• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أخطاء تربوية منها الخوف الزائد والدلال

أخطاء تربوية منها الخوف الزائد والدلال

 الخوف الزائد والدلال يتصدران القائمة

قد نكتشف متأخّرين، أنّ التربية أكثر مَهامنا صعوبة على الإطلاق، ولكن المشكلة الأكبر، تكمن في أنّ من غير الممكن العودة من حيث انطلقنا.. ما العمل؟

وماذا إذا اكتشفنا متأخّرين أننا اخطأنا في تربية أبنائنا؟ نُحبّهم وننسى أن الحب لا يكفي. ننسى أنّ العناقات والقُبَل، ليست البوصلة التي تأخذهم إلى بَرّ الأمان. فنقف متأخرين في محطة الندم. نستعيد ما ارتكبناه من أخطاء في حق أبنائنا تحت شعار الحب والتفاني، لنكتشف أننا كنا السبب في مجمل العيوب التي يحملونها إن لم تكن كلها، فما هي الأخطاء التي سجلناها في أجندة التربية مع فلذات أكبادنا؟ سؤال نطرحه على أولياء الأمور لنقف على جملة الأخطاء التي في الغالب تُرتكب من دون قصد. فمن منا يريد الضرر لأحباب القلوب؟ ومن منا لا يريد أن يرى أولاده في الوجهة الصحيحة في الطريق الصواب؟ في هذا الموضوع، لقاء مع أمهات وآباء يرددون عبارة: "يا ليتنا لم نفعل كذا"، مع ذكر أكثر الأخطاء التي ارتكبوها في حق أبنائهم.   - حبيب الماما: "يا ضيعان التربية والتعب". بهذه الكلمات القليلة، تقول أم خالد. ليأتي الرد بكلمة واحدة هي: "ابني"، فابنها، الذي ربّته "كل شبر بندر" بحسب ما تقول، باعها بين عشية وضحاها. و"المشكلة أنه لم يقبض ثمن البيع" كما تقول، فكل ما فعله أن فتح باب البيت وخرج من دون رسالة يُطمئنها أنه على قيد الحياة. هذا ما حدث ببساطة، ببساطة شديدة، وكأنها لم تعمل على ماكينة الخياطة ليل نهار ليرتاد أفضل المدارس. كأنها لم تغلق باب بيتها في وجه كل رجل تقدم لطلب الزواج بها بعد ترمّلها، ولها من العمر 27 سنة. كأنها لم تحرم نفسها الحياة لينال هو الحياة التي تحلم بها أي أم لابنها الوحيد. القصة ببساطة قصة "ابن ضال"، ولكنها ترفض أن تعترف بها وبأن تنطق هذه العبارة، ولو لفظاً خارجاً من القلب. نبيهة، التي لم تُرزق بغير ابن واحد، تعترف وبخجل، بأنها هي السبب الذي قلب الطاولة بكل ما فيها من أوراق عليها. تقول عن تلك المرحلة: "لأنه كان وحيداً، حقّ له ما لا يحق لغيره. نال غفراني عن أخطائه قبل أن يعتذر. ونام على حضني من دون أن يضطر إلى تبرير ذنبه. وفي نهاية المطاف، كنت أنا مَن أعتذر له حين اكتشفت أنه لم يتخّرج من الجامعة بعد أن كذب عليّ وأهداني شهادة تخّرج مُزوّرة. حبّي له خربه، وحرصي على مشاعره بعد يُـتمه، حوله إلى رجل فاشل لا يعرف إلا العيش على أنقاض الناس، وأنا أولهم". "الحب الجارف لأطفالنا يملِّكهم مبررات الخطأ، حين نُفرِط في منحهم إياه من دون لجم لمشاعرنا الفياضة" تقول نبيهة، وتضيف: "لهذا، جاء الثمن في حجم الخطأ الذي كان عنوانه: "الدلال الزائد". فذلك الدلال الذي تطلق عليه نبيهة، وهي في الخمسين من عمرها تسمية: "المحرقة"، هو الذي دفع ابنها إلى السفر وبيع البيت الوحيد الذي تملكه، بموجب الوكالة العامة التي كتبتها له، من دون أن يفكر في مصير المرأة التي كادت تفقد بصرها، وهي تخيط للناس لتكسو ابنها الوحيد.   - صرف بلا حدود: "كان يطلب مني لبن العصفور وكنت أحضره له". بهذا الاعتراف، يبدأ أبو عادل سرد تفاصيل خيبته كما يقول. الحكاية بدأت حين عجز عن قول "لا" في وجه ابنه وهو يطلب بطاقته الائتمانية ولم يكن قد بلغ بعدُ السابعة عشرة. خوف الأب من زعل الابن يومها، هو الذي دفعه إلى تسليمه ماله من دون حساب، ليدخل، ومن دون توقع، في متاهة لم ينتهِ منها حتى اليوم. فالابن الذي تعلّم كيف يسحب المال من جهاز السحب الآلي، لم يتعلم كيف يتعامل مع ما ينفقه، الأمر الذي جعله يبدل كل شهر ساعة يده، ولا يرتاح إلا إذا أنفق كل درهم في جيبه على ما يستحق وما لا يستحق. فوالده مهندس بترول، وراتبه كبير، والأهم من هذا، فهو لا يحاسبه ولا يسأله ولا يراجعه في المبالغ التي ينفقها. يقسم أبو عادل أنه لو عاد به الزمان إلى الوراء ما كان إلا ليؤكد أن ذنب ابنه في رقبته، لافتاً إلى أن "رغبة الأهل في منح أبنائهم ما افتقدوه هم في طفولتهم، هي التي تفسد تربيتهم، وهوَس الأهل بأن يروا أبناءهم "أحسن الناس" عن طريق الوفرة المالية التي يغدقونها عليهم، يحوّل أولئك الأبناء إلى مسرفين لا يعرفون قيمة القرش الذي يصرفونه". لهذا، لم يكن أبو خالد بمثابة "شاهد على ضياع ابنه" فحسب، بل كان "مشاركاً في انحرافه"، الذي تمثل في تغييره أكثر من مدرسة "بحجة أنه لم يجد الصديق المناسب". وفي تغييره جامعتين في ثلاثة أعوام بحجة "أنه غير مقتنع بالجو العام". وفي النهاية، لم يلبث خالد أن غيّر البلد، وانتقل إلى الولايات المتحدة "بحجة أنه يريد البحث عن حلمه".   - الدلع: "الدلع، ثم الدلع، ثم الدلع، هو الخطأ الكبير الذي نحيط به أبناءنا". بهذا الاعتراف، تبدأ شيرين الشرقاوي حديثها عن الموضوع، لافتة إلى أن "الدلع يحول الحياة في نظر أبنائنا إلى قطعة من الشوكولاتة، والمشكلة تبدأ حين يكتشفون أنها ليست شوكولاتة ولا هم يحزنون". وتقول: "يا ليت الأمر يتوقف هنا، فالدلع يُعلّم الأبناء الاعتماد على أهلهم بالمطلق، فيعيشون بترف الدلال من ألفه إلى يائه، فإذا جاء الوقت ليخرجوا من كنف الأهل، كان عليهم أن يواجهوا عالماً مختلفاً، يفرض عليهم أن يكونوا مختلفين. والمشكلة أنهم سيعانون الأمَرَّين ليصلوا إلى مرحلة تُمكنهم من التعايش بعيداً عن جناحي البابا والماما". وإذ تُورد شيرين بعض التفاصيل، تتذكر كيف كانت تقوم نيابة عن أبنائها بأشياء كثيرة كان في إمكانهم القيام بها، "فالماما دائماً موجودة لهم"، وهنا بيت القَصيد في العنوان الذي نتحدث عنه، وهو أخطاء الأهل في تربية أبنائهم.   - "أنا السبب": ويبدو أنّ المشكلة ونحنُ نربّي أبناءنا، تكمن في أننا نتجاهل الدروس التي يعطينا إياها أهلنا، فنرمي خبراتهم وراء ظهورنا، ونصر على أنه لا يوجد من هم أدرى بمصلحة فلذات الكبد. وفي هذا السياق، تستحضر شهناز النجار (أم لولدين في 17 و19 عاماً) ما كانت والدتها تُردّده على مسامعها، حين كانت تعطي أبناءها ومن دون حساب ما يريدونه من مال. فالعبرة التي أرادت الجَدَّة أن يتعلمها الأبناء "لم تصلهم". "أنا السبب"، تقول شهناز، لافتة إلى أنّ الرغبة في تدليل أولادها "كانت جامحة"، وأن حبها لهم برّر لها عطاءاتها غير المشروطة. فهي أم، و"قلب الأم لا يقوَى على رَدّ طلب للأبناء ولو كان على حسابها" حسب تعبيرها. ومع ذلك، ها هي اليوم تعترف بأنها أخطأت بتلبية كل ما طلبه منها أبناؤها ذات يوم، "فالأشياء تفقد قيمتها حين تصل إلى أبنائنا على طبَق من فضّة، فلا يصبح لدى الطفل رغبة أو حلم. وبدلاً من أن نُنَمّي ثقافة التخطيط في حياتهم، نُقبِل على محوها وحرمانهم من متعة الوصول إليها بعد تعب وانتظار".   - تجاوز المسافة: لا شك في أنه لا يمكن لأحد أن يُراهن على مَحَبّة الأهل الخالصة للأبناء. ولكن كثيراً ما يدفع الأهل والأبناء ثمن ذلك الحب بالتساوي. من هنا، تعترف منى الخشاب، بأن خطأها التربوي الكبير تجلّى "في إلغاء المساحة بين الأم والأبناء". بمعنى أنها لطالما عاملتهم "كصديقة وليس كأم". وهذا في رأيها "من أشد الأخطاء ضرراً على صحة العلاقة بين الطرفين". فالأبناء ومن وجهة نظرها "يجب أن يُفرّقوا بين الصديقة والأم، فليس من الممكن أن تملك الصديقة الخوف نفسه على مصلحتهم كما تملكه الأم. الأولى تسمع مشاكلهم وتمضي، أما الأم، فتسمعها لتحلها وتأخذها على عاتقها، من دون أن تتركها بلا حل". ومن وجهة نظر ثانية، تقول منى: "يفقد الأبناء حين يتجاوزن تلك المساحة أخذ غضب الأهل في الحسبان، فيخلطون الجد بالمزح، متناسين أن العلاقة الأبوية هي حصن لهم وليس حائطاً قصيراً يقفزون من فوقه ويمضون".   - الخوف الزائد: "الحب والخوف الزائدان يتحولان في كثير من الأحيان إلى طوق يخنق المحبوب". لهذا، يأتي معنى المثل القائل: "ومن الحب ما قتل" مطابقاً للمعنى الذي حكت عنه سمارة مظفر (أم لابنة في الرابعة من عمرها)، فالحب الزائد من وجهة نظرها "يؤدي إلى خوف زائد. والخوف الزائد يُفقد الأهل القدرة على التفكير السليم في مسألة التعاطي مع أبنائهم. فمن كثرة حبهم، يخشون عليهم من نسمة الهواء، الأمر الذي يمنحهم الهشاشة بدل الصلابة، خاصة وهم يخطون بعيداً عن بيتهم في اتجاه المدرسة وأماكن أخرى". و"المفارَقة" كما تقول سمارة تتجلّى في "وقوف الأهل على تلك الحقيقة. فهم يعلمون تمام المعرفة، أن الخوف والحذر والحيطة والملاحَقة والمتابَعة، ستُرهق الأبناء وستجعلهم عاجزين عن التصرف الفردي لاحقاً. ومع ذلك، نراهم يصرّون على التعامل العاطفي معهم ومحاصرتهم حد الخنق". والخطأ الثاني الذي تتحدث عنه سمارة في سياق الحديث عن التربية ومطبّاتها "يتجسد في ثقة الأبناء بأنهم نقاط الضعف في حياة أبويهم، الأمر الذي يجعلهم يُذنبون وهم متأكدون من عدم وقوع الحساب". فالطفل "أذكى ممّا نتصور" كما تقول سمارة، "لأنه يعرف أنه لا قدرة لنا على عقابه الطويل، لأننا ببساطة نعاقب أنفسنا حين نراه مُعاقَباً".   - أطفالنا والخادمة: كثيراً ما ينظر الأهل إلى وجود الخادمة من باب أنها ضرورة، وضرورة مُلحّة، لا يمكن للعائلة اليوم الاستغناء عنها. ولكن، إلى أي حد يساعد وجودها على التأثير سلباً في سلوكيات أبنائنا؟ سؤال يجيب عنه خالد الشركسي (مهندس بترول، وأب لثلاث بنات) بالقول: "لو وضعنا مزايا وعيوب الخادمة في الميزان، لغلبت كفة العيوب"، مشيراً إلى أن "وجود الخادمة يخفف من عبء المسؤوليات عن الأهل، ولكنه في الوقت نفسه يحوّل الأطفال إلى كسالى لا يعتمدون على أنفسهم في شيء". فالخادمة في رأي خالد "بمثابة عنصر مُخرّب في البيت أكثر من كونه فعّالاً، لأنها ببساطة ستزرع في شخصية أطفالنا نفسية المتعجرف الذي يسأل ليأمر". ومن جهة أخرى، يلقي خالد الضوء على جزئية "التصفيق المستمر للأبناء، والتي تجعلهم يتوقعون وينتظرون تصفيق أهلهم، ولو على أبسط الأمور التي يقدمون عليها". فـ"مَحَبّة الأهل" كما يقول" تجعلهم لا يرون مَن هو أفضل من أبنائهم. لهذا، يُظهرون انبهارهم إزاء أبسط الأمور في سلوكياتهم، فيُصفّقون لهم ويكررون على مسامعهم أنهم الأشطر والأحلى والأذكى، الأمر الذي يُصيبهم بالغرور، والثقة التي كثيراً لا تكون في محلها".   - "فوبيا" وراثية: ننسى ونحن نتعامل مع أطفالنا، أنهم مثل الإسفنجة التي تمص عيوبنا قبل محاسننا، فـ"عين الطفل مثل الكاميرا" كما يقول فواز عباس (مهندس وأب)، لافتاً إلى أنه "لذلك، تأتي ردود فعله نسخة طبق الأصل عن أفعال أهله، بما فيها المخاوف أو الـ"فوبيا" التي يحملها تجاه بعض الأمور". وهنا، يُشير فواز إلى الـ"فوبيا" التي يحملها هو، والتي أورثها أبناءه "من دون قصد"، فيقول: "خوفي الدائم من المجهول، وحديثي المستمر عنه، جعلا أبنائي شركاء لي في هذا الخوف، فأصبحوا مثلي يخافون من الغد، ويحسبون حسابه بشكل مبالغ فيه". أما الخطأ الثاني الذي يورده فواز في سياق حديثه عن أخطاء التربية، فيتمثل "في انتقاص بعض الأهل من قدرات أبنائهم، فَبَدلاً من أن يلقوا الضوء على تلك الإمكانات، نجدهم يستخفون بها، يسخرون منها أمام الآخرين، ليشعر الطفل بأنه لا شيء، وبأن إمكاناته تساوي ZERO". وهنا، يؤكد فواز "أنّ ذكاء الأهل يلعب دوراً في صياغة شخصيات أبنائهم، فنحن مَن نُخرج مواهبهم من مكامنها، ونحن مَن نُطفئها". يقول عباس بحماسة الأب الحريص على قيمة أبنائه.   - أخطاء تفرح الأبناء: وإذا كان الآباء هُم مَن يرتكبون الخطأ، فالأبناء ومن دون شك هم الذي يضرسون. تؤكد شيما (طالبة جامعية)، "أنّ الأبناء يشعرون بأخطاء تربية أهلهم لهم، وإن كانوا عاجزين عن التعبير عن تلك المشاعر". وتضيف: "تكمن المفارقة في أنه كلما أخطأ الأهل في بعض المحاور فرح الأبناء. فَمَن منّا لا يفرح حين يعطيه والده حرية الصرف من دون توقف؟ ومَن منّا يمانع إن كان محور البيت وأساسه؟ ومَن منّا لا يُعانق أهله حين يغفرون ذنوبه، ويتجاوزن عقابه من فرط الحب الذي يكنّونه له؟". لهذا، فإنّ "أخطاء الأهل في التربية، هي مساحة الحرية التي يلعب بها الأبناء بسعادة لا تُوصف" بحسب ما تشير شيما.   - أخطاء تربوية: لو توقفنا عند أخطاء الأهل تأمّلنا جوانبها، لرأينا أنها جميعاً تنبع من المحبّة ولا شيء سوى المحبة. لهذا، يبدأ الدكتور عاطف بدوي في تحليل الموضوع، منطلقاً من الخوف الزائد، الذي حصل على نسبة كبيرة من اعترافات الأهل، فيقول: "من الطبيعي أن نشعر بالخوف على أطفالنا. ولكن، حين يزداد هذا الخوف، ويتضاعف، يؤثر بشكل تلقائي في ثقة الطفل بنفسه، وبقدرته على معالجة الأمور التي سُيواجهها لاحقاً. لهذا، يجب أن نضع في حسابنا أننا نربّي أطفالنا للمستقبل، والمستقبل لن يكون في بيتنا ولا في أحضاننا بكل تأكيد". وفي المقابل، ينصح الدكتور بدوي الأهل "بمنح أبنائهم مساحة من التصرف والثقة"، حيث يجب حسب تعبيره "أن يكتشفوا مواهبهم، ويتعلموا أنه لا ينقصهم شيء لمواجهة الحياة ومعالجة مشاكلها"، مشيراً إلى أن "الأمثلة كثيرة لرجال لا يعلمون شيئاً عمّا يدور في المنزل، بحيث يبدون مُهَمَّشين وغير قادرين على اتخاذ أي قرارات". والسبب كما يُورده، "يعود إلى عدم الثقة بقدرته منذ الصغر، وباعتماده على أهله في تسيير أموره، ما قد يجعله لاحقاً يبحث عن شريكة تنوب عنه في اتخاذ القرارات". والخطأ الآخر الذي ينتقل إليه الدكتور بدوي، هو "الحب الزائد والمبالغ فيه". يقول: "كثيراً ما يغدق الأهل من العطف والحنان على أطفالهم، فلا يرفضون لهم طلباً، ويُلبّون جميع رغباتهم، اعتقاداً منهم أنهم سيجعلونهم أسعد الناس، وأكثرهم حظاً". وهذا في رأيه "من أكبر الجرائم التي تُرتكب في حق الأطفال، لأن الحنان الزائد يتساوى في تأثيره النفسي في الطفل تماماً مثل القسوة الزائدة، الأمر الذي يجل الطفل مُدلَّلاً، لا يتحمّل أي مسؤولية. وإذا رُفض له طلب تحول الأب في نظره إلى أحد ليس له لزوم". ويختم د. بدوي قائلاً: "لهذا، من المهم إشراك الأبناء في المشاكل المادية، وطريقه تحديد أولويات الصرف المادي، وتعليمهم كيف توضع ميزانية المنزل، حتى نتوقع منهم القيام بأدوارهم مستقبلاً، بعيداً عن عباءة الأهل".   - مسؤولية الأهل: حين نقول أخطاء في التربية، فلا بد أن يكون لهذا العنوان أسباب جعلته يتوسط موضوع نقاشنا. لذلك، يقف الموّجه الاجتماعي طلال السلومي، على أسباب ونتائج ارتكاب الوالدين تلك الأخطاء، فيقول: "إنّ عدم وجود الخبرة والنضج الكافيَيْن في بداية الحياة الزوجية، يدفعهما إلى التعامل العاطفي المسرف مع الأبناء، وخاصة مع الطفل الأول، الأمر الذي يؤثر سلباً في شخصيته مستقبلاً". وفي الوقت نفسه، يُشير السلومي إلى عدم اعتماد الآباء الجدد على خبرة ذويهم، الأمر الذي يزيد من رقعة المعطيات الخطأ التي تقود بالتأكيد إلى نتائج خطأ، وعليه، يصبح من الصعب ترميم ما تم هدمه". ويتابع: "إنّ عدم تعاون الزوجين في تربية الأبناء، وترك المسؤولية على عاتق الزوجة، يخلقان ثغرات في شخصيات الأبناء"، مشيراً إلى "طبيعة الأم العاطفية التي تدفعها إلى التستر على أخطاء أبنائها، فتحول الخطأ الواحد إلى خطأين من دون أي قصد منها". ويُشدّد السلومي من جهة ثانية على خطأ آخر يحضره الأهل بإراداتهم إلى البيت، ألا وهو الخادمة، مسلطاً الضوء على "الخلل التربوي الكبير الذي تسببه الخادمة نتيجة انفرادها بالأبناء، ناهيك عن اعتمادهم عليها، وشعورهم الضمني بأنهم غير مضطرين إلى فعل شيء، بوجود مَن هي مُسَخّرة أصلاً لخدمتهم. لهذا، نرى جيلاً من الشباب المتكلين، الذين يعانون الأمرَّين لدى مغادرتهم بيوت أهلهم.. للدراسة مثلاً".

ارسال التعليق

Top