• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مفهوم القيم في القرآن الكريم

فتحي حسن

مفهوم القيم في القرآن الكريم

القِيَمُ جمع قِيمَة، وجذرُها قَوَمَ، ووردت مشتقاتها في القرآن الكريم حوالي ستمائة وتسع وخمسين (659) مرة، منها قام وأقام وقيام وقائم وقيُّوم وقِيَم وقَيِّم وقوام وتقويم، في حوالي مائة وستين (160) مرة، واستقام ومستقيم في سبع وأربعين (47) مرةً، وقيامة في سبعين (70) مرة، وقَوْم في ثلاثمائة واثنتين وثمانين (382) مرةً.

- فالله سبحانه حيٌّ قيُّوم، يقوم بذاته ويستغني عن غيره، ويسوس الأمور ويسيطر عليها، فهي خاضعة له، (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) (طه/ 11)، وهو سبحانه: (قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) (الرعد/ 33)، فهو بها عليمٌ، ولها حفيظٌ، وعليها رقيب.

- والدين القيّمُ الموصل إلى كل~ خير بلا انحراف أو زيغ، وما سواه أديانٌ غيرُ مستقيمة، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) (الروم/ 43).

- والصراط المستقيم: الواضح الموصل إلى هدفه وغايته دون عناء في الجهد، ودون ضلال في الطريق، (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) (هود/ 112)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة/ 6).

- والقرآن يهدي للتي هي أقومُ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء/ 9)، من العقائد والشرائع والأخلاق، فمن اهتدى بهديه كان أقومَ الناس، والكتبُ القيِّمة هي الكتبُ التي يعدلُها ثمنٌ غال، ومكانةٌ رفيعة، وفائدةٌ كبيرة، وتجمعُ ما في غيرها من الخير.

- وقد خَلَقَ اللهُ الإنسانَ في أحسن تقويم (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين/ 4)، إذ اكتملت في خلقه صفات الحسن في التكوين الجسمي والعقلي والروحي، بما يتناسب والهدف من الخلق والوظيفة في الوجود.

- وكان بين ذلك قَواما: توسطاً واعتدالاً ورشداً في الأمر بلا إفراط ولا تفريط، (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (الفرقان/ 67).

وهكذا فإن جماع المعاني اللغوية في أصولها القرآنية تشير إلى أنّ الكون كله قائم على نظام تتقوّم به أشياؤه وظواهره، وأن حياة الإنسان في الكون تتقوّم بمنظومة من القيم تحدد تصوراته وعلاقاته وأعماله الظاهرة والباطنة. فكما أنّ الرؤية الكونية عند المسلم تتضمن نظاماً في الاعتقاد ينشئ تصورات الإنسان وعباداته، ونظاماً في المعرفة ينشأ التشريعات والعلاقات، فكذلك تتضمن هذه الرؤية نظاماً للقيم تتحدد به دوافع السلوك والعمل.

نظام القيم + نظام المعرفة + نظام الاعتقاد = نظام الإسلام.

ومع أنّ هذه الرؤية هي رؤيةٌ أصيلة ذاتُ مرجعية قرآنية، فإنّ بعض الفلاسفة قد عبّروا عن رؤيتهم للحكمة البشرية، في النظام الكلي للفلسفة، بصورة قريبة من تلك الرؤية القرآنية. وقد تمثل ذلك في تقسيمهم "التقليدي الشائع الذي يحدد الفروع الأساسية للفلسفة في ثلاثة مباحث هي: الأنطولوجيا أو البحث في طبيعة الوجود وحقيقته، والإبستمولوجيا أو نظرية المعرفة، والأكسيولوجيا وهي البحث في ماهية القيم وحقيقتها ودلالتها".

وإذا تأمّلنا في الدلالات المختلفة لمجمل الألفاظ القرآنية ذات العلاقة بجذر القيم، فإنّنا سنجدها تتركّز في أربعة مجالات من الدلالة، تتضافرُ وتتعاون في إعطاء الدلالة الكلية للقيمة والقيم في الاصطلاح القرآني، وهذه المجالات الأربعة هي:

1- الوَزن والفائدة والثمن والخيرية، فالأمرُ الذي لا قيمة له، لا وزن له ولا فائدة فيه، أمّا الأكثر قيمةً فهو الأفضل، والأكثر خيراً: (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) (الكهف/ 105).

2- الثباتُ والاستقرار والتماسك: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ) (الدخان/ 51).

3- المسؤولية والرعاية؛ فالقائم على الأمر مسؤولٌ عن رعايته وإدارة شؤونه: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ...) (النساء/ 34)، والله سبحانه هو: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة/ 255)، وهو سبحانه قائمٌ على كلّ نفس: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) (الرعد/ 33).

4- الإستقامة والصلاح: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (الجن/ 16).

إنّ مراجعة التراث الإسلامي تكشفُ عن غياب مصطلح "القيم" بالدلالة المعاصرة لهذا اللفظ. ويُصدُقُ ذلك على تراث الفقه والأصول، وتراث التاريخ والرجال، وتراث التربية والتصوُّف، وغير ذلك. وربّما يكون السببُ في ذلك أنّ علماء الأُمّة استخدموا مصطلحات أخرى بصورة تشتمل على ما نُصنِّفه اليوم تحت عنوان القيم؛ فمصطلحات الفضائل والشمائل والأخلاق، كانت تغطي مساحات كبيرة من خصائص السلوك البشري. أما دوافع هذا السلوك فكانت ترتبط بأركان الإسلام وأركان الإيمان، ومفاهيم التقوى والعبادة والجزاء؛ وكلُّ ذلك جعل موضوعات القيم هي موضوعات الإسلام، بوصفه عقيدةً وشريعةً ونظام حياة، يُنظِّم شؤون الفرد والمجتمع، وتتكامل فيه متطلباتُ العمل للدنيا والآخرة.

والقيم والأخلاق هي محددات وضوابط لسلوك الناس، تُميِّز النوع الإنساني عن غيره من المخلوقات، ولذلك فإنّها ترتبطُ بمتطلبات الاجتماع الإنساني والعيش المشترك، كما ترتبط بالكرامة الإنسانية. وتقع قضايا القيم في القلب مما شرعت له الأديان والفلسفات المختلفة منذ بدء الحياة الإنسانية. ومن ثمّ فإنّ هذه القضايا ليست قضايا نسبية تترك الطريقة التي يتمُّ فيها فهمُها والتعامل معها للقناعات الشخصية، والتوجهات الإيديولوجية للفرد، وليست هي معايير يتمُّ تحديدها والتقنين لها بالأساليب الديمقراطية ليلتزم بها أفراد الجماعة، مع إبقاء الهامش الأكبر لما يمكن أن يعدّ ضمن الحريات الشخصية فحسب، وكذلك ليس من الحكمة أن ننفي عن قضايا القيم والأخلاق وجود منطلقات موضوعية عامة يجمع عليها العقلاء من الناس لخصائص فيها في حد ذاتها.

والقيمُ والأخلاق – في هذا السياق – لا تقتصر على ما كان معروفاً من قضايا الصدق والأمانة والوفاء وأمثالها من الفضائل العامة، التي تتعلق بسلوك الفرد مع نفسه ومع الآخرين، وإنّما تشمل – بالإضافة إليها – فئاتٍ من القيم الخاصة بالحياة المدنية؛ من مسؤولية اجتماعية، واحترام الآخرين، وقيم الولاء والانتماء العامة في دوائره المختلفة على مستوى الشعب والأُمّة والإنسانية، كما تشمل القيم المهنية المتعلقة بالتعامل مع أشياء البيئة وحسن تنظيمها واستثمارها. وعلى هذا الأساس تعددت المجالات التي ظهرت فيها فئات القيم، فثمة قيمٌ للحكم والسياسة، وقيمٌ للأسرة والمجتمع، وقيمٌ للإنتاج والاستهلاك في الاقتصاد، وقيمٌ علمية "أكاديمية" في التعليم، وقيمٌ في التعامل مع البيئة، وقيمٌ إنسانية في التعامل مع الآخرين، وهكذا.

    وعند تحليل موقع القيم في الحياة العامة، نلاحظُ أنّ قضايا القيم والأخلاق في كثير من المؤسسات تذكر في سياقين، وكلاهما يتعلقان بالنصوص التشريعية؛ الأوّل عند تحديد رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها العامة، وترد في نصوص عامة إنشائية، والثاني عند تحديد مواد الأنظمة والتعليمات الخاصة بالعقوبات والإجراءات التأديبية المترتبة على مخالفة العاملين في المؤسسة لتلك التعليمات، وتأتي في نصوص إجرائية محددة. ونحن نرى ضرورة القيام بتحويل جذري في طبيعة الاهتمام بالبعد القيمي والأخلاقي، من الاتجاه السلبي الذي يركِّز على معالجة المخالفات عند وقوعها، إلى اتجاه إيجابي يركِّز على تعليم القيم بطريقة تمنَعُ وقوعُ المخالفات. وهذا يعني أنّ الإعلاء من شأن القيم في الحياة العامة، سوف يتطلّب من مؤسسات المجتمع اتخاذ الإجراءات المتنوعة التي تعزِّز التوجُّه الإيجابي في التفكير بالقيم والتعامل معها، وتُعين في بناء مناخ أخلاقي في المؤسسة يسهم فيه التشريع والتجيه، ويسودُ فيه الالتزام بالسلوك القيمي من جميع أفراد البيئة الاجتماعية والمؤسسية، وتتعاضدُ فيه القدوةُ الحسنة في مختلف مستويات المسؤولية. وهذا المناخ الذي يدعو إلى الالتزام بالمعايير القيمية والأخلاقية ويشجع عليها، هو الذي يُضيِّق فُرَص وقوع المخالفات ويقلِّل منها.

 كثيرة هي المصطلحات القرآنية التي تتعلّق بالدلالة المعاصرة لمصطلح القيم، وأهميتها في الحكم على السلوك البشري، فإذا كانت الأخلاق وصفاً لسلوك الإنسان، فإنّ القيم معايير لتقويم هذا السلوك، فالإنسان يسلك سلوكاً أخلاقياً محدداً؛ لأنّه يتبنّى قيماً محددة. ونحن نلاحظ أنّ المصطلحات القرآنية ذات العلاقة بالقيم تقع في مستويات مختلفة في العموم والخصوص؛ إذ يمكن تصنيف القيم في فئات حسب معايير متعددة:

- فالحقُّ، والعدلُ، والخيرُ، والإحسان، والتقوى هي قيمٌ عليا حاكمة رئيسية، بينما الحياء، والبر، والصبر، والعفو، والوفاء هي قيمٌ مشتقة فرعية.

- والعدلُ، والشورى، والحرِّية، قيمٌ في البناء السياسي للأُمة؛ والتكافل، والكرم، والصدقة، قيم في البناء الاجتماعي للأُمّة؛ بينما الشجاعة، والحلم، والصدق، هي قيمٌ في التزكية النفسية للأفراد.

- وقد يكون التصنيف على أساس التمييز بين قيم الأمر وقيم النهي.

- وقد يكون التصنيف على أساس القيم الواجبة والقيم المندوبة.

- وقد تكون "مقاصدُ الشرع" الخمسة نظاماً مناسباً لتصنيف القيم، تندرج تحت كل منها قيم فرعية منبثقة عنها.

- والإسلام هو "الدين القيِّم" و"دين القيِّمة"، وقد تكرر ذلك في القرآن الكريم ست مرات، الأمر الذي يسوِّغ القول بأنّ دين الإسلام هو دين القيم الفاضلة، والثابتة. ومن ثمّ فإن نظام القيم في الإسلام هو نظام الإسلام بصورته الكلية العامة: عقيدة، وعبادة، وشريعة، وأخلاقاً.

 - وهكذا...

لكن أي تصنيف للقيم لا يُلغي حقيقة التداخل والترابط بين المعاني والدلالات المختلفة للقيم والفضائل، بحسب زاوية النظر إلى فئات القيم أو إلى أيِّ قيمة مفردة، فقد ترتفع قيمة العدل لتصبح إطاراً لكل القيم الأخرى، وقد ترتفع قيمةُ التقوى لتكون هي المستوى الأعلى. وإذا أخذنا "التوحيد" بوصفه قيمةً إسلامية، فسيكون – من غير شك – هو القيمة العليا.

إنّ نظام الاعتقاد في الإسلام هو الأساس لنظام القيم، فإذا كانت العقيدة في الإسلام تقرِّر أنّ الله سبحانه قد خلق الإنسان ليكون خليفةً في الأرض، فإن نظام القيم هو مجموعة المبادئ والمعايير التي تستهدف ضبط السلوك البشري وتوجيهه؛ لتحقيق الاستخلاف البشري في الأرض. وإذا كانت تلك العقيدة تقرر أنّ الله الخالق قد خَلَقَ الإنسانَ في أحسن تقويم، وأنّه كرمَهُ بتسخير أشياء الكون وظواهره له، وأنّه فضّله على كثير ممن خلق تفضيلاً بالعقل والإرادة، فإنّ النفس البشرية وكرامتها وحياتها هي قيمةٌ عالية الشأن، وهو ما جعل حفظ النفس المقصد الضروري الأوّل من المقاصد الكلية للشريعة. ولذلك فإنّ التشريعات الإسلامية وهي تنُصُّ على حرمة النفس الإنسانية وصيانتها من أي ظلم أو اعتداء، إنّما تؤكد البعد القيمي والأخلاقي للشريعة الإسلامية في كلِّياتها وجزئياتها على حد سواء.

والقيم والأخلاق في التفكير الإسلامي أمورٌ شرعية معقولة؛ فعندما نقولُ: الحَسَنُ ما حسّنَهُ الشرع، والقبيحُ ما قبّحهُ الشرع، فهذا لا يعني مطلقاً غياب العقل عن عملية التحسين والتقبيح؛ فالشرعُ ما حَكَمَ العقل بكونه شرعاً، وحين تشتبِهُ الأمور على العقل، فإنّه: أي العقل، يَردّ المتشابه إلى المحكم، ويتدرّج هذا العق في ترجيع الظن درجة درجة في اتجاه اليقين.

ومع أنّ الفرد الإنساني يتشرَّب منظومة القيم من البيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها، ويتقبَّلها بطريقة سهلة؛ لأنّ هذه القيم تتَّسق مع الفطرة البشرية، وهي مكونٌ من مكوناتها، فإنّ القيم الفاضلة هي قيمٌ فاضلةٌ في حد ذاتها، ولذلك فإنّ الناس غالباً ما يتَّفقون عليها. فقيم الحياء والستر والاحتشام مثلاً – منذ عرفت في الجنس البشري – لم تكن قيماً اجتماعية تواضع الناسُ عليها، وأصبحت من ثمّ محددات وموجهات لسلوك الأفراد في مجتمعاتهم، فمنذ تكشفت الخصائص البشرية الخاصة بحياة الإنسان على الأرض، بعد الأكل من الشجرة، أدرك آدم وحواء قيمة الحياء، وظهر لديهما خلق الستر (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) (الأعراف/ 22).

ثمّ إنّ الإنسان لا يعيش إلا في مجتمع، فالتجمُّع الإنساني فطرةٌ بشرية؛ وليس ثمّة تجمع دون نظام ومعايير وقيم يقبل بها المجموع ويرتضونها. وهذه القيم لابدّ أن تتصف بما تتصف به القيم من: ثبات واستقرار، وتنظيم في حَمل المسؤولية، ووَزن وعائد ومنفعة، واستقامة في نيَّة الإنسان وحسن سلوكه.

وهكذا ينشأ الإنسان منذ ولادته على القيم الفاضلة التي يتشرَّبها الفرد من الأسرة، حيث البيئة الأولى للتربية على هذه القيم الفطرية. ويتشرَّبُها الإنسان بالسماع، والمشاهدة المباشرة، والسلوك الدوري المعتاد، حتى لا يعود يسألُ عن سرّ ذلك، ويكون التشرُّب عادةً بطريقة تدريجية وغير واعية. ولما كانت الأسرة هي وحدة بناء المجتمع، وكان لها هذا الدور الكبير في التربية على القيم، فإن إصلاح المجتمع ولا سيّما في مجال القيم والأخلاق، إنما يبدأ في الأسرة.

فالأسرة في التفكير الإسلامي هي مستودعُ القيم؛ فللمرأة في الأسرة أنوثتها، وأنوثة المرأة قيمةٌ جمالية ذاته أسرار عميقة، وكذلك رجولة الرجل في الأسرة، فالمرأة لا تكتمل شخصيتها البشرية إلا بالرجل، وكذلك الرجل، لا تكتمل شخصيته البشرية إلا بالأنثى. وفي الأسرة تكون الأنثى أماً وجدَّة وأختاً وبنتاً وعمّة وخالة... وكذلك الرجل يكون أبناً وابناً وجدّاً وعمّاً وخالاً...، فليس للمرأة مكان خارج الأسرة، وليس للرجل مكان خارج الأسرة أيضاً.

ومثلما أنّ الأسرة قيمة في حد ذاتها، فإنّها تختزنُ في مكوناتها قيماً ذات شأن عظيم في الوجود البشري، فكلُّ مفاهيم الأسرة: الأمومة، والأبوة، والبنوة، والعمومة والخؤولة...، قيمٌ ذات شأن عظيم في منظومة القيم الإسلامية؛ ذلك أنها جميعاً مشتقة من المفهوم الإسلامي العميق، مفهوم الرَّحِم، وهو مصطلحٌ قرآني أصيل، يحمل قداسةَ خاصة، ويمثِّل رابطةً فطرية تربط الأصول والفروع، ولذلك لم تكن صلةُ الرحم مسؤولية اجتماعية فحسب، بل هي عمل تعبدي.

    

    المصدر: (مجلة إسلامية المعرفة/ العدد 54)

ارسال التعليق

Top