تزايد الإقبال على شبكة الإنترنت خاصة في أوساط الشباب والأطفال وسوء استخدامه في بعض الأحيان متمثلاً في قضاء أوقات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف النقالة، وهو ما يعرف بـ"إدمان الإنترنت"، الظاهرة التي تفشت بين أوساط الشباب.
بداية يقول الدكتور فيصل النويس: إنّ هناك العديد من الدراسات والمؤتمرات العلمية المتخصصة لبحث ودراسة الآثار النفسية والاجتماعية لسوء استخدام شبكة الإنترنت، منها دراسة لـ"كيمبرلي يونج" أستاذة علم النفس، والتي قامت بتأسيس وإدارة مركز الإدمان على الإنترنت لبحث وعلاج هذه الظاهر، والتي عرّفت إدمان الإنترنت بأنّها استخدام الإنترنت لمدة تزيد على 38 ساعة أسبوعياً.
وينوه بأنّ هناك أسئلة يجب أن يسألها الشخص لنفسه خاصة ممن يقضون ساعات طويلة على الإنترنت منها: هل تعاني من أعراض الانقطاع الانسحابية كالاكتئاب والقلق وسوء المزاج؟ ويقول الدكتور النويس: إنّ العلماء قد اختلفوا حول مفهوم كلمة "إدمان" ففي حين لا يعتبرها البعض أنّها تنطبق فقط على المواد التي قد يتناولها الإنسان، ثم لا يستطيع الاستغناء عنها، إلّا أنّ البعض الآخر يعتبر هذا المفهوم ضيّقاً حيث يرون أنّ الإدمان هو عدم قدرة الإنسان على الاستغناء عن شيء ما.. بصرف النظر عن هذا الشيء طالما أنّه استوفى بقية شروط الإدمان من الحاجة للمزيد منه بشكل مستمر حتى يشبع حاجته حين يحرم منه، ولا خلاف على أنّ هناك عدداً كبيراً من مستخدمي الإنترنت يسرفون في استخدامها حتى يؤثر ذلك بشكل كبير في حياتهم الشخصية.
مشكلات الإدمان:
وعن مشكلات إدمان الإنترنت قال النويس: إنّ نتائج الدراسات التي تمت بهذا المجال أفادت بأنّ أكثر مجالات استخدام المدمنين للإنترنت هي غرف الحوارات الحية "الشات" حيث يقوم الناس بالتعرف إلى أصدقاء جدد، ويقضون أوقاتاً طويلة في الثرثرة معهم عن الجنس والدخول على مواقع تسهل هذا الأمر وهو ما يسمى "إدمان المواقع الإباحية والفضاء الجنسي"، وقد يقوم الشخص بعمل علاقة غرامية افتراضية تستغرق شهوراً، أو سنوات وأحياناً ما تتطور إذا أتيح اللقاء بين الطرفين. ونوه بأنّه يصعب علاج إدمان الفضاء الجنسي بسبب عدم قدرة الشخص على الامتناع، إضافة إلى أنّ المواقع الإباحية قد توفر الإشباع الجنسي الفوري مما يتسبب في جذب الشخص إلى عالم الخيال الجنسي، وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة في إقناع الشخص لكي يتعايش مع الواقع، مؤكداً أنّ الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وغيرها تسببت مؤخراً في زيادة حالات الطلاق وتسببت في الكثير من الألم العاطفي والأضرار الكثيرة التي أثرت في استقرار الحياة الزوجية.
مواقع الألعاب:
ويشير النويس إلى أنّ هناك مجالاً آخر يسرف فيه المدمنون ألا وهو مواقع الألعاب والتي تماثل ألعاب الفيديو جيم، والتي تجذب الفئة العمرية الأصغر وما ينتج عنها من عمليات شراء لبعض الألعاب واستغلال الأطفال والشباب والمشاركون في هذه الألعاب لدفع المزيد من المال وإجبارهم على ذلك وهو ما يسمى "إلزام الإنترنت"، وتشكل خطورة شديدة على الأطفال والمراهقين لعدم وجود رقابة كافية على هذه المواقع ولسذاجة هذه الفئة من المجتمع، منوهاً بأنّ هذه الألعاب كثرت جداً وتنوّعت وازدادت فيها وسائل التشويق والإثارة عن ذي قبل.
وينبه إلى أنّ إدمان الألعاب على الإنترنت قد يفقد الشخص صلته بالواقع مما يسبب رفض الشخص الطعام والنوم خلال اللعب واختيار العزلة التامة والعيش في عالم الأوهام، مؤكداً أنّ هناك أكثر من شخص توفوا أثناء انهماكهم في لعب هذه الألعاب.
درجات الإدمان:
وعن أعراض إدمان الإنترنت وكيفية العلاج ووضع الحلول قال الدكتور ناصر الريامي: إنّه من الضروري أن يتعرف الناس إلى المشكلات الصحّية الجمة التي تصيب مدمن الإنترنت الذي لا يستطيع النوم لفترات طويلة مما يسبب له الإرهاق الشديد ويؤثر سلبياً في قوة الإبصار لديه إضاف إلى إصابته بأمراض الظهر وآلام الفقرات وتشوهها نتيجة للجلوس لفترات طويلة في وضع ثابت، والكثير من أمراض السمنة نتيجة قلة الحركة وما تسببه من أمراض مرافقة، ويصاب بالصداع ويعتريه نوع من الخمول والأرق والحرمان من النوم وعدم الاستفادة بالقسط الكافي من ساعات الراحة.
لفت الريامي إلى أنّ هناك درجات لإدمان الإنترنت فمثلاً لا يشترط حتى يكون الشخص مدمناً للإنترنت أن يقضي عشر ساعات يومياً ليطلق عليه لفظ مدمن إنترنت، ولكن هناك درجات متفاوتة للإدمان هي منخفضة، فأعلى، فأعلى حتى يصل إلى قمة الإدمان وعندها لا يستطيع أحد أن يساعده على التوقف والعلاج إلّا بمنتهى المشقة والصعوبة وتصنف درجات الإدمان إلى متدني، متوسط، وآخرها حاد الإدمان.
وعن الطرق والنصائح للحد من مشكلة إدمان الإنترنت، يقول الريامي: إنّ هناك عدة طرق لحل المشكلة منها "ممارسة العكس" ويتم ذلك بمحاولة كسر الروتين أو العادة التي يتبعها الشخص أثناء استخدامه اليومي للإنترنت، أيضاً من الممكن استخدام "بطاقات للتذكرة" وفيها يكتب الفرد الآثار السلبية للاستخدام المفرط للإنترنت ويضعها في مكان قريب نصب عينيه.
يضيف أنّه من الممكن أيضاً "استخدام ساعات التوقف" والتي يتم ظبطها لوقت محدد حتى تعطي جرساً عند الوصول إلى هذا الوقت الذي تم تحديده، وهناك طريقة أخرى، وهي عمل "قائمة شخصية" وفيها يكتب الشخص قائمة للمهام التي يجب أن ينجزها أثناء اليوم وتنظيم الوقت أثناء تنفيذ هذه القائمة.
وينصح الريامي أولياء الأمور لعلاج إدمان الأطفال والمراهقين بأن يتبعوا أسلوب الحد من ساعات استخدام الكمبيوتر والأجهزة الذكية، مع عدم وضع هذه الأجهزة في غرف النوم، وأن يتواجد الكمبيوتر في مكان عام في وسط المنزل وليست غرفة مغلقة حتى يتسنى للوالدين مراقبة الأطفال عن قرب.
إيجابية وسلبية:
ومن جهة يقول ايميل نصيف مدير بإحدى شركات البترول: إنّ استخدام الإنترنت بات من الأمور المهمة والتي تفرض على الإنسان سواء في عمله أو حتى من أجل التثقيف والاطلاع على أحدث مجريات الأمور، معتبراً الإنترنت بالنسبة له أداة وليست غاية، وأنّه يستطيع التحكم في نفسه، وتنظيم أوقاته عند الاستخدام، مؤكداً أنّه ليس لديه موقع من مواقع التواصل الاجتماعي مثل "الفيس بوك".
يضيف أنّ الإنترنت، والذي يمكن أن يعرض عليه الكثير من الصور الفاضحة إضافة إلى ألعاب الإنترنت ونوادي النقاش حيث يقوم كلّ نادٍ أو مجموعة بتبني قضية معينة أو هواية معينة، ويتم عمل مقالات وحوارات بين المشتركين حولها، من الممكن أحياناً أن تكون هذه النقاشات إيجابية وتتم بطريقة سليمة، وأحياناً أخرى تكون سلبية.
ويشير إلى أنّ هناك آثاراً سلبية جداً للإنترنت وهي تدني العلاقات الأسرية الحميمة التي كانت تربط العائلة في السابق، حيث أصبح كلّ فرد مع هاتفه النقال في عالم آخر ولم يعد هناك اهتمام بالجلسات الحوارية التي كانت تضم أفراد العائلة في الماضي.
بدوره يرى عبد الفتاح الشرقاوي، موظف، أنّ وجود الإنترنت في مكان العمل، قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إضاعة جزء من وقت الموظف والعمل في اللعب على الإنترنت، أو استخدامه في غير مجال تخصصه، ويشكل ذلك مشكلة أكبر إذا كان الموظف مدمناً للإنترنت، حيث إنّ سهره طوال ساعات الليل يؤدي إلى انخفاض مستوى إنتاجيته وجودة أدائه.
كما أنّ الإنترنت فيه الكثير من السلبيات والتي أزعجت زوجتي في بعض الأحيان نتيجة لانشغالي عنها لأوقات طويلة داخل المنزل.
من جانبها، تقول أروى آل علي، موظفة، إنّ استخدام الإنترنت له إيجابيات كثيرة من خلال الاطلاع على الأشياء الثقافية والدينية والتواصل مع العالم بصورة أعم وأشمل والتعرف إلى أخبار العالم من الشرق إلى الغرب في ثوانٍ معدودة يمكن للجميع الاطلاع عليها.
أضافت أنّ الإنترنت أيضاً له أهمية كبرى في إنهاء المعاملات الخاصة بالعمل في وقت قصير وإنجازها على الوجه الأكمل، حيث إنّها تكون تحت رقابة وسيطرة الأمن الإلكترون.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق