• ٢٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السيطرة على وقتك في العمل

السيطرة على وقتك في العمل

◄عادة ما يشكو رجال الأعمال ونجوم الفن والمجتمع من أنّه ليس لديهم من الوقت ما يمكنهم من القيام بالتخطيط لإنجاز مهامهم في زمن محدد مسبقاً، وعلى أيّة حال، يجد المتأمل أنّ المشكلة الحقيقية بالنسبة لهؤلاء تكمن في كونهم لا يخططون أصلاً لكيفية استخدامهم لأهم وأندر العناصر المتاحة لهم، ونعني به وقت العمل اليومي الخاص بهم.

    في هذا الموضوع سنخبرك كيف تكون لك السيطرة على أوقاتك، وبما يمكنك من توفير المزيد منه لتنفيذ مهامك بشكل أكثر كفاءة وفعالية، والملاحظ أن ما هو مذكور هنا عن التعامل مع عنصر الوقت يفيدك في بقية الأنشطة الحياتية الخاصة بك، وبغض النظر عن التفصيلات الدقيقة، تشير خلاصة المنظور الشامل للتعامل الفعال مع الوقت إلى أنّه لتحقيق المزيد من الفعالية في استخدامك لوقتك فأنت في حاجة إلى القيام بالخطوات الأربع الآتية:

    

    الخطوة الأولى: كيف تستخدم وقتك حالياً؟!

    من المعروف أنّ أول الدواء يتمثل في تشخيص الداء، ولذا فإن أولى الخطوات العامة في أي برنامج فاعل للتعامل مع الوقت تتمثل في تعرفك على أسلوبك الحالي أو الفعلي في استخدام الوقت والملاحظ أنّ الدراسات التي اهتمت بدراسة الكيفية التي يستخدم بها المدربين ورجال الأعمال أوقاتهم لم تكن على نفس المستوى المأمول من النفع طالما اعتمدت على توجيه أسئلة مباشرة للمديرين ورجال الأعمال ونجوم الفن والمجتمع عن كيفية قيامهم وتقديراتهم لاستخدامات الوقت، فمثل هذه الدراسات في الغالب قادت إلى نتائج غير واقعية.

    فالمديرين ورجال الأعمال ونجوم المجتمع عادة يبالغون في تقدير الوقت الذي يخصصونه للإنتاج ويقللون في تقدير ما يخصصونه للأنشطة الأخرى كحل مشكلات العاملين، ومن هنا فإنّ الطريقة الأنجح هي قيامك بنفسك بتحديد هذا الاستخدام، لأنك أدرى الناس بما تفعل، طالما التزمت الصدق مع الذات، أبدأ بنفسك وأنظر في سلوكك وتصرفاتك في إنفاقك لوقتك والمعروف أن تسجيل الوقت المنفق فعلاً في تنفيذك لأنشطة معينة، وملاحظة تصرفاتك الفعلية في مناولة الوقت تمثلان أهم طريقتين فاعليتين لتحقيق هذه المهمة، وهذا وتعدد طرق أو أساليب التسجيل، العقلي للوقت المنفق في أداء المهام، حيث تشتمل على واحد أو أكثر من الأساليب التالية:

    - الأسلوب الأوّل: قيامك بعملية التسجيل بنفسك أياً كانت الوسيلة المستخدمة.

    - الأسلوب الثاني: قيام سكرتيك أو مساعدك بتسجيل إنفاقك لوقتك.

    - الأسلوب الثالث: استخدام آلات تسجيل ومنظمات الوقت.

    - الأسلوب الرابع: استخدام العينة الزمنية لتسجيل الوقت.

    - الأسلوب الخامس: استخدام أسلوب استعمال دفتر أحوال أو سجل استخدام الوقت.

    وأخيراً قد تحتفظ بسجل أو دفتر أحوال Alog خاص باستخدام الوقت، ومن المعروف أن شكل أو تصميم صفحات السجل يجب أن يتماشى مع طبيعة الوظيفة، ولتسهيل وسرعة التسجيل بالسجل يمكن اللجوء إلى استخدام الرموز والمختصرات، وكلما كانت مهام الوظيفة المدروسة تميل نحو التنميط والتكرار، سهل استخدام تلك الرموز.

    ولكي يعمل هذا النظام بكفاءة وفعالية، هناك مجموعة من النصائح يجب أن تكون واضحة في الذهن وهي:

    النصيحة الأولى: يفضل أن يكون حجم السجل صغيراً حتى يمكن حفظه في الجيب وتناوله بسهولة.

    النصيحة الثانية: عليك باستخدام سجل استخدام الوقت معك أينما ذهبت.

    النصيحة الثالثة: دوِّن ملاحظاتك في الحال، وإلا سوف تنسى معظم التفاصيل.

    النصيحة الرابعة: اجعل ملاحظاتك مختصرة وواضحة ومحددة.

    النصيحة الخامسة: دوِّن كل استخدام للوقت مهما صغر وركِّز بشكل خاص على المقاطعات.

    النصيحة السادسة: قسِّم المدة الزمنية الطويلة إلى عدة مدد زمنية أقصر.

    والخلاصة هنا: أن أبسط شيء يتضمنه التركيز على الاستخدام الحالي للوقت هو الاحتفاظ بمفكرة توضح كيفية استخدامك لوقتك لفترة زمنية طويلة نسبياً ولتكن أسبوعاً مثلاً.

    ومع ضرورة أن تكون هذه المفكرة في شكل مبسط، فهذا يعني أن كل ما عليك عمله هو تسطير جدول سلس، وتصوير حوالي ست نسخ منه "نسخة لكل يوم عمل" واحملها معك أينما ذهبت، على أن تعبئ كل سطر زمني ومن خلال أسطر الجدول يتضح لك كيفية تخصيص الوقت بالنسبة لك ومراجعة هذا التخصيص، بنهاية هذه الخطوة يصبح لديك سجل بالأنشطة التي قمت بها خلال الفترة المدروسة، والفترة الزمنية التي استغرقها كل نشاط، وبالتالي فأنت مستعدٌ الآن للخطوة الثانية.

    

    الخطوة الثانية: ما يجب أن يكون:

    في الخطوة الأولى ركّزنا على معرفة ما هو كائن وهنا نركِّز على ما يجب أن يكون بخصوص استخدامك للوقت، وهناك العديد من الطرق التي يمكن بها تحليل الوقت.

    الطريقة الأولى: هي تجميع الأوقات المستخدمة في شكل مجموعات متشابهة في داخلها ومتباينة فيما بينها لترى حجم الوقت المنفق على كل مجموعة، ومن هذه المجموعات أوقات للمسائل الشخصية، وأوقات للمكالمات الهاتفية لأوقات المناقشات الفردية... إلخ.

    بعد ذلك يمكن أن تفحص كيفية تخصيص الوقت للمجموعات الوظيفية، علاوة على تحليل تتابع وتناسق الأنشطة على أن يدخل في التحليل الوقت المنفق في المقاطعات والتطفل غير المتوقع بعد ذلك يمكن تصنيف وقتك إلى أربع مجموعات كما يلي:

    المجموعة الأولى: وقت الإبداع Creative time وهو الوقت المتفق في تخطيط الأنشطة المستقبلية وبلورة أفكار لتطوير منتجات جديدة، وما شابه ذلك.

    المجموعة الثانية: وقت الإعداد Preparatory time وهو الوقت المنفق على الاستعداد للقيام بنشاط أو مهمة معينة كتجميع الحقائق والبيانات تمهيداً لعقد مؤتمر أو حلقة مناقشة.

    المجموعة الثالثة: الوقت المنتج Productive time وهو الوقت المنفق فعلياً في تنفيذ المهمة أو النشاط.

    المجموعة الرابعة: الوقت العموي Over head time، وهو الوقت المنفق في تنفيذ مهام ذات طبيعة عامة أو روتينية متكررة، كالتعامل مع المراسلات والتقارير والأعمال الورقية والعلاقات العامة.

    وعند تحليلك للوقت عليك أن تسأل نفسك مجموعة الأسئلة التالية:

    السؤال الأوّل: بالنسبة لنشاط ما، هل من الضروري أن يخصص لهذا النشاط هذا الوقت وهل هذا النشاط له أهمية أو فائدة محددة؟ على سبيل المثال افترض أنك تعودت على أن تبدأ يوم عملك باللقاء مع ثلاثة أشخاص من مساعديك، فهل هذا اللقاء ضروري أو هل هناك حاجة له وما هي الغاية منه؟ فهل يمكنك إلغائه.

    السؤال الثاني: إذا كان هذا النشاط لا غنى عنه ومن الضروري أن يؤدى، فهل من الضروري أن تقوم به بنفسك؟ فإذا كان هناك مساعد يمكن أن يؤديه بنفس كفاءتك أو أقل منها بقدر يمكن التجاوز عنه فهل من الضروري أن تنفذه بنفسك؟ ولكن إذا قررت التفويض فلا تبالغ من الإشراف اللصيق أو حشر أنفك في كل صغيرة أو كبيرة مما طلبت تنفيذه منهم.

    السؤال الثالث: إذا كان من الضروري أن تقوم أنت بنفسك بتنفيذ هذا النشاط، فهل يمكن تقصير وقت إنجازه؟ وكيف يمكن ذلك؟

    السؤال الرابع: هل أنت ملتزم بدقة بما تحدده من مواعيد أو جداول عمل، أم أنك تتسبب في ضياع الكثير من وقتك ووقت مساعديك نتيجة عدم الالتزام بذلك؟

    السؤال الخامس: هل من عاداتك الاحتفاظ بكم من المهام اليومية العمومية "كمراسلات مطلوب توقيعها، معك حيثما ذهبت، يحيث تنهمك في تنفيذها حينما تكون في انتظار مكالمة هاتفية أو في انتظار إجراء مقابلة شخص ما؟

    

    الخطوة الثالثة: وضع الأولويات والاستراتيجيات:

    لكون الخطوتان السابقتان خطوتي دراسة وتحليل فالخطوة الثالثة تُعد أصعب منهما بكثير، حيث إنها تتمثل في قيامك بتصرفات معينة واجبة نحو وقتك، والمعروف أن وقت الإنسان يمكن أن يُقسم بين العديد من الأنشطة: العمل، التسلية، النوم، التطوير أو تنمية الذات، السفر.. إلخ، عليك الآن أن ترتب هذه المجموعات بناء على مدى أولوياتها، بالنسبة لك، فبعض الناس يصنفون باعتبارهم مدمني عمل مما يجعلهم يضحون بأوقات التسلية أو التطوير الذاتي، وأحياناً بعض أوقات النوم وكقاعدة عامة.

    أنت الوحيد الذي يستطيع أن يحدد أولويات نفسه، وهذا التحديد يكون انعكاساً لنمط حياتك ومعتقداتك واتجاهاتك.

    

    الخطوة الرابعة: وضح الخطة موضع التنفيذ:

    من السهل جدّاً وضع التصورات والأماني على الورق، ولكن العبرة النهائية بالقدرة على التنفيذ والالتزام بما عاهد المرء عليه نفسه، وإن كل ما سبق من خطوات لابدّ أن ينتهي بجدول من المهام المحددة مرتبة حسب أولويات تنفيذها وبتواريخ انتهاء واجب الالتزام، ومن الضروري أن تكون هذه الخطة من الوضوح والواقعية والمرونة بمكان، ناهيك عن أن جودة الخطة ذاتها عادة ما تقاس بمدى قدرتها على تحقيق التوازن بين أنشطتك الوظيفية وبقية أنشطتك الحياتية وبصفة عامة فإن إعداد جدول أو خطة عمل أسبوعية مثلاً، يمثل المدخل الرئيسي للولوج إلى إدارة فاعلة لوقتك، وبصفة عامة هناك مجموعة من الإرشادات قد تساعدك عند إعداد مثل هذا الجدول، ولكن عليك أن تضع في اعتبارك أن تعويد نفسك وإجبارها على الالتزام أو التمسك بما ورد في الخطة – ولا شيء غيره – هو مفتاحك الأساسي للنجاح في إدارتك لوقتك ويمكنك لتنفيذ خطتك القيام بالآتي:

    1- خصِّص المدد الزمنية الطويلة "التي بدون مقاطعات أو تطفل" للمهام الرئيسية "الوقت المنتج" وعليك التحكم في المقاطعات بالنسبة لهذه المدد من خلال توضيحك أنك لن تقبل زائرين أو تتلقى مكالمات هاتفية أثناءها.

    2- خصِّص مدد أخرى زمنية مناسبة لكل من التخطيط الإبداعي والإعداد للمهام، والتعامل مع المهام العامة أو الروتينية، ولاحظ أن أنشطة التخطيط الإبداعي، والإعداد للمهام يجب أن تتم في أماكن هادئة أو منعزلة من المقاطعات، أو بعيداً عن مكتبك كلما أمكن حاول أن تجمع الأنشطة ذات الصلة في مجموعات زمنية، حيث إن ذلك يوفر لك كثير من الوقت المنفق في تكرار بدايات ونهايات الأنشطة.

    3- عليك بحسن إدارة المقابلات التي تقوم بها، فعليك مثلاً أن تحدد الموضوعات التي ستتناولها، وتجدول الوقت المخصص للمقابلة، وتوزعه مقدماً على موضوعاتها، ولاحظ ضرورة جدولة المقابلات، بحيث لا تنتهي في أوقات غير مناسبة كوقت تناول الغذاء، أو بعد حلول وقت الإنصراف من العمل.

    تذكر جيِّداً "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك".►

    

    المصدر: كتاب تعلم كيف تنجز أكثر في وقت أقل

ارسال التعليق

Top