• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المشي يُصح حياتك

المشي يُصح حياتك

المشي وسيلة للعلاج!

قيل في الأمثلة العامة "إنّك لا تستطيع تعليم من تقدّم في السن". ولكن دلّت الدراسات الحديثة على أنّ أولئك الأفراد الأكبر سناً يمكنهم أن يتعلموا بعض القدرات إن لم تكن مساوية لمن هم في سن الثلاثين فقد يفوقونهم.. وهنا يأتي سؤال: لماذا لا يتعلم المسنون كيف يتدربون؟ والجواب: إنّهم لقادرون! فقد اعتنق كثير منهم اختيار التدريب مما ساعدهم على إبطاء الشيخوخة. وفي الحقيقة هناك الكثير من المسنين يعانون نقصاً في مادة الكالسيوم مما يتسبب عنه العديد من كسور العظام. وقد تؤدي هزة ما إلى حدوث شروخ أو كسر شظية عظمية أو إلى إجراء عملية في مؤخرة الظهر. وعلى العموم فعلى المسنين أن يكيفوا أنفسهم لقبول قيود الشيخوخة وما يفرضه المجتمع عليهم، ذلك لأنّ اقتناع المواطن بنموذج مجسم يعجبه ومحاولة التشبه به هو أكبر خطأ يقع فيه. ولكن الرعاية الطبية أظهرت على مدى السنين أنّ الخاملين ممن لا يمارسون أي رياضة قد يتعرضون لأمراض القلب ومتاعب البروستاتا وتليف الكبد وتكوّن القُرَح ومرض البواسير وآلام الظهر. وهم بذلك يتعجلون الشيخوخة بل ويموتون في سن مبكرة عن أولئك الذين يمارسون نشاطاً رياضياً.

ولا يليق بالجنس البشري أن يحيا عليلاً بل يجب أن يعمل ويبني ويحارب أو يختفي! إنّ النشاط الإجباري الذي يفرضه حب الحياة يُضفي على الناس الصحّة والعافية، وعند التحدث عن الشيخوخة أو عن الشفاء نقول: إما أن نمارس التدريب والحركة أو نصاب بالاضمحلال. ولا شكّ أنّ المشي أساس كلّ نشاط رياضي، فليس له سن محددة. وهو تدريب يحتاج إلى الهواء الطلق مثله في ذلك مثل السباحة وسباق الدراجات والجري. والمشي يزيد من كمية الطاقة الحرارية التي يطلقها الجسم في نفس الوقت الذي يزيد فيه قدرة الجسم على الاحتمال. ولنضرب مثلاً.. إذا افترضنا أنّ هناك شخصاً يمارس رياضة ما أو نشاطاً معيناً فيمكن لرياضة المشي أن تتطور لتناسب حالة هذا الشخص. وهذه الرياضة أقل الرياضات إجهاداً وأكثرها أمناً وأفضلها قبولاً لدى كلّ الناس وفي أي مرحلة من مراحل العمر. ومن المعروف أنّ رياضة المشي تمنع وهن العظام عند كبار السن، كما أظهرت الدراسات أنّ كبار السن الذين يمارسون هذه الرياضة بانتظام تقل نسبة فقد الكالسيوم من عظامهم، ومع ذلك فهذا لا يعني الوقاية التامة من وهن العظام.

إنّ جسم الإنسان هو أكفأ آلة خلقت بنظام رائع دقيق، ولكنه يتدهور بعدم الحركة التي تستقيم بها الحياة.

هذا وقد أثبتت الأبحاث أنّ المشي يساعد القلب على تكوين أوعية دموية جديدة لتخطي مناطق الانسداد في الشريان التاجي بل ويزيد من اتساع المناطق الضيقة في الأوعية الدموية. ويوصي الجراحون مرضاهم بالمشي بعد الانتهاء من إجراء الجراحة بفترة وجيزة للوقاية من تكوين الجلطات الدموية التي قد تسبب إنسداد شريان في المخ أو القلب أو الرئتين. كما اظهرت الدراسات كذلك أنّ مرض السكر قد يختفي عند متقدمي السن إذا ما التزموا بمنهاج منتظم للمشي.

وقد يقارن المشي السريع بالسير الوئيد.. ففي أحد الاختبارات عندما قورن فريق من الناس تتراوح أعمارهم ما بين 40 و57 سنة اعتادوا المشي السريع 40 دقيقة لمدة أربعة أيام في الأسبوع أظهروا تحسناً مساوياً لفريق آخر من نفس السن اعتادوا السير وأيداً 30 دقيقة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع. كما دلّ الاختبار على أنّ سرعة ضربات قلب كلّ مشترك ومواد جسمه الدهنية قد نقصت بشكل ملحوظ. وثبت أنّ الجري الشاق لمسافة 10 كيلومترات يحرق من السعرات 20% فقط زيادة عما يحرقه المشي لنفس المسافة وأنّ المشي المعتدل 5 كيلومترات/ ساعة يومياً يحرق 360 سعراً مما يساعد على فقد 1350 غراماً من الدهن شهرياً أو ما يعادل 16.200 كغم سنوياً. والجدير بالذكر أنّ الشهية إلى الطعام لا تزداد بممارسة الرياضة، وأنّ الزيادة في الوزن لا تنتج من الإكثار في تناول الطعام بل إنّها تنتج من الافتقار إلى الرياضة.

هذا وإذا ما أخذنا الشخص العادي فإنّنا لا ندخل العوامل الوراثية في اعتبارنا، ذلك لأنّه بعد مضي العقد الثالث من العمر فإنّ قدرة القلب على ضخ الدم تقل بمقدار 8% في حين أنّ ضغط الدم يزداد بمقدار 6% وأنّ المجموع العضلي للجسم يضعف بمقدار 4%. وعلى ذلك فالركون إلى الكسل يسرع من ظاهرة الشيخوخة بينما إنّ تنظيم منهاج خاص بالمشي يؤخر منها. ولذا فلا تدع الشيخوخة تثبط من عزيمتك ولتبدأ المشي واستمر فيه، ولا تعتقد أنّ حصولك على معاش أو تأمين على حياتك بديل يغنيك عن النشاط الجسماني الذي يحقق لك حياة أطول أو أسعد أو صحّة أوفر.. إنّ المشي هو الحصن الأكيد ضد الشيخوخة، ومن الحكمة أن تستشير طبيبك أوّلاً. ولتعتبر أنّ المشي لمدة 15 دقيقة في المرة الواحدة هو أفضل فائدة لاكتساب نسمة هواء فالوقت الذي تقضيه في المشي من الأهمية بمكان ومن ثم اجتهد أن تمشي ساعة يومياً، من أجل نمو عضلاتك ومتعة رئتيك!

 

المصدر: مجلة طبِّب نفسك/ مجلة الوقاية والعلاج

ارسال التعليق

Top