ـ من أكبر العار القول إنّ محمداً كذاب:
لقد أصبح من أكبر العار، على أي فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أنّ محمداً خداع مزور وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال ، فإنّ الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم الله الذي خلقنا، أفكان أحدكم يظن أنّ هذه الرسالة التي عاش بها، ومات عليها هذه الملايين الفائتة الحصر. أكذوبة وخدعة؟ أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً ولو أنّ الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج، ويصادفان منهم مثل ذلك التصديق والقبول، فما الناس إلا بلّه ومجانين، وما الحياة إلا سخف وعبث وأضلولة، كان الأولى بها أن لا تخلق.
فوا أسفاه ما أسوأ هذا الزعم وما أضعف أهله واحقهم بالرثاء والرحمة.
وبعد، فعلى مَن أراد أن يبلغ منزلة ما في علوم الكائنات أن لا يصدق شيئاً البتة من أقوال أولئك، فإنّها نتائج جيل كفر، وعصر جحود والحاد، وهي دليل على موت الأرواح في حياة الأبدان، ولعل العالم لم يرَ قط رأياً أكفر من هذا والأم.
وهل رأيتم قط معشر الإخوان أنّ رجلاً كاذباً يستطيع أن يوجد ديناً، أنّ الرجل الكاذب لا يقدر أن يبني بيتاً من الطوب! فهو إذا لم يكن عليماً بخصائص الجير والجص والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت، وإنما هو تل من الانقاض، وكثيب من أخلاط المواد، نعم وليس جديراً أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرناً، يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم يكن.
ثم إذا نظرت إلى كلمات العظيم. شاعراً كان أو فيلسوفاً أو نبياً أو فارساً أو ملكاً، ألا تراها ضرباً من الوحي! والرجل العظيم في نظري مخلوق من فؤاد الدنيا وأحشاء الكون، فهو جزء من الحقائق الجوهرية للأشياء، وقد دلّ الله على وجوده بعدة آيات، أرى أن أحدثها وأجدها هو الرجل العظيم الذي علّمه الله العلم والحكمة، فوجب علينا أن نصغي إليه قبل كل شيء.
وعلى ذلك فلسنا نعد محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيه، أو يطمح إلى درجة ملك أو سلطان، أو غير ذلك من الحقائر والصغائر، وما الرسالة التي أداها إلا حق صراح، وما كلمته إلا صوت صادق صادر من العالم المجهول، كلا، ما محمد بالكاذب ولا الملفق وإنما هو قطعة من الحياة قد تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله، وذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء، والله ذوالفضل العظيم، وهذه حقيقة تدمغ كل باطل وتدحض حجة القوم الكافرين.
ـ العرب وصفة جزيرة العرب:
كانت عرب الجاهلية أمة كريمة، تسكن بلاداً كريمة، وكأنما خلق الله البلاد وأهلها على تمام وفاق. فكان ثمة شبه قريب بين وعورة جبالها ووعورة أخلاقهم، وبين جفاء منظرها وجفاء طباعهم، وكان يلطف من قسوة قلوبهم مزاج من اللين والدماثة، كما كان يبسط من عبوس وجود البلاد، رياض خضراء وقيعان ذات أمواه وأكلاء، وكان الاعرابي صامتاً لا يتكلم إلا فيما يعنيه، إذ كان يسكن أرضاً قفراً يبابا خرساء، تخالها بحراً من الرمل يصطلي جمرة النهار طوله، ويكافح بحر وجهه نفحات القرّ ليله.
ولا أحسب أناساً شأنهم الانفراد وسط البيد والقفار، يحادثون ظواهر الطبيعة، ويناجون أسرارها إلا أن يكونون أذكياء القلوب، حداد الخواطر، خفاف الحركة ثاقبي النظر، وإذا صح انّ الفرس هم فرنسيو المشرق، فالعرب لا شك طليانه، والحق أقول لقد كان أولئك العرب قوماً أقوياء النفوس، كان أخلاقهم سيول دفاقة، لها من شدة حزمهم وقوة ارادتهم أحصن صور وأمنع حاجز، وهذه وأبيكم أم الفضائل، وذروة الشرف الباذخ وقد كان أحدهم يضيفه ألد أعدائه فيكرم مثواه وينحر له فإذا أزمع الرحيل خلع عليه وحمله وشيّعه، ثم هو بعد كل ذلك لا يحجم عن أن يقاتله متى عادت به إليه الفرص، وكان العربي أغلب وقته صامتاً فإذا قال أفصح.
ويزعمون أنّ العرب من عنصر اليهود، والحقيقة أنّهم شاركوا اليهود في مرارة الجد، وخالفوهم في حلاوة الشمائل، ورقة الظرف، وفي ألمعية القريحة، وأريحية القلب، وكان لهم قبل زمن محمد (ع) منافسات في الشعر، يجرونها بسوق عكاظ في جنوب البلاد، حيث كانت تقام أسواق التجارة، فإذا انتهت الأسواق تناشد الشعراء القصائد، ابتغاء جائزة تجعل للأجود قريضاً، والأحكم قافية، فكان الأعراب الجفاة ذوو الطباع الوعرة، يرتاحون لنغمات القصيد، ويجدون لرناتها أية لذة فيتهافتون على المنشد كالفراش، ويتهالكون.
ـ مولد محمد ونشأته:
وكان بين هؤلاء العرب التي تلك حالهم، أن ولد محمد (ع) عام 580 ميلادية، وكان من أسرة هاشم من قبيلة قريش، وقد مات أبوه عقب مولده، ولما بلغ عمره ستة أعوام توفيت أمه ـ وكان لها شهرة بالجمال والفضل والعقل، فقام عليه جده وهو شيخ قد ناهز المائة من عمره وكان صالحاً باراً، وكان ابنه عبدالله أحب أولاده إليه، فأبصرت عينه الهرمة في محمد صورة عبدالله، فأحب اليتيم الصغير بملء قلبه، وكان يقول ينبغي أن يحسن القيام على ذلك الصبي الجميل، الذي قد فاق سائر الأسرة والقبيلة حسناً وفضلاً، ولما حضرت الشيخ الوفاة والغلام لم يتجاوز العامين، عهد به إلى أبي طالب أكبر أعمامه رأس الأسرة بعده، فرباه عمه ـ وكان رجلاً عاقلاً كما يشهد بذلك كل دليل ـ على أحسن نظام عربي.
صدق محمد منذ طفولته:
ولحظ عليه منذ فتائه أنّه كان شاباً مفكراً، وقد سماه رفقاؤه الأمين ـ رجل الصدق والوفاء ـ الصدق في أفعاله وأقواله وأفكاره، وقد لاحظوا أنّ ما من كلمة تخرج من فيه إلا وفيها حكمة بليغة، وأنّي لأعرف عنه أنّه كان كثير الصمت، يسكت حيث لا موجب للكلام، فإذا نطق، فما شئت من لب وفضل وإخلاص وحكمة، لا يتناول غرضاً فيتركه إلا وقد أنار شبهته، وكشف ظلمته، وأبان حجته، واستثار دفينته، وهكذا يكون الكلام وإلا فلا، وقد رأيناه طول حياته، رجلاً راسخ المبدأ، صارم العزم، بعيد الهمة، كريماً براً رؤفاً تقياً فاضلاً حراً ـ رجلاً شديد الجد مخلصاً، وهو مع ذلك سهل الجانب، لين العريكة، جم البشر والطلاقة، حميد العشرة، حلو الايناس، بل ربما مازح وداعب.
ـ محمد بريء من الطمع الدنيوي:
ويزعم المتعصبون من النصارى والملحدون أنّ محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية، ومفاخر الجاه والسلطان، كلا وأيم الله، لقد اكن في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات. المتوقد المقلتين العظيم النفس، المملؤ رحمة وخيراً، وحناناً وبراً، وحكمة وحجى، واربة ونهى ـ أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه.
ـ ابتداء البعثة:
فلما كان في الأربعين من عمره وقد خلا إلى نفسه في غار بجبل (حراء) قرب مكة شهر رمضان، ليفكر في تلك المسائل الكبرى، إذا هو قد خرج إلى خديجة ذات يوم وكان قد استصحبها ذلك العام وأنزلها قريباً من مكان خلوته، فقال لها انّه بفضل الله قد استجلى غامض السر، واستثار كامن الأمر، وانه قد أنارت الشبهة، وانجلى الشك وبرح الخفاء وان جميع هذه الأصنام محال وليست إلا أخشاباً حقيرة، وان لا إله إلا الله وحده لا شريك له فهو الحق وكل ما خلاه باطل، خلقنا ويرزقنا. وما نحن وسائل الخلق والكائنات إلا ظل له وستار يحجب النور الأبدي والرونق السرمدي، الله أكبر ولله الحمد.
ـ الوحي وجبريل:
فمن فضائل الإسلام: تضحية النفس في سبيل الله، وهذا أشرف ما نزل من السماء على بني الأرض، نعم هو نور الله قد سطع في روح ذلك الرجل، فأنار ظلماتها، هو ضياء باهر، كشف تلك الظلمات التي كانت تؤذن بالخسران والهلاك، وقد سماه محمد (ع) وحياً و(جبريل)، وأينا يستطيع أن يحدث له اسماً؟ ألم يجيء في الانجيل أن وحي الله يهبنا الفهم والادراك؟ ولا شك أنّ العلم والنفاذ إلى صميم الأمور وجواهر الأشياء، لسر من أغمض الأسرار لا يكاد المنطقيون يلمسون منه إلا قشوره، وقد قال نوفاليس: (أليس الإيمان هو المعجزة الحقة الدالة على الله؟) فشعور محمد إذ اشتعلت روحه بلهيب هذه الحقيقة الساطعة، بأنّ الحقيقة المذكورة هي أهم ما يجب على الناس علمه لم يك إلا أمراً بديهياً.
ـ معنى كلمة محمد رسول الله:
وكون الله قد أنعم عليه بكشفها له: ونجاه من الهلاك والظلمة وكونه قد أصبح مضطراً إلى اظهارها للعالم أجمع ـ هذا كله هو معنى كلمة (محمد رسول الله) وهذا هو الصدق الجلي والحق المبين.
ـ الرد على القائلين بأنّ الإسلام انتشر بالسيف:
وكانت نية محمد حتى الآن أن ينشر دينه بالحكمة، والموعظة الحسنة فقط، فلما وجد أنّ القوم الظالمين لم يكتفوا برفض رسالته السماوية، وعدم الاصغاء إلى صوت ضميره وصيحة لبه، حتى أرادوا أن يسكتوه فلا ينطق بالرسالة ـ عزم ابن الصحراء على أن يدافع عن نفسه، دفاع رجل ثم دفاع عربي، ولسان حاله يقول أما وقد أبت قريش إلا الحرب، فلينظروا أي فتيان هيجاء نحن، وحقاً رأى فإنّ أولئك القوم أغلقوا آذانهم عن كلمة الحق، وشريعة الصدق، وأبوا إلا تمادياً في ضلالهم يستبيحون الحريم، ويهتكون الحرمات، ويسلبون وينهبون، ويقتلون النفس التي حرّم الله قتلها، ويأتون كل اثم ومنكر، وقد جاءهم محمد من طريق الرفق والاناة، فأبوا إلا عتواً وطغياناً، فليجعل الأمر إذن إلى الحسام المهند، والوشيج المقوم، وإلى كل مسرودة حصداء، وسابحة جرداء وكذلك قضى محمد بقية عمره وهي عشر سنين أخرى في حرب وجهاد، لم يسترح غمضة عين وكانت النتيجة ما تعلمون؟
ولقد قيل كثيراً في شأن نشر محمد دينه بالسيف، فإذا جعل الناس ذلك دليلاً على كذبه فشد ما أخطأوا وجاروا، فهم يقولون: ما كان الدين لينتشر لولا السيف، ولكن ما هو الذي أوجد السيف؟ هو قوة ذلك الدين وانّه حق، والرأي الجديد أول ما ينشأ يكون في رأس رجل واحد، فالذي يعتقده هو فرد ـ فرد ضد العالم أجمع، فإذا تناول هذا الفرد سيفاً وقام في وجه الدنيا فقلما والله يضيع، وأرى على العموم أنا لحق ينشر نفسه بأية طريقة، حسبما تقتضيه الحال، أو لم تروا أنّ النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحياناً .. ؟ وحسبكم ما فعل شارلمان بقبائل السكسون، وأنا لا أحفل أكان انتشار الحق بالسيف، أم باللسان أو بأية آلة أخرى.
ـ القرآن واعجازه:
أما القرآن فإنّ فرط إعجاب المسلمين به وقولهم باعجازه هو أكبر دليل على اختلاف الأذواق في الأمم المختلفة. هذا وانّ الترجمة تذهب بأكثر جمال الصنعة وسحن الصياغة ولذلك لا عجب إذا قلت انّ الأوروبي يجد في قراءة القرآن أكبر عناء، فهو يقرؤه كما يقرأ الجرائد، لا يزال يقطع في صفحاتها قفاراً من القول الممل المتعب، ويحمل على ذهنه هضاباً وجبالاً من الكم، لكي يعثر في خلال ذلك على كلمة مفيدة، أما العرب فيرونه على عكس ذلك لما بين آياته وبين أذواقهم من الملاءمة، ولأنّ لا ترجمة ذهبت بحسنه ورونقه، فلذلك رآه العرب من المعجزات وأعطوه من التبجيل ما لم يعطه أتقى النصارى، لانجيلهم وما برح في كل زمان ومكان قاعدة التشريع والعمل والقانون المتبع في شؤون الحياة ومسائلها والوحي المنزل من السماء هدى للناس وسراجاً منيراً، يضيء لهم سبل العيش ويهديهم صراطاً مستقيماً، ومصدر أحكام القضاة، والدرس الواجب على كل مسلم حفظه والاستنارة به في غياهب الحياة، وفي بلاد المسلمين مساجد يتلى فيها القرآن جميعه كل يوم مرة، يتقاسمه ثلاثون قارئاً على التوالي وكذلك ما برح هذا الكتاب يرن صوته في آذان الألوف من خلق الله وفي قلوبهم اثني عشر قرناً في كل آن ولحظة، ويقال انّ من الفقهاء من قرأه سبعين ألف مرة!!
ـ براءة محمد من الشهوات وتواضعه وتقشفه:
وما كان محمد أخا شهوات، برغم ما اتهم به ظلماً وعدواناً، وشد ما نجور ونخطئ إذا حسبناه رجلاً شهوياً، لا همّ له إلا قضاء مآربه من الملاذ، كلا فما أبعد ما كان بينه وبين الملاذ أية كانت، لقد كان زاهداً متقشفاً في مسكنه، ومأكله، ومشربه، وملبسه، وسائر أموره وأحواله وكان طعامه عادة الخبز والماء، وربما تتابعت الشهور ولم توقد بداره نار وانهم ليذكرون ـ ونعم ما يذكرون ـ أنّه كان يصلح ويرفو ثوبه بيده، فهل بعد ذلك مكرمة ومفخرة؟ فحبذا محمد من رجل خشن اللباس، خشن الطعام، مجتهد في الله قائم النهار، ساهر الليل دائباً في نشر دين الله، غير طامح إلى ما يطمح إليه أصاغر الرجال من رتبة أو دولة أو سلطان. غير متطلع إلى ذكر أو شهرة كيفما كانت، رجل عظيم وربكم وإلا فما كان ملاقياً من أولئك العرب الغلاظ توقيراً واحتراماً وإكباراً وإعظاماً، وما كان يمكنه أن يقودهم ويعاشرهم معظم أوقاته، ثلاثاً وعشرين حجة وهم ملتفون به يقاتلون بين يديه ويجاهدون حوله. لقد كان في هؤلاء العرب جفاء، وغلظة، وبادرة، وعجرفية، وكانوا حماة الانوف، أباة الضيم، وعر المقادة صعاب الشكيمة، فمن قدر على رياضتهم، وتذليل جانبهم حتى رضخوا له واستقادوا فذلكم وايم الله بطل كبير، ولولا ما أبصروا فيه من آيات النبل والفضل، لما خضعوا له ولا أذعنوا، وكيف وقد كانوا أطوع له من بنانه.
وظني أنّه لو كان أتيح لهم بدل محمد قيصر من القياصرة بتاجه وصولجانه لما كان مصيباً من طاعتهم مقدار ما ناله محمد، في ثوبه المرقع بيده فكذلك تكون العظمة، وهكذا تكون الأبطال.
ـ تأثير الإسلام على العرب وفضله عليهم:
ولقد أخرج الله العرب بالإسلام، من الظلمات إلى النور، وأحيى به من العرب أمة هامدة وأرضاها مدة، وهل كانت إلا فئة من جوالة الأعراب، خاملة فقيرة تجوب الفلاة، منذ بدء العالم، لا يسمع لها صوت ولا تحس منها حركة. فأرسل الله لهم نبياً بكلمة من لدنه ورسالة من قبله فإذا الخمول قد استحال شهرة، والغموض نبهه، والضعة رفعة، والضعف قوة، والشرارة حريقاً، وسع نوره الأنحاء وعمّ ضوء الأرجاء، وعقد شعاعه الشمال بالجنوب، والمشرق بالمغرب وما هو إلا قرن بعد هذا الحادث حتى أصبح لدولة العرب رجل في الهند ورجل في الأندلس وأشرقت دولة الإسلام حقباً عديدة، ودهور مديدة بنور الفضل والنبل، والمرؤة والبأس، والنجدة. ورونق الحق والهدى على نصف المعمورة، وكذلك الإيمان عظيم وهو مبعث الحياة، ومنبع القوة، وما زال للأمة رقي في درج الفضل، وتعريج إلى ذرى المجد، ما دام مذهبها اليقين ومنهاجها الإيمان، ألستم ترون في حالة أولئك الأعراب ومحمدهم وعصرهم، كأنما قد وقعت من السماء شرارة على تلك الرمال، التي كان لا يبصر بها فضل، ولا يرجى فيها خير. فإذا هي بارود سريع الانفجار وما هي برمل ميت، وإذا هي قد تأججت واشتعلت، واتصلت نيرانها بين غرناطة ودلهي.
ولطالما قلت أنّ الرجل العظيم كالشهاب من السماء، وسائر الناس في انتظاره كالحطب، فما هو إلا أن يسقط حتى يتأججوا ويلتهبوا.
* المصدر : مجلة الموقف/العدد18/1984م
**للفيلسوف الانكليزي توماس كارليل كتيب يحمل اسم محمد (ص) المثل الأعلى، يرد فيه على تهجمات بعض الغربيين على الاسلام ونبيه، والذين طالما ألصقوا التهم الباطلة برسول الله وبالدين الحنيف.
أهمية ما كتبه توماس كارليل منذ عام 1352 هجرية ـ 1934 ميلادية، تكمن في تجرده وموضوعيته الواضحة في مؤلفه، وفي دراسته لسيرة الرسول وللفترة المرافقة لنزول الوحي وبدء الدعوة الإسلامية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق