يبدأ تعليم الطفل النظام منذ سنواته الأُولى؛ ففي البداية يقوم الطفل بالتوافق مع نظام الغذاء والخضوع لنظام الوجبات، وكذلك موعد الذهاب إلى النوم في ساعة محدَّدة، وكلّ هذه الأُمور تحقق سمة الدقة والتنظيم في حياة الطفل؛ فيعرف أنّ للأشياء حدوداً وقيوداً لا يمكن أن يتجاوزها؛ فالأكل والنوم واللعب وغيرها ليست مجالات مفتوحة أمامه كما يريد، ولذلك يوجَّه إلى أن يأخذ منها كفايته دون تجاوز؛ وذلك حفاظاً على صحّته وصحّة الآخرين وراحته وراحة الآخرين.
لكن هناك طرقاً يجب اتباعها أثناء تعليمك إياهم للنظام، وأخرى يجب اجتنابها، وهي:
أوّلاً: أساس تعليم النظام هو الحب المتبادل والاحترام؛ فالطفل يطيع عندما يحب، ويعصي عندما يكره، وهكذا فإنّ النظام مرتبط إلى حد بعيد بالطاعة والمحبّة.
ثانياً: كي يكون النظام واقعياً ومقبولاً يجب ألّا يفوق قدرات الطفل، فلكلّ طفل قدراته المختلفة عن الآخر؛ فلا تصح المقارنة بينهم، فلكلٍّ ميوله وإدراكه وإمكاناته.
ثالثاً: عدم زعزعة مفهوم النظام في أذهان الأطفال كما يفعل بعض الأهل؛ فمرّة يطلبون تطبيق نظام معيّن، ويهملون ذلك مرّات أخرى، أو أن تطلب الأُم اتباع نظام معيّن، بينما يخالفها الأب، وهذا الاختلاف بين أوامر الأُم وأوامر الأب يخلق أضراراً تربوية في نفسيّة الطفل.
رابعاً: خير وسيلة لتعويد الطفل على النظام القدوة الحسنة؛ إذ إنّ الطفل بطبعه يحب التقليد؛ وكذلك يمكن جعل الأكبر هو القدوة للأصغر بدون ضغط عليه طبعاً أو تحميله مسؤوليات فوق طاقته.
خامساً: توزيع المهام على الأطفال، وتكليف كلّ واحد بما يستطيع من أعمال المنزل؛ ليتعوّدوا أنّ هذا منزلهم وهم مسؤولون عن ترتيبه ونظامه.
سادساً: مناقشة أسباب الأوامر وفي جدواها وصحّتها وفائدتها لهم ولمجتمعهم، فمن الأفضل تعويدهم على الطاعة المبصرة وليس الطاعة العمياء، وهذا مما يزيد ثقتهم في أنفسهم مستقبلاً.
سابعاً: يمكن ترك الطفل ليكتشف بنفسه مساوئ عدم تطبيق النظام؛ ليفهم من ذلك أهميّة تطبيقه، فمثلاً إذا كان الأطفال لا يعيدون الأشياء إلى مكانها؛ فنجعلهم يفتشون عنها، ونعلمهم أنّ هذا الوقت الذي يضيع في البحث سيقتطع من وقت لعبهم وليس من وقت دراستهم.
ثامناً: إذا كان النظام يتم بالتعويد والتقليد والتوجيه، فإنّ في انتظامهم على الصلوات الخمس في مواعيدها بداية طيِّبة لتنظيم الوقت، وتنظيم الحياة أن تكون مراعاة لحقوق الله عزَّوجلَّ قبل كلّ شيء، ثمّ أخذهم بالآداب الإسلامية، سواء في الطعام أو اللباس أو اختيار الأصحاب أو النوم أو أي مرفق آخر من مرافق حياتهم نظام متكامل لهم.
تاسعاً: ألّا نسمح لهم بمشاهدة برامج الأطفال على هواهم، بل يختاروا فيلماً كرتونياً واحداً أيام المدرسة بحيث يرونه وهم يتناولون طعام الغداء مثلاً، وبعد ذلك المذاكرة، ثمّ قسطاً من الراحة بعد دراسة ساعة مثلاً أو ساعتين، وهذا يختلف باختلاف عمر الطفل وقدرته على الاستيعاب.
الكاتب: د. جمال ماضي
المصدر: كتاب دليل الآباء والأُمّهات في تربية الطفل
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق