حوراء جعفري
- المرأة وراء نجاح الرجال:
إنّ المرأة لا تصنع نجاحها فقط ولكنها تصنع نجاح الرجل أيضاً، ونجاحها هو أن تكون مسلمة تطبق أوامر دينها، وزوجة سعيدة لزوج سعيد، وأم تربي الأجيال على التربية الإسلامية القويمة، ذات رسالة نحو دينها ومجتمعها، تطبق دينها وتحارب الخرافة والأمية والدجل في عقول النساء المسلمات.
ولا تكتفي بهذا الدور الكبير، بل هي دائماً وراء نجاح الرجل: الزوج والابن وربما الأخ وأحياناً الأب.
المرأة المستقرة في بيتها لا تصنع الرجل بأن توفر له الجو الهادئ والسعيد فقط، بل هي تحضه دائماً على الخير، ويحس هوانه يجب أن ينجح لأنّها هي تحب النجاح.
هذا هو المفهوم السليم للزوجة والأُم الذكية كثيرون غالبوا الصعاب لترضى أمهاتهم عنهم وآخرون حطموا العقبات لتعجب زوجاتهم بهم.
المرأة – إذن – وراء النجاح كرمز.
ولكن المرأة الظل التي ليس لها شخصية ولا ثقافة ولا فكر ولا رأي، والتي تردد فقط ما يقوله الآخرون أو تنشغل بالمظاهر والأزياء والمجلات الهابطة والأفلام الردئية، وتهمل شؤون بيتها وزوجها وأولادها هي امرأة تفتقد النجاح في نفسها، وفاقد الشيء لا يعطيه.
إنّ الاهتمام بالمظاهر جزء طبيعي في المرأة، ولكن بدون إسراف وبدون أن تكون تلك المظاهر هي الهم الأوّل والأخير، ومقياس النجاح والسعادة.
المرأة التي كل مقياسها عند نفسها هو المظاهر والجواهر والفساتين، إمرأة أعلنت الفشل سلفاً، ومن يعلن الفشل لا يعرف دروب النجاح فضلاً عن أن يدل غيره عليها.
والمرأة الظل هي نوع آخر أيضاً يكون أبوها وأخوها أو زوجها قد حطم شخصيتها، ومزق فكرها ورأيها وأفقدها الثقة في نفسها، فلم تعد تفكر ولم تعد توجه دفة حياتها تحت قوامة زوجها، بل أصبحت تخشى ظلها، وتردد كالببغاوات، وتزرع الجبن والخوف في نفس أولادها، وتعطيهم صورة منكمشة عن الحياة.
والمرأة الظل، هي المرأة التي تنبهر بإمرأة أخرى لسبب ما في وضعها أو مظهرها أو فكرها، تنبهر بها دون محاكمة ولا تمييز، فتقلدها وتعيد كلماتها وأفكارها كأسطر محفوظة، ولا تفقه شيئاً وتفرض على زوجها وأولادها أشياء لا تلائمهم.
المرأة الظل هي فاقدة الشخصية والتفكير والنجاح، إذن المرأة يراد منها أن تعطي الكثير، وأن تكون دافعاً للنجاح وتترك في نفوس الآخرين، إنطباع الإعجاب والإحترام.
- أختي.. قفي قليلاً..
لعلك توافقينني الرأي إنّ الزواج بالنسبة للمرأة والرجل، أمر حتمي لا مناص منه، اللّهمّ إلا إذا كان هناك عائق، فالزواج رغبة فطرية أودعها الله في الإنسان ذكراً كان أو أنثى، والزواج في الإسلام ذو أهداف جمة لا أظنها تخفى عليك وأنا لست أبغي التحدث حول هذا الموضوع فكثيراً ما طرق.
إنّما بغيتي ما هو موقف الفتاة ذات الهدف النبيل والأسمى في إختيار الزوج، وحينما نسلط الأضواء على فتياتنا عموماً، نجد أنّ هناك بونا شاسعاً بينهنّ، فطائفة منهن تكون ذات نظرة قاصرة وهدف دنيوي ساذج، فتراها تشترط أن يكون زوجها "أي من يتقدم لخطبتها" ذا منصبٍ عالٍ، وسيم الطلعة، بهي المنظر، يمتلك سيارة فخمة، بيتاً ضخماً، وأب يغدق عليه الأموال متى أراد، وغيرها من الشروط السخيفة التي تنبئ عن قصر نظر وتصور سقيم، حقاً هذا هو واقع الكثير من فتياتنا.
وهناك طائفة أخرى وهن قلائل ومثاليات في نوعهن. ذوات أهدافٍ ساميةٍ عاليةٍ. إنّهن يشترطن أن يكون الزوج متدينا متسماً بالخلق الكريم الدال على حسن طبعه، متمسكاً بدينه بما تحمل هذه الكلمة من معنى، لله درهن من فتيات، بلغن القمة في بعد النظر والإستقامة والإتزان، لأنّ ما اشترطته من شروط ستبقى دائمة في زوجها، وستكون علامة للزواج السعيد الذي بني بأوامر قوية متينة، وهي كذلك ستشعر بالغبطة حينما ترى زوجاً لا تفارق شفتيه البسمة دائماً منفرج الأسارير، فمن ثمّ يضفي على زوجته سعادة لا تعدلها سعادة دنيوية. أما من أبقين المادة ولم يأبهنّ بالدين، فقد عرضن أنفسهنّ إلى السقوط في متاهات الجدال والخصام مع الزوج، إختاه أنشدي الزوج المتدين قبل كل شيء.
- دليل سعادتك:
أختي المسلمة إنّ العنصر الأهم والمهم لدوام الحياة الزوجية صافية لا يعكر صفوها شائبة، وما ينتج من هذا العنصر من الإحترام ودوام المحبة والتراحم. إنّها طاعتك لزوجك، لأنّ الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، أمر بطاعة الزوج في غير معصية الله وانّها سبب في دخولك الجنة، وأنّ إيثاره على نفسك من أجل أن تحافظي على أسرتك وحياتك شيء جميل منك، ولا يقتصر ذلك على طاعة زوجك فقط، بل يجب عليك أن تبعدي منه كل ما يضايقه ويجلب المشاكل إليك، وأنّ ترتيب البيت وإعداده الإعداد الحسن، بحيث تجعلي منه جنة تنبعث منها المحبة، وتزيد حياتك صفاءاً فإنّ تنسيقك لبيتك سوف يكون محط إعجاب من حولك ومن يقوم بزيارتك، وبذلك تزيلي ما ينفر منه زوجك، وترتيبك وتنظيمك لبعض الأشياء ووضعها في الموضوع المناسب لها، فمهما كان يا أختي الأثاث متواضعاً، فإنّ في تنسيقه يزيد الحياة جمالاً، وبذلك تشعرين بالراحة النفسية لما ترينه من الجمال الذي أصبح عليه منزلك وانّه أصبح لوحة مريحة، أبدعتها يدك وحسن ذوقك، وبذلك تطردين من مملكتك الصغيرة كل المشاكل وما ينتج عنها وتعيشين في سعادة وهناء.
- هذه نصيحتي إلى كل إمرأة:
إعلمي أختي المسلمة، إنّ الإسلام وحده قادر على أن يحل لك كل مشاكلك، لو إننا طبقناه في حياتنا قولاً وعملاً.. فمثلاً قال تعالى: (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء/ 37)، ومن عادة المرأة، الإستعجال والجزع وعدم الصبر لأنّها تريد أن تقطف عليها ألوية السعادة والهناء، وهذا وهم، ومن عادة المرأة أيضاً أنّها تتخيل لزوجها وفارس أحلامها، صورة قبل الزواج، تجعله في مصاف الأبرار الذين لا يخطئون أبداً، حتى إذا ما تزوجت اصطدمت بالواقع، وهذه حالة عامة وليست حالة فردية. ونحن نقول لكل زوجة إنّ الكمال لله وحده ثمّ لأنبيائه والأئمة الكرام.
ولست في نصيحتي هذه منحازة ضد المرأة بل لأنّ معظم الشكاوى من الحياة الزوجية هي من النساء عامة، ولا أدري أين تريد المرأة أن تعيش؟ وكيف تعيش؟ وماذا تريد؟ إلى آخر ما هنالك من الأعذار والحجج الواهية.
من أجل ذلك إني أطالب كل زوجة بالصبر قليلاً عسى أن تتبدل الأحوال يوماً، فدوام الحال من المحال، إنّما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
- ساعدي في محو الجهل:
إنّ مساعدتك يا أختي المسلمة في محو الجهل هي جزء من واجبك الإسلامي، فالإسلام يحض على التعاون على البر والتقوى، وعلى نشر العلم ومحو الجهل، وإنّ قيامك بتلك الرسالة هو سعادة لك ولمجتمعك.
فإن رأيتي امرأة تستسلم لشعوذات والخرافات ولا تهتم بالطب الحديث، فاشرحي لها الحقائق بتفاهم وتعاطف ورفق. وإن رأيت امرأة تدعو على أولادها وتهملهم ونحو ذلك فبإمكانك إرشادها إلى الطريق القويم في التربية دون عنف وبإسلوب طيب وهادئ.
وإنّ من أعظم المهام أن تقومي بإزالة الأمية من بيتك أو بيوت أقاربك، إذا كانت أمك مثلاً لا تعرف القراءة والكتابة، أو بعض قريباتك الكبار في السن، فإنّ إعطاءهنّ دروساً في ذلك هو رسالة طيبة منك، وكذلك تشجيعهنّ على الإلتحاق بالمراكز الإرشادية المختلفة.
كذلك فإنّ تفهمك لمبادئ دينك الإسلامي ونشرها بين أخواتك هو دعوة إلى الله، تؤدين بها واجباً وتؤجرين بها من الله سبحانه وتعالى، وتساهمين في نهضة الأمة، وتحسين أنك جزء إيجابي وذلك ما يحقق لك السعادة.
- ربي أولادك على محبة الله:
أختي المؤمنة الواعية.
ربي أولادك على محبة الله تعالى والإحساس بأنعمه علينا في الصغيرة والكبيرة، وإنّه يرعانا بعينه التي لا تنام وبجوده ومنه وكرمه.
إنّ إحساس الطفل بالمحبة القلبية لله عزّ وجلّ هو بداية سليمة لمعرفته بربه الكريم الرحيم.
إنّ الطفل في حاجة إلى أن يعرف ربه معرفة كاملة، وأن يحس بالإمتنان والمحبة له وهذا لا يتحقق إلا إذا كان شكر الله سائداً في البيت، وعبادة الله هي شعار الأهل، وإن زرع الخوف الرهيب من النار ونحو هذا دون أن يصحبه تعريف بكرم الله ورحمته وجنته ومحبته سبحانه وتعالى لعباده، ليست أفضل السبل، بل لابدّ من تحقيق التوازن في نفسية الطفل، وجعله يقبل على مبادئ دينه بنفس راضية مشرقة متفائلة مطمئنة، نفس المؤمن المحب لربّه والمتعلق بجوده وكرمه ومحبته لعباده.
وإذا أحب الطفل ربه، كان ذلك منطلقاً لكي يحب عباده من منطلقات ديننا الذي يحض على الحب في الله.
وإنّ من أجمل المواقف أن يبدأ الأطفال بالصلاة والصيام بدافع الحب لله عزّ وجلّ قبل أي دافع آخر.
المصدر: مجلة الطاهرة/ العدد 166 لسنة 2006م
تعليقات
لالوت عمر
شكرا على الإفادة، موضوع مهم جدير بالتقدير، نحن في زمن يراد فيه مسخ المرأة، وصناعتها بمنهج يصادم تعاليم الخالق، إن التوافق مع الفطرة وفهم الغابة من الوجود والمصير كما يشرحها القرآن هو السببل الوحيد لسعادة المرأة و الإنسان عموما.