• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أتطالعون؟ ولماذا؟

أتطالعون؟ ولماذا؟

◄لا تقولوا ليس لدينا وقتاً للمطالعة، ان رؤساء البنوك والدوائر الصناعية وكبار المخترعين والمؤلفين والحكام والقضاة والأطباء يجدون وقتاً للمطالعة الصحف والمجلات على كثرة ما لديهم من المهام والشؤون، فلو لم تكن المطالعة مفيدة لما كان هؤلاء يطالعون، اتظنون هؤلاء كلهم مخطئون وانتم وحدكم المصيبون؟

لا احسبكم قد عرفتم كلّ شيء ولا قرأتم كلّ شيء، ولا ينبغي لكم هذه كله، وإنّما من الضروري أن تعرفوا ما يجري حولكم، وما له علاقة بكم أو بمحيطكم من الشؤون، لأنكم إذا جهلتموها اعياكم أن تتجاذبوا الحديث مع الناس، ولا غنى عن التحدث إلى الناس.

وإذا قلتم ان أوقاتكم موزعة وأفكاركم كلها مستغرقة في عملكم، قلنا لك هل منعكم هذا الاستغراق ان تأكلوا وتشربوا وتتنشقوا الهواء؟.

انّ المطالعة ضرورية كالغذاء والشراب واستنشاق الهواء، والاستمرار عليها واجب ليستمر العقل في نمو مطرد، فمن قرأ في صباه بعض الكتب وانقطع عن المطالعة بعد ذلك اصابه ما يصيب الشجرة زرعت ثمّ اُهملت فلم تشذّب غصُونها، ولم تقلم أطرافُها، ولم تقتلع الأعشاب المضرة التي تنبت حولها، ولم تكافح الحشرات التي عدت عليها تلتهم أوراقها، وتنخر جسمها. إهمال الشجر على هذه الصورة يعيدُه إلى طور الهمجية الأوّل فيصبح شجراً برياً لا خير فيه.

وترك المرء المطالعة يقف به، في حين انّ الزمن يسير وكلّ ما حوله يتحرك، فمن أراد أن يجني على نفسه فليهجر المطالعة أما من شاء أن يزداد بالناس علما، وأن يسير بينهم بفهم صحيح ولب رجيح، فليعوّد نفسه على المطالعة.

لا تقولوا انكم كبُرتم عن الصبا، وقطعت تلك الناحية، فان افّيد ما تكون المطالعة بعد سكون عواطف الأهواء في النفس، وعند استيقاظ العقل وجنوحه إلى التفكير والتعليل والتفسير، وليس من اللازم أن تكون الحافظة طرية كالشمع تقبل كلّ طابع، فالكثير مما يقرأه المرء يقرأه ليطرحه لا ليستبقيه، وانتم لا تطالعون لكي تنبغوا في فن أو علم أو صناعة، بل لتروضوا أذهانكم، وتصقلوا أرواحكم، وتدخلوا إلى قلوبكم بعض اللذة، فإذا كنتم لا تقدرون أن تنصرفوا إلى المطالعة فلا شك أنكم تستطيعون أن تطالعوا أحياناً، أما إذا اعياكم هذا فاسمحوا لنا أن ننصحكم بأن تذهبوا إلى المدرسة وتتعلموا القراءة فمن المستحيل أن يكون في الدنيا إنسان يحسن القراءة ولا يجد لذة المطالعة.

فمن لا يطالع فهو أحد اثنين: أمّا شخص صرف الحياة كلها يطالع حتى بات لا يجد ما يستحق أن يطالعه وهذا فرد لم يخلق بعد، بل قولوا لن يخلق، وأما شخص أُمي، ومن أكبر العار أن يكون الإنسان أمياً في هذا العصر ولو كانت له ألف فضيلة.►

ارسال التعليق

Top