يشهد وقتنا الحالي مطالبات عديدة لمنح الأطفال حقوق استثنائية بوصفهم الجهة غير القادرة على تحصيل حقوقها دون مساعدة من الآخرين، وتتباين الآراء في طبيعة الحقوق التي يستوجب أن يتمتع بها الأطفال، ذلك أنّ الأطفال فئة غير قادرة على تميز الخطأ من الصواب نظراً لعدم توافر الوعي الكافي لديها.
ويتطلب إقرار حقوق معينة للأطفال وعياً من كافة المؤسسات التربوية المختلفة بالأدوار المناطة بها، سواء كانت الأسرة أو المدرسة أو وسائل الإعلام أو حتى وزارة الداخلية ووزارة العدل ممثلة بمحكمة الأسرة، إذ لا يمكننا منح حقوق مطلقة وغير محددة دون الوعي بماهية تلك الحقوق تربوياً وما يمكن أن ينتج عنها من آثار إيجابية أو سلبية.
وعند الحديث عن الأسرة لابدّ من فتح المجال أمامها للقيام بواجباتها التربوية، فلا يمكن تجريدها من سلطتها التربوية وإعطاء حقوق تتعدى على تلك السلطة، إذ ينبغي وضع الأمور في مساراها المناسب، حيث يبقى الجانب التربوي يحتاج لسلطة لممارسته بنجاح، وليس من المناسب أن تحاسب الأسرة نظير قيامها بواجباتها، لكن الأسرة في المقابل تحتاج للوعي بالأساليب التربوية الإيجابية منها على وجه الخصوص، وتثقيف نفسها بالأُمور المؤثرة على نفسية الطفل.
ولا تختلف المدرسة عن الأسرة، إذ بالإضافة للمحافظة على سلطة المدرسة التربوية، لابدّ لها أن تسعى لمعرفة الجوانب الإيجابية والسلبية في مختلف الأساليب التربوية، ليتسنى لها القدرة على اختيار الأسلوب الأنجح في التعامل مع الطفل وإلزامه بالواجبات المطلوبة من دون المساس بحقوقه.
إنّ المعرفة والثقافة التربوية أصبحت متطلباً للعاملين في وسائل الإعلام، وخاصّة وأنّها الجهة التي اعتادت وضع أيديها على المخالفات التربوية وانتقاد المربين، فللإعلام وظيفة تربوية مساندة لا تقل أهمية عن دور الأسرة أو المدرسة، بل للإعلام دور في توجيه الرأي العام الذي من الممكن أن يؤثر في تحديد حقوق الطفل سواء كان في الأسرة أو في المدرسة.
وينبغي على وزارتي الداخلية والعدل في مقابل كلّ ذلك العمل جنباً إلى جنب في تحديد ما يعدّ انتهاكاً لحقوق الطفل وما يعدّ ممارسة تربوية ويمثّل حقّاً طبيعياً لها للأسرة أو المدرسة، وذلك من خلال الاطلاع على الدراسات العلمية والبحوث التربوية وقرارات المنظمات العالمية المحددة لحقوق الأطفال، والاستعانة بها في سن القوانين الخاصّة بحقوق الطفل دون التعدي على واجبات الأسرة أو المدرسة التربوية، خاصّة وأنّ هاتين المؤسستين هما أهم وأبرزالمؤسسات التربوية، فهما المسئولتان عن تقديم الإنسان القادر على البناء والتنمية ومواصلة التقدم المجتمعي بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث، ولا شك بأنّ عدم الأخذ بدوري الأسرة والمدرسة بالاعتبار قد يحدث خللاً في المنظومة التربوية، وينذر بتلاشي قدرتها على النجاح.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق