التفكير:
استخدام المعرفة السابقة في حلِّ المشكلات، وتشمل نشاطين مهمين:
· التفكير الناقد:
القدرة على توليد الاختيارات والمسوغات، وقبول المنطق والبرهان.
· التفكير الإبداعي:
إعادة ترتيب ما يعرف بطريقة تؤدي إلى معرفة ما لا يعرف.
وتظهر مهارات التفكير في الفعالية والقدرة على التعلم الذاتي، وتنظيم شؤون الحياة، والإنتاج في المجتمع، والتعاون، واتخاذ القرار المناسب، والابتكار، والإبداع، والتمييز في الخيارات المتعددة.
الذكاء:
قيل: هو صفة كلية للدماغ موروثة، ومنها تشتق كافة القدرات التفكيرية، وقيل: تعود بنسبة 80% إلى الوراثة و20% إلى البيئة، وأنّها تنمو من خلال الخبرات، والتعامل مع الكبار، ويمكن تحسينه وتنميته بالتدريب.
وقيل: التفكير مكوّن من مجموع لأنواع عدة من الذكاء منفصل بعضها عن بعض، وتعليم التفكير ينبغي أن يوجه لتنمية كلّ نوع من أنواع الذكاء المتعددة، وهي:
1- الذكاء اللغوي:
وهو بحاجة إلى تمرين يومي للنطق، والاستماع، والقراءة والكتابة، والكلام الداخلي، والمعرفة، والأداء.
2- الذكاء الرياضي (المنطقي):
ويتكامل مع مراحل نمو الإنسان، فيظهر في إدراك استمرارية الأشياء في الوجود، وتمييز صفات الأجسام وتحولاتها، وإدراك مفهوم العدد، والعمليات الحسابية المادية، ثمّ العمليات المجردة التي تستخدم الرموز والكلمات للدلالة على الأشياء، والقدرة على ربط المقدمات بالنتائج، والأسباب بالمسببات، ويتضمن افتراضات منطقية ضمنية، وحلِّ المشكلات في العلوم التطبيقية.
3- الذكاء البصري:
وهو فهم العالم المادي المرئي، وإعادة تصوير الخبرة المرئية في الذهن، وفهم العالم الخارجي، وهو مفتاح حلّ المشكلات، والرؤية الشاملة للخيالات المتناقضة.
4- الذكاء الحركي:
وهو ضبط الحركات، واستعمال العضلات، وفيه: التعامل مع الأشياء، والتركيب والبناء، والرمي، والركل، والقبض، والالتفات، واللياقة، والجري، والقفز، والتدحرج، والتسلق، والسباحة، والتوازن، والاتصال والتفاهم غير اللفظي.
5- الذكاء الاجتماعي:
وهو فهم الذات، والعلاقة مع الآخرين، وإدارة تلك العلاقة، والتعبير عنها بصورة تمكن من أداء مهمات الحياة بنجاح، ويمر بمراحل:
تبدأ من العلاقة بين الطفل وأُمّه، ويظهر فيها التركيز على الأنا منذ سن الثانية حتى مرحلة المراهقة.
ثمّ تأتي مرحلة النضج الاجتماعي؛ أي: الشعور بالمجتمع وأهمية تكوين العلاقة السوية معه، ويحتاج في ذلك: القدرات الطبيعية، والمثيرات من الوالدين والمعلمين، والمجتمع الثقافي المناسب لينقح قدراته ويثقفها، ويتبلور ذلك في نشاطات تعليمية تهيئ للطلاب تنمية المهارات والاتجاهات والقيم.
أوّلاً- تصميم برامج خاصة لتنمية التفكير:
1- تسريع التفكير:
ويرتكز على تنمية مهارات التفكير في مجال العلوم، وتكوّن من ثلاثين نشاطاً، تعطى لها حصة إضافية مدتها ساعة ونصف على مدى سنتين بمعدل نشاط واحد كلّ أسبوعين، ويعتمد:
أ) المناقشات الصفية بين المعلم والطلاب حول النشاط المعني.
ب) التضارب المعرفي: بتعريض الطلاب لمشاهدات وخبرات مفاجئة متعارضة مع توقعاتهم وخبراتهم السابقة، مما يدعوهم إلى إعادة النظر في بنيتهم المعرفية وطريقة تفكيرهم.
ت) التفكير فيما وراء التفكير: إيجاد وعي عند المتعلّم، لإدراك معنى ما يقول وما يفعل، ولماذا يعمل بهذه الطريقة، ونوع التفكير المستخدم في حلِّ المشكلة.
ث) الربط: ربط الخبرات المتحصلة من النشاط الذي يقوم به الطالب، مع خبرات الحياة العملية، ومع المواد الأخرى، لإخراج الخبرات التعليمية من الإطار النظري إلى ميدان التطبيقات العملية.
2- تحسين التفكير:
بتقسيم التفكير إلى ستة أنواع لكلّ منها لونٌ خاصٌّ من العمائم:
أ) تفكير العمامة البيضاء: يستند على الحقائق والأرقام والحصاءات، حيث لا مجال للعواطف.
ب) تفكير العمامة الحمراء: يخرج العواطف والانطباعات بوضوح ويجلبها إلى منطقة الوعي؛ ليسهل التحكم بها.
ت) تفكير العمامة السوداء: تفكير ناقد يبرز النواحي السلبية في الموضوع بالاستناد إلى أسباب ومسوغات منطقية، يساعد في جعل صورة الموضوع واقعية ومتكاملة مع مراعاة تلافي الانسياق في التشاؤم، لأنّ ذلك يقود إلى التهرب من تحمل المسؤولية.
ث) تفكير العمامة الصفراء: تفكير إيجابي متفائل يبحث عن الجوانب الإيجابية في الموضوع، مع مراعاة تلافي الانسياق فيه؛ لأنّه يقود إلى أحلام اليقظة.
ج) تفكير العمامة الخضراء: تفكير ابتكاري إبداعي يقدم بدائل مختلفة، وأفكاراً جديدة غير عادية.
ح) تفكير العمامة الزرقاء: تفكير في التفكير، وهو ضابط وموجه ومرشد يتحكم في توجيه أنواع التفكير الخمسة السابقة، ويقرر التنقل بينها.
3- مهارات التفكير:
لتنميتها في المرحلة الابتدائية بالتركيز على مهارات التعلم الذاتي، وهي: الاستنتاج، والتصنيف، وتكوين الأنماط، والاكتشاف، والتلخيص، والتوقع العلمي، وتعريف الطلاب بمصادر المعرفة والحصول عليها كاستخدام المكتبة، والاستفادة من المراجع والموسوعات والقواميس.
ثانياً: تنمية مهارات التفكير من خلال المقررات الدراسية:
بتصميم نشاطات دراسية، وتوزع على المواد الدراسية بطريقة تكاملية، ومن نماذجه:
1- التفكير الاستقلالي:
وفيه يتعلم المفاهيم من خلال: عرض المعلومات أمام المُتعلم، وتوضيح معنى المفهوم بأمثلة تؤيده، وأخرى تناقضه، ثمّ يصوغ مع طلابه تعريفاً له، ثمّ اختبار تحقق المفهوم بأمثلة إضافية، والتأكيد على المفهوم بأمثلة جديدة، ثم تحليل استراتيجية التفكير بالمناقشة التي يقوم بها الطلاب للفرضيات.
2- التفكير الانتقائي:
وفيه تطرح أمثلة متعددة للمفهوم، ويترك الطلاب لينتقدوا الأمثلة، ويصنفونها، ثمّ يختبر اكتسابهم للمفهوم بأمثلة إضافية، ويعاد صياغة التعريف، ثم تحلِّل استراتيجية التفكير من خلال مناقشة الأفكار والفرضيات.
3- التفكير الاكتشافي:
يوضع الطلاب في مواقف تعليمية، تجعلهم يجربون اكتشاف بنية الموضوع الدراسي، مما يثير حب الاستطلاع لديهم، ويثير دافعيتهم للتعلم، ويتم التعلم الاكتشافي بأسلوبين:
أحدهما: يتم فيه توجيه الطلاب بأسئلة حول مشكلات تثير اهتمامهم وتفكيرهم؛ للبحث عن الحلِّ.
والثاني: حر، يشترك فيه الطلاب من خلال الحدس والتفكير التحليلي.
كشفت دراسات نمو الطفل وتطوره المعرفي، أنّه يولد ولديه الميل الفطري للاكتشاف والاستقصاء والتساؤل والتخمين، ولكن عادة ما يحصل تغيير سلبي في عملية التعليم في عمر ثلاث أو أربع سنوات، ويمكن تسمية هذا التغيير (هدماً)، حيث يتعلّم الطفل أن يتوقف عن الإجابات التي تتضمن التخمين والإبداع، عندما تواجه جهوده بالرفض لعدد من المرات، وبدلاً منها يصبح يوجه الأسئلة مباشرة إلى الكبار، فهو يتعلم أنّ الإجابات لا تعتمد على ما يفكر ويؤمن به، بل على ما يفكر ويؤمن به أحد الوالدين أو المعلم، فيبدأ بالتصرف بسلبية، بالاعتماد على سلطة الآخرين بدلاً من الاستمرار في التدرب على إيجاد الروابط والتخمين والإبداع، وبدلاً من زيادة مهاراته في الاكتشاف، والربط، والمقارنة، وربط المعلومات، فإذا لم يكن يعرف الإجابة الدقيقة، أو لم يكن قد فهم ما رآه بشكل كامل، فإنّه ينتظر شرح الآخرين، فإمّا أن تكون البيئة (البيت والمدرسة) مساندة تعمل على الكشف عن طاقاته الإبداعية ورعايتها، أو تكون غير مساندة، تعمل على تجاهل هذه الطاقات وتدميرها.
4- التفكير الاستقرائي:
ويتكوّن من ثلاث استراتيجيات هي:
1- تكوين المفهوم بوضع العناصر في قوائم ومجموعات وفئات.
2- تفسير البيانات بتحديد العلاقات وشرحها، والوصول إلى الاستدلال.
3- تطبيق المبادئ بوضع التوقعات وشرحها ودعمها والتحقق منها.
المطلوب لتنمية التفكير عند الأطفال:
1- حلّ المشكلات الخاصة، والقيام بدور إيجابي في هذا، بعيداً عن الحلول الجاهزة، مع تدريبه على إدراك المشكلة من جميع جوانبها، وافتراض الحلول، وتقييم هذه الحلول بطريقة موضوعية، ومحاولة وضعها موضع التنفيذ.
2- تنمية خيال الطفل بطريقة سليمة.
3- التجريب واكتشاف الأشياء واستطلاع البيئة المحيطة، والكشف عن خواص الأشياء وتجريبها، وممارسة ألعاب البناء والتركيب، والرسم والقصُّ والتكوين.
4- الانتباه للفروق الفردية، والعمل على تنمية استعدادات الفرد وقدراته إلى أقصى حدودها وإمكانياتها.
5- إثارة اهتمامهم بالمشكلات المختلفة، والإحساس بها، للبحث والتماس الحلول المبتكرة المناسبة.
6- ممارسة أنشطة إبداعية وتذوقها، مثل الرسم، والتصوير، والأشغال الفنية، والهوايات، والابتكارات التقنية، والتصميم، وكتابة الشعر والقصة، وهنا يجد الطفل نفسه مبتكراً، يبدأ إنتاجه الفني بمعارفه السابقة، ثمّ يضيف إليها من ذاته وأحاسيسه وعواطفه وأفكاره، فيخرج إبداعاته الأولى التي تمهد لإعداده ليكون فرداً مبدعاً.
7- تنمية الملاحظة الدقيقة، والتقاط الظواهر ذات القيمة، التي تبدو كأنّها حدثت مصادفة (سقوط التفاحة عن الشجرة)، وتشجيعهم على تفسير هذه الظواهر، واختبار التفسيرات المختلفة، والتحقق من صحّتها.
8- التدريب على الصبر والمثابرة وبذل الجهد المتصل، فالمبدعون يتميزون دائماً بالقدرة الفائقة على تحمل العناء.
9- التدريب على التفكير الناقد الذي يحسن التعليل والتحليل وربط الأسباب بالنتائج، وتقييم الأمور بطريقة موضوعية.
الكاتب: عبد الله محمّد الدرويش
المصدر: كتاب الأطفال الطريق إلى المستقبل
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق