• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مواعظ الإمام الباقر (ع) ووصاياه

عمار كاظم

مواعظ الإمام الباقر (ع) ووصاياه

من الملاحظ أنَّ كلَّ ما جاء عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، أنهم كانوا من خلال ما يؤكّده القرآن يرون أنَّ من أولى عناصر الدعوة إلى الله، هي احترام إنسانية الإنسان، لأنَّ قضية أن تفتح عقل الإنسان على فكرك، هي أن تفتح إنسانيته على إنسانيتك، لأنَّ مسألة التقاء الإنسانية بالإنسانية الأخرى في حركة المشاعر والأحاسيس، هي التي تهيى‏ء الجوَّ النفسيَّ للانفتاح على ما تريد أن تطرحه عليه، بينما يكون العكس وسيلةً من وسائل انغلاقه عليك، لأننا عندما نريد أن نطلق الدعوة في عقل إنسان ما، فإنَّ علينا أن نعرف الطريق الذي يمكن أن نسلكه في الوصول إلى مواقع عقله ووجدانه، وهذا ما يحتاج إلى أن يشعر بأنَّك تحترمه، وتحترم فكره وقناعاته، وأنَّك تفتح له قلبك، فيقول الإمام الباقر (عليه السلام): «إنَّ الله خبّأ ثلاثة في ثلاثة أشياء: خبّأ رضاه في طاعته ـ فالله يرضى عمّن أطاعه ـ فلا تحقرنّ من الطاعة شيئاً فلعلَّ رضاه فيه ـ فلا تستخف بالطاعة مهما كانت صغيرة ـ وخبّأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرنّ أحداً فلعلَّ الوليّ ذلك…»، فاحترم كلَّ الناس مهما كان الإنسان منهم بسيطاً، فلعلّه وليُّ الله.

 

حُسن التخاطب

وفي وصيّة له (عليه السلام) : «قولوا للنّاس أحسنَ ما تحبّون أن يُقال لكم ـ إذا أردتَ أن تتحدّث مع الناس، فاختر كلماتك وأسلوبك وردَّ الفعل، وتعاطَ معهم كما لو كنت مكانهم ـ فإنَّ الله تعالى يبغض اللعّان السبّاب ـ الذي إذا دخل في مشكلة مع إنسان، فإنَّ اللعنات والسباب يكثران على لسانه، وهذا الإنسان يبغضه الله ربُّ العالمين القاهر القادر، فمن يتحمّل تبعات هذا البغض؟ ـ الطعّان على المؤمنين ـ يذمُّ المؤمنين وينسب إليهم الكلمات المسيئة الفاحش المتفحّش الذي تنطلق كلماته بالبذاءة والفحش ضدّ المؤمنين ـ السائل الملحف ـ الذي يلحّ بالسؤال فوق العادة ـ ويحبّ الحليم ـ فالله تعالى يبغض ذاك ويحبُّ هذا الإنسان الحليم الطيّب الواسع الصدر ـ العفيف ـ في كلماته وشهواته ـ المتعفّف».

 

اللسان مفتاح

القول الحسن أو السيّىء، الكلمة الطيّبة أو الخبيثة، كلُّ ذلك ينطلق من اللسان، فيقول (عليه السلام): «إنَّ هذا اللسان مفتاح كلِّ خير وشرّ ـ إذا قلت كلمة الخير، فإنَّ لسانك يفتح الخير على الحياة من حولك، وإذا قلت كلمة الشرّ، فإنَّ اللسان يفتح الشرّ على الحياة ـ فينبغي للمؤمن أن يختم على لسانه كما يختم على ذهبه وفضته ـ حاول أن تقفل لسانك بقفل من التقوى ـ فإنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: رحم الله مؤمناً أمسك لسانه من كلِّ شرّ، فإنَّ ذلك صدقة منه على نفسه»، فإذا أردت أن تتصدّق على نفسك، فتصدّق عليها بأن تحرّك لسانك في الخير الذي يحبُّه الله.

 

سعة الصدر

وفي مجال سعة الصدر والمرونة في التعامل مع الذين يسيئون إليك، يقول عليه السلام: «ثلاثٌ لا يزيد الله بهنَّ المرء إلاَّ عِزّاً: الصفح عمن ظلمه – في العلاقات الشخصيّة – وإعطاء مَن حَرمَه، والصلة لمن قطعه»، بألاَّ تكون أخلاقك أخلاقاً تجاريّة، بحيث تصفح عمن صفح عنك، وتعطي مَن أعطاك، وتصل مَن وصلك، بل أن تعطي مَن حرمك، لتكن أخلاقك أخلاق القيمة التي تعيشها في داخل نفسك.

ارسال التعليق

Top