• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

سباق الكواكب والنجوم

د. محمد نبيل النشواتي

سباق الكواكب والنجوم

قال الله تعالى في كتابه المجيد: (والنّازِعاتِ غَرقاً * والنّاشِطاتِ نَشطاً * والسّابِحاتِ سَبحاً * فَالسّابِقاتِ سَبقاً) (النازعات/ 1-4).
لقد أجمع المفسِّرون الكرام على أنّ الله يصف لنا من خلال هذه الآيات حركة الكواكب والنجوم في الفضاء، فبعضها ينتقل وبسرعة (تنزع) أثناء تحرُّكها من منزل (برج) إلى آخر، ومنها ما يتحرّك بسرعة كبيرة نشطة، ومنها ما يسبح في الفضاء بهدوء ووقار، بينما نرى كواكباً أخرى تسارع مسابقةً جيرانها وكأنّهم في سباق المسافات الطويلة.
قال جلَّ جلاله: (فَلا أُقسِمُ بِالخُنَّاسِ * الجَوَارِ الكُنَّاسِ) (التكوير/ 15-16).
لقد جاء تفسير أصحاب الفضيلة علماء تفسير القرآن على أنّ هناك كواكب ونجوم وأجرام سماويّة تخنس (تختفي) من فلكها (تنزع)، ثمّ تظهر من جديد كالظباء في كناسها، فهي تشبه في حركتها جري الظباء الرشيقة التي تدخل بين جموع الظباء من مكان لتخرج بحركة سريعة جميلة من مكان آخر.. وهكذا.
لقد أعطانا القرآن الكريم وصفاً حيّاً لحركة بعض الكواكب والنجوم بشكل بارع جميل ودقيق لم نره ولم ندركه: لا قبل نزول القرآن ولا بعده، فتعلَّمناها وآمنّا بها إيماناً راسخاً، لأنّها جاءت من عند الله وعلى لسان رسوله الكريم محمد (ص)، ولكنها بقيت حقيقة علمية تحتاج مَنْ يؤكِّدها.. إلى أن تمكَّن علماء العصر من رصد حركات الكواكب والنجوم فوجدوها مطابقة تماماً لما جاء في القرآن الكريم.
وهذا يؤكِّد لنا وللعالمين بأنّ الله موجود وأنّه هو خالقنا وخالق الكواكب النجوم، وأنّه وحده المسيطر والمهيمن على حركتها ونظامها وقوانينها: (قُل أنزَلَهُ الذي يَعلَمُ السِّرَّ في السَّموَاتِ والأرضِ) (الفرقان/ 6)، (وَللهِ ما في السَّموَاتِ وَما في الأرضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيءٍ مُحِيطاً) (النِّساء/ 126)، كما تؤكِّد هذه الآيات أنّ القرآن كلام الله عالم الغيب والشهادة وتنفي عن سيِّدنا محمد (ص) صفة الإفتراء وتأليف القرآن (أمْ يَقولونَ افتَرَاهُ بَلْ هُوَ الحَقُّ مِن رَبِّكَ) (السجدة/ 3).
لقد أثبتت الدراسات العلمية المعاصرة أنّ الشمس تجري بسرعة 70,000 كم في الساعة وتجرُّ معها كافة الكواكب السيّارة التابعة لها، وهي حسب قربها من الشمس: عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس ونبتون.
وقد وجد أنّ الشمس تنطلق داخل المجرَّة باتِّجاه النجم الكبير النسر الواقع (فيجا) أو الجبَّار، ولكن الشمس لن تدركه لأنّه يجري هو الآخر بسرعة كبيرة وأكبر من سرعة الشمس. ولكن لو شاء الله والتقت الشمس الصغيرة نسبياً بهذا الحجم العملاق، فإنّها ستنفجر وتتبعثر أشلاءً صغيرة في الفضاء الشاسع وسيكون هذا نهاية الحياة على وجه الأرض: (وَالشَّمسُ تَجرِي لِمُستَقَرٍّ لَها ذلكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيم) (يس/ 38)، فهل سيكون النجم الجبّار فيجا هو مستقر شمسنا وعالمنا ونهايته؟ وإن كان هذا مستقرّها، فمتى سيحدث هذا اللقاء المخيف؟ سيبقى الجواب سرّاً من أسرار الخالق سبحانه وتعالى: (يَسألونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيَّانَ مُرسَاهَا قُلْ إنّما عِلمُها عِندَ رَبِّي) (الأعراف/ 187).
وكما هو معروف، فإنّ مصير كل نجم أن ينطفئ ويتلاشى وينفجر بعد ملايين السنين وذلك عندما تنفد الطاقة النووية والهيدرويجينة الكامنة في كتلته. فهل يا ترى ستنطفئ الشمس قبل أن تلتقي بالنجم الجبّار فيجا؟! لقد ورد في تقديرات العلماء أنّ الشمس لن تنطفئ قبل مضيّ 4 ملايين سنة من الآن على أقل تقدير، ولكن هذا لا يعني بحالٍ من الأحوال أنّ الساعة لن تقوم إلا بعد 4 ملايين سنة، لأنّ الله وحده المتحكِّم بهذا الكون وبيده مقاليد الأمور، وهو الذي حدَّد موعدها وعلمها عنده وحده سبحانه ولا يجلِّيها إلا في وقتها: (قُل إنّما عِلمُها عِندَ رَبِّي لا يُجَلِّيَها لِوَقتِها إلا هُوَ) (الأعراف/ 187).
كما تجري الشمس مع مجرّتها في درب التبَّانة بسرعة هائلة جداً (612 مليون ميل في الساعة)، فهل يدرك أحد هذه السرعة الرهيبة؟
هذا ومن ناحية أخرى، فإنّ الشمس تدور حول مركز مجرتنا بنفس الطريقة التي تدور بها الأرض حول الشمس، كما أنّها تدور حول نفسها بسرعة 6000 قدم في الثانية، أي أنّها تستغرق لإتمام دورة كاملة حول محورها 25 يوماً من أيام الأرض. تبلغ حرارة أعماق الشمس حوالي 20 مليون درجة مئوية، وهي أكبر من الأرض بـ 000,200,1 مرّة، إذ يبلغ قطرها 1,385,000كم.
أمّا الأرض، فإنّها تدور حول نفسها بسرعة 1000 ميل في الساعة، وهي تحتاج لإتمام دورة كاملة حول محورها 24 ساعة. لقد كانت سرعة دورانها بعد انفصالها عن الشمس هائلة جداً وقد كانت تنجز دورة كاملة حول نفسها خلال أربع ساعات فقط، ثمّ وبعد أن امتلأت المحيطات بالمياه وبفعل المدِّ والجزر الذي وقع على مياه المحيطات بتأثير من جاذبية القمر، كُبح جماح الأرض فتباطأت وسكن روعها.
لقد قُدِّرت سرعة دوران الأرض في فلكها حول الشمس بـ65000 ميل في الساعة أي ما يزيد عن 000,100 كم في الساعة، وهذه بالطبع سرعة خيالية، ورغم ذلك فإنّنا لا ندركها ولا تتقطّع أوصالنا ولا تتناثر أجسامنا إلى أشلاء مبعثرة ولا ندوخ ولا يضطرب اتزاننا. أليس هذا بإعجازٍ ربانيٍّ بليغ وساطع؟ فسبحان الذي أتقن كل شيء خَلَقَهُ.
أمّا حكمته سبحانه وتعالى من دوران الأرض حول نفسها، فهو تعاقب الليل والنهار (وجَعَلنا اللَّيلَ لِبَاساً * وجَعَلنَا النَّهارَ مَعَاشاً) (النبأ/ 10-11). أمّا الآيات التي تُبيِّن دوران الأرض حول نفسها، فهي: (يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ يَطلُبُهُ حَثِيثاً) (الأعراف/ 54)، (يُكَوِّرُ اللَّيلَ على النَّهارَ ويُكَوِّرُ النَّهارَ على اللَّيلَ) (الزمر/ 5)، (وتَرَى الجِبالَ تَحسَبُها جامِدَةً وهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السِّحابِ) (النمل/ 88).
تحتاج الأرض لتكمل دورتها حول الشمس إلى سنة كاملة (360 يوماً)، وهي تبعد عن الشمس حوالي 92 مليون ميل.
أمّا حكمته سبحانه وتعالى من دوران الأرض في فلك إهليلجي حول الشمس، فهو تعاقب الفصول الأربعة: إذ يحلُّ الصيف عندما تقترب الأرض من الشمس، ويغشاها البرد عندما تبتعد في فلكها عنها شتاء. أمّا جريان المجموعة الشمسية في المجرَّة وسباحة المجرَّة في الفضاء الفسيح، فإنّ حكمته سبحانه وتعالى في ذلك لازالت مجهولة وقد يتمكَّن العلم في المستقبل من تبيانها، إن شاء الله ذلك.
يدور القمر حول نفسه دورة كاملة كل 3,27 يوماً، أي أنّه بطيء الدوران بالمقارنة بالأرض التي ينتمي إليها. يحتاج القمر ليكمل دورته حول الأرض إلى 28 يوماً، وهو بذلك يحدِّد لنا الأشهر القمرية التي اعتمدها المسلمون: (وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ حُسباناً) (الأنعام/ 96).
أمّا عطارد، فإنّه يجري في مدار بيضوي حول الشمس على مسافة عنها تقدَّر بـ36 مليون ميل وهو يحتاج لإتمام دورته حولها 88 يوماً، أي أنّ سنة عطارد 88 يوماً فقط، وهذا يدلُّ على أنّه سريع واسرع من الأرض بكثير لأنّها تحتاج إلى 360 يوماً لتكمل دورتها حول الشمس، كما أنّ قُرب عطارد من الشمس يساعد على إكمال دورته حولها بسرعة أكبر. من العجيب في عطارد أنّ يومه أطول من سنته أي أنّ دورانه حول نفسه بطيء جدّاً وهذا من عجائب خلقه وقدرته سبحانه وتعالى.
أمّا الزهرة، فإنّها تدور في فلك بعيد عن الشمس حوالي 67 مليون ميل، وهي تحتاج لإكمال هذه الدورة إلى 225 يوماً.
أمّا المريخ، وهو جار الأرض ويليها بالترتيب بالنسبة للشمس، فإنّه يبعد عن الشمس بما يقارب من 142 مليون ميل، وطول سنته 5,687 يوماً، أي أنّ سنته ضعف سنة الأرض، وطول يومه 5,24 ساعة أرضية، أي أنّ سرعة دورانه حول نفسه معادلة لسرعة دوران الأرض حول نفسها، ولكنه أسرع من الأرض في جريانه حول الشمس (400,68 ميل في الساعة).
يلي المريخ كوكب محطم متناثر الأشلاء يدور على شكل كويكبات صغيرة أكبرها الجرم المعروف باسم سيرز الذي يزيد قطره عن 2000 كم، ثمّ بالاس الذي يبلغ قطره 480 كم، ثمّ جونو 1925 كم، ثمّ فستا وقطره 384 كم.
يبلغ عدد هذه الأجرام حوالي 000,30، وهي تدور بسرعات متفاوتة حول الشمس كبقية الكواكب السيارة التسعة. ولولا الغلاف الجويِّ القويّ (السقف المحفوظ) الذي يحيط بالكرة الأرضية والذي يقوم بدور الدرع الواقي الذي يدفع هذه الأجرام بعيداً كلّما سقطت أحدها أو كلّما اقترب أثناء دورانه من الغلاف الجويِّ للأرض.
لقد سبق أن سقط أحد هذه الأجرام الصغيرة الذي لم يتجاوز وزنه المليون طن في 3 يونيو/ حزيران 1908 في الصحراء السيبيرية، فأحدث دماراً كبيراً في الغابات والمنازل امتدّ إلى مسافة تزيد عن 200 كيلومتر حول مكان السقوط. لقد بلغ الدمار الناجم عن هذا الإرتطام أضعاف الدمار الذي أحدثته القنابل النووية والهيدروجينية فيما بعد، فانصهر جليد سيبيريا واندفع الماء الساخن والحمم (صخور منصهرة) من باطن الأرض وهلك الإنسان والحيوان والنبات على مساحة واسعة قُدِّر قطرها بـ400 كم. كما نجم عن هذا الإرتطام هزّة أرضية عنيفة في مدينة فانوفارا التي تبعد 70 كيلومتراً عن مكان السقوط، فدمَّر الأبنية واقتلع الأشجار وقذف الناس عدّة أمتار بعيداً عن أماكن وجودهم. فلو سقط جرم عملاق مثل سيرز أو جونو الذي يزن أحدهما مليارات الأطنان، فإنّه سيحدث دماراً هائلاً يفوق في قوته التدميرية عشرات القنابل الهيدروجينية. فسبحان الله العظيم مهندس هذا الكون ومبدعه الذي بنى لنا السقف المحفوظ لنتمكَّن من العيش في هناء وأمان واستقرار على كوكبنا الجميل: (وجَعَلنا السَّماءَ سَقفاً مَحفوظاً وهُم عَن آياتِها مُعرِضُون) (الأنبياء/ 32)، (سَنُرِيهِم آياتِنا في الآفاقِ وفِي أنفُسِهِم حتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أنّهُ الحَقُّ) (فصِّلت/ 53).
أمّا المشتري، فإنّه أضخم الكواكب السيارة التي تنتمي إلى الشمس، إذ يبلغ قطره 920,141 كيلومتراً، أي أنّه يكبر الأرض بـ1300 مرّة، وهو يدور في فلك يبعد عن الشمس حوالي 483 مليون ميل ويحتاج ليتمَّ دورته حول الشمس إلى 86,11 سنة، وهو ليس بطيء الحركة ولكن طول فلكه كبير جداً لبُعده الشاسع عن الشمس، فقد قُدِّرت سرعة سباحته بـ656,46 كيلومتراً في الساعة.
أمّا زحل، فإنّه الكوكب الثاني بعد المشتري في ضخامة حجمه، إذ يبلغ قطره 160,120 كم، وهو يبعد عن الشمس 2,887 مليون ميل ويحتاج ليُكمل دورته حولها إلى 5,29 سنة أرضية، وهو يدور حول نفسه مرّة كل 10 ساعات أي أنّه يدور بسرعة هائلة جدّاً.
أمّا أورانوس، فإنّه كوكب صغير نسبياً ولكنه أكبر من الأرض، يبلغ قطره 440,49 كم (قطر الأرض 682,12 كم فقط)، وهو يبعد عن الشمس حوالي 6,1784 مليون ميل، ويحتاج ليُكمل دورته حولها إلى 28 سنة من سنيِّ الأرض وذلك بسبب بُعده الشاسع عن الشمس. يدور أورانوس حول نفسه خلال 10 ساعات و50 دقيقة تقريباً (بينما تدور الأرض حول نفسها دورة كاملة خلال 24 ساعة). وبسبب بُعد أورانوس عن الشمس، فإنّه شديد البرودة (-170م).
أمّا نبتون، فهو كوكب صغير لا يزيد قطره عن 800,52 كم، ويبعد عن الشمس حوالي 2798 مليون ميل (بُعد الأرض عن الشمس 92 مليون ميل). وبسبب بُعد نبتون الكبير عن الشمس، فإنّ فلكه طويل جدّاً، لذا فإنّه يستغرق لإكمال دورته حولها 8,164 سنة أرضية.
وأخيراً، يأتي كوكب بلوتو الذي يبعد عن الشمس 3670 مليون ميل، ويحتاج إلى 7,247 سنة ليُكمل دورته حولها، أي أنّ سنته أطول من سنة الأرض بـ7,247 مرّة.
وبسبب السرعة الهائلة للكواكب السيّارة، فإنّها تبدو لمن يراقبها من خلال المناظير العملاقة وكأنّها في سباق دائم للمسافات الطويلة، فالمريخ يتسابق مع الأرض وهو الندُّ القريب منها وهو يسبقها مرّة كلَّ سنتين. والقمر والنيازك تتحرّك بشكل لولبيٍّ رائع، فهي تقترب من الأرض تارةً لتبتعد عنها من جديد في أحيان أخرى وهكذا باستمرار. وهناك من الكواكب والنيازك ما ينزع عن مداره، ومنها ما يخنس بشكل كامل، ثمّ يظهر من جديد في مكان آخر وهكذا، لذا فإنّ مراقبتها ومتابعتها من خلال أحد المناظير القوية المتطوِّرة أمرٌ في غاية المتعة والجمال.
وبما أنّ الكواكب والأقمار والنيازك وكذلك النجوم والمجرَّات تتحرَّك في أفلاك لها مختلفة في الإتجاهات والمسارات، وهي تجري بسرعات متفاوتة، ومنها الذي ينزع عن مجراه ثمّ يعود إليه بعد حين، ومنها الذي يتخذ لنفسه مساراً حلزونياً شاذاً، ومنها الذي يسرح ويمرح ويروح ويغدو، ومنها الذي يسبح متهادياً بوقار واتزان، ومنها الذي يجري طائشاً هائجاً بسرعة هائلة ومنها ومنها.. لذا فإنّ مساراتها وأفلاكها ستتداخل بعضها بالبعض الآخر، ولكنها رغم ذلك لا ترتطم ببعضها البعض (وكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحُونَ) (يس/ 40)، ممّا يدلُّ على أنّ هناك مهندس عظيم مسيِّرٌ لهذه الكواكب والنجوم ومسيطر على حركتها وقوانينها، ولولا هذه القدرة والسيطرة الإلهية الخارقة في عظمتها لاضطرب نظام الكون، فارتطمت الأجرام بعضها بالبعض الآخر، فكان الدمار وكان الخراب وكانت نهاية هذا الجزء من الكون.
فلو ارتطمت شمسنا على سبيل المثال بنجم آخر عندما يقترب منها، فإنّها ستنفجر وتتلاشى وستتبعثر أشلاؤها في أنحاء الفضاء وستزول هي والكواكب السيّارة التابعة لها والتي من بينها كوكبنا الجميل الأرض في أقلِّ من لمح البصر. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث لعالمنا الصغير (المجموعة الشمسية)، وسيبقى الكون قائماً ما شاء الله أن يقوم، وستبقى الشمس والكواكب تجري وتُسبِّح بحمد ربّها ناطقة بعظيم خلقه وعظيم قدرته سبحانه وتعالى: (والشَّمسُ تَجرِي لِمُستَقَرٍّ لَها ذلكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ) (يس/ 38)، (والقَمَرَ قَدَّرنَاهُ مَنَازِلَ حتّى عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ) (يس/ 39)، (لا الشَّمسُ يَنبَغِي لَها أن تُدرِكَ القَمَرَ وَلا اللَّيلُ سابِقُ النَّهارِ وكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحُونَ) (يس/ 40)، (والنّازِعاتِ غَرقاً * والنّاشِطاتِ نَشطاً * والسّابِحاتِ سُبحاً * فَالسّابِقاتِ سَبقاً) (النازعات/ 1-4)، (فَلا أُقسِمُ بِالخُنَّاسِ * الجَوَارِ الكُنَّسِ) (التكوير/ 15-16).
عندما شرحنا معاني هذه الآيات في مؤتمر الإعجاز العلمي القرآني الذي أقيم في الرياض عام 1979 للبروفيسور الأمريكي وعالم الفضاء (آرم سترونغ) ذهل، وقال: "لا يمكن أن يكون هذا كلام إنسان قضى عمره في الصحراء وقد مات قبل أكثر من 1400 سنة"، وقال: "إنّ الدين الذي يقول مثل هذه الحقائق العلمية التي تتوافق مع أحدث اكتشافات العصر، لابدّ وأنّه دين حق ولابدّ أيضاً أن يكون القرآن كلام مبدع هذا الكون العالم العليم بكلِّ أسراره".
هناك مَنْ يقول بأنّ آرم سترونغ قد راجع نفسه بعد ذلك وتأمّل بما سمعه من آيات القرآن فآمن بالله وأسلم بعد أن أنار الله بصيرته وبعد أن لامس نور الحقِّ شغاف قلبه فخشع واطمأنّ واستكان.
(ويَرَى الذينَ أُوتُوا العِلمَ الذي أُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّكَ هُوَ الحَقَّ ويَهدِي إلى صِراطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ) (سبأ/ 6)، (وقُلِ الحَمدُ للهِ سَيُرِيكُم آياتِهِ فَتَعرِفُونَها) (النمل/ 93)، (سَنُرِيهِم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفُسِهِم حتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أنّهُ الحَقُّ) (فصِّلت/ 53).


المصدر: كتاب وجود الله بالدليل العلمي والعقلي

ارسال التعليق

Top