◄إن هذه المرحلة يعتبرها بعض علماء التربية من أخطر مراحل النمو عند الإنسان وأكثرها تعقداً لما يحدث فيها من طفرة في مظاهر النمو المختلفة (الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية)... إلخ، ولما يتعرض المراهق فيها من صراعات متعددة (صراع بين الاستقلال من الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق).
من خلال بحث ميداني ولقاءات متعددة مع بعض المراهقين وآبائهم، تبين أن أهم ما يعاني الآباء منه خلال هذه المرحلة مع أبنائهم:
* الخوف الزائد على الأبناء من أصدقاء السوء.
* وباعتبار أن المراهقين قليلو الخبرة في الحياة، ومتهورون، على حد تعبير كثير من الآباء، فإنهم لا يميزون بين الخطأ والصواب.
* إنهم -أي المراهقين- متمردون ويرفضون أي نوع من أنواع الوصايا أو حتى النصح.
* يطالبون بمزيد من الحرية والاستقلال.
* يعيشون في عالمهم الخاص الذي يحاولون فيه الانفصال عن الآباء بكل الطرق.
وأما شكوى المراهقين فكانت الوجه الآخر لكل ما سبق:
* فالآباء لا يقدرون مشاعرهم ويتذبذبون في طريقة التعامل معهم؛ فهم صغار وقتما يحلو لهم -على حد تعبير أحد المراهقين- وأحيانا أخرى هم كبار مسئولون.
* لا يثقون -أي الآباء- في حكم أبنائهم المراهقين على الأشياء، ولا في تقديرهم للأمور.
* يتدخل الآباء في كل صغيرة وكبيرة.
* متأخرون -أي الآباء- في أفكارهم ومعلوماتهم، ولا يكتفون بذلك، بل يريدون من أبنائهم المراهقين أن يكونوا مثلهم.
* يرغبون في تحقيق أحلامهم في أبنائهم أو يريدون نسخاً منهم.
* لا يؤمنون بمبدأ الحوار والنقاش.
ومما سبق يتضح لك أن السبب الرئيسي لهذه التصادمات هو عدم فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة من جهة الآباء.
كما يتميز تفكير المراهق بالذاتية فلديه شعور مضخم حول أهميته، وهو يستطيع أن يرى نفسه في قمة المجد، وكذلك في أدنى مستويات اليأس، ويشعر وكأن أحدا لا يعاني ما يعانيه، وللطف الله بنا فهذه الفترة المشحونة بالتناقضات العاطفية والتمرد لا تستمر طويلا؛ فما يلبث المراهق في تغيير نظرته للمجتمع إلى الأفضل بطريقة إيجابية في منتصف هذه المرحلة؛ وهو ما يساعده على الانفصال بسلاسة عن أهله، وإقامة علاقات مهمة مع الآخرين، وتكوين هوية مستقلة.
إن تطور تفكير المراهق المجرد أيضا يجعله ينظر إلى الأمور والحياة بمثالية، ويتخيل كما لو كانت الحياة بلا نواقص ولا بؤس أو حرمان؛ لذا فهو لا يطيق هذا الواقع، واقع أجداده وآبائه؛ ومن هنا تأتي الفجوة بين الأجيال.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق
تعليقات
سالم حسين
موضوع مهم للشباب في فترة المراهقة