• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لا تجعل قراراتك سبباً في فشلك

لا تجعل قراراتك سبباً في فشلك

قديماً، حاول الإغريق والرومان لعدة عقود، كسر الرقم القياسي لسباق الجري وهو أربع دقائق للميل الواحد، باعتبار أن ذلك الرقم هو الرقم القياسي الذي يستحيل تخطيه.

بقي حاجز الأربع دقائق ثابتاً كما هو، حتى قرر شاب إنجليزي يدعو "روجر بانيستر" أنه سيحطم هذا الرقم، وحطم "بانيستر" هذا الرقم الصعب تحطيمه، واستطاع أن يقطع الميل في زمن قدره 3 دقائق و59.6 من الثانية يوم 6 مايو عام 1954م، وأصبح بطل العالم في الجري، ومُنح لقب الفارس.

وسبب سردي لهذه القصة هو أن أركز على ما حدث بعد ذلك، والذي اعتقد أنّه أكثر أهمية من الحدث نفسه، فعلى امتداد السنوات الأربع التالية من فوز بانيستر، استطاع أكثر من أربعين شخصاً تحقيق رقم "بانيستر" في أقل من أربع دقائق!!

 

أرأيت كيف تتغير القناعات التي هي مصدر القرارات؟

 فالرقم غير القابل للتحطيم أصبح الآن يُحطم بشكل متكرر تماماً، وتغير الاعتقاد بالقرار،

فالقول بأنّه يمكنك الآن أن تجري الميل في أقل من أربع دقائق، أصبح تصريحاً مسلماً به بمجرد أن جميع من حطَّموه قرروا ذلك.

ألا تتفق معي في أن السبب في عدم تخطي الحاجز قبل "بانيستر" من قبل الأربعين شخصاً كان وهمياً.

فالتغيير-دائماً- يعتمد بشكل كبير على اتخاذ القرار، ولابدّ أن تكون متأكداً، أن كلّ إنسان على وجه الأرض، لديه القدرة على اتخاذ القرار، الذي يؤهله للوصول إلى الهدف المنشود، والذي سيصله إن أراد هو ذلك.

إن اتخاذ الخطوة الأولى هو أمر يرجع إليك بشكل كامل وقاطع. وهو بداية النجاح ويتطلب قراراً جاداً وقوياً ويحتاج إلى قناعة بإمكانية الوصول والمتابعة كما هي السباحة في الماء.

فإذا تراجعت، فإنّ السبب قد يكون هو قناعتك أن درجة حرارة الماء قد لا تكون مناسبة في البداية، كذلك التغيير عادة ما يبعث على الشعور بعدم الراحة في أول الأمر، ولكن مع مرور الوقت وخلال فترة قصيرة، فسوف تشعر أنّه مناسب لك تماماً، بل ويمكنك حتى أن تشعر بروعته.

إذاً لا تجعل قراراتك المتذبذبة والضعيفة سبباً في فشلك.

                             فكرة ملهمة                    

لتتعايش مع التغيير وتجني من ورائه أفضل النتائج، فأنت بحاجة لمبادىء لا تقبل التغيير

ستيفن كوفي

 

 إياك والتفريط في قراراتك

اعلم أن القرار ينبغي أن يتبعه التنفيذ، فالقرار دون تنفيذ يعني الإحباط وانخفاض الهمة عن بلوغ ما تطمح إليه، هذا بالإضافة إلى المعوقات التي لم تكن بالحسبان، والتي قد تعترض طريقك، حينها قد يشعر الإنسان أنّه غير كفء، ويبدأ بلوم نفسه على ما فرّط.

فأنا لا أريدك فقط أن تتخذ قراراً بالتغيير، بل أريدك أن تلتزم بتنفيذه، وتتذكر دائماً العهد الذي عاهدت نفسك فيه على التغيير.

فمن هذه اللحظة احرص على الالتزام الصارم بالتخلص من عاداتك السلبية، من أجل تحقيق النجاح في عملية التغيير.

وتذكر دائماً أن الحلم يبقى حلماً، ما لم تلمسه على أرض الواقع.

فكرة ملهمة

كلّ شيء يبدأ بك أنت ساعة تقرر ما الذي سوف تفعله بحياتك

توني دورسي

 

 الحلم يبقى حلماً

انتوني روبنز، تكلم عن دور التحكم بالذهن والعواطف والقدرات في جعل حياتك أفضل، فأول شيء تكلم عنه هو "القرار"، وتحدث عن مقابلة لأحد أغنياء أمريكا المشهورين -وكان أسود البشرة- حين سألته المذيعة في مقابلة تلفزيونية: كيف أصبحت غنياً؟ فقال لها: "قررت" أن أصبح غنياً ففشلت، ثم حاولت وفشلت، ومرة أخرى حاولت وفشلت، حتى وصلت محاولاتي سبعاً وعشرين مرة.. في كل مرة أحاول وأفشل، وفي المحاولة السابعة والعشرين نجحت!!

ولما سألته: ولماذا حاولت كلّ هذه المحاولات..؟ فقال: أقول لك قررت أن أصبح كذلك ولم أكتف بالتمني.

فالتمني هو بمثابة الحلم، والحلم بعيد عن التحقيق.. إن لم نقرر تحويله إلى حقيقة، وهذا ما حدث مع أحد المتدربين عندي بالضبط.

الآن وقبل أن يُغلق باب التسجيل

قال لي أحد المتدربين في إحدى الدورات التي كنت أقدمها لما أخذته الحماسة العلمية وقال لي: أنّه يريد أن يكمل دراسته للحصول على شهادة الماجستير، فقلت له: ومن يمنعك..؟ فقال لي: سأبدأ على الفور بعد إنهاء هذه الدورة، فقلت له: إذاً أنت لم تقرر بعد!! فقال لي: لقد قررت، قلت له: إن كنت قد قررت فمن الآن، ينبغي أن تقدم على التسجيل في إحدى الجامعات، وسأزودك بأسماء الجامعات التي تستطيع من خلالها إنجاز ما عزمت عليه، وهذا ما يعنيه كونك قد قررت.. وهو أن تبدأ من الآن.

وبالفعل، أخذ مني العناوين والأرقام ولم أره لمدة سنتين، إلى أن التقينا في احتفالات تخرج

 العالمي، دفعة من المتدربين في أحد البرامج، فإذا به يلقي كلمة الخريجين!! فلما رآني ضمن الحضور قال في كلمته: أنا لا أنسى كلمة الدكتور صلاح العبدالجادر عندما قال لي: إذا كنت قد قررت فسجَّل من الآن، ولو أنني لم أسجل في نفس اليوم لما كنت قد حصلت على شهادة الماجستير، فلقد كان ذلك اليوم هو آخر يوم في التسجيل للسنة الدراسية، ولربما كنت لا زلت أتمنى وأحلم بحصولي على درجة الماجستير.

فمجرد قراره كان معناه حصوله على ما يريد، فابحث عن مفتاح قرارك، وحدد إلى أين تتجه.

 

التردد يعني الفشل

وإليكم قصة متدرب آخر، تردد في التقدم لمنحة دراسية قبل خمسة عشر عاماً، متوقعاً أنّه لن تسنح له الفرصة، حين تم الإعلان من قبل مؤسسة البترول الكويتية عن ثماني منح لشركاتها التابعة، حيث كان مخصصاً للشركة التي يعمل بها منحتان للابتعاث.

كانت المفاجأة أنّه لم يتقدم أحد من قبل شركته لتلك المنحتين، فكان تردده سبباً في فوات فرصة ثمينة.

فاعلم جيداً، أن حاضرك هو نتيجة قراراتك في الماضي، ومستقبلك هو أيضاً يعتمد على قراراتك في الحاضر، وانظر كيف تكون قراراتك وحدد اتجاهاتك.

 

قرارك يحدد ارتفاعك

كن تماماً مثل الطيار الذي يقود الطائرة، وتخيل أنك تملك كلّ درجات التحكم تحت أصابعك لتسمح لنفسك بقرار الإقلاع، ولتطير الطائرة على أي ارتفاع تريده، فبشكل أساسي تكون القرارات التي تتخذها، هي التي ستحدد أين سينتهي بك المطاف.

وما أريد فعلا أن أقدمة لك وأنبهك إليه هنا هو الطاقة الكبرى لعقلك الباطن، والقرارات التي تُتخذ من هذا العقل المدبر، والتي تحدث تغييراً إيجابياً في شخصك وحياتك كلها.

فنحن جميعاً معتادون على القرارات العادية التي نتخذها في البيت أو العمل، مثل (ستذهب لتناول الغذاء في الثانية عشرة ولمدة ساعة، أو ستأخذ أطفالك الليلة لنادي ألعاب رياضية صغيرة) فتكون هذه قرارات مُدركة.

فاصنع قرارك بنفسك نحو التغيير، وحطم كل عوائق التغيير باتخاذ قرارات إيجابية.

فكرة ملهمة

التركيز إشعاع لا ينطفىء

 

اتخذ قرارات محددة

روى لي أحد الأصدقاء قصة فتى كان يعمل والده خبازاً، فعندما رأى والده منه مدى شغفه بالإنشاد ومدى جمال صوته، شجعه على تلقي دروس في الإنشاد، ولكنه كشاب كان يرغب في الالتحاق بالجامعة ليصبح مدرساً، وهو ما فعله.

بعد التخرج، طلب هذا الفتى من أبيه أن يساعده في تقرير ما يفعله في حياته.

فقدم والده له النصيحة التالية، فقال: "إذا حاولت أن تجلس على مقعدين، فإنّك ستسقط بينهما، اختر دائماً مقعداً واحداً لتجلس عليه".

فقرر هذا الفتى- بعد نصيحة أبيه- أن يمضي في طريق الإنشاد، وواجه سنوات عدة من الإحباط واليأس قبل أن يظهر لأول مرة على المسرح بشكل احترافي.

ويذكر هذا الفتى دائماً أن نصيحة والده كانت أهم درس في حياته.

فسواء كنت خبَّازاً أو فنّاناً أو رجل أعمال - أياً كان ما يشغلك - التزم به.

فتركيزك سيزيد من نضجك وخبرتك وبالتالي نجاحك.

اختر أمراً واحداً وركز عليه، ثم قم به بكل الحماس والحب.

انغمس حتى أذنيك في حياتك الحالية، وحافظ على عاطفتك مهما حدث، وعندما تختبر الحياة، وعندما تدير ظهرها لك، تماسك، وقرر، ولا تتنازل أبداً عن هدفك باتخاذ قرارات إيجابية محددة.

ولكن.... لابد أن: تتخذ القرارات التي تستطيع تنفيذها

 

لماذا لا نستطيع أحياناً تنفيذ القرارات التي نتخذها؟

أحد الأسباب هو أن الناس تكون لديهم توقعات بعيدة وغير واقعية.

على سبيل المثال، قد يرغب البعض في تقليل وزنه، ويصر على إتمام هذا الأمر بأقصى سرعة.

لذا، عندما يقررون التخلص من عشرين كيلو جرام من وزنهم في ثلاثين يوماً فهم يكونوا قد بدأوا بتوقعات كبيرة وتصميم شديد.

ويستمر هذا لأسبوع تقريباً، ولكن لأن الهدف غير واقعي، فإنّهم سيكتشفون أن ذلك الهدف غير قابل للتحقيق، وعندها يصيبهم الإحباط، ويعلنون استسلامهم، أو يتجهون إلى العمليات الجراحية الخطيرة.

والسبب الثاني في فشل القرار أنّه يتطلب التزاماً، وفعلاً جاداً.

وكما هو في الأمثال: (فعل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل).

السبب الثالث في فشل القرارات هو عدم تحلي الأفراد بالصبر والمثابرة، فهم يتوقفون عند أول فشل يواجههم.

ربما أكبر أسباب فشلنا في الوصول إلى أهدافنا، هو أنّنا نضع الكثير من الأهداف والقرارات في نفس الوقت دون نظام أولويات واضح.

من الطبيعي أن نسعى إلى تحقيق عدد من الأشياء عندما نكون في حاجة إلى التغيير، وأن نحصرها جميعاً ونتعامل مع بعض منها في نفس الوقت، إلّا أن هذه الطريقة تعيق قدراتنا على الحصول على أي هدف بعينه بشكل كامل، فمن المستحيل في العادة أن نركز على أشياء متعددة في نفس اللحظة.

ونتساءل هنا، ما نوع التفكير الذي يقدم فرصة أفضل لمساعدتك في الوصول إلى قراراتك وأهدافك؟

والجواب كما قلت لك سابقاً، أولاً..... القضية هي قضية تركيز ليس إلّا

فلم لا تركز فقط على هدف واحد، وتوجه له كلّ اهتمامك وطاقتك دون غيره من الأهداف؟

فإذا ركزت على هذا الهدف ونجحت في قرارك، فإنّ نجاحك سوف يؤثر على كلّ أبعاد حياتك، ويمكنك استغلال هذه الطاقة في حل المزيد والمزيد من المشكلات في حياتك وتحقيق باقي أهدافك.

فعندما تمضي قدماً في ناحية واحدة من حياتك، فإنّك تمهد الطريق للتقدم في جميع النواحي الأخرى أيضاً، والأشخاص الأكثر حكمة يعرفون دائماً كيف يبدؤون بالقليل في تحقيق أهدافهم.

فالكثير يأتي فيما بعد، كمحصلة طبيعية، فأول الغيث قطرة.

السبب الأخير في فشل القرارات هو أن كلمة قرار نفسها عادة ما يكون لها وقع سلبي علينا.

فنحن نشعر أنّها تعني أن نحرم أنفسنا من بعض الأشياء.

ولكن في الواقع، كلمة قرار لها معنى رائع.

فكلمة قرار في الإنجليزيةDecision    

Resolvere تأتي من الأصل اللاتيني

والتي تعني حرفياً: "النظر إلى الوراء وحل المشكلات".

وهي أيضاً تعني "أن تحرر نفسك"؛ بمعنى أن تكون حراً من أي قيود تقيدك.

وهذا يغير معنى الكلمة تماماً، أليس كذلك؟!

والآن، بعد أن علمت أن قراراتك هي التي ستحدد مدى نجاحك، وإلى أي مدى سوف تغير من اتجاهاتك؟

 

هل اتخذت قراراً حقيقياً؟

بالتأكيد... بوسعنا وبوسع أي مدرّب أو محاضر مساعدتك على بث الثقة في نفسك، ولكن يجب أولاً أن تكون أنت من يرغب ويقرر ذلك.

فالنجاح الحقيقي يتمثل في القرار والإصرار في مواصلة التدريب والعزم على إحداث التغيير، فالأمر بكامله يعود إليك، فإذا أردت تحقيق النجاح، فلتحمل على عاتقك مسؤولية القيام بذلك والالتزام به.

إن الحقيقة ببساطة هي: أن مواصلة نفس السلوك سيؤدي حتماً إلى تحقيق نفس النتائج، ولتغيير النتائج لابد من تغيير السلوك، باتباع أساليب متجددة.

فشمر، وواصل، واتخذ القرار.

 

إليك فكرة من أجلك..

من الآن احرص على الالتزام الصارم بالتخلص من عاداتك السلبية، ثم اجعل لنفسك كل أسبوع ساعة، تستعرض فيها قراراتك الإيجابية، ثم اختر قراراً واحداً وركز عليه، وقم به بكل حماسة وإصرار.

ولكن..

احرص على أن تتخذ القرارات التي تستطيع تنفيذها.

 

المصدر: كتاب حّرك مياهك الراكدة

ارسال التعليق

Top