• ٢٤ تموز/يوليو ٢٠٢٤ | ١٧ محرم ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السيستاني هو العراق

محمود الربيعي

السيستاني هو العراق

متى تصف أميركا داعش بالمنظمة الإرهابية؟... الشعب العراقي بانتظار الرد؟

تعتبر مرجعية (آية الله العظمى السيد علي السيستاني) مرجعية عالمية عليا للعالم الإسلامي كلّه فله أتباع يمثلون غالبية المسلمين الشيعة في العالم، ومن خصوصية مرجعيته أنه يمثل الخط المعتدل إلا أنه يتصدى في أوقات المحنة بإصدار الفتاوى التي تراعي الظروف الحرجة لبلد مسلم معين خصوصاً عندما يتعرض فيه الأبرياء الى إنتهاكات تطال النفوس والأموال والأعراض لإعتبارات إنسانية وشرعية.

وبسبب مرور العراق بأزمة حادة فإنّ وجوده له أبعاده الإنسانية والوطنية لحفظ وحدة العراق وأرواح أبناءه إذ تدخلت مرجعيتة العالية بإيجابية وفي الوقت المناسب عندما أطلق فتواه الأخيرة للتعبير عن الذات العراقية التي تؤمن بالله والحقّ وبالعدالة والمحبة والسلام التي يجسدها هذا المرجع العظيم في نفسه وذاته الطاهره.

ويواجه العراق اليوم مجموعات أجنبية من خريجي المدارس العسكرية تدعى بعصابات داعش تم شراءها وإعدادها لتخريب العراق بمباركة بعض الدول العربية وغير العربية المحيطة بالعراق كالمملكة العربية السعودية وتركيا بالإضافة إلى بقايا حزب البعث وأصحاب السوابق والأكراد، وهناك مجموعة من الدول التي تتلاقى ومصالح بعض الأطراف داخل المنظومة الإقليمية وداخل العملية السياسية في العراق لاتفهم المعادلة السياسية إلا من خلال مفاهيمها التقليدية التي ورثتها بعد الحروب العالمية الأخيرة كالولايات المتحدة وكذلك الأكراد بعد التغيير.

 ويبدو أنّ المخطط الذي يمر بالمنطقة أكبر مما يُتَصور فقد استطاعت قوى الشر أن تجند عدد كبير من الشباب تحت مسميات الجهاد وإقامة دولة الخلافة الإسلامية وهؤلاء يمثلون مجموعة من المتطرفين الذين التقطتهم الشبكات الإرهابية المتمثلة بالحكومات الرجعية التي تعتاش على الجريمة والفساد فأشترت بأموالها وأفكارها الشاذة عناصر هيئتها للقيام بأعمال بشعة ضد الإنسانية في كلِّ من سوريا والعراق وتخطط للتدخل في شؤون دول عربية وإسلامية أخرى في المستقبل.

لقد أدرك آية الله العظمى والمرجع الديني الأعلى للطائفة الشيعية في العراق والعالم السيد السيستاني أنّ المعركة المعلنة على العراق لاتمت إلى الإسلام بصلة ولا إلى أية جذور إنسانية فهي متقاطعة تماماً مع تعاليم الإسلام ومع تعاليم جميع الديانات السماوية وأنّ من الوجوب الوقوف ضد هذه المجاميع التي لاترعى إِلاًّ ولا ذِمة لئلا ينتشر الفساد في الأرض ويصبح أهل العراق من النادمين.

لذلك كانت فتوى المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني تنبيهاً للأمة الغافلة لما يُعَدُّ لها من خارج الحدود وداخلها وكانت الفتوى تدعو إلى الجهاد الكفائي المُلْزِم لبعض الأمة لا كلها لإيقاف المجازر التي ترتكبها عصابات داعش الإرهابية، ولم يطلب السيد السيستاني أية معونة من غير العراقيين سواء من العرب أو المسلمين في بقية بلدان العالم ولا حتى من الدول الكبرى أو الدول الأجنبية، وكان بإمكان السيد السيستاني أن يفتي بالجهاد العيني فيجعلها حرباً عالمية على داعش ومن لفَّ لفَّها لكنه وبحكمته المعهودة حَجَّمَ تلك المواجهة التي يمكن لها أن تكون كافية عند إلتزام الحكومة العراقية والمتطوعين للقيام بمقاومة هذه الزُمَر الإرهابية والقضاء عليها لتطهير العراق من شرور عصابات داعش ومن هم على شاكلتها.

ومن الجدير بالذكر أنّ الولايات المتحدة الأميريكية كانت قد لعبت دوراً مهماً في تأسيس تنظيم القاعدة لاعتبارات دفاعية أمنية بالتعاون مع المملكة العربية السعودية لإعداد جيش إسلامي ليقاتل الإتحاد السوفييتي  على اعتباره كافراً، لذلك فإنّ الولايات المتحدة هي الأم الطبيعية التي ولدت تنظيم القاعدة والذي وَلَدَ بالتالي داعش ولكن هذه الأم الآن متورطة مع هذا الوليد فهي تحتاج إلى القضاء عليه فهل يمكن أن تنقل داعش إلى السعودية أو الأردن أو الكويت أو في أي مكان آخر في المستقبل، أم ستستمر اللعبة الكاذبة للإبقاء على مواقعها في في العراق وفي عموم منطقة الشرق الأوسط.

كيف تفاعلت الولايات المتحدة مع الفتوى وإلى أي حد؟ معها أو ضدها؟

نحن نريد أن نفهم أولاً هل أنّ أمريكا جادة في بناء الديمقراطية في العراق أم هي لعبة تلعبها فقط؟  ولنا أن نشير إلى أنّ هناك مجموعة من العلامات التي تشير إلى انها لاعبة أكثر مما هي جادة في مواقفها وبالذات في هذا الوقت العصيب؟

وللأسف الشديد ورغم أنّ القيادة العراقية سعت إلى أن تكون صديقة مخلصة للأمريكان وللأكراد إلاّ أنّ ما تحصده هذه القيادة هي المواقف السلبية في أكثر الأحيان إذ لم يتفاعلوا بشكل إيجابي واضح مع نداء المرجعية الدينية وماذهبت إليه في مواجهة الإرهاب الذي يهدد استقرار البلد والدولة العراقية، وانّ هذا التصرف الأمريكي والكردي هو ضرب من الخرف والحماقة فهما يخسران المشاعر العراقية المحبطة تجاههما، ويبدو أنّ من الصعب إعادة بناء الجسور إذا ما استمرت هذه اللعبة، وانّ أمريكا سترتكب خطأ فادحاً بالسماح لداعش بالعبث في أمن العراق وسيكلفها ذلك كثيراً على المدى البعيد، وإذا ما ثبت من جدية كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية والأكراد فلابد لهما أن يلعبا دوراً واضحاً لتحطيم داعش وبالسرعة؟ وإنّ من أبسط المواقف المطلوبة من الولايات المتحدة أن لا تشتري النفط من داعش بصورة غير شرعية، وينبغي على الأكراد أن يبرهنوا أنهم جزء لا يتجزأ من العراق، وعليهم أن يتصرفوا بصورة إيجابية مع الأحداث وأن لا يتخذوا أية قرارات خطيرة قد تكلفهم مستقبلهم التاريخي؟

أخيراً نورد نص الفتوى التي أطلقها السيد السيستاني ودعوته للتطوع

" دعت المرجعية الدينية المواطنين الذي يتمكنون من حمل السلاح للتطوع في صفوف القوات الأمنية للدفاع عن العراق، وفي حين أشارت إلى أنّ العراق يواجه تحدياً كبيراً، فانها أكدت أنّ مسؤولية التصدي للإرهابيين هي مسؤولية الجميع ولا تختص بطائفة دون أخرى أو طرف دون آخر وشدد انّ طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن الوطن وأهله وأعراضه ومواطنيه وهو واجب كفائي".

مايفهم من الفتوى

ويفهم من هذه الدعوة أمور منها ١ ) الدفاع عن العراق ووحدة العراق. ٢) إبقاء العراق موحداً غير قابل للتجزئة. ٣) إرجاع الناس إلى صوابهم. ٤) مشاركة كافة الطوائف والأديان سنة وشيعة ومسلمون ومسيحيون ويزيديون وعرباً وأكراداً وتركماناً في هذه المهمة.

 

ارسال التعليق

Top