• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الوقف.. مشروع اقتصادي وصدقة جارية

أسرة البلاغ

الوقف.. مشروع اقتصادي وصدقة جارية

◄من التوجيهات والتشريعات الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية الهامة هو مشروع (الوقف في الإسلام).. ويعتبر الوقف من المشاريع والتشريعات الاقتصادية الهامة التي تساهم مساهمة كبيرة في اقتصاد الأمّة، وحل المشاكل الاجتماعية والعلمية والخدمية والاقتصادية المعضلة.. والوقف ظاهرة خيرية ومشروع اقتصادية طوعي تعبدي منذ عهد النبوة.. والوقف من مشاريع الاقتصاد الإستراتيجية التي تقوم على أساس نظرية التطوع المادي لتحقيق النفع العام، وتحرير الملكية الخاصة، وتحويلها إلى منفعة عامة.. وعلى مر الزمن تراكمت هذه الأموال وتحولت إلى ثروة ضخمة واسعة.. وهي مستمرة في النمو والتوسع.. يدر على مشاريع الخير ويمولها.. لتكون مصدراً اقتصادياً..

وحجم الوقف في العالم الإسلامي يقدر بالعديد من الترليونات من الدولارات، وهو ثروة ذات نفع عام مساهم مساهمة فعالة في خدمة العلم وبناء المدارس والجامعات، وتوفير الخدمات، واغاثة المعوزين وحمايتهم من التشرد والضياع بتوفير المال لهم والانفاق عليهم.. ومن المفيد ان نعرِّف باختصار بصدقة الوقف.. مما ورد عن الرسول (ص) في الحث على الوقف واعتباره صدقة جارية قوله (ص): (اذا مات الإنسان انقطع عمله الّا من ثلاث: الا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

والوقف في اللغة مأخوذ من الفعل (وقف) ومعناه: الحبس والمنع. وهو في اصطلاح الفقهاء: (نوع من العطية، يقضي بتحبيس الأصل وإطلاق المنفعة). 

ويقصد بالأصل: المصدر الأساس للمنفعة.. كالأرض والبستان والدكان والبيت والمصنع والمستوصف والمستشفى وغير ذلك..

ومعنى تحبيس الاصل: اخراجه من ملكية المالك ووقفه على الجهة التي يريد المالك اطلاق المنفعة وايصالها لها بشكل مؤبد وغير محدود بزمن.. كطلاب العلم والايتام والمرضى والفقراء وذرية صاحب الوقف والمسجد... الخ وبذا تكون المنفعة مطلقة للجهة التي ارادها الواقف للأصل.

اما الاصل فيبقى وقفاً لا يصح ان تجري عليه أي معاملة من معاملات التملك أو نقل الملكية.. كالبيع  والهبة والوصية والهدية والميراث.. الخ..

والوقف صدقة جارية يجري وفق ارادة الواقف، ويصح أن ينتفع به غير المسلمين، أيضاً وان كان الواقف مسلماً..

ويقسم الفقهاء الوقف الى قسمين حسب الموقوف عليهم.. وهما:

1.      الوقف الخاص: وهو الوقف الذي يوقفه المالك على جهة محددة.. فتكون هي الجهة المستفيدة فقط، ولا يحق لغيرها الاستفاد من ذلك الوقف: مثل ان يوقف البستان على مدرسة علمية معينة، أو على ذرية الواقف أو على مسجد معين.. الخ

2.      الوقف العام: وهو الوقف الذي يطلق فيه المنفعة للجميع من غير تحديد.

الحبس والفرق بينه وبين الوقف:

ويفرَّق الفقهاء بين الوقف والحبس.. فالوقف هو تحبيس الاصل بشكل مؤبد وغير محدد بزمن.. اما اذا حدد الوقف بزمن فهو التحبيس..

والاوقاف ثروة هاثلة في العالم الاسلامي منذ عهد النبي (ص).. فقد كان لرسول الله صدقة موقوفة.. وكان لأهل بيته صدقة موقوفة، وكان لاصحابه المتمكنين صدقات موقوفة.. وتراكمت على مر الاجيال والقرون الأوقاف كصدقات جارية ساهمت مساهمة فعالة في تنمية العلم والثقافة، وانشاء المستشفيات وايواء الايتام والمرضى ومساعدة الجيوش الاسلامية، وتوفير الخدمات كالمياه والقناطر والجسور.. وغيرها..

وهذه الثروة، ثروة الأوقاف (الصدقات الجارية) بحاجة الى استثمار علمي واداري وخبروي كفوء ومتطور.. لتساهم في التنمية العلمية والثقافية والاقتصادية، وتوفير الخدمات واسعاف المعوزين والمحتاجين، وتشغيل الايادي العاملة وتوفير فرص العمل لها.. فهي بحاجة الى اخراجها من البعثرة والعفوية والاهمال والجمود، وادخالها في مجال الاستثمار والتوظيف الاقتصادي المنتج..

وجدير ذكره ان العالم الغربي الذي تعلم من المسلمين قوانين الاوقاف قد استثمر اوقافه استثماراً اقتصادياً منتجاً..►

ارسال التعليق

Top