إنّ تنشئة طفل سوي نفسياً يشير إلى التربية السليمة التي تلقّاها من أُسرته التي تلعب دوراً هاماً في تربية الطفل وتكوين شخصيته وتحديد سلوكه، وهو أمر يُدركه جميع الآباء لذا يحاولون تربية أبنائهم ليصبحوا أفضل، ولكن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي للتربية السليمة فهناك العديد من الأخطاء التي يقع فيها الآباء وتؤثِّر على شخصية الأبناء في المستقبل، وعادة ما يرتكبها الآباء بحُسن نية وفيما يلي أشهر تلك الأخطاء:
1- الثناء على جميع التصرُّفات التي يقوم بها الطفل
بعض الآباء يشجّعون أطفالهم بالثناء على أي تصرُّف يقومون به حتى لوكان ذلك التصرُّف بسيطاً أو بديهياً، اعتقاداً منهم بأنّهم يشجّعون الطفل على تكرار هذا الفعل، ولكنّ الإفراط في هذا الأمر يجعل الطفل محبّ للثناء وينتظر الشكر دائماً من الآخرين، لدرجة عدم قيامه بأي تصرُّف ما لم يكن هناك مكافأة له ممّا يجعل دافع الطفل في القيام بالأعمال الجيِّدة هو المادّة.
2- المقارنة
مقارنة الطفل بغيره من سواء أصدقائه أو أقاربه أو أخواته من الأُمور التي تشوّه شخصية الطفل، وتفقده ثقته بنفسه، وتُشعره بالنقص، فلكلّ طفل مهاراته وقدراته الخاصّة التي تجعله مميزاً عن غيره ويكمن دور الآباء في مساعدته على اكتشاف ما يميّزه لا ما يجعله مجرد صورة من أطفال آخرين يعتقدون أنّهم أفضل منه.
3- محاولة جعل الطفل يشعر بالسعادة
على الطفل أن يتعلّم وحده كيف يكون سعيداً، ولكن نجد بعض الآباء يرون أنّ مهمّتهم الأساسية هي توفير سُبل السعادة للطفل وهو أمر خاطئ، فلا يمكن أبداً إجبار الطفل على أن يشعر بالسعادة.
4- استخدام أساليب التوبيخ أو التهديدات
لا يجب على الآباء مطلقاً أن يُشعِروا الطفل بأنّهم لا يحبّونه نتيجة تصرُّفاته، أو جعله يشعر بالذنب لقيامه بأي تصرُّف غير مرغوب فيه، وهو أسلوب قد يحقّق المراد منه على المدى القصير في جعل الطفل يرضخ لتوجيهاتهم، ولكنّه يغرس في الطفل الشعور بالنقص وفقدان الثقة بالنفس ويحدّ من تفاعله مع الآخرين ليصبح شخصية انطوائية.
5- الحماية والدلال الزائد
ينعكس حبّ الآباء لأبنائهم في صورة حماية زائدة تجعلهم ينوبون عن الطفل في الأُمور التي يفترض أن يقوم بها وحده، مخافة أن يصاب بسوء أو لتوفير سُبل الراحة له ويحرمون بذلك الطفل من فرصة اتّخاذ قراره بنفسه، وهذا الأسلوب بلا شكّ يؤثِّر سلباً على الطفل وشخصيته؛ فيكبر الطفل بشخصية اتكالية غير مستقلة يعتمد على غيره في القيام بواجباته وعدم قدرته على تحمّل المسؤولية.
كما أنّ المُغالاة في الرعاية والدلال يجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين ومواجهة الحياة لأنّه ليس لديه تجارب كافية تمكّنه من مواجهة الأحداث التي قد يتعرّض لها.
6- الإهانة اللفظية أو الجسدية
بالرغم من العديد من التحذيرات المتكرّرة من خطورة اللجوء إلى السُّباب أو الضرب كأسلوب لتقويم سلوك الطفل، إلّا أنّ العديد من الآباء يلجأوا إلى هذا السلوك الذي لا يُساعد في غرز أي قيمة تربوية على الإطلاق، بل على العكس يؤدِّي إلى تشويه نفسية الطفل وتربيته على الخوف ممّا يُضعف ثقته بنفسه فضلاً عن أنّ الضرب يُعالج المشكلة ظاهرياً وبصورة مؤقته دون فهم حقيقة احتياجات الطفل النفسية.
7- اختلاف الرأي بين الأبوين
نجد في العديد من الأُسر إذا قام أحد الأبوين بعقاب الطفل يحاول الطرف الآخر التدخل لمنع هذا العقاب أو كسره في غيابه والتكتم على الأمر وهو سلوك تربوي خاطئ، يُعلّم الطفل الكذب والخداع وعدم إدراك أخطاءه، كما إنّه يعزز من الانقسام في الأُسرة على المدى البعيد. حيث ينجذب الطفل إلى الطرف المتسامح ويبدأ في النفور من الطرف الذي يعاقبه ويجعل الطفل مشتتاً بين الأوامر المتضاربة للأب والأُم ممّا ينعكس على شخصيته وسلوكه في وقت لاحق.
لذا على الأبوين تبادل الأدوار بينهم في العقاب، فيقوم أحدهما بفرض العقوبة بينما يتولى الآخر تقييم أثر هذا العقاب على تصحيح سلوك الطفل وتوجيهه، حيث إنّ استمرار أحد الوالدين في العقاب قد يقلّل من حبّ الطفل له ويُشعر الطفل بقسوته، ومن ناحية أُخرى ترسخ لدى الطفل الاعتقاد بأنّ الطرف الآخر هو الأضعف ممّا يجعله يتجاهل توجيهاته و ملاحظاته.
8- عدم الثبات في المعاملة
عدم الثبات على أُسس محدَّدة للتربية والتوجيه وعدم الاتفاق على أساليب الثواب والعقاب مثل معاقبة الطفل على سلوك معين في وقت ما ومسامحته أو مكافأته على نفس السلوك في وقت لاحق ممّا يجعل الطفل مشتتاً بين الصح والخطأ وتجعله شخصية مزدوجة في التعامل مع الآخرين.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق