◄تصور نفسك موظفاً في شركة ما تشعر فيها أنك جزء منها، وأنها جزء منك، وتشعر أن نجاح هذه الشركة هو نجاح لك، وأن تحقيق أهدافها وطموحاتها هو تحقيق لأهدافك وطموحاتك. تصور أن علاقتك مع زملائك في هذه الشركة تسودها روح الثقة والتفاهم والصراحة والاحترام، وأن مديرك يقدر جهودك، ولا يبخل عليك بالدعم والتشجيع. إذا كانت هذه هي مشاعرك تجاه الشركة التي تعمل فيها وتجاه زملائك ومديرك، فكيف سيكون ولاؤك لها؟ وكيف سيكون إنتاجك وعطاؤك فيها؟ وإذا كانت هذه المشاعر هي السائدة بين معظم أفراد هذه الشركة، فكيف ستكون كفايتها وإنتاجها وقدرتها التنافسية؟
بالمقابل تصور نفسك موظفاً في شركة أخرى تشعر أنك غريب فيها، ولا أحد يفهمك أو يقدر جهودك. تصور أن علاقتك مع زملائك في هذه الشركة تسودها روح الأنانية والشك وانعدام الصراحة، وأن مديرك لا ينصت إلى الآخرين، ولا يعرف إلا إصدار الأوامر وإنزال العقوبات. إذا كانت هذه هي مشاعرك تجاه الشركة التي تعمل فيها وتجاه زملائك ومديرك، فكيف سيكون ولاؤك لها؟ وكيف سيكون إنتاجك وعطاؤك فيها؟ وإذا كانت هذه المشاعر هي السائدة بين معظم أفراد الشركة فكيف ستكون كفايتها وإنتاجها وقدرتها التنافسية؟.
وما الفرق بين الشركتين الأولى والثانية؟ الفرق في طبيعة المشاعر السائدة بين أفراد كلٍّ منهما. إنّ المشاعر الإيجابية السائدة في الشركة الأولى لا تحدث مصادفة وإنما تأتي من خلال ممارسات وأساليب خاطئة في التعامل، يتبعها المدير أو قائد الشركة في تعامله مع موظفيه. "إذن تلعب المشاعر دوراً كبيراً في إنجاح أو إفشال أي شركة، وإن مدير الشركة هو الشخص المسؤول عن طبيعة المشاعر السائدة فيها".
القيادة فن التأثير:
إنّ القدرة على التأثير في الآخرين هي الصفة الأهم في شخصية أي قائد، لأنّ هذه الصفة هي التي تحدِّد فيما إذا كانت الصفات الأخرى ستعمل أم لا، فما قيمة صفة الذكاء والقدرة على التخطيط إذا لم يكن القائد قادراً على التأثير في الآخرين؟ أي قادراً على دفعهم إلى إنجاز الخطط التي يضعها. يورد دانييل غولمان في كتابه (القيادة الأساسية) قصة إحدى الشركات العالمية التي عينت في أحد فروعها مديراً تنفيذياً يتمتّع بذكاء باهر، فأحدث تغييرات استراتيجية لا تعوزها العبقرية، لكن آلاف الشكاوى انهالت على الإدارة العامة من الموظفين الذين كانوا يعترضون على هذه التغييرات، وكانت النتيجة أن فُصل المدير من منصبه بعد عام من تعيينه. لقد أحدث تغييرات ضرورية ومهمة، لكنه لم يقنع الموظفين بها، ولم يقدر على التأثير فيهم، ودفعهم إلى العمل بمقتضاها.
إنّ أفكار القادة الصائبة واستراتيجياتهم الدقيقة لا قيمة لها إذا أخفقوا في تحريك مشاعرنا نحو الاتجاه الصحيح الذي يؤدي إلى تطبيق هذه الاستراتيجيات. إنّ القادة الحقيقيين هم أولئك الذين يحركوننا في الاتجاه الذي يريدونه، قد نقول عنهم: إنّهم أصحاب رؤية واضحة واستراتيجيات صائبة، لكن ذلك لا يكفي لجعلهم قادة، إن ما يجعلهم قادة هو قدرتهم على التحريك والتأثير، أي قدرتهم على التحكم في مشاعرنا. ومن هنا تأتي أهمية الذكاء العاطفي في صنع القائد الناجح، فالذكاء العاطفي يعني أن تكون ذكياً في تعاملك مع العواطف، سواءً أكانت عواطفك أم عواطف الآخرين، وإذا كان الذكاء العاطفي يلعب دوراً بنسبة 70% في تحقيق النجاح بشكل عام فإنّه يلعب دوراً بنسبة 90% في تحقيق النجاح في المهام القيادية.
"الناس لا يهتمون بمن لا يهتم بهم، القائد الناجح هو الذي يهتم بأتباعه".►
المصدر: كتاب الذكاء العاطفي في الإدارة والقيادة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق