• ٢٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

قُدسيّة المسجد الأقصى

عمار كاظم

قُدسيّة المسجد الأقصى

ارتبطت قُدسيّة المسجد الأقصى في العقيدة الإسلامية منذ أن كان القبلة الأولى للمسلمينَ، فهو أُولى القبلتينِ حيثُ صلَّى المسلمون إليه في بادئ الأمر نحو سبعة عشر شهراً قبل أن يتحوَّلوا إلى الكعبة ويتخذوها قبلتهم بعد أنزل الله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (البقرة/ 144). هو مسجد مشَّرف أُسس على التقوى وبُني في عصر الإسلام، قال الله تعالى في سورة التوبة: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَاراً وَتَفرِيقاً بَينَ الْمُؤْمِنِينَ وَإرصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالُ يُحِبُّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (التوبة/ 107-108)، هذه الآيات تشهد لهذا المسجد العظيم بالعظمة، والخير والبركات.

وتوثقت مكانة المسجد الأقصى في نفوس المسلمين بحادثة الإسراء والمعراج، فالمسجد الأقصى هو مسرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما ورد في الآية الكريمة باسمه الصريح: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء/ 1). لقد وضعَ الحقّ - تباركَ وتعالى - بهذه الوثيقة الربّانية مسؤولية رعاية هذا البيت وحمايته، وصارت هذه الوثيقة آية تتلى في اليوم والليلة مُذكِّرة المسلمين بمسؤوليتهم تجاه الأقصى وما حوله فقد أُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس قبل الهجرة بعام، ومن بيتِ المقدس صَعدَ النبيّ إلى السماء فكان المعراج.

وقد رُبِطتِ الرسالة المُحمّدية بين مكانة كلٍّ من المسجد الحرام بمكّة المكرمة والمسجد النبويّ بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى بالقُدس المشرفة. وهذا يؤكّد مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، لذلك تقع على المسلمين مسؤولية حمايته ورعايته. إنّ المسؤولية تقع على عاتق المسلمين جميعاً والعرب جميعاً، وعلى الأحرار في العالم أن يتحرّكوا للدفاع عن المسجد الأقصى.

المسجد الأقصى حقّ المسلمين، لأنّهم ورثة الرسالات السماوية السابقة، وهو رمز اصطفاء الله تعالى لرسالة الإسلام خاتمة الرسالات السابقة تصدقها وتهيمن عليها، كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (المائدة/ 48). فالمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء السابقين، ويعتبرون تبجيلهم وتوقيرهم ركناً من أركان دينهم، ومن ثمّ فإنّهم أتباع هؤلاء الأنبياء، الأقدر على حماية هذا المكان المقدس، ولن يسود السلام إلّا بعودة الحقّ لأهله.

ارسال التعليق

Top