• ٢٢ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٠ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

عطاءات الإمام النقي الهادي (عليه السلام)

عمار كاظم

عطاءات الإمام النقي الهادي (عليه السلام)

يصادف اليوم الثالث من شهر رجب لسنة مائتين وأربعة وخمسين من الهجرة النبوية الشريفة، ذكرى شهادة الإمام علي النقي الهادي، بعد أن عاش أربعين سنة أفاض فيها على هذا الخلق الكثير من علمه وأخلاقه رغم المضايقات الشديدة عليه، فكانت سنين قصار ولكنّها طوال من حيث ما أفاد به الإنسانية المحرومة ومن حيث المعاناة التي تعرض لها من قبل الحكام الظالمين وأتباعهم. ويذكر تاريخه -بالرغم من قلة مفردات هذا التاريخ- أنّه كان شخصية ممتدة في حركة العلم في المدينة، فقد روى العلم عنه جماعة كثيرة كما أنّه كان منفتحاً على الناس بأخلاقه النبويّة بحيث كان الناس يعيشون معه -إلى جانب اعقتادهم به وبإمامته- كانوا يعيشون المحبة. لقد كان الإمام (عليه السلام)، أحد أعلام أئمة الهُدى الأثنى عشر (عليهم السلام)، وقد ذكره المؤرخون وأرباب السيَر بوصفه عَلماً بارزاً من أعلام عصره في العلم والمعرفة، وفي التقوى والعبادة، وفي الوجاهة والقيادة والريادة. ومن روائع حكمه، ومصابيح هدايته ما أثر عنه في التربية والأخلاق والتوجيه الاجتماعي، فمنها: «الشاكرُ أسعدُ بالشُّكر منه بالنعمة التي أوجبت الشُّكر، لأنّ النِّعَمَ متاعٌ، والشُّكر نِعمٌ وعُقبى»، «مَن جمع لك ودّهُ ورأيهُ، فأجمع له طاعتك»، «مَن هانت عليه نفسهُ، فلا تأمن شرّهُ»، «الدنيا سوقٌ، ربحَ فيها قومٌ، وخسرَ آخرون».

إنّ حياة الإمام الهادي (عليه السلام)، مثّلت تجسيداً حيّاً لتلك الحقيقة التاريخية الخالدة في حياة أهل البيت (عليهم السلام)، فقد عاش حياة مُكرّسة لخدمة الدين ونشر علوم الشريعة، ومواجهة الطغاة والحكام المتسلطين. عاش الإمام (عليه السلام) كلّ حياته تلك مُعلِّماً هادياً مرشداً يحتضن الناس كلّهم في كلّ مواقع بؤسهم ليساعدهم. في فترة حياته (عليه السلام)، تعرّف عليه مَن لا يعرفه ومَن لم يسمع به، وتعلّق به مَن كان يتقرب إلى الله ببغضه لما رأى من جميل أخلاقه وكثير معاجزه وبراهينه. وكان الإمام علي الهادي (عليه السلام) كغيره من أهل البيت (عليهم السلام) تميّز بمناقبهم الشريفة والتي لا توجد إلّا في شخوصهم الكريمة وهي:

- إنّ بابهم مفتوح للسائلين، فلم يطردوا قاصداً، ولم يحرموا سائلا أو يخيبوا اَملا، ولم يجعلوا بينهم وبين قاصديهم وسائل وحجب، فبيوتهم قد خيّم على أهلها التواضع، فيأتي من يطلب حاجة فلا يتكلف أكثر من أن يبوح بحاجته وقد لا يحتاج إلى ذلك في بعض الأحيان، وضغوط الظالمين عليهم، واشتغالهم بذكر الله، وكونهم معادن العلم، لم يمنعهم جميع ذلك من الاتصال بالناس وقضاء حوائجهم والسعي فيها.

 - رأفتهم على الناس ورحمتهم بهم رغم ما يصدر منهم تجاههم من الإساءات، وقلة معرفة الناس بشأنهم لم تمنعهم من الإحسان إليهم، ولا يتعاملون من الناس كما يتعاملون معهم فهم يحسنون حتى لمن أساء إليهم وظلمهم، فلم تعرف رحمتهم حداً فهي تشمل وتعم العارف بهم والجاهل بمقامهم.

 - لم يبخلوا على الناس في أمر من أمور الدنيا ولا في أمر من أمور الآخرة، فكما يعلمون الناس ما يقرّبهم لله ويرفع درجتهم عنده وفيه سعادة الآخرة كذلك يسعون لإسعاد الإنسان في الدنيا ويدفعون عنه أذاها بما يصلحه، وهذا من كرم نفوسهم، بل ما من قاصد قصدهم في أمر لدنياه إلّا ورجع بأكثر من ذلك بأنّ معه عطية تنفعه لآخرته إمّا دعاء يعلّمه له، أو قضية أخلاقية يغرسها في نفسه، أو كلمات حكمة يطرق بها مسامعه ويهزّ بها وجدانه ومشاعره وغير ذلك ممّا أطمع الناس في الوقوف على أبوابهم صلوات الله وسلامه عليهم.

ارسال التعليق

Top