• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أدوات المنزل أسلحة في أيدي صغارنا

أدوات المنزل أسلحة في أيدي صغارنا

يحرق نفسه بولاعة أبيه وطفلة تتعارك بسكين مع جارتها

يعتقد كثير من الآباء والأُمّهات أنّ البيت هو الملاذ الآمن لأبنائهم وأنّ مصدر الخطر والأذى إنما هو بالخارج، متغافلين عالمهم الصغير الخالي من الخبرات والباحث دوماً عن اكتساب المهارات إمّا عن طريق المحاكاة أو الاكتشاف، ليقع ما لا يحمد عقباه نتيجة عدم تدارك مخاطر بعض الأدوات والمتطلبات الأساسية في أي بيت، مثل تلك التي تستخدم لأغراض التنظيف أو الأدوات الحادة كالسكاكين وشفرات الحلاقة وأيضاً الولاعات وعلب الكبريت وغيرها.

في هذا المقال تحقيق تناول مهمة العناية وعدم التغافل عن الأطفال حتى أثناء وجود ذويهم، تفادياً لحادث أراد الطفل أن يقلّد والده وهو يدخن، فغافله بعد أن خلد وزوجته إلى النوم، حيث لعب الطفل الأكبر بالولاعة وما هي إلّا دقائق انتهت بإضرام النيران في نفسه وأخيه وتوفيا في الحال. رُصدت بعض التجارب التي عاشها آخرون في التحقيق التالي.

 

-         حماية:

إلهام يونس، ربة منزل تقول: تسعى أي أُم إلى حماية أبنائها من المخاطر إلّا أنّه أحياناً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وهو ما حدث مع زوجة عمي التي لم تكن تتوقع أن يأتي الخطر من شيء لا يخلو بيت من وجوده أمام مرأى الجميع ألا وهو جهاز التحكم عن بعد "الريموت كنترول"، فقد قامت صغيرتها 3 سنوات باللعب به وأخرجت البطارية التي بداخله، لتضعها في فمها لاهية بها بعض الوقت، وعندما أرادت الأُم الاطمئنان عليها بعد فترة صمت لم تعتدها من الطفلة، اكتشفت وجود البطارية التي ملأها الصدأ في فمها بل وكانت على وشك ابتلاعها، فما كان منها إلّا أن اصطحبتها على الفور إلى الطبيب لإسعافها والاطمئنان على صحّتها.

 

-         مبارزة بالسكين:

رنا عماد، أُم لطفلين (6-8) سنوات تضيف: مشكلات الصغار لا تنتهي، وعلى الرغم من حرصي الشديد على مراقبتهما طيلة الوقت وخاصّة أثناء وجودي في المطبخ خشية أن يتعرضا لأذى إلّا أنّه يصعب السيطرة عليهما، وأتذكر ذات يوم غافلني ابني الأكبر وسحب السكين من جانبي لأسمع صراخ أخته تستنجد بي وعندما أسرعت إليها وجدته يبارزها بالسكين ويقول لها "سأقتلك"، وعندما عنفته وسألته عن سبب قيامه بهذا الفعل قال: "كنت ألعب معها وأردت تقليد الرجل الخارق" وهو شخصية كرتونية يحبها الأطفال.

وتضيف: عندما يوجد الإهمال لابدّ أن تعقبه مصيبة مثل الحوادث المتعلقة بترك الصغار وحدهم في البيت، كتلك الأُم التي ذهبت لشراء مستلزمات للبيت وتركت طفلها خمس سنوات نائماً، ليستيقظ الصغير باحثاً عنها وعندما لم يجدها توجه إلى الشرفة ربما يلمحها بين المارة في الشارع فاختل توازنه وسقط ميتاً، وآخرها الأُم التي تركت طفلها بمفرده في المنزل لتصطحب أخته إلى الحافلة المدرسية، لتلمح الصغير وهو سابح في دمائه بعد أن سقط من الشرفة، لتهم الأُم وتصعد درجات السلم وتلقي بنفسها من الشرفة نفسها وكأنّها أرادت معاقبة نفسها على تركه بمفرده.

إبراهيم عبيد، أب لخمسة أبناء، يقول: أتعامل مع حب الاستطلاع لدى الصغار بأن أجعلهم يعيشون التجربة أمامي، فمثلاً عندما حاول أحد أبنائي الإمساك بعلب الكبريت، قمت بإشعال عود منه وحاولت أن أقربه من جلده ليشعر فقط بحرارة اللهب، ثمّ تحدّثت معه عن خطر هذا الشيء الذي قد يعرّض الإنسان للحروق، وأحياناً الوفاة وهكذا، ومنذ تلك اللحظة لم يحاول الاقتراب من أي شيء يشعل لهباً.

 

-         الممنوع مرغوب:

يلفت وضاح المقطري، موظف، أسباب حوادث الصغار إلى مقولة "الممنوع مرغوب"؛ لدي 3 أطفال أكبرهم 5 سنوات والثاني 3 سنوات والثالثة عمرها عام واحد، وجميعهم لا يكلوا ولا يملوا عن اللعب بكلّ ما نحذر الاقتراب منه وكأنّنا نقول لهم العبوا به، فحب اكتشاف العالم من حولهم كفيل بتعرضهم لمخاطر لا تحُمد عقباها، فأتذكر ابن قريب لي على الرغم من حذر أُمه الشديد ومراقبته طيلة الوقت إلّا أنّها لم تستطع ملاحقته عندما غافل الخادمة ليمسك بالمكواة وهي ساخنة ويحرق يده، وهاهو الآن أصبح عمره 10 سنوات ومازال مكان الحرق واضحاً.

ويكمل: أتذكر حالة أخرى لطفل في الصف الأوّل الابتدائي، أراد عقاب والديه نتيجة رفضهما لطلب له، فغافلهما أثناء نومهما في فترة القيلولة، وقام بفتح اسطوانة الغاز رغبة في مخالفة تنبيه والدته المتكرر عن عدم الاقتراب من الغاز، ولولا العناية الإلهية، واستنشاق أحد الموجودين بالبيت لرائحة الغاز للقي الجميع حتفهم.

 

-         المراقبة مطلوبة:

ويرجع باسل قصباشي، أعمال حرة، تعرّضُ الأطفال لمثل هذه الحوادث داخل البيت إلى إهمال الأُم وتقصيرها في متابعة الصغار أو اتكالها على شخص آخر وإلقاء المسؤولية عليه مثل الخادمة ويعلّق: طالما ارتضينا جلوس أبنائنا أمام شاشة التلفاز لساعات، فلابدّ من مراقبتهم، وأتذكر يوم عدت إلى البيت ووجدت ابنتي 7 سنوات تتعارك مع ابنة جار لنا مهددة إياها بالسكين إذا لم تستمع وتنفذ ما تطلبه منها، وعندما شاهدت ذلك ارتعدت خشية تعرض إحداهما للأذى، وعندما تحدثت معها عما يمكن أن يخلفه السكين من جرح مؤلم ودماء لم تصدقني معبرة عن أنّ الشخصيات الكرتونية تتعارك بالسكين وتقتل بعضها البعض ثمّ تستيقظ مرة أخرى ولا تموت، وهنا أدركت أنّ خيالها الصغير لن يستوعب ما أقول ولابدّ من العمل على وجودنا معهم وألا يغيب أحدهم عن أعيننا.

 

-         موقد الطعام:

يقول أحمد إبراهيم تاجر: العناية بالأطفال مسؤولية الوالدين، فهم شركاء في هذا وإن كان يصعب التحكم في الصغار، فمنذ وقت قريب لم يجد أحد أطفال العائلة مكاناً للعب سوى داخل الحمام، ليفتح صنبور الماء الساخن ويحرق يديه مسبباً حروقاً وكم كانت قاسية تلك اللحظات وأنت ترى طفلاً يصرخ بل ويغشى عليه من الألم.

وتضيف زوجته هند محمد ربة منزل: أحاول أن أحمي أبنائي بوضع كلّ المواد الخطرة كمواد التنظيف والكبريت في أماكن مرتفعة، حتى أثناء وجودي في المطبخ أحرص على غلق الباب ومنعهم من الدخول حتى أفرغ من إعداد الطعام، فكثير من الأُمّهات لا يلحظن وجود الصغار تحت أقدامهنّ أثناء وقوفهنّ أمام موقد الطعام، فلي قريبة بمجرد أن رفعت إناء الحليب المغلي من على النار، قامت صغيرتها 4 سنوات بسكبه على نفسها.

 

-         داخل البيت:

يكشف العميد محمد صالح، مدير إدارة العلاقات العامّة بوزارة الداخلية، تفاصيل بعض الحوادث ويقول: تكثر حوادث الصغار داخل البيوت والغريب أنّ معظمها تقع في وجود ذويهم، مثل الطفل الذي كان يقف بجوار أُمّه أثناء إعدادها للطعام، وفي أقل من ثانية تسبب الكُم الطويل لعباءتها في تحريك إناء به زيت من على الموقد، وانسكب على جسم الطفل، وحالة أخرى لطفلين تركهما والداهما مع الخادمة ليغافلاها ويأخذا علبة الكبريت ويختفيا أسفل السرير وقاما بإشعال الأعواد وتسببت رائحة الدخان في اختناقهما، وتسعفني ذاكرتي بطفل أصيب بشلل بعد أن وضع مسماراً كان يلهو به داخل قبس الكهرباء، وآخر غافل أُمّه ووضع كيساً من البلاستيك على رأس أخيه وتسبب في اختناقه.

ويضيف: أحياناً تتغافل الأُمّهات عن بعض المواد السائلة التي تستخدم في التنظيف، فقد وردت إلينا حالة لطفل شرب مبيض الملابس التي كانت تضعه أُمّه في أرضية الحمام معتقداً أنّه ماء ليصاب بحروق في منطقة الحلق وتم إسعافه، ناهيك عن وقوع الأطفال من الشرفات نتيجة عدم إحكام غلقها، بل وأحياناً يتسبب خطأ من جانب الأهل نتيجة تخزين بعض الأشياء غير المستخدمة في الشرفات، لتكون كالسلم بالنسبة للطفل وتعجل بوقوعه.

ويوضح: هناك حالات أخرى نتيجة لهو الأطفال خارج باب البيت، مثل الحادثة التي وقعت لصبي 11 عاماً، كان يمسك بلعبة صغيرة الحجم أثناء لهوه داخل المصعد، لتقع من بين الجدار والباب الحديدي، فأسرع محاولاً الإمساك بها وإذا بيده تعلق، ومع استمرار صعود المصعد توفى الطفل في الحال متأثراً بقطع غائر في يده من أثر حديد المصعد الحاد.

ويضيف: أتذكر حالة لطفل كان يلهو على سور الدرج مقلداً راكبي الخيل، ليسقط من الدور الثامن ويلقي حتفه على الفور وغيرها العديد من الحوادث التي تقع في غفلة من الأهل.

 

·       اللواء راشد: الأسرة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن سلامة الطفل:

يحدّثنا اللواء راشد، قائلاً: تعد سلامة الأسرة بشكل عام، والطفل بشكل خاص، المحور الأساسي لكلّ إستراتيجيات الدفاع المدني

ويشير المطروشي: الأسرة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن سلامة الطفل، لأنّها وحدها القادرة على مراقبة سلوكه على مدار الساعة، وهي المؤهلة لتقدير الخطر الذي يحيط به في كلّ زاوية ومكان داخل المنزل وخارجه، والمؤتمنة على حياته وسلامته، لأنّ جميع الأجهزة الحكومية والمجتمعية هي سند وعون للأسرة في تأمين السلامة للأطفال، لكنّها لا يمكن أن تكون بديلاً عنها في ذلك، مهما أُوتيت من إمكانات وجهود.

 

·      ضمن النصائح والتوصيات التي يمكن تقديمها للأهل الآتي:

حماية الأطفال من الغرق:

-         ضرورة وجود الكبار طيلة الوقت مع الأطفال عند الاستحمام أو السباحة.

-         عدم إعطاء الأطفال أي ألعاب صغيرة أثناء الاستحمام أو السباحة خشية ابتلاعها.

-         تعليم الطفل كيفية السباحة منذ الصغر باستخدام الأساليب الصحيحة.

-         وضع أدوات ومعدات النجاة والإنقاذ قريبة من بركة السباحة.

-         ضرورة تعلم كيفية إجراء الإسعافات الأولية والتنفس الصناعي.

-         التأكد من إغلاق الحمامات والمطابخ بعد استخدامها، وقاية من سقوط الأطفال في فتحات المراحيض.

سلامة الأطفال من حوادث انغلاق الأبواب:

-         تركيب "رداد" على الأبواب المرتدة تلقائياً لتجنب ارتطام الأطفال بها.

-         تجنب تركيب أبواب ذات أطراف حادة لأنّها تسبب جروحاً وكسوراً.

-         عدم ترك مفاتيح الأبواب فيها.

-         تجنب انغلاق الأبواب أو دورات المياه على الأطفال.

-         الاعتماد على أقفال آمنة الاستخدام على جميع أبواب المنزل.

لضمان عدم تعرض الأطفال للاختناق:

-         وضع الطفل على ظهره في السرير والتأكد من عدم وجود مواد صلبة حوله.

-         يفضل عدم وضع ألعاب في سريره أكثر من اللازم أو ألعاب بها أزرار قد يبتلعها الطفل.

-         عدم وضع أي شيء على الأرض صغير الحجم قد يبتلعه الطفل الزاحف، مثل الكرات الزجاجية أو العملات المعدنية.

-         عدم إعطاء الطفل أقل من 6 سنوات أي أطعمة صلبة يصعب عليه كسرها وتقطيعها ومضغها قبل ابتلاعها.

-         التأكد من إزالة كلّ قطع البالونات المنفجرة حتى لا يبتلعها الطفل.

-         التأكد من العلامات الإرشادية الموضوعة على لعب الأطفال قبل شرائها.

لتفادي سقوط الأطفال من الأماكن المرتفعة:

-         التأكد من إضاءة الممرات والسلالم داخل المنزل.

-         تخزين السلالم المنقولة بعيداً، ووضعها على جنبها في مكان آمن بعد استخدامها لمنع وصول الأطفال إليها.

-         عدم وضع أي شيء على السلم قد يعرقل الطفل ويؤدي إلى سقوطه.

-         إصلاح الدرج المكسور أو المتهالك فوراً.

-         وضع أبواب أو حواجز مانعة على بداية ونهاية الدرج في المنزل.

لوقاية الأطفال من أخطار السوائل الحارة:

-         اختبار درجة حرارة المياه قبل استحمام الطفل في البانيو.

-         إبعاد الأطفال عن المطبخ أو الأماكن التي تقوم ربة المنزل فيها بالطبخ.

-         وضع الكبريت والولاعات بعيداً عن الأطفال في مكان آمن ومغلق.

-         تدريب الأطفال على الاستجابة الفورية لصوت جرس الإنذار ومستشعر الدخان.

-         عدم وضع الشاي أو القهوة قرب الأطفال.

-         عدم استخدام البنزين أو المواد الملتهبة بالقرب منهم.

-         ضرورة الكشف على سخانات الماء باستمرار والتأكد من سلامتها.

-         عدم شراء أي مفرقعات نارية كألعاب للأطفال.

لسلامة الأطفال من الحريق:

-         عدم تركهم يدخلون المطابخ من دون رفقة الكبار.

-         عدم تركهم قرب المدفآت أو مواقد الشواء.

-         عدم التدخين أمام الأطفال مع ضرورة التخلص من بقايا السجائر.

ارسال التعليق

Top