة الحسنة لها شأن كبير، وأثر بعيد المدى في نفس الإنسان، وفي نجاحه في الحياة، إذ هي علم هادٍ يشير إلى المثل الحي، والفضيلة المجسمة، وعرضٌ للنماذج البشرية الصالحة التي يراد محاكاتها والاقتداء بها؛ وقد أمر الله نبيه أن يقتدي برسل الله الذين تقدموه فقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) (الأنعام/ 90).
وجعل للمسلمين مثلاً أعلى، وهو رسول الله الذي جمع ما تفرق في غيره من الصدق والوفاء والشجاعة والكرم والإيثار وسائر خلال الخير، فقال:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب/ 21).
7- واختيار الأصدقاء الذين يعينون على الخير، ويرشدون إليه، مما يهتم له الإسلام، ويحرص عليه أشد الحرص. إذ الإنسان يفيد بمعاشرة الأصدقاء كثيراً مما هو في حاجة إليه من جميل الخصال، وتهذيب السلوك، وصقل النفس.►
المصدر: كتاب دعوة الإسلام
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق