• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تنمية المستقبل الوظيفي.. هي مسؤوليتك/ ج (1)

تنمية المستقبل الوظيفي.. هي مسؤوليتك/ ج (1)
◄المستقبل الوظيفي برمته يشتمل على أكثر من وظيفة واحدة، فهو يشمل عدة وظائف بما في ذلك الانتقالات التي تتخلل هذه المرحلة. واليوم، يجب العمل على إدارة المستقبل الوظيفي بقدر أكبر من الحذر والحنكة. فالأمر لا يتعلق بشيء سلبي، ولكنه يتطلب إدارة نشطة وفعّالة. وإن لم تسعَ لتنمية مستقبلك الوظيفي بشكلٍ فعّال، فإنك سوف تهدر الكثير من الفرص، وقد ينتهي بك المطاف دون إنجاز حقيقي.  

-         تنمية المستقبل الوظيفي في عالمنا المعاصر:

ولقد أصبح شيئاً أهم من ذي قبل (منذ 10-15 سنة)، وبالتالي تطلب أشخاصاً من طبيعة تختلف بشكل جذري عن جيلٍ مضى. ففي السابق، كان المستقبل الوظيفي عبارة عن وظيفة واحدة؛ ولكنه الآن يتضمن وظائف متنوعة، عبر مؤسسات، أو حتى عبر مجال الصناعة. والانتقال من وظيفة لأخرى أصبح أمراً شائعاً في أماكن العمل اليوم.

تحذير:

معدَّل فشل المديرين الجدد خلال الـ18 شهراً الأولى من تولي وظيفة، يبلغ حوالي 40%؛ ويساعد على ازدياد هذه النسبة عملية الانتقال من وظيفة لأخرى بعد القليل من الوقت. فلا يتسنى للمديرين في هذه الحالة بناء علاقات قوية، أو استشعار ما ينتظره منهم عملهم.

والآن، أصبحت المسؤولية الملقاة على عاتق الموظفين متزايدة. وأصبحت أنت المسؤول الأوّل. لا المؤسسة – عن إدارتك لمستقبلك الوظيفي. وزاد من تعقيد الأمر، تغير الشكل التقليدي للمسالك الوظيفية، فأصبحت عبارة عن تحركات جانبية ومتقاطعة خلال المؤسسة. وأصبح أمامك المزيد من الاختيارات في تولي مناصب غير إدارية.

وبعض المؤسسات ترى عملية تنمية المستقبل الوظيفي من منظور رسمي. فهي توفر لموظفيها الكثير من حلقات الدروس بصفة مستمرة لاختيار من تحتاج إليه. فتقوم الشركة بتوفير التدريب وفرص تنمية المستقبل الوظيفي، ولكن يبقى على الموظفين مسؤولية الاستفادة من هذه المميزات وفرض احتياجاتهم الخاصة. وعوَضاً عن المسالك التقليدية، تستخدم الشركات خيارات أخرى مُبتكَرة. منها إعادة إحياء الوظيفة، وتوسيع مجالها. وهذه الاختيارات تتطلب تحمل الموظف مسؤوليات جديدة، واكتسابه لمهارات جديدة متنوعة.

وبالنسبة لعملية "إحياء الوظيفة"؛ فهي إعطاء الوظيفة "الراكدة". التي لا يُتاح للشخص الحصول على ترقية من خلالها روحاً جديدة وشكلاً حديثاً. وقد يحدث ذلك حتى من خلال تغير مقر الموظف. أما عن توسيع مجالها فيتم من خلاله رفع مرتب الموظف الكفء دون ترقية، كمكافأة على أدائه.

تحذير:

التخطيط للمستقبل الوظيفي، يجب أن يرتبط بالاستراتيجية العامة للمؤسسة بالنسبة للمورد البشري. فهو يضمن استيفاء الاحتياجات المستقبلية للعامل البشري بالمؤسسة بشكلٍ أفضل.

 

-         الفوائد العائدة على المؤسسة:

فإذا تمكنت مؤسستك من التعامل بنجاح مع تنمية المستقبل الوظيفي، سوف تستفيد من الآتي:

·        سوف تعد مؤسستك "المكان الوظيفي المختار"، وهذا يمكنها بالطبع من اختيار موظفين أكثر كفاءة، لأنّها سوف تجذب أكبر قدر من المتقدمين للوظائف.

·        سوف تنمي المؤسسة عدداً كبيراً من الأشخاص الماهرين. فهي توفر كل من الوقت والرعاية لتنمية المهارات الضرورية لتحقيق الأهداف العامة.

·        سوف تزداد رغبة العاملين في الحفاظ على وظيفتهم بالشركة، والبقاء فيها لوقت أطول، فتستفيد منهم المؤسسة بقدرٍ كبير.

·        سوف ترتفع المستويات التحفيزية للعاملين، حيث إنّ المؤسسة تساعد على تحديد كل شخص للمرحلة الانتقالية التالية، والمهارات الواجب اكتسابها، والشكل العام لتنمية المستقبل الوظيفي.

أما إذا تم اتباع تخطيط ضعيف في عملية تنمية المستقبل الوظيفي (أو لم يكن هناك تخطيط على الإطلاق)، فسوف يضل الموهوبون طريقهم، وتفتقر الشركة إلى وجودهم. فقد تكون هناك أعداد كبيرة من المهارات التي لا تجد فرصة للاستفادة منها. وكذلك، فإن سوء التخطيط يولِّد سخط العمالة.

لحظة من فضلك:

نظراًي لأنّ الموظفين أدركوا أهمية التخطيط للمستقبل الوظيفي، فإنّ المؤسسات التي تهتم بهذه النقطة تُمثِّل للموظفين "المكان الوظيفي المختار".

وللسعي وراء الفاعلية، يجب أن تحصل برامج التخطيط للمستقبل الوظيفي على مساندة المستويات الإدارية العليا. على أن يكون لدى المؤسسة سياسة معينة تنتهجها بخصوص تطوير الوضع الوظيفي. وبالإضافة لما سبق، يجب أن يُشجَّع الموظفون على تحمل مسؤوليات خاصة بتنمية أوضاعهم الوظيفية. ويمكن إتمام ذلك بواسطة تشجيع الاستعانة بالكتب الخاصة وبالوظيفة ومساعدة الشخص لنفسه.

 

 

-         المراحل التقليدية لخطوات تنمية المستقبل الوظيفي:

1-    الاستكشاف. 2-    المدخل إلى المؤسسة.

3-    تأسيس المستقبل الوظيفي.

4-    الصيانة/ المتابعة. 5-    فض الارتباط.

والمرحلة الأولى عبارة عن الإعداد للعمل ولدخول مجال القوى العاملة. ويتم خلالها التركيز على اكتساب المهارات التي تؤهل لذلك.

لمزيد من المعلومات:

والمثال الأساسي على ذلك هم طلاب الجامعات، الذين يسعون لاكتساب المزيد من المهارات الضرورية لدخول مجال العمل. ولقد شهد ذلك زيادة كبيرة في أعداد الطلاب الذين يغيرون اتجاه دراستهم طبقاً لما يهتمون به، ولفرص العمل المتوفرة.

ولقد تمت الاستعانة بعددٍ من الاختبارات التي تساعد الأفراد على تحديد ميولهم واتجاهاتهم، وبالتالي تحديد ما يخططونه لمستقبلهم الوظيفي.

والمرحلة التالية تأتي بعد استعداد الفرد لاختيار وظيفة من الفرص الوظيفية المتاحة، أي اختيار مدخله للشركة أو للمؤسسة. ويجب في هذه المرحلة أن يضع في اعتباره مزيج اهتماماته ومهاراته، وكذلك من المهم أن يختار ما يناسبه ويتوافق مع شخصيته. أما بالنسبة للمرحلة الثالثة فهي مرحلة مبكرة في المستقبل الوظيفي ويقوم الفرد خلالها بتحديد الموقع الذي ينصب عليه اهتمامه، وإقتفاء أثره. وهذا بالطبع يتطلب اكتساب مهارات جديدة ليستطيع إحراز تقدم، ويستمر في المجال الذي اختاره.

وتظهر في مرحلة "الصيانة" عملية تقدير الأهداف التي يقوم بها الموظفون عادةً في المرحلة الوسطى من مستقبلهم الوظيفي. فيحلل الفرد المواهب التي يتمتع بها ويفكر ما إذا كان في حاجة لتعلُّم أيّة مهارات جديدة، حتى يظل رائجاً في سوق العمالة.

أمّا المرحلة الأخيرة (فض الارتباط)؛ فهي تظهر في فترات متأخرة من المستقبل الوظيفي. ويتركز الانتباه فيها على الإعداد لترك الوظيفة. ويسعى الفرد للبحث عن مواطن أخرى تحل محل الوظيفة، ويستطيع عبرها أن يشبع احتياجاته الذاتية.

 

-         الاتجاهات المعاصرة نحو تنمية المستقبل الوظيفي:

والنظرة الحديثة للمستقبل الوظيفي تدرك أن أغلبية الأشخاص لديهم تجارب عديدة للعمل عبر عدة وظائف (بمعدّل 3 وظائف للشخص الواحد)، وذلك خلال سنواتهم الوظيفية. كما تدرك هذه النظرة الحديثة أنّه يمكن للمراحل التقليدية أن يتغير مسلكها. وطبقاً لأحد الاتجاهات الحديثة يمكن اعتبار مراحل المستقبل الوظيفي ببساطة: أولية، وسطى، ومتأخرة. بحيث يتم التعامل في كل مرحلة مع أمور محددة. والمرحلة الأولية تتميز بالحصول على الوظيفة الأولى. وبصفة عامة، ينصَّب الأمر الذي يجب التعامل معه في هذه المرحلة على عدم التوافق بين النظرة الحالمة للمستقبل الوظيفي، والمنصب الذي شغله الفرد على أرض الواقع. فقد يشعر الموظف أنّه لا يتم استغلال كل المهارات التي يملكها بالشكل السليم، فيُحبَط، ويسخط على الوظيفة، فلا يرقى أداؤه للمستوى المتوقع. ونظراً لأن معظم رؤساء العمل يركزون على مواطن التقدم لدى الموظفين حديثي التعيين (بعكس مواطن القوة)؛ فتكون النتيجة هي تقييِّم أداء الموظف بوصفه دون المستوى – أو على أحسن تقدير – مقبول المستوى، وهو ما يزيد من إحباطه بالطبع.

ويمكن للمؤسسة أن تتبع خطوات معيّنة تستطيع من خلالها تقليص حجم المشكلات التي تجابه حديث التعيين.

وأفضل هذه الخطوات على الإطلاق تتمثل في محاولة تضييق الهوة الموجودة بين النظرة الخيالية للوظيفة، والشكل الواقعي لها عن طريق إعطاء حديث التعيين فكرة واقعية عن الوظيفة التي سوف يشغلها. وبعض المؤسسات تعمل على نقل حديثي التعيين، الذين تعتبرهم على مستوى عالٍ من المهارة الفائقة، إلى وظائف أكثر تحدياً؛ وذلك بعد التوجيه لوقت قليل، كما يتم تخصيص معلم لحديثي التعيين لمساعدتهم في التعديلات الوظيفية الأولية، للتقليل من الشعور بالسخط. وتظهر المراحل الوسطى من المستقبل الوظيفي في الوظائف عالية المستوى. ومن التجارب المبدئية التي يتعرض لها الموظف في هذه المرحلة هي رتابة المرحلة الوظيفية الوسطى. فهناك حد أخير للفرص، ولا يمكن تحقيق مستوى أعلى من التقدم. وفي هذه المرحلة يشعر الموظف بالحنق والغلّ، ويلقي باللوم على المؤسسة التي لم توفر فرصاً أكبر للتقدم الوظيفي. وبدون قدر من التحديات، يقل حماس الموظفين للعمل، ويفقدون اهتمامهم بالوظيفة التي أصبحت راكدة – وقد يمتد هذا الإحساس إلى الشعور بالملل من أغلب مظاهر الحياة. ويصبح هؤلاء معرضين لفقد وظيفتهم. فيكونوا أول مَن يُطبَّق عليهم نظام تخفيض العمالة مثلاً.

ويمكن للمؤسسات أن توفر مستشاراً خاصاً لمساعدة الأفراد على تفهُّم عناصر هذه المرحلة. كما يمكنها إيجاد بدائل مختلفة كمسالك وظيفية جديدة مثلاً، أو تنقلات، أو تحركات وظيفية جانبية، وتكون هذه البدائل عادةً بنفس معدّل الأجور. بل، وقد يجدي في مثل هذه الحالات خفض الدرجة الوظيفية، فقط لإضفاء روح جديدة على الوظيفة التي أصبحت كالماء الراكد في نظر القائم بها.

ولقد لوحظ أن هناك أشكالاً عدة تؤدي لهذا الركود: الشكل الهيكلي، القناعة الوظيفية، والمظاهر الحياتية:

·        وينشأ الركود الهيكلي من عدم وجود ترقيات متاحة في نفس المؤسسة، حيث يجب على الشخص الانتقال لمؤسسة أخرى إذا ما فكر في الحصول على أيّة ترقية.

·        والقناعة الوظيفية يشعر بها الشخص عندما يتمكَّن من خصائص وظيفته ومسؤولياته، فلا يكون هناك تحدٍ يدفعه للاستمرار في القيام بنفس الوظيفة.

·        أما عن المظاهر الحياتية؛ فهي تهدد شعور الشخص بذاته، وذلك لنقص القدرة على تحقيق النجاح. وهذا الشعور يختلف من شخص لآخر حسب الوظيفة التي يقوم بها كل واحد.

تحذير:

ليس بالضرورة أن يقترن الشعور بالركود بالملل الوظيفي، فقد يكون سبب ذلك هو أي عامل بحياة الشخص نفسه وكيانه. وعادةً ما يصف الآخرون الطلاق هذا الوصف، فهو "فشل" وفقدان لهوية الزوج.

وينصحك الخبراء بأن تحاول الحفاظ على وظيفتك داخل منظور أو إطار واحد، ولا تربطها بشكلٍ تام مع كيانك وتقديرك لنفسك، فبذلك قد يمثل فقدانك للوظيفة انهياراً حاداً لذاتك. كما قد يدفعك التركيز على الوظيفة إلى إهمال جوانب أخرى من حياتك قد تستطيع أن تشعر من خلالها بذاتك.

أمّا المرحلة المتأخرة من المستقبل الوظيفي فيسودها قلق من الإحالة للمعاش. وهي قد تكون مرحلة مؤلمة جدّاً للعديد من الأشخاص. ونظراً لأنّ المؤسسات تتجه اليوم لتخفيض العمالة، فقد تعرض على العاملين صغار السن خيار المعاش المبكر، وبذلك تكون أمامهم الفرصة لخوض مجالات أخرى مختلفة وجديدة.

ويجب أن يكون لدى النظام المؤسسي إدراك تام لأن هذه المسألة تُعد عاطفية في المقام الأول للعديد من الأشخاص، فيتم تسهيل هذه الانتقالة من خلال جدول يحيل للمعاش بشكل متدرِّج. فيتم تقليل عدد ساعات العمل تدريجياً قبل الإحالة على المعاش بالشكل الكامل. ولقد لجأت بعض الشركات إلى تمرين الموظفين على الإحالة للمعاش، وذلك خلال فترة ثلاثة أشهر دون عمل.

ويجب أن تضمن الشركة وجود استشاري، خاصةً فيما يتعلق بالخطط المالية. وذلك للتأكد من أنّ الموظفين يخططون للمعاش بشكل مبكِّر. فيستطيعون إعداد أنفسهم من خلال مؤتمرات صغيرة تُقام لتوفر لهم معلومات عن الخيارات الموجودة أمامهم بعد الإحالة للمعاش.

 

-         المجالات البديلة للمستقبل الوظيفي:

ولقد كانت قديماً عبارة "مجالات المستقبل الوظيفي" تعني التحرك للأمام خلال الصفوف الإدارية. والآن هناك خيارات إضافية متاحة لتوفير فرص أخرى أمام من ليس لديهم الرغبة في اتباع الطرق التقليدية:

·        التحرك لمستويات أعلى: وهي تتم في صفوف الإدارة التنفيذية، وهي تتطلب اهتماماً بخطط التنمية التي تنتهجها المؤسسة. ولكن الفرص المتاحة في هذا المجال تعد قليلة في كل مؤسسة.

·        مديرو المشاريع: وهم الذين يتحملون مسؤولية مشاريع تساهم بشكل كبير في أعمال المؤسسة. وتُسَلَّط على هذا النوع من المديرين الأضواء، وتتمتع مناصبهم بنفوذ كبير.

·        موفرو الموارد: وهم يحصلون على الموارد البشرية والمالية التي يحتاج إليها إنجاز المشاريع. وقد يحتاجون لتنمية هذه الموارد.

·        مُستَقَر المواهب (مجتمع المهارات): وهذا المسلك الوظيفي يُشار إليه "بالمسلك المزدوج" الذي يتحرك بالتوازي مع الجانب الفني من المؤسسة. وهو يجمع الموظفين الذين يؤدون العمل بشكلٍ فعليّ، أي الخبراء الذين يملكون المعرفة والمهارات والقدرات، التي تمكنهم من تطبيق الاستراتيجيات المتوافقة مع أهداف المؤسسة.

لحظة من فضلك:

التغيير في الاستراتيجيات يتطلب مراجعة المهارات التي تتطلبها العمالة. فمحاولة الحفاظ على مهارات موظفيك تضمن لك توجيه هذه المهارات للمساعدة في مجابهة تحديات المستقبل.►

 

المصدر: كتاب (علِّم نفسك بالطريقة المُثلى/ مهارات الإدارة)

ارسال التعليق

Top