• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

النسب الشريف للسيِّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

عمار كاظم

النسب الشريف للسيِّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

إنّها السيدة الجليلة فاطمة الزهراء (عليها السلام).. البضعة الطاهرة المباركة.. الابنة البارة.. والمجاهدة الصابرة.. إنّها فاطمة البتول (عليها السلام). مَن ذا يضاهي في الفخار والنسب الطاهر الشريف أباها المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وأُمّها خديجة الكبرى (عليها السلام) إنّها فاطمة الزهراء (عليها السلام) ذات الأصل العريق وسلالة العترة النبويّة الكريمة.. إنّها أُم أبيها، كلّ ما فيها يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت أحبّ الناس إلى قلبه (صلى الله عليه وآله وسلم).

فاطمة التي تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض.. فاطمة قطب رحى الوجود.. فاطمة التي في رضاها رضا الله. عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إنّما سميت فاطمة محدّثة، لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين. يا فاطمة، اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدّثهم ويحدّثونها. فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: إنّ مريم كانت سيِّدة نساء عالمها، وإنّ الله عزّوجلّ جعلك سيِّدة نساء عالمك وعالمها، وسيِّدة نساء الأوّلين والآخرين».

لقد كانت أخلاق فاطمة (عليها السلام) كأبيها، طيِّبةً وعطفاً ورحمةً مع الجميع بلا استثناء، كانت الزهراء (عليها السلام) زوجةً وكانت أُماً، ويحدّثنا تاريخها أنّها عاشت مع زوجها كأفضل ما تكون الزوجة، محبّةً ووفاءً وطاعةً ورعايةً، ولذلك ينقل تاريخها أنّها في أيّامها الأخيرة عندما أوصت الإمام عليّاً (عليه السلام) بوصاياها قالت له (عليها السلام): «ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عرفتك»، فقال لها (عليه السلام): «أنت أبرّ وأتقى وأعرف بالله من أن أوبِّخك في شيء من ذلك». كانت ترعى زوجها، وزوجها مثقل بمسؤولية الجهاد، كان يخرج من حرب من حروب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليدخل في حرب أُخرى، ولم تتأفّف من ذلك بكلّ ما يمكن أن يفرضه ذلك من ضريبة قاسية على كلِّ نساء المجاهدين، وكانت مثقلةً بالأولاد، ولكنّ ذلك كلّه لم يمنعها من أن تخلص لدورها في البيت كزوجة وأُم، ترعى أولادها، كما ترعى أباها بأفضل ما تكون الرعاية.

وتُحدّثنا سيرتها أحاديث متنوّعة عن ذلك. فقد قدم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من سفره ذات يوم، فرآها وقد اشترت ستاراً لبيتها وسوارين من الفضة، فتجاوز عنها وقد عرفت الغضب في وجهه.. وعرفت فاطمة (عليها السلام) ماذا يثقل روح النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا رأى، فنـزعت الستار عن بابها، وخلعت السوارين عن يديها وبعثت بهما مع ولديها (عليهما السلام) وقالت: «أقرِئا أبي عنّي السلامَ، وقولا ما أحدثْنا بعدَك غيرَ هذا فشأنك به».. فانفرجت أسارير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذه الالتفاتة الروحية من ابنته، وهذه الاستجابة الواعية لدعوته، وما كان منه إلّا أن قسّم ذلك بين الفقراء الذين لا يملكون ثوباً ولا يجدون قوتاً، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «قد فَعَلَتْ.. فِداها أبوها.. ثلاث مرّات، ما لآلِ محمّدٍ وللدُّنيا، فإنّهم خُلِقوا للآخِرة».. تلك هي بعض الشواهد التاريخية التي تعطينا المَثَل على أنّ شخصية الزهراء (عليها السلام) كانت منطبعة بطابع شخصية النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فليس بينها وبين أن ترفض الدُّنيا إلّا إشارة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ورغبته لها في الترفّع عن كلّ ما يربطها بها ويشدّها إليها. وهكذا كانت الزهراء (عليها السلام) منسجمةً كلّ الانسجام مع الخطّ الإسلامي الأصيل الذي انطلق في الحياة من خلال تعاليم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلم تستسلم إلى صلتها الوثيقة بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسكن إلى هذا الشرف العظيم.. فالسلامُ عليكِ يا بضعةَ رسولِ اللهِ، السلامُ عليكِ يا حبيبةَ حبيبِ اللهِ، السلامُ عليكِ يا ممتحنةَ اللهِ الصابرة، السلامُ عليكِ أيّتُها الصِّديقةُ الطاهرةُ، السلامُ عليكِ أيّتُها الصفيةُ الباهرةُ.

ارسال التعليق

Top