• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تأثير عبارة «لم أتوقع ذلك» في التسويق

تأثير عبارة «لم أتوقع ذلك» في التسويق

◄"لقد حضرت للتو أسوأ اجتماع في حياتي. لم يكن لدي أدنى فكرة عما يمكن قوله عندما رد الزبون المحتمل عرضي. ماذا تفعل في حالات مماثلة؟"

يعمل معظم موظفي المبيعات الناجحين ضمن قاعدة أنّ جميع الردود واردة. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّنا كمحترفين عقدنا عدداً  كافياً من المحادثات مع الأشخاص على مر السنين بما يكفي لننمي إحساساً فعالاً بما يمكن أن يحدث تالياً أثناء التعامل مع زبون محتمل أو عميل ما. ولنكن واضحين أكثر، فإن موظفي المبيعات ذوي الخبرة لا يفاجأون بردود الأفعال في أغلب الأحيان. فإذا  كانت حقيقة أسلوب المبيعات هكذا- وهي هكذا بالفعل- فبإمكاننا توظيف هذه الحقيقة لمصلحتنا في الالتفاف على الردود السلبية التي نتلقاها.

تأملوا المشهد التالي: آلان مندوب مبيعات شاب لشركة اتصالات، يلتقي ببيل وهو مدير في الخمسين من عمره لواحدة من أكبر 100 شركة في العالم حسب تصنيف مجلة فورتشن. بعد الانتهاء من لقاء أولي مثمر، يتحدث آلان إلى الزبون المحتمل قائلاً: "أود أن ألتقي بك مجدداً  كي يتسنى لي تقديم عرض تمهيدي لما يمكن أن نقدمه لكم. ما رأيك أن نلتقي الثلاثاء المقبل في الساعة الثالثة؟". عندما يبدو كل شيء آيلاً للانهيار.

يرد بيل قائلاً: "سررت بالتحدث إليك، وإنني متأكد من أنكم تعملون على مشاريع مثيرة للاهتمام، ولكن دعنا نجنب أنفسنا ضياع الوقت. أنا مسؤول في هذه الشركة منذ خمسة عشر سنة، ولدي فكرة جيدة عما يمكن لشركتك أن تقدمه. لكن إذا أردت، يمكنك أن ترسل لي هذه المعلومات عبر البريد الإلكتروني، وسأتصل بك إذا كانت تهمنا".

لنفترض أنّ آلان حاول أن يشرح كيف يمكن، لما أراد أن يقدمه كعرض تمهيدي، أن يكون مثالياً لشركة بيل؟ إلام سيفضي هذا؟ غالب الأمر، سيزعج بيل، ويُحتمل حتى أن يقترح على آلان إجراء المزيد من الأبحاث حول شركة بيل قبل إتمام لمحادثة. ولكن لنضع أسلوباً آخر بعين الاعتبار، أسلوب يمكن أن يبرز خبرة آلان في عالم المبيعات، ويُعادل كفّة الأمور، ويعيد العلاقة إلى الاتجاه الصحيح.

لنفترض أنّ بيل وضع حداً للحديث بقوله: "قم بإرسال المعلومات عبر البريد عوضاً عن ذلك". فيبدي آلان بعض الارتباك. يتلو هذا صمت لمدة قصيرة، ثم يقول آلان: " آسف لم أتوقع سماع هذا حقاً".

ماذا سيحدث تالياً؟ إذا تصرف آلان هكذا، فسيقوم بيل على الأرجح بطرح السؤال الطبيعي. "حقاً، ولم لا؟". وهكذا، تتعادل كفّة الأمور.

بإمكان آلان القول الآن: "حسناً، بصراحة، كان حديثنا يجري بشكل جيد، وتوقعت نتيجة مختلفة حقاً. هل بإمكانك مساعدتي؟ هل يجب أن أغير شيئاً في العرض؟".

إنّ جمال هذا الأسلوب في التعامل يكمن في أنه، رغم إقراركم بالتفاجؤ، فأنتم في الواقع تثبتون المبدأ الذي يقضي باعتبار جميع الردود واردة. فأنتم قد قمتم للتو بالتأثير بشكل إيجابي على ما سيحدث تالياً في سير العلاقة وبقولكم "لم أتوقع ذلك"، فإنكم غالباً ستحصلون على معلومات أدق عن علاقة عملكم مع الزبون المحتمل. والمعلومات الصحيحة هي ما تحتاجونه بالضبط.

تتمة للمشهد السابق، على سبيل المثال، يحتمل لبيل أن يقول: "حسناً في الواقع يا ألان، يتوجب علي حالياً البحث في مشروع طارئ، وليس بإمكاني أخذ أي قرار حاسم بشان منظومة الاتصالات في هذا الوقت من العالم". يمكن لآلان أن يجيب بـ "اتفقنا- متى تعتقد أنك ستكون مستعداً للقاء آخر؟"، يحتمل أن يحدد بيل موعداً في الشهر المقبل عوضاً عن الأسبوع المقبل- وبالتالي يمكن لعلاقة العمل أن تتقدم. والفضل كله يعود لقول آلان: "لم اتوقع سماع هذا حقاً".

تطبيق هذه المهمارة هو جزء بسيط من منهج أشمل أدعوه بـ"تسيير الأمور نحو الاتجاه الصحيح"، وتعتبر كإحدى أكثر الخطوات أهمية (والتي غالباً ما تهمل) في عملية البيع. عندما أقول: "لم أتوقع سماع هذا حقاً"، فإنّ ما أعنيه بالواقع، يمكنني استخدام مثل هذه الكلمات بالتحديد لطلب الإرشاد بشكل صريح من الزبون المحتمل. ويمكنني أيضاً لإرشادي وذلك بذكر شيء أشك بصحته ومراقبة رد فعله بحذر: ("يبدو لي أن أولوياتك تستوجب أن تضع هذا المشروع قيد التنفيذ بحلول الربيع". "كلا، نسعى للبدء في موعد أبكر من هذا بكثير- في موعد أقصاه الخامس عشر من كانون الأول/ ديسمبر").

مؤخراً، كنت أدرب عدداً  كبيراً من مندوبي المبيعات الذين يعملون في قطاع الاتصالات. خلال جلسة الأسئلة، قال لي أحدهم: "لا يمكننا الحصول أبداً على المعلومات التي نحتاجها من الأشخاص الذين نزورهم، فهم يعتبرون الأسئلة المباشرة نوعاً من التطفل. ما الطريقة المثلى لجعل أحدهم ينفتح أمامنا؟".

أجبته: "ارتكب خطأ ما".

حدّق المتدرّب بي للحظة كما لو أنني جننت لاقتراح شيء كهذا، فقت بشرح ما عنيته.

"إذا تعمدت طرح فكرة خاطئة في سؤالك، فسيستجيب الشخص الآخر بتصحيح الخطأ بشكل تلقائي. وبالسماح له بتصحيح خطئك. يمكنك استقاء المعومات المطلوبة منه، كما تكون وضعته في موقع اتخاذ القرارات. وستتابع المحادثة بشكل طبيعي جراء جعلك للشخص الآخر يشعر بصوابيته".

في الواقع ، هذه إستراتيجية نقوم بتعليمها لجميع موظفي المبيعات عندنا. فإذا كنا مهتمين مثلاً بمعرفة اسم المنافس الأشد للزبون المحتمل، فلا يمكننا طرح السؤال هكذا: "من هو أشد المنافسين لكم؟". بل عوضاً عن ذلك، يمكننا قول: "أشعر بالفضول لمعرفة من تعتبرونه أشد المنافسين لكم. هل يمكن أن تكون شركة فلاب جاك؟" (هذا علماً أننا ندرك جيداً بأن شركة فلاب جاك لا يمكن أن تكون أشد المنافسين للشركة).

سيقوم الزبون المحتمل بالتصحيح فوراً: " كلا، إنها ليست مجموعة فلاب جاك، فهم لا يثيرون قلقنا. ما يثير قلقنا أضخم بكثير، فمنافسنا الرئيسي هو مجموعة "XYZ"".

هل ترون الآن كيف جرت الأمور؟ في غضون ثوان قمنا بإنشاء علاقة، ومنحنا الشخص الآخر الدور القيادي في المحادثة، والأهم أننا كشفنا معلومة أساسية عن زبوننا.

مؤخراً مكّنت إستراتيجية "تضمين الفكرة الخاطئة" هذه، أحد مندوبينا من تأمين فوزنا بمشروع كبير من الدورات التدريبية لشركة إلكترونيات ضخمة كانت تقوم بإعداد موظفيها لإطلاق منتج جديد. وبتضميننا –وبشكل دقيق-  في سلسلة الاستفسارت، تمكّنا من الحصول على معومات لم  يتم الكشف عنها لمنا فسنا. وهذه المعلومات استخدمناها لوضع اقتراح محدد عاد علينا البيع، توجب علينا أن نضع جانباً الاهتمام المعتاد لموظف المبيعات بأن "يكون محقاً"، وإيجاد طريقة لقيام الشخص الآخر بالتصحيح له!

يمكنكم الاستفادة من هذه الإستراتيجية الفعّالة في طرح الأسئلة بوضع بعض الاسئلة المحددة، وإجراء قليل من التطبيق العملي. جربوها!

لا تسعوا إلى أن تكونوا مصيبين طوال وقت المقابة، بل اسمحوا للطرف المقابل بتصحيحكم. إن مفهوم تضمين فكرة خاطئة متعمدة أثناء المقابلة مع العميل قد يبدو غريباً، ولكن هذا يستطيع أن يلفت انتباهكم إلى معلومات لن يكون بإمكانكم الحصول عليها بطريقة أخرى.

الخلاصة: يمكن لمفهوم "السماح بتصحيحكم" أن يشكل إستراتيجية فعّالة لجمع المعومات (مثل قول: "لم أتوقع سماع هذا"، أو "أرجو مساعدتي بإرشادي إلى حيث أخطأت"، أو "يبدو لي أن وكذا يشكل أولوية عندك"). استخدموا هذه الإستراتيجية لدفع الزبون المحتمل إلى الاستجابة، وعلى الأرجح سيمكنكم هذا من رسم حدود لسير العلاقة معه وكيفية تقدّمها. ►

المصدر: كتاب 25 مهارة في التسويق لا يعلّمك إياها أحد

ارسال التعليق

Top