• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف ندرس لننجح؟

كيف ندرس لننجح؟
◄أوّل ما يواجه الطالب من قضايا هي قضيّة على غاية الأهمية:

كيف أدرس؟

وربّما يبحث في الإجابة على هذا السؤال كثيراً دون أن يجد جواباً شافياً من أحد، فهذا يقول له: احفظ ما في الكتب.. وذاك يقول له: افهم، ثمّ احفظ ما تراه مناسباً.. وآخر يقول له: الفهم وحده يكفي... وهذا دون أن يعرف ماذا يفهم وماذا يحفظ. ولذلك نرى كثيراً من الطلبة يسألون بشغف كبير عن المحذوف من الكتاب المقرّر، كي لا يشغلوا بالهم بكمّ كبير، لأنّهم يعتمدون على الحفظ شبه المطلق. وفي المقابل نجد طلبة آخرين يهتمون بالفهم وحسب، دون أن يعيروا بالاً للحفظ، وهم في فهمهم ومقدرتهم على التعبير يظنّون أنّ أسلوبهم الكتابي وحده يكفيهم عناء الحفظ، فهم يعبّرون عن أفكار غيرهم بما لهم من أساليب تعبير بعضها مقنع.

وبعض الطلبة يكتفون بالقراءة العادية للمنهاج، ويضعون خطوطاً تحت بعض الفقرات والعبارات، وفي المراجعات يقرأون ما وضعوا تحته خطوطاً، دون أن يتعبوا أنفسهم بقراءة المنهاج كاملاً مرة ثانية، قراءة فقط.

والذي نراه أنّ اكتساب العلم أمر مختلف كلياً عن ما يُطرح من أفكار، أو ما يُجرى من ممارسات.

أوّلاً: لنفهم جيداً أنّ الدراسة لا تتمّ من الكتب وحدها، وهذا أمر جوهري، ويكتسب أهمية كبيرة.

ثانياً: تختلف طبيعة الطلبة بعضهم عن بعض، فبعض الطلبة يحصّلون أغلب علومهم ومعارفهم من القراءة فقط، أو ما يُعرَف بالاكتساب بواسطة العين. وبعض الطلبة يحصّلون أغلب علومهم ومعارفهم من السماع فقط، أو ما يُعرَف بالاكتساب بواسطة الأذن. وبعضهم يكتسبونها بالواسطتين معاً، فهم يقرأون بشكل جيِّد، ويستمعون لأساتذتهم ومعلّميهم بإنصات جيِّد.

 

طرق اكتساب المعلومات:

إنّ طرق الاكتساب الثلاث التي ذكرناها صحيحة، ولكن تحتاج إلى ملاحظات وبعض الإجراءات التي لابدّ منها لتحقيق النجاح بجهد أقلّ.

 

الاكتساب بواسطة العين:

يميل الطالب الذي يكتسب علومه ومعارفه بهذه الطريقة إلى القراءة لمرّات متعدّدة لمنهاجه، ولا يستطيع أن يتابع درساً إلّا وبين يديه قلم وورقة يدوّن فيها الملاحظات والفوائد التي يقدّمها المدرِّس أو المحاضر، ويذهب الطالب بعدها إلى البيت ويجدّد تدوين الملاحظات والفوائد التي نقلها، ويصنّفها في دفاتر وكرّاسات، ويحافظ عليها بأناقة ما أمكن.

وعندما يقترب العام الدراسي من نهايته يعاود الرجوع إليها، ليجدّد فهمه لما فيها، وليحفظ ما شاء الله له أن يحفظ، بالإضافة إلى عودته إلى كتبه المقرّرة. وتكون هذه الطريقة شغله الشاغل، ولا يستطيع أن يستغني عنها بشكل من الأشكال، بل إنّه إذا أضاع أحد كراريسه فإنّه يحزن كثيراً وكأنّ شيئاً ثميناً لا يُعوَّض قد فَقَدَهُ.

وهذه الطريقة فعّالة من جانب، وغير فعّالة من جانب آخر، وهي ذات خطر كبير على بعض الطلبة، لأنّهم قد كدّسوا المعلومات في أوراق ودفاتر وكراريس، وكأنها هي التي ستنوب عنهم في تقديم الامتحان، بل يصبح الدفتر كأنّه جزء أساسي من شخصية الطالب، فهو في يده حتى قبل أقل من ساعة من موعد الامتحان، يقلّب صفحاته ويذاكر ما فيه. وبعد الامتحان يحفظه في مكان معروف، كي يرجع إليه في الأيام القادمة.

والجانب غير الفعّال في هذا الطريقة أنّ الذاكرة البشرية قد أُهمِل دورها، وبالتالي لم يعد للحضور الشخصي للطالب بمعلوماته التي يجب أن يكون قد حصّلها كبير أهمية، فهو يرى أنّه قد قدّم الامتحان بكفاءة، وأنّ ما في ذاكرته البشرية من معلومات لا بأس عليه أن يتناقص، لأنّ المعلومات موجودة في الورق، على الدفتر الذي خبّأه ليوم قادم، وقد لا يأتي هذا اليوم، ولا سيّما إذا كان قد نجح في ذلك المقرّر بعلامات جيِّدة.

 

الاكتساب بواسطة الأذن:

والطالب الذي يعتمد على الأذن يتمكّن من حفظ مقبول لما سمعه، وربّما كان هذا الحفظ شبه تامّ، ويستطيع أن يفهم ما سمعه بالتدريج وليس في ساعة التلقّي، ثم إنّه يجد صعوبة في القراءة من الكتاب، لأنّه يرى أنّ ما تلقّاه كان كافياً، وإذا عاد إلى كتبه فإنّه يقلّبها بسرعة، وفي أحيان كثيرة يستطيع أن يستعيد نسبة لا بأس بها من الدرس أو المحاضرة لمجرّد تذكّره للعناوين.

هذا الطالب قد يتقدّم إلى الامتحان ويحصل على علامات جيدة في أغلب المقرّرات، أو في نصفها على الأقلّ.

لكن ممّا يؤخذ على هذه الطريقة أنّها تعتمد على محبّة الطالب للمحاضر، فإذا لم يُعجَب الطالب بالمدرِّس أو المحاضر لم يحفظ شيئاً ممّا سمعه، وهذا في حدّ ذاته إشكال كبير في التحصيل.

ثمّ إنّ المعلومات في ذاكرة الطالب تتراجع شيئاً فشيئاً دون أن يدري، أو دون أن يبدي كبير اهتمام بذلك، فتتناقص معلوماته، ولا يبقى لديه منها إلّا الذكريات الطريفة التي مرّ بها.

إنّ هذه الطريقة تحمل من المزاجية الكثير، ولها مخاطر، ولكن يمكن تلافي هذه المخاطر، وسنرى ذلك.

 

الاكتساب بالواسطتين معاً:

ونجد بعض الطلّاب الذين يجمعون بين الطريقتين معاً، فينتبهون إلى الأساتذة والمحاضرين، وينقلون من ملاحظاتهم ما يثير الاهتمام فقط، ويعودون إلى بيوتهم، ليفتحوا كتبهم ومقرّراتهم، فيعاودون الدراسة من جديد.

أو يكتفون بما حفظوا من سماعهم، أو ما ذاكروا فيه بأعينهم، ولكن على نحو يسير قليل جداً، وقبيل أيّام الامتحان فقط، معتمدين على ثقتهم بأنفسهم بما حصّلوا من معارف وعلوم.►

 

المصدر: كتاب النجاح في العمل والدراسة

ارسال التعليق

Top