تحقيق: ريما كيروز
لا يحبون الاستيقاظ باكراً ويشكون صعوبة المواد التعليمية
إنّها المدرسة بحكاياتها وذكرياتها التي تتشابه مهما تغيَّر الزمن. هي التي شغلت أهلنا؟ ثمّ شغلتنا نحن، وها هي تشغل أولادنا اليوم. والسؤال هو: لماذا الأغلبية العظمى من أبنائنا تكرهها؟ تحقيق يُسلط الضوء.
ثمّة خوف فطري يتملّك معظم الأولاد تجاه المدرسة، خوف يبدو مسطراً في قلوبهم وفي دفاتر عامهم الدراسي، بخطوط كراهية نافرة، فتراه يكتب مرّة بحبر الأعصاب ومرات أخرى بحبر الفشل والإحباط. فلماذا يكره الأولاد المدرسة، وإدارتها، ومنهجها، وأساتذتها؟ وهل تنحصر الأسباب في هذه الأمور فقط؟ أم أن هناك أسباباً أخرى؟ ما هي؟ وكيف يتعاملون معها؟
- صراخ وضرب:
"مريم.. مريم.. هل متّ؟ هيا استيقظي". صراخ أشبه بالكابوس يتردد في أذني مريم في كل مرّة تتذكر طريقة والدتها في إيقاظها. ترتعش أوصالها، تؤلمها عظامها تماماً، مثلما كانت تشعر عندما كانت والدتها تنهال عليها بالضرب حين تعاند ترك السرير. تسدل مريم جفونها وكأنّها تستدل العتمة على تلك الأيام. تقول: "ليتني مت، ليتني لم أستيقظ معك يوماً يا أمي، لكنت ارتحت من حياة البوس هذه". مشيرة إلى أن أمها اعتادت أن توقظها بصراخ مرعب وبضرب مؤلم، صباح كل يوم لتذهب إلى المدرسة.
تخطو مريم إلى الوراء، تماشياً مع العودة إلى ذكريات العمل الندي، تستعيد الصلوات التي كانت تتلوها قبل أن تخلد إلى النوم، لافتة إلى أنّها كانت تتمنى ألا يطلع الصبح وتشرق الشمس. وتعترف بأنّها حاولت مراراً ألا تغمض عينيها وتنام "لأبقى مستعدة لصراخ أمي، فلا أصحو كالمجنونة".
للأسف، تعتبر مريم أن "أبواب السماء لم تكن مفتوحة في تلك الفترة"، ذلك أنّه كان عليها أن تستقبل الشمس مع صراخ والدتها مثل العادة. لم تبلغ مريم الصف التاسع إلا وعمرها خمسة عشر عاماً، وهي تقول في هذا السياق: "لا أعرف كيف اجتزت الصفوف الدراسية، إنما أذكر أنني رسبت في الصف الثامن وأعدته مرّة ثانية، كما أذكر أن كرهي المدرسة كان يزداد يوماً بعد يوم، إلى أن تقدّم ابن خالتي وطلب يدي للزواج". لم يرفض والدا مريم العريس "لكنهما طلبا منه التريّث لأكمل تعليمي" بحسب ما تقول. فجأة، ترتبك مريم، تتردد، يتلون وجهها بألف لون ولون، تشعر بثقل في لسانها، تضيف: "هربت وتزوجت. اعتقدت أني تخلصت من صراخ أمي وعنفها ومن جحيم المدرسة، فوجدت نفسي ومن دون سابق إنذار أرملة مع طفلين، أبحث عن عمل ولا أستطيع الحصول عليه، لأني لا أملك شهادة أكاديمية تُذكر". وتختم قائلة: "سامح الله أمي وأسلوبها العنيف، وسامحني لأني لم أفكر في مستقبلي".
- طموح:
ليس بالضرورة أن تنتهي الحكايات المشابهة لحكاية مريم النهاية نفسها، فهناك من التلامذة مَن عاش ويعيش كل يوم حكايته الخاصة، يواجه الشدّة بوعي ومسؤوليّة، واضعاً هدفه نُصب عينيه، وهو هدف يستميت للوصول إليه. وفي هذا السياق، تشدد شمس إبراهيم (17 عاماً) على أهمية الاستماتة من أجل المستقبل، معلقة بنبرة ساخرة: "للأمانة.. أنا أكره المدرسة بسبب الاستيقاظ باكراً". لكنها سرعان ما تتنهّد وتتابع قائلة: ارتحت من هذه المسألة بعد أن أنهيت الصف الأخير، وها أنا أنتظر دخول الجامعة لأتخصص في الهندسة". تتذكر شمس أنها استيقظت يوماً، وكانت في الصف الأولى التأسيسي، وهي تجهش بالبكاء رافضة الذهاب إلى المدرسة. تقول: "لم أغير رأيي حينها إلا بعد محاضرة إقناع طويلة عريضة من والدتي الحبيبة".
لا تخفي شمس أنها لا تنسى شدّة المدرّسات، التي تقول "إنها التي وصلت إلى درجة العقد النفسية المرضيّة"، ولكن بسبب شخصيتها القوية وتسلّحها بالطموح، "لم أستسلم يوماً".
تغمض شمس عينيها، تسرح بعيداً وتغيب في هندسة من نوع خاص، تبوح بما يجول في خاطرها: "كرهت مدرستي لأنّها لم تجذبني يوماً، لا من ناحية قاعات الدروس والملاعب، ولا من ناحية الأساتذة غير المهنيين. فلطالما حلمت بأن تكون فخمة وجميلة، يدرّس فيها أمهر الأساتذة، وتضم مكتبة ضخمة تحوي كتباً نادرة، وتتوزع في ساحتها الأشجار الخضراء، حيث توسطها مسبح كبير، وقاعات مجهزة لممارسة الأنشطة الرياضية".
- واقع لابدّ منه:
بدورها، تعترف حنان العابد (17 عاماً) بأنّها تكره المدرسة، لكنها تؤكد أنها "واقع لابدّ منه". تضيف: "أنا على وشك تخطي مرحلة الكراهية، لأني في الصف الثانوي الأخير"، لافتة إلى أنّ "هذا الكره يعود إلى صفوف الإعدادي، حيث أذكر كم كنت أكره الاستيقاظ باكراً جدّاً والقيام من سريري الدافئ والمريح، لأصل إلى المدرسة قبل أن تقفل أبوابها. فلطالما تمنيت أن تبدأ الحصة الأولى عند الساعة التاسعة صباحاً". تتابع: "يستفزني أسلوب التمييز الذي يعتمده بعض الأساتذة مع طالبات محددات"، مشيرة إلى أنّ "الحل لهذه المشكلة يكون بإعادة تأهيل هؤلاء المدرّسين، لتمكينهم من حُسن التواصل مع الطالبات جميعهنّ على حد سواء"، متمنيّة عليهم: "الابتعاد عن الظلم والتسيُّب".
أما كره وليد عبدالرحمن المدرسة، فليس عائقاً يمنعه من إكمال دراسته الأكاديمية، لينال شهادة في الهندسة الميكانيكية. يُدرك وليد جيِّداً أن طريقه طويل وغير مُعبّد: "فأنا مازلت في الصف العاشر، وعمري لم يتجاوز الـ14 بعد"، كما يقول، إلا أنّه يلفت إلى أن لطموحه الذي تحدّث عنه، "فعل الجناحين للطائر. هو يحلق بي فوق كل الأمور التي أكرها في المدرسة".
يأخذ وليد نفساً عميقاً، يختار كلماته بعناية، يقول بثقة: "أنا مثل غيري من التلامذة، لا نحب إدارة المدرسة المتسلطة ولا المدير الديكتاتوري، كما نكره قوانينها الصارمة، ودوامها اليومي الذي يبدأ في السابعة وينتهي عند الخامسة مساء، لكن ليس باليد حيلة، فيجب أن أصل إلى هدفي" يختم ساخراً.
- حادث مؤلم:
على الرغم من أنه تجاوز سن الـ14 عاماً، ووصل إلى الصف التاسع، إلا أن سيف عبدالله لم ينسَ خطورة الانزلاق الذي تعرض له في ملعب المدرسة عندما كان في الصف السادس، لافتاً إلى أن تلك الحادثة ولّدت في داخله حالة من الـ"فوبيا" أو الخوف الشديد من الملعب، "بسبب الأذى الذي لحق بأصابع قدمي وأنا ألعب كرة القدم" كما يقول. يوزع سيف نظراته يمنه ويسرة، يُتمتم بخجل: "مازلت إلى هذه الساعة لا أحب مدرستي، بسبب ملعبها البشع والخطر". لكن ملعب المدرسة غير المحبَّب إلى قلب سيف، ليس السبب الوحيد وراء كرهه المدرسة، فهناك بحسب اعترافه "بسبب رئيسي آخر، يتمثل في الأساتذة، وتحديداً أولئك الذين يدرّسون المواد الأجنبية". يشير إلى أن "معظم هؤلاء الأساتذة يفتقر إلى مهارة التواصُل معنا كطلاب، بالتالي يفشل في إيصال المعلومة إلينا، بطريقة فعّالة وجذّابة".
- قوانين مزعجة:
أما سعيد سيف (14 عاما/ الصف التاسع). فيقول وقد ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه: "أحب المدرسة في أيام الإجازات فقط". إلا أنّه يعود ليؤكد أنّ ما قاله "لا يعني أني أكرهها في الأيام الباقية، لكني أكره فيها بعض القوانين المصوغة بشكل يزعج الطالب ويوتره". ويكشف أن من القوانين التي تزعجه "قصّ الشعر وإبقاؤه قصيراً على الدوام، في حين أني أحب أن يكون شعري طويلاً". يقول: "كما أني أكره أسلوب تعامُل الأستاذة مع الأنشطة الرياضية، وطريقة قمعهم لنا في ممارستها على مزاجنا".
ويلفت إلى أن "مثل هذه الأمور كانت تنغّص الأيام الدراسية لأي طالب"، لكنه يؤكد أنّه تجاوز مرحلة الحنق والغضب، بعد أن اقتنع أخيراً بأهمية متابعة دراسته. يقول: "المهم عندي هو إكمال دراستي وتحصيل الشهادات العليا، ولن يثنيني أي شيء عن تحقيق هذا الحلم".
من جهته، يوافق علي عبدالله (17 عاماً) على كلام سعيد. يضيف: "في الواقع أنا مثل تلامذة كُثر، لست مغرماً بالمدرسة ولا بقوانينها، لكني أدرك أنها الطريق الذي يقودني إلى الجامعة والتخصص. وأشكر الله أني حالياً في الصف الأخير من الثانوية العامة". ويشير علي إلى أن أكثر ما يكرهه في المدرسة "هو تعنّت الأساتذة في رأيهم الخاص، وفرضه علينا، وعدم إعطائنا الثقة أو السماح لنا بالتعبير، مقدّمين وجهة نظرهم على وجهة نظرنا، الأمر الذي يزعزع ثقتنا بأنفسنا ويُحبطنا، ويجعلنا نكره المدرسة بشدّة". يشرد علي قليلاً، ثمّ يقول بصوت مرتفع: "ثقة الأستاذ بتلميذه وقُدراته، تحفز الأخير إلى حُب التعلم، والتعلق بالمدرسة واعتبارها بيته الثاني، بدلاً من أن يفكر في الهروب منها بأي طريقة ممكنة".
- لهو وصدمة:
من ناحيتها، لا تخفي رسل عماد (12 عاماً) أنها لو أعطيت حرِّية الاختيار بين المدرسة وأي شيء آخر، "لاخترت أي شيء آخر من دون تردد" بحسب ما تقول. رسل اليوم في الصف الثامن، وهي تتابع دروسها مجبرة "لأنّ أحداً لم يسألني رأيي، إنما وعيت إلى نفسي وأنا أدرس". تنظر رسل إلى والدتها التي تقف إلى جانبها، تهمس قائلة: "أقنعتني الوالدة بأهمية الشهادة الأكاديمية للفتاة. لذلك أنا أعمل باجتهاد لتحصيلها، لأكون شيئاً مهماً في المستقبل، على الرغم من أني أكره حصة العلوم كرهاً شديداً، وأتمنى لو أنهم يحذفون هذه المادة الصعبة من المنهج الدراسي".
"كره ابنتي وغيرها من التلامذة المدرسة، يعود إلى المنهج الدراسي الصادم". تقول ربي أحمد (والدة رسل) مقاطعة ابنتها. تتابع: "يقضي التلميذ صفي الحضانة في اللهو واللعب، ثمّ ينتقل إلى الصف الأوّل، فيُصدَم بالدروس الصعبة التي تنهال على رأسه الصغير، وهكذا تنمو في داخله حالة رفض للدروس والأوامر والقوانين والنظام". تضيف: "هذا بالتحديد ما حصل مع رسل، وجعلها في الصفوف التأسيسية تبكي رافضة الذهاب إلى المدرسة". إلا أن ربى تعترف أيضاً بأن "هذا الجيل لا يحب المدرسة ولا الدرس، إنما يفضل إدمان الإنترنت، وإضاعة وقته أمام التلفزيون في مشاهدة القنوات الفضائية، بدلاً من الذهاب إلى تلقي الدروس".
تعود رسل إلى الحديث موجهة الكلام إلى أمها. تقول: "عليك أن تذكري شقيقتي زهراء وتحكي عن تعلقها بالمدرسة والدراسة". تجيب ربى: "نعم، ابنتي زهراء هي استثناء نادر، فهي شغوف بالعلم إلى حد كبير".
- ليست بيئة جاذبة:
يدعو مدير "مدرسة" إسماعيل النوبي، إلى التحدُّث في موضوع المدرسة بصراحة. يقول: "لنكن واقعيين ونعترف بأنّ المدرسة في المطلق، لا تشكل بيئة جاذبة للطلاب، انطلاقاً من الاستيقاظ الباكر إلى رحلة الباص والوصول إلى الصفوف الكئيبة والمقاعد غير المريحة، والحصص الجافة التابعة لمنهج دراسي قاس، واحتمال رفاق سيئين، ومدرّسين فاشلين، وإدارة متسلطة، وأهل غير متفهمين". وفي هذا الإطار، يلفت النوبي إلى أنّ "هذه الأمور تجعل الأولاد يشعرون بأنّهم مقيّدوا الحرية، بالتالي تولد حالة من الكره للمدرسة في نفوسهم"، مشيراً إلى أن "هذه الأمر يستدعي تدخلاً سريعاً من المسؤولين، بدءاً من الوزير وصولاً إلى أولياء الأمور، لإيجاد حلّ يخفف من حالة الكره هذه".
وبالاستناد إلى خبرته في المجال الأكاديمي، يرى النوبي أنّ "الحل يكون في العمل على منظومة كاملة متكاملة". يضيف: "في الحقيقة إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة، بدأنا مرحلة تطوير على صعيد المدرسة، كمبنَى وملاعب وقاعات وغيرها من التجهيزات العصرية، وكذلك على صعيد المناهج الدراسية واستحداث أسلوب تعليمي مرن، بمساعدة خبراء اختصاصيين، يسبرون أغوار الطلبة من الناحيتين، النفسية والمادية".
وإذ ينبّه إلى الدور الذي تلعبه المدرسة بالتحديد، مركّزاً على "أهمية تأمين مناخ مريح للتلميذ" يقول: "مدرستنا على سبيل المثال، لا تقفل أبوابها عند بدء الدروس، لا تبقيها مفتوحة على مدار ساعات الحصص، لكنّ أياً من تلامذتنا لا يفكر في الخروج منها، ذلك لأنهم لا يشعرون بأنهم في سجن".
ويتوجّه النوبي إلى أهل الطلبة بالقول: "يجب أن تقنعوا أولادكم بأنّ المدرسة واقع لابدّ منه، وبأن تتواصلوا مع المسؤولين فيها حول كل شكوك أو تساؤلات تتعلق بأولادكم، لكونكم الشريك الرئيسي للمدرسة".
- ورش عمل:
من جهته، يتطرّق موجّه الرعاية النفسية في وزارة التربية والتعليم احمد عيد، في كلامه إلى الشق النفسي عند الطالب، مُعدِّداً الأسباب والدوافع المعززة لشعوره بالكراهية تجاه المدرسة بشكل عام، لافتاً إلى أن كره التلميذ المدرسة، له أسباب عدّة، منها ذاتي يرتبط بسمات الطالب، أو بما يمرُّ به من ظروف.
ويُسهب عيد في شرح تفاصيل هذه الظروف. يقول: "هنالك أولاد يكرهون المدرسة قبل أن يختبروها، وذلك بسبب لجوء أهلهم إلى تهديدهم بالأستاذ والمدير. في حين أن غيرهم يفتقد الأمان عند انتقاله إلى المدرسة بالباص، أو يخشى أنظمة المدرسة مثل الرقابة الشديدة أو عدم التسيُّب، كما أنّه قد يشعر بالإهانة، جرّاء التمييز الظالم بينه وبين غيره من الطلاب في بعض المدارس، وبالإحباط بسبب غياب العلاقة الطيبة مع أهله، وعدم تشجيعهم له لرفع مستواه، إضافة إلى اعتمادهم منطق المقارنة بينه وبين شقيقه، أو أولاد آخرين يفوقونه ذكاء ونجاحاً.
ولا تنتهي الأسباب التي يُعدّدها عيد عند هذا الحد، حيث إنّه يلفت إلى أن "لطريقة استقبال المدرسة وإدارتها والمدرّسين فيها تأثيراً كبيراً في نفسية التلميذ، وكذلك أسلوب تعامل الرفاق في ما بينهم". يشير إلى أن "هنا تأثيراً أساسياً للمنهج الدراسي، ولعلاقة التلميذ بالمادة ذاتها وبمدى حبه أو كرهه لها، وهذا ما يُعمّمه على بقية المواد، وعلى رفاقة الذين يحبّون تقليده".
- حلول:
وقبل أن يقدّم الحلول الكفيلة بمساعدة التلامذة على تجاوز إحساسهم بالكره تجاه المدرسة، ينصح هؤلاء بأن يحبوا المادة الدراسية، لأن ذلك كفيل بنجاحهم. يقول: "على التلميذ أن يتعامل مع الأمر مثل المريض الذي يكره الدواء المرّ، إنما يتناوله لأنّه يفيده ويشفيه".
وينتقل عيد إلى الخطط المدرسية التي يتم العمل عليها لهذا العام، لافتاً إلى "أننا نعمل على تفعيل القطاع التربوي، من خلال مجموعة من الخطوات التي تم اتخاذها نتيجة دراسة ميدانية تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، بالتنسيق مع المناطق التعليمية والمدارس والطلبة، لتوفير حياة تربوية جميلة".
- الطفل لا يدرك أهمية المدرسة:
أما من الناحية التربوية، فيرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور حمزة دودين، أنّ التلميذ "لا يكره المدرسة، إلا إذا خاض فيها تجربة غير محبَّبة، أثّرت فيه سلباً. مع التسليم بأنّ الطفل بطبيعته لا يحب الدرس، إنّما اللعب فقط".
ويحمّل الأُم والأب مسؤولية العلاقة التي تنشأ بين ابنهما أو ابنتهما والمدرسة، مفسراً ذلك بالقول إن "من واجب الأهل أن يحضّروا ابنهم من خلال التربية لفكرة دخوله المدرسة، بالتالي عليهم متابعته دائماً، والانتباه إلى أي اتجاه سلبي يطرأ على سلوكه، متحاشين اعتماد أسلوب الترهيب والعقاب معه. وهذا ما يستوجب اصطحاب الولد في زيارة إلى المدرسة ليتعرّف إليها، أو جلب كتاب عن مدرسة جميلة".
أما في الحالات المستعصية التي يصعب التعامل مع التلميذ فيها، لكونه يكره المدرسة كرهاً شديداً ويرفضها بشدة، فلا يجد الدكتور دودين مفراً من الاتصال بمرشد تربية متخصص، "ليشخّص بدقة حالة الولد".
وفي تحليل سريع، يعدد د. دودين الأسباب التي تدفع التلامذة إلى كره المدرسة، ملاحظاً "أن خروج الطلاب من المدرسة أشبه بخروج البجناء من السجن. والسبب الرئيسي في هذا الموضوع، هو طبيعة مناهج مدارسنا، سواء في موضوعاتها أم في طريقة عرضها. فهي جافة وغير جاذبة وتعتمد على التلقين".
وبناء على التحليل هذا، يستنتج الدكتور دودين أهمية التركيز على بعض النقاط، التي قد تساعد التلميذ بشكل أو بآخر، ويذكر منها: "الاعتماد على الحوار مع الولد حتى لو كان صغيراً، لأنّ الحوار جزء من الحلّ. حصول الأهل على معلومات دقيقة عن ابنهم وعدم اتخاذ القرار في حال عدم وجود معلومات كافية، مراعاة الفروق الفردية، حتى بين الشقيقين. فلكل فرد شخصيته، وما ينطبق على واحد لا ينطبق على الآخر، الاستمرار في مراقبة مستوى الولد في الدراسة، ومتابعة أخباره مع أساتذته وإدارته مدرسته. وختاماً عدم التردد في استشارة الاختصاصيين عند الضرورة، من مسؤولين مباشرين على ولدهم، وأساتذة ومرشدي تربية ونفس".
ارسال التعليق