• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

قلبُ شهرِ رمضان ليلةُ القدر

عمار كاظم

قلبُ شهرِ رمضان ليلةُ القدر

ليلة القدر المباركة فرصة منحها الخالق عزّوجلّ لعباده، ليعودوا إلى فطرتهم في الإيمان والتقوى، وهي أعلى درجات تنقية النفس من شوائب الدُّنيا وإغراءاتها الزائلة. أنّها ليلة مباركة، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) (الدخان/ 3). هي أفضل ليلة على الإطلاق، يقول تعالى: (لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِن ألفِ شهرٍ) (القدر/ 3)، فلم يرد تفضيلُ ليلة بهذا الشكل نهائياً. ثمّ إنّ شهر رمضان هو أفضل الشهور، وليلة القدر أفضل ليلة في شهر رمضان، ولذا قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «قلبُ شهرِ رمضان ليلةُ القدر». كما قال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله اختار من الأيّام يوم الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر». وزيادة في تفضيل هذه الليلة المباركة فقد خصّها الله تعالى بسورة تُعرف باسمها (سورة القدر). ومن عظمة هذه الليلة أن يكون قدرها مقروناً بالقرآن، فهي الليلة التي قُدّر أن ينزل القرآن فيها، فازدادت عظمةً وشرفاً بذل، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر/ 1).

ومن فضائل هذه الليلة العظيمة:

- يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/ 4).

- فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).

- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (القدر/ 4).

- ليلة خالية من الشرّ والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبرّ، وتكثر فيها السلامة من العذاب، قال تعالى: (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر/ 5).

رُوِي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دخلت العشر الأواخر من شهر رمضان شدّ المِئزرَ واجتنبَ النِّساء، وأحيا الليل وتفرّغ للعبادة». وفي رواية عن الإمام عليّ (عليه السلام): «أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يوقظ أهلَه في العشر الأواخر من شهر رمضان، وإذا دخلت تلك الليالي دأب في العبادة وأدب أهله فيها».

وهناك آراء متعدّدة حول تحديدها، فبعضهم يقول بكونها الليلة السابعة والعشرين، وبعضهم يقول إنّها الليلة الأخيرة، وآخرون يقولون بأنّها ليلة من ليالي شهر رمضان. أمّا الدليل القاطع على كون ليلة القدر في شهر رمضان، فهو ما ورد في الكتاب العزيز: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (البقرة/ 185)، وبالإضافة على هذه الآية قوله تعالى: (إِنّا أنْزَلْناهُ في ليلة القَدْرِ)، فالآية الأولى تؤكّد نزول القرآن في شهر رمضان، والآية الثانية تؤكّد نزول القرآن في ليلة القدر؛ لذا فلابدّ أن تكون ليلة القدر في هذا الشهر الفضيل.

إذن في هذه الليلة المباركة، يقف الإنسان أمام منعطف الطريق، يقف عند هذه الليلة، يضع عند اعتابها كلّ أيّامه وساعاته وكدحه، وينتظر الرحمة الربّانية في إصدار قرارها. ومن هنا نعلم لماذا أراد الله عزّوجلّ أن تكون ليلة القدر هي ليلة عبادية، ليلة أُريد لها أن تُحيا بطاعة الله، وبالتوجّه له بكلّ حاجاتنا ومطالبنا، علّ الله يستجيب دعاءنا، ويغفر ذنوبنا، ويحقّق أمانينا.

ارسال التعليق

Top