◄قد يكون الإدخار في ثقافتنا موجوداً في الأمثال الشعبية فقط. لهذا، نقول بسهولة: "خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود". ولكن، حين يطلب منا تنفيذ ما نردده، يتحوّل المثل العظيم إلى حبر على ورق.
لم يسبق لأحد منّا أن لم يدخر في حياته، بدءاً من استخدام حصالة النقود، وصولاً إلى الودائع المصرفية طويلة الأمد. ومع ذلك، لا يمكن أن ندّعي أنّ ثقافة الإدخار حاضرة في العقلية العربية.
- سياسة حياتية:
هل ندخر، لمن ندخر، ومتى ندخر؟ أسئلة يحدد ناصر علي اليافعي (موظف، متزوج، وأب لطفل واحد) أجوبتها من خلال الحديث عن التوازن المالي الذي لا يجد في تنفيذه أمراً صعباً، فيقول: "إنّ الإدخار هو عبارة عن سياسة حياتية تبدأ مع بداية الحياة الزوجية، فيقوم رب الأسرة بتقسيم راتبه وتحديد أولوياته، وإدخار ما يتبقى من الراتب"، مستنكراً أن يُقال "إنّ الوضع المادّي للفرد عائق بينه وبين الإدخار". لماذا؟ يجيب: "لأنّ الفرد نفسه، هو مَن يحدد طريقة حياته تبعاً للمثل القائل: "على قدّ بساطك مدّ رجليك". لهذا، فحين يُقسّم رب الأسرة راتبه بشكل بعيد من التبذير، يصبح من السهل أن يدخر لأبنائه ولمستقبلهم".
- تخطيط:
حسن عكرة (موظف إداري ومتزوج) وعن الحديث عن الإدخار، فيراه "سياسة أُناس يتميزون بحسن الإدارة، والصرف والتخطيط، حيث لا ينصح إدخار من دون تخطيط، ولا يأتي تخطيط من دون حُسن إدارة". لهذا، يربط حسن بين الإدخار وبين شخصية المدخر، "لأنّ الشخصية المبذرة لا يمكنها أن تكون شخصية مدخرة، والعكس صحيح"، بحسب ما يقول. ويدرج حسن الفوائد التي يعود بها الإدخار على العائلة، من دون أن ينسى بالطبع وضع الدخل المرتفع شرطاً لذلك، فيقول: "يشكّل الإدخار منطقة آمنة للعائلة، فيحميها من مفاجآت المستقبل بكلّ الاحتمالات السلبية الواردة، ناهيك عن الراحة النفسية التي يزرعها في نفوس أولياء الأمر"، لافتاً إلى أنّ "الخوف على الأبناء من الناحية المادّية، يعكّر صفو الحياة الزوجية، ويسمح للقلق بأن يحلّ محل أجواء أخرى في البيت". ويشير إلى أنّ "بداية الحياة الزوجية هي الفترة الذهبية للإدخار، حيث يتحكّم الزوجان في تحريك دفة الصرف بعيداً عن أي مسؤوليات لا يمكن الفرار منها مهما بلغ حجمها". وفي ما إذا كان يعتقد أنّ البنوك تلعب دوراً إيجابياً في دفع الناس إلى الإدخار، يجد حسن أنّ "سياسات البنوك في حفظ أموال الأفراد، تمثل حلاً للفرد، الذي لا يملك القدرة على الإدخار من تلقاء نفسه، فيضطر إلى أن يسلّم البنك الحقّ في اقتطاع ما يريده من دخله الشهري لعجزه عن الإدخار التلقائي أو الذاتي"، مشيراً إلى أنّ "هذا الحل قد يعتبر في النهاية حلاً فعّالاً، لاسيّما أنّ البنوك صارت تدرج عشرات التسميات للإدخار، خاصّة في ما يتعلّق بمصاريف الجامعات، أو التأمين على الحياة".
- إمكانات:
هل عزم الأفراد على الإدخار يكفي لتحقيقه؟ سؤال لا يجد الصحافي محمد القطب (متزوج وعنده ولد واحد) فائدة من الردّ عليه، "لأنّ الإجابة ببساطة لا تتناسب مع إمكانات الفرد وقدراته المادّية". لهذا، فإنّ "الهوة الكبيرة بين السياسة الإدخارية وما نقوم به من صرف أو هدر أو إنفاق، حسب قوله. وهو يدرج تلك المفردات تحت تسمية متطلبات الحياة الاستهلاكية التي لا تسمح للفرد بإدخار جزء ولو قليل من دخله". وبالانتقال إلى معرفة السبب الذي يمنع الفرد من تعزيز الإدخار كثقافة متبعة، يعلق محمّد قائلاً: "عدم الاستقرار المادّي الذي يعيشه الفرد هو من الأسباب التي تفقده الطمأنينة المالية، إضافة إلى العجز عن التحكّم في دفة الصرف في ظل وجود أُسرة وأبناء واحتياجات لا توصف إلّا بالطبيعة". ويضيف: "من هنا، يتحوّل الإدخار في ثقافة الفرد متوسط الدخل إلى كلمة أجنبية لا يفهم ترجمتها أو حتى فهمها في حال تمكّن من تعريبها، لأنّه ببساطة لا يمكن أن يمتلك أدواتها"، مقسماً التعامل المادّي إلى مرحلتين: "مرحلة ما قبل الأبناء ومرحلة ما بعده، الأمر الذي يجعل للإدخار مواسم لا تنعم بالاستمرارية كما يلاحظ الآباء".
- سيولة:
من جهته، يربط وائل عبدالحفيظ (متزوج من 10 سنوات) بين السيولة والقدرة على الإدخار، حيث يجد أنّ "قلة السيولة، هي معيار من معايير العجز الإدخاري"، متسائلاً: "كيف في إمكان الفرد أن يدخر وهو في الأصل لا يملك من المال ما يدخر منه"، معلقاً على الظروف الحياتية الصعبة، التي باتت تمنع الفرد من إدخار ما يلزم لمفاجآت الزمان بالقول: "حين يتوّزع الراتب على مصروف البيت، وأقساط المدارس أو الجامعات، يصبح من الصعب، وأحياناً من المستحيل، أن يبقى ما يمكن إدخاره لليوم الأسود". هنا، يضحك وائل من المثل القائل: "خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود"، لأنّ القرش الأبيض، حسب تعبيره، "بات قرشاً مهدوراً في لحظة الحصول عليه، وهذا ما يجعل اليوم الأسود محكوماً بأن يبقى أسود طيلة الوقت". نسأله: مَن الأقدر على الإدخار، الرجل أم المرأة؟ فيقول وائل: "حين تتوافر ظروف مالية جيِّدة، فالمرأة من دون شك هي الأقدر والأنسب للقيام بهذا الدور، حيث إنّها تملك قدرات مميزة في التوفير والاقتصاد، تجعل من الرجل مديناً لها بما تدخره لمصلحة البيت والأسرة".
- ثقافة:
قد لا تكون شخصية الفرد، وطباعه من حرص أو تبذير، هي وحدها التي تلعب دوراً في دفعه إلى الإدخار، كما قد لا يكون الدخل الشهري للأُسرة هو الشرط المتبقي من تلك العملية، فها هو جيفري (بريطاني الجنسية) يؤكد أنّ "الإدخار ثقافة دول قبل أن يكون سياسة أفراد". والدليل أنّه يكشف أنّه وزوجته، ومنذ أوّل يوم زواج يدخران للأُسرة وللأطفال حتى من قبل ولادتهم، ويقول: "الإدخار طريقة تفكير، وخطة حياتية يوقّع عليها الزوجان منذ دخولهما عالم الحياة الزوجية. لهذا، يقومان بترتيب الأوليات التي تبدأ بتعليم الأبناء وتأمينهم الصحّي، وتنتهي بفترة تقاعدهما عن العمل بما تتطلبه من تأمين مادّي لا يوفره إلّا الإدخار مسبق الترتيب"، مشيراً إلى أنّ "المال عبارة عن طاقة تتبدد إذا لم نقم بأخذ مدخر منها، أو ما يسمى بالـ"Saving"، فلا يوجد أسهل من صرف المال، ولكن إدخاره لا يدخل في خانة الصعب أو المستحيل، لو عرف الزوجان كيف يتعاملان معه وفق أجندة من الأوليات والمعطيات". وشدد جيفري على أنّ "الرجل والمرأة متساويان في مسألة الإدخار"، مستبعداً تماماً "أن تكون حصة المرأة في الإدخار أكبر من حصة أو دور الرجل". فالإدخار في رأيه "مثل اليد الواحدة، لا تصفق بمفردها". ويقول: "لهذا، على الزوجين أن يتبنيا السياسة نفسها، وأن ينتميا إلى الثقافة نفسها، بغية تعزيز أرضية مالية صلبة تقف عليها الأُسرة لاحقاً".
- مأزق:
الشكوى من العجز عن الإدخار، وتحميل تدني الدخل النصيب الأكبر من ذلك العجز، أمور لا تضعها إيمان مصطفى في مقدمة اعتباراتها وهي تتحدّث عن الإدخار في "مجتمعاتنا الاستهلاكية"، كما تسميها، فتوجه اللوم أوّلاً وأخيراً إلى "أسلوب التربية الذي يتعامل به الآباء مع الأبناء"، والذي تعتبره "خالياً من ثقافة التعامل المنطقي مع المال أو المصروف"، فتقول: "كيف يمكن أن نتحدّث عن إدخار أو ثقافة إدخار، والأُسر العربية تغالي في البذخ ما إن توافر لها فرصه؟"، مشيرة في هذا السياق إلى "الفهم المغلوط لمحبة الأبناء الذين يدفعون لاحقاً ثمنها". وتكشف أنّ "المحبة في عُرف معظم الأهل، تتلخّص في منح ما يتم طلبه من مال من قبل الأبناء، وكأنّهم يؤمنون بأنّه على مقدار العطاء المادّي تكون المحبة"، مضيفة: "إنّ عجز الأهل عن قول كلمة "لا" لأبنائهم، يقلل فرص نجاح الإدخار في حياتهم، ويعلّم الأبناء أنّ كلّ شيء معروض مباح ومشروع، فتتعقد المفاهيم التي تخص المال وطريقة صرفه بحجة لا يمل الآباء من ترديدها قائلين": "لندع أبناءنا ينعمون بما حُرمنا منه". وتتابع إيمان حديثها عن معوقات الإدخار التي تبدأ كما تشير "من المفاهيم الخاطئة للتربية"، فتقول متسائلة: "كيف يمكن للأسرة اليوم أن تدخر، وفي يد كلّ ابن من أبنائها "موبايل"، و"بلاك بيري"، و"بلاي ستيشن"، و"لابو توب" يتغيّر مع كلّ جديد يدخل سوق الإنترنت؟ وكيف في إمكان ربّ الأسرة أن يدخر، وهو يفكّر في المدارس الأجنبية لأبنائه حتى من قبل أن يولدوا؟". وتضيف: "في المقابل، كيف تستطيع المرأة دفع زوجها إلى الإدخار، وسياسة التقليد الأعمى للموضة ولصديقاتها هي السياسة الوحيدة التي تعرفها، ناهيك عن الدلال الذي تغرق به ابنتها من مبدأ: "ما حدا أحسن من حدا"؟، فلا تقبل أن تكون ملابس ابنتها أقل ثمناً من ملابس صديقاتها، ولا أن يقود ابنها سيارة لا يشتريها له والده من الوكالة". وهي تعتبر أنّه "بهذا، يكون الترف لدواع عاطفية من معوقات الإدخار تحت تسميات وهمية يطلقها الأهل، أهمها غلاء المعيشة، وعدم تماشي الراتب مع مستهلكات الحياة وضرورياتها".
- إدارة موارد:
من ناحيتها، تستبعد ماجدة (ربة منزل) أن يكون الإدخار "سياسة مستحيلة التنفيذ في هذه الأيام"، فالإدخار كما تعرفه هو "القدرة على إدارة موارد الأُسرة بما يلبي احتياجاتها في الحاضر والمستقبل"، مؤكدة بهذا أنّه "سياسة فردية وقرار لا علاقة له بالفورة الغلائية كما يتحجج معظم الناس". لهذا، فالمطلوب في رأي ماجدة "بعض الاتّزان في الصرف والتعقّل في مواجهة المغريات التي تملأ السوق وواجهات المحلات". وهي تشير إلى أنّ "الإدخار حالة من التدريب الذاتي على عدم التبذير"، لافتة إلى أنّ "القرار بالإقلاع عن التدخين مثلاً، صعب في أوّله، وكذلك الحال مع قرار عدم التبذير والشراء من دون حسبان". وتضيف: "لهذا، ما إن يتعلم الفرد أن يمنع نفسه من مدّ يده إلى جيبه واستعمال البطاقة الائتمانية أو المال النقدي، حتى يصبح الطريق بينه وبين الإدخار، ولو بأقل المبالغ الممكنة، أقصر مما يتوقع".
- مدخرات مؤقتة:
وفي سياق تعليقها على موضوع الإدخار، تقول هند حسين: "إنّ الإدخار في زمن يغلي بارتفاع خرافي في الأسعار، تحوّل إلى كلمة لا توجد في قاموس الأُسرة العربية، حيث نجد أنّ مجرد التفكير في الإدخار مسألة غير منطقية، لأنّ الدخل بالكاد يغطي مستلزمات الحياة، فكيف إذن بإمكان الفرد أو ربّ الأُسرة، على وجه التحديد، أن يفكّر في الغد، وحمولات اليوم المادّية تفيض عن اللزوم؟". ولكن، حين يأتي السؤال: أيهما أقدر على الإدخار المرأة أم الرجل؟، فالجواب، كما تقول هند، هو: "المرأة من دون شك". نسألها: "لماذا؟ تجيب: "لأنّ المرأة أكثر خبرة في السوق، وأكثر تجوالاً في المراكز التجارية، الأمر الذي يجعلها أقرب إلى الأسعار، والتنزيلات، والإعلانات التي تسبق التنزيلات أو التخفيضات، لهذا نجدها تؤجل شراء ما تحتاج إليه إلى موسم الـ"SALE"، فإذا كان معها على سبيل المثال ألفا درهم، فيمكنها والحال هذه أن تدخر من ذلك المبلغ ولو 500 درهم. وبهذا، تكون قد استطاعت وبخبرتها ومعلوماتها، أن تضيف إلى مدخراتها مبلغاً جديداً". أما الرجل، فتقول هند بشكل محسوم إنّه "يترك على الدوام تلك المسائل المادّية إلى المرأة، لأنّه ببساطة لا يملك ذلك المزاج للشراء أو التسوق". وعن أسوأ توقيت للإدخار، ترى هند أنّه "ذاك الذي يسبق العطل الصيفية، أو افتتاح المدارس، فالإجازة تمتص مدخرات العام كلّه، وبهذا، تتحوّل كلمة مدخرات إلى عبارة مدخرات مؤقتة، لأنّ موعد صرفها معلق بشهر العطلة الذي يصبح أشبه بالجراد الذي يأكل الأخضر واليابس".
- مجتمعات استهلاكية:
من جهتها، تجد نور العامودي (متزوجة وأُم) أنّ "المرأة هي الأقدر على الإدخار من دون شك، وإذ تسلّط الضوء على قدراتها الاقتصادية، ومهاراتها الإدخارية، وطريقة تعاطيها المادّية مع الأمور"، تقول: "تهتم المرأة بأدق التفاصيل في عملية الشراء، بينما يقدم الرجل على دفع المبلغ المطلوب من دون البحث عن الأغلى والأرخص، وهذا يوضح الفرق بين قدرات المرأة والرجل في مسألة الإدخار"، وتتابع: "لا تنتظر المرأة مساعدة من أحد للقيام بعملية الإدخار، فهي لا تقصد البنك لتضع مدخرات عائلتها فيه على سبيل المثال، إنّها تدخر مالها في بيتها، في خزانتها، في صندوقها الحديدي، المهم أنّها في النهاية تدخر والسلام". ومن زاوية أخرى، تجد نور أنّ "العيش في مجتمع استهلاكي، يتعارض مع القدرة على الإدخار، حيث لا تستطيع الأُسرة، حتى بوجود ربّة بيت واعية، أن تقوم بآلية الإدخار نفسها التي تقدم عليها وهي في مجتمع غير استهلاكي". وترد ذلك إلى "المغريات الكثيرة التي تكثر في السوق وتدعو الأفراد من كبيرهم إلى صغيرهم إلى الإقبال عليها من دون تردد".
- الإدخار بين جيلين:
ويستمر الحديث عن الإدخار، ولكن هذه المرة يأخذ شكلاً مختلفاً بعض الشيء، حيث تخضعه مديحة فاضل (ربّة منزل) للكثير من المعطيات والظروف والتقلّبات الحياتية والاجتماعية والمادّية، التي تعرّضت لها الأُسرة، فتقول من واقع تجربتها الشخصية: "كان الإدخار ولزمن طويل جزءاً من سياسة الأُسرة. فكلّنا كنا ندخر، وكلّنا كنا نحرص على تأمين مستقبل أبنائنا وفقاً للمدخر الذي نجمعه على مدى السنين، ولكن ما يحدث الآن في الأُسر العربية أمر لا يصدق". مديحة، التي تأخذ موقف الشاهد على تغيرات الحياة الاجتماعية، تقول باحتجاج: "كيف يمكن للعائلة أن تدخر، وقد بطلت موضة أعياد ميلاد الأبناء في البيت، وصار عيد طفل لم يحبُ بعد يكلف 5000 درهم؟ وكيف يمكن أن تدخر تلك العائلة وإجازتها الصيفية لا تصبح إجازة، إلّا إذا قصدت أوروبا أو أرسلت كلّ ابن من أبنائها إلى المكان الذي يختاره، من باب الرفاهية والعطاء اللامتناهي؟"، مشيرة إلى "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار موضة التقليد التي باتت سارية بين الناس، حيث أصبح من الأسهل لهم أن يقترضوا من البنك ليتزينوا على أن يدخلوا في البنك ليأمنوا غدر الزمان".
- سلوك مكتسب:
في ظل الحديث عن الإدخار، وتفاوت الآراء بين مؤيد وعاجز عن تبنّيه كسياسة قابلة للتنفيذ، كان لابدّ من طرح سؤال يتعلّق بما إذا كان الإدخار عبارة عن سلوك مكتسب؟ وفي هذا الإطار، يقول أستاذ علم الاجتماع الدكتور موسى الشلال: "إنّ الإدخار مثله مثل أي سلوك مكتسب، يتعلّمه الطفل أوّلاً داخل أُسرته الصغيرة ومن ثم يصقله المجتمع الكبير بعد ذلك". ويضيف: "إذا لم تقم الأُسرة بتعليم أطفالها على هذا السلوك، فسيصبح من الصعب عليهم العمل به عندما يكبرون"، لافتاً إلى أنّ "الأُسرة مسؤولة عن تعليم أطفالها مفهوم الإدخار وشرح فوائده، منذ نعومة أظافرهم حتى يصبح من العادات المتأصلة فيهم، والتي يصعب التخلي عنها".
ويسوق الدكتور الشلال أهم الأسباب التي تدفع الأُسرة العربية إلى تجاهل سياسة الإدخار في تربيتها لأبنائها، فيجد "في عدم دراية الوالدين بأهمية الإدخار، سبباً مهماً في إنتاج عقلية جاهلة بقيمة الإدخار، إضافة إلى فقدان الأهل القدرة والإرادة على تعليم أطفالهم تلك القيم التي تتعلّق بالتربية والتعامل الصحّي مع المال كونه قيمة أكثر منه وسيلة صرف وتبذير". "ابتعاد الفرد عن الإدخار لم يأتِ من فراغ"، كما يعلّق الدكتور الشلال، مشيراً إلى أنّ "الإدخار لا يدخل في ثقافة الأفراد، لأنّه أوّلاً لا يدخل في ثقافة الأُسرة العربية نفسها" كما يقول، ويدرج أهم الأسباب التي تمنع تلك الأُسر عن الإدخار، ومنها: "الفقر والوضع الاقتصادي المتدني، الذي لا يسمح للأغلبية العظمى من الأُسر في الوطن بالإدخار، كُبر حجم الأُسرة العربية، تعلّق المجتمعات العربية المعاصرة بالمظاهر والشكليات، ارتفاع الأسعار بشكل مذهل، ارتفاع تكلفة التعليم، تميز الأسواق العربية بالطابع الاستهلاكي السريع".
ويشير الدكتور الشلال إلى "ما فطنت إليه الرأسمالية العالمية من نهم الإنسان العربي إلى الإسراف، حيث راحت تغرق أسواقه بأصناف من المصنوعات التي لا تحصى ولا تعد" ويقول: "تؤكد الدراسات الاجتماعية والاقتصادية في هذا المجال، أنّه كلما زاد دخل الأُسرة العربية زادت مشترياتها من الإلكترونيات المختلفة". ويضيف: "لهذا، فإنّ المجتمعات العربية المعاصرة، هي نتاج الثقافة العربية السائدة التي لم تدخل مفاهيم الإدخار في قواميسها بعد". ويجد الدكتور الشلال أنّ "من الضروري أن نقوم بتدريب أبنائنا على الإدخار، وذلك باتباع الخطوات التالية: تشجيع الأطفال دون العاشرة على استقطاع جزء صغير من مصروفهم بشكل دوري، ووضعه في ما يسمى الحصالة، ليتعلم كيف يدخر. تشجيع الطفل فوق العاشرة على فتح حساب في أحد المصارف، ويستحسن أن يقوم الطفل بفتح الحساب مع والده، فيقوم فعلياً بملء الطلب وتوقيعه وتسليمه لموظف المصرف، إضافة إلى تشجيع الطفل بعد ذلك على وضع جزء من مصروفه الدوري في حسابه بمتابعة دائمة من جانب الوالد أو الوالدة".►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق