• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التشنج العضلي.. أسبابه متعددة أكثر مما نتوقع

التشنج العضلي.. أسبابه متعددة أكثر مما نتوقع
التشنج العضلي حالة مزعجة، وأحياناً مؤلمة جدّاً، وإن كانت لا تنطوي على أي خطورة في معظم الأحوال. لكن أسبابها متعددة جدّاً، إذ تتمثل في عناصر ميكانيكية، وأخرى هرمونية أو مَرضية. نستعرض هنا أهم أسباب التشنج العضلي. من بين الحالات غير السليمة صحياً، ويعد التشنج العضلي إحدى أكثر تنوعاً من حيث الأسباب المحتملة. فلنذكر أوّلاً بتعريف التشنج العضلي. بالنسبة إلى الأخصائيين، التشنج العضلي كناية عن تقلص مباغت في عضلة ما، كلها أو جزء منها، ويستمر لمدة متفاوتة، إنما قصيرة عموماً، ما يؤدي إلى آلام. وهو يحصل على الأكثر في عضلات الساقين أو القدمين، إما أثناء الراحة وبشكل خاص النوم، بشكل مفاجئ، أو على العكس أثناء بذل جهد غير اعتيادي، لاسيما السباحة. وفي باب الأسباب، لا يندر أن يتجادل البعض، كلٌّ منهم يؤكد أنّ السبب الذي يذكره هو الصحيح. في الواقع، قد يكونون جميعاً على حق. فأسباب التشنج العضلي متنوعة ومختلفة، مثلما سنرى. فثمة 3 أنواع من الأسباب، هي: الأسباب المباشرة، والعوامل المؤهبة، والأمراض الدائمة التي يشكل التشنج العضلي أحد تداعياتها.   - الأسباب المباشرة: أوّلاً – ضعف اللياقة البدنية: حين بذل جهد مكثف، لفترة خاطفة، من دون أن يكون الشخص معتاداً على ذلك، قد يحصل تشنج عضلي مباغت، حال بذل الجهد. إلا أنّه خاطف، سرعان ما يزول حالما يخلد المصاب إلى الراحة. أما إذا كان الجهد متوسط الشدة إنما لفترة غير قصيرة، فالتشنج لا يحل حالاً، إنما لاحقاً، عموماً أثناء النوم. وفي الحالتين، يكمن السبب في عدم تناسب دفق الدم مع الجهد المبذول. فورود الدم بشكل كافٍ إلى المنطقة المعرضة للجهد ضروري لموازنتها، ومعادلة ما يولده الجهد من تقلص. تلكما الحالتان تحصلان على الأكثر مع غير الرياضيين. ثانياً – تراكم فضلات: لاسيما حمض الـ"لبنوز" (lactic acid) أثناء توليد الطاقة في مكان معيّن، حتى عند شخص معتاد الجهد. فأثناء الجهد، إذا كان متواصلاً وقوياً، تحرم الخلايا من كميات أوكسجين كافية. هكذا، من أجل توليد الطاقة، تعوض الخلايا قصور الأوكسجين برد فعل طبيعي، يدعى "التخمر الخلوي". وهذه العملية، بدورها، تنتج كميات إضافية من حمض الـ"لبنوز"، تتراكم في الخلايا، فتفقدها مرونتها، وتجعل العضلة مشدودة أكثر، ما يشنجها على الأغلب. هذه الحالة تحصل على الأكثر مع رياضيين، فيحال بذلهم جهداً فوق المعتاد. ثالثاً – تشنجات جراء عدم التدريب: قد يعاني تشنجاً عضلياً أيٌّ رياضي توقف عن التدريب لمدة غير قليلة، أو رياضي يشارك في منافسة من دون إحماء كاف. كما قد يحصل التشنج في الحالات المعاكسة، بمعنى التدرب الزائد على اللزوم. ففي الأحوال كلها، مرد التشنج يكمن في عدم تناسب الجهد مع الوتيرة القلبية والتنفسية. رابعاً – الاضطرابات الاستقلابية: أي المتعلقة بمجمل عمليات تبادل الغازات وبناء الخلايا وهدمها. فتخلخل تلك العمليات، أحياناً، يفضي أيضاً إلى التشنج العضلي كنتيجة طبيعية لانعدام التوازن الخلوي، الذي يحل عموماً جراء إرهاق شديد، حتى وإن كان غير عضلي. خامساً – الأسباب الميكانيكية البحتة: ومن ذلك، التهاب العضلة أو الطنب، وإصابات "الغضروف الهلالي" (المسمى أيضاً "العدسة الهلالية"، أو "القرص المفصلي"، وهو موجود في مستوى الركبة). سادساً – بعض الأمراض الهضمية: وهي بشكل خاص أمراض عسر الهضم المتكررة، وأيضاً الأمراض الناجمة عن وجود ديدان طفيلية في الجهاز الهضمي. تلك الأمراض أيضاً، فضلاً عن إضرارها بالجهاز الهضمي، تفضي أحياناً إلى تشنجات عضلية، في البطن خصوصاً، لكن أيضاً في الطرفين السفليين. سابعاً – عدم وجود ماء كاف في خلايا العضلات: فأثناء التمرين، أو المنافسة، ينسى الرياضي إعادة تزويد جسده بالماء. ومن تداعيات هذا النقص المائي، تحديداً، رفع تركيز الأحماض. ومنها حمض الـ"لبنوز" (انظر المادة الثانية أعلاه)، وأيضاً أحماض أخرى، أهمها حمض الـ"ليمونيك" (أو "الـ"ستريك")، الذي يؤدي تركيزه العالي أيضاً إلى تشنجات عضلية. لذا، عند ممارسي الرياضة، يجب التفكير دوماً في شرب الماء قبيل الجهد، وأثناءه، وبعده، تفادياً لتجفف الخلايا، الذي يعد أهم سبب للتشنجات العضلية. بطبيعة الحال، يؤدي الكحول إلى خفض الماء بين خلايا الجسم، بالتالي رفع تركيز تلك الاحماض. فالكحول مادة دخيلة على الجسم، الذي يسعى إلى التخلص منها كيميائياً. وتتطلب التفاعلات الكيميائية استنزاف الموارد المائية المتاحة، بما فيها الماء الموجود بين مسام الخلايا. وهذا ما يفسر الشعور بعطش شديد، لا يرتوي، لدى متعاطي الكحول. ومن تداعيات نقص الماء، تشكل زيادة تركيز الأحماض أحد أهم عوامل التشنج العضلي. لذا، يمكن عد الكحول سبباً غير مباشر في التشنج.   - العوامل المساعدة: عدا عن الأسباب المباشرة للتشنج العضلي، في حد ذاتها، ثمة عوامل مؤهبة، نأتي على ذكر أهمها: 1-    الحمل، وأيضاً تعاطي الحبوب المانعة له. 2-    ما يفضي إلى تجفف الجسم، كالإسهال وضربة الحر وضربة الشمس والتعرق الشديد والتقيؤ (فكلها عوامل ينجم عنها فقدان الماء). 3-    عمليات تصفية الدم جراء عجز كلوي. 4-    البرد. يلاحظ المعرضون للتشنجات أن وتيرتها ترتفع في موسم البرد. وهذا طبيعي، نظراً إلى الشد العضلي الناجم عن انخفاض درجة الحرارة. 5-    تعاطي المهيجات بإفراط، مثل القهوة والشاي. فمادة الـ"كافيين"، المسماة "تيين" حين تأتي من الشاي (لكنها المادة نفسها، سواء في الشاي أم القهوة)، تفضي إلى رفع نسبة الأحماض في الخلايا العضلية والأطناب. 6-    تناول انواع معيّنة من الأدوية، والتعرض لبعض المواد السامة، من شأنها الإخلال بتوازن النظام العصبي. 7-    الإصابات العضلية والعظمية البحتة. ومنها الروماتيزم، لكن أيضاً التمزق العضلي، والكسر والالتواء، والخلع، والفسخ، وما شابه. فكلها تشكل عوامل مساعدة ميكانيكية، ترفع احتمال حصول تشنجات عضلية عند المصاب.   - الأمراض الدائمة: معظم حالات التشنج العضلي المشار إلى أسبابها أعلاه، وعواملها المؤهبة، حالات مؤقتة، تحصل من وقت إلى آخر حين توافر شروط معينة. لكن، حين يكون التشنج منتظماً ومتكرراً، لا يستبعد أن يشكل علامة لأمراض دائمة، منها: - الأمراض العصبية الناجمة عن إصابات أعصاب طرفية. ومنها: الـ"تكزز" (tetany)، والتصلب الجانبي العضلي العصبي، والتصلب اللويحي، وشلل الأطفال، وداء باركنسون، وغيرها. - بعض الأمراض الهرمونية، وأهمها الـ"وذمة المخاطية" (myxedema)، و"داء أديسون Addison"، والسكري. - وجود قصور دائم في المعدنة، يخص قابلية الجسم على تمثيل معادن معينة، هي: البوتاسيوم والمغنيسيوم والفسفور والكالسيوم. ذلك النوع من القصور قد يشكل مرضاً قائماً في حد ذاته، أو هو أحد الأعراض الجانبية لمرض آخر. - بعض الأمراض المتعلقة بالقلب والشرايين. ومنها: دوالي الطرفين السفليين، والالتهابات الوعائية، و"داء رينو Raynaud". - بعض الإصابات المعدية. ومنها الأمراض الفيروسية، والزكام، والإنفلونزا، والكزاز، تكرر حالات التشنج العضلي قد يعني، هنا أيضاً، أن من يعانيها مصاب بأحد تلك الأمراض.   - العلاج: تكرار التشنج إشارة إلى وجود خلل ما، أو أحد الأمراض المشار إليها أعلاه، ما يتطلب استشارة طبيب. لكن، للحالات البسيطة، غير المتكررة، ينصح بالالتزام بالآتي، أثناء التشنج، وبعده: 1-    عدم تحريك القدم أو الساق المصابة حركة مفاجئة. 2-    تدليك العضلة المصابة بهدوء. 3-    شد العضو المصاب تدريجياً، وببطء. فمثلاً، إذا كانت القدم هي المصابة، يسحب طرفها نحو الداخل. وينبغي أن يكون الشد ثابتاً ومستمراً، ما يستدعي مواصلة الإمساك بأصابع القدم والشد عليها بهدوء. ومن المفيد أيضاً المشي بضع خطوات على أطراف الأصابع، على سطح بارد. 4-    كما يمكن استخدام مرهم مهدئ، وتدليك العضلة المصابة تدليكاً خفيفاً. 5-    عدم استعادة الجهد بسرعة، والتزام الراحة لمدة كافية. 6-    الإكثار من شرب مياه معدنية، مع إضافة شيء من السكر وخلطه مع الماء.

ارسال التعليق

Top