على الرغم من التحذيرات المتكررة التي أطلقها عدد من العلماء من أجل إجبار الأطفال والمراهقين على عدم الإفراط في استخدام الهواتف الذكية المتحركة، فإنّ استخدامها من قبل هذه الشريحة يزداد يوماً بعد يوم. وقد أجرى علماء ألمان دراسة طلبوا فيها من متطوعين أطفال ومراهقين تتراوح أعمارهم بين 7 و15 عاماً، وكان عددهم 120، أن يمتنعوا عن استخدام هواتفهم الذكية لمدة 18 ساعة، ليخضعوا لامتحانات تتعلق بالتركيز والذكاء، حيث مُررت أمامهم أشكال مربعة وأخرى مستطيلة ومثلثة ودائرية.. إلخ، وطلب منهم من خلال أجهزة الكمبيوتر الموجودة أمامهم أن يحددوا هذه الأشكال بحيث لا يمر الشكل أمام هؤلاء الطلاب لأكثر من خمس ثوانٍ، وكانت نتيجة ذلك أنّ 76% من الطلاب استطاعوا أن يحددوا نوعية الأشكال التي مرت أمامهم عبر شاشة الكمبيوتر بشكل كامل ومن دون أي أخطاء، في حين تراوحت النسبة المتبقية بين الجيد والمقبول، وبعد ذلك طلب من نفس العينة أن يستخدموا هواتفهم الذكية بالشكل الذي يريدونه وبالفترة الزمنية التي يرغبون فيها، وبعد 24 ساعة خضعت المجموعة نفسها للاختبار نفسه وفي القاعة نفسها وعلى أجهزة الكمبيوتر نفسها، أي أنّه لم يطرأ أي تغيير من حيث أدوات الاختبار وبيئته، وبعد تمرير الأشكال أمام المجموعة جاءت النتيجة صادمة؛ حيث أجاب عن الأسئلة كلّها إجابات صحيحة 42% فقط، وعند سؤالهم عن سبب عدم قدرتهم على الإجابة بشكل جيد كما فعلوا في الامتحان السابق، أجابوا بأنّهم كانوا مشتتين بأشياء كانت على هواتفهم الذكية، وأنّهم كانوا يريدون أن ينتهوا من هذا الاختبار من أجل العودة إلى إتمام ما كانوا يقومون به على هواتفهم الذكية من تواصل اجتماعي أو لعب أو غيره. وعليه فقد خلص العلماء الذين أجروا هذه التجربة العملية إلى أنّ الهواتف الذكية يمكن أن تكون مصدر تشتيت لانتباه الأطفال والمراهقين، وأنّ استخدامها بشكل مفرط فيه ضرر كبير على هذه الفئة العمرية، فعدم التركيز يعني أنّ الخلايا الدماغية غير واعية بما يجري أمامها لانشغالها بأمور أخرى، وهذا يعطي نتيجة سيئة في التحصيل العلمي للأطفال والمراهقين. ليس هذا فحسب، بل إنّ الأطفال والمراهقين الذين ينشغلون بالهواتف الذكية لفترة طويلة يصابون بالاكتئاب والانطواء وتقل شهيتهم للأكل، وقد يتحولون إلى أشخاص عدوانيين، كما أنّ عدم أخذ ما يكفي من النوم نتيجة الانشغال بتلك الهواتف قد يترك آثاراً سيئة جداً على الجسم، كالإرهاق وعدم القدرة على التركيز وعدم التمكن من ممارسة أي أنشطة رياضية أو جسدية، إضافة إلى الإصابة بالصداع المستمر أو شبه المستمر، وذلك كلّه يؤدي إلى الفشل في التحصيل العلمي، ما يجعل الهواتف الذكية سبباً مباشراً في الفشل الدراسي.
لذا فإنه مطلوب من الأهل، بحسب ما تؤكد الدراسة، التنبه إلى هذه المسألة المهمة جداً ومراقبة الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقون في استخدام الهواتف الذكية. إلا أنه على الجانب الآخر. لا أحد ينكر أهمية الهواتف الذكية والآي باد لو تم استخدامها بطريقة جيدة وغير مبالغ فيها.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق