(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الشرح/ 1): وهذا عامٌّ لكلِّ من حمَلَ الحقّ، وأبصر النور، وسلك الهُدَى.
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) (الزّمر/ 22): إذاً فهناك حقٌّ يشرحُ الصدور، وباطلٌ يقسِّيها.
(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ) (الأنعام/ 125): فهذا الدينُ غايةٌ لا يصلُ إليها إلا المسدَّد.
(لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة/ 40): يقولها كلُّ من يتيقَّن رعاية اللهِ، وولايتَه ولطفه ونصره.
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران/ 173): كفايتُه تكفيكَ، وولايتُه تحميكَ.
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال/ 64): وكلُّ من سلكَ هذه الجادّة، حصلَ على هذا الفوز.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (الفرقان/ 58): وما سواهُ فميِّتٌ غَيْرُ حيٍّ، زائلٌ غَيْرُ باقٍ، ذليلٌ وليسَ بعزيزٍ.
(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل/ 127-128): فهذه معيتهُ الخاصةُ لأوليائِهِ بالحفظ والرعاية والتأييد والولاية، بحسب تقواهم وجهادِهم.
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 139): علوّاً في العبودية والمكانة.
(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (آل عمران/ 111).
(كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة/ 21).
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ) (غافر/ 51).
وهذا عهدٌ لن يُخْلَفَ، ووعدٌ لنْ يتأخَّرَ.
(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا) (غافر/ 45).
(وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران/ 122).
لا تحزنْ وقدِّرْ أنكَ لا تعيشُ إلا يوماً واحداً فَحَسْبُ، فلماذا تحزنُ في هذا اليوم، وتغضبُ وتثورُ؟!
في الأثرِ: "إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءَ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح".
والمعنى: أن تعيشَ في حدود يومك فَحَسْبُ، فلا تذكر الماضي، ولا تقلق من المستقبل. قال الشاعر:
ما مضى فاتَ والمؤمَّلُ غَيْبٌ *** ولكَ الساعة التي أنتَ فيها
إنّ الاشتغال بالماضي، وتذكُّر الماضي، واجترار المصائب التي حدثت ومضت، والكوارث التي انتهت، إنما هو ضَرْبٌ من الحُمْقِ والجنون.
يقول المثل الصيني: لا تعبر جِسْراً حتى تأتيَه.
ومعنى ذلك: لا تستعجل الحوادث وهمومها وغمومها حتى تعيشها وتدركها.
يا ابن آدم، إنما أنتَ ثلاثة أيامٍ: أمسك وقد ولَّى، وغدُك ولم يأتِ، ويومُك فاتقِّ الله فيه.
كيف يعيش من يحمل هموم الماضي واليوم والمستقبل؟! كيف يرتاح من يتذكر ما صارَ وما جرى؟! فيعيده على ذاكرته، ويتألم له، وألمُه لا ينفعُه!
ومعنى: "إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح": أيْ: أن تكون قصير الأمل، تنتظر الأجل، وتُحسِنُ العَمَلَ، فلا تطمح بهمومك لغير هذا اليوم الذي تعيش فيه، فتركّز جهودك عليه، وتُرتِّب أعمالك، وتصبّ إهتمامك فيه، محسِّناً خُلقَكَ مهتمّاً بصحتِك، مصلحاً أخلاقَكَ مع الآخرين.
لا تحزنْ: لأنّ القضاء مفروغٌ منه، والمقدور واقعٌ، والأقلام جَفَّت، والصحف طُويت، وكلّ أمر مستقرٌّ، فحزنك لا يقدِّم في الواقع شيئاً ولا يؤخِّر، ولا يزيد ولا يُنقِصُ.
لا تحزنْ: لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن، وحبسَ الشمس، وإعادة عقارب الساعة، والمشي إلى الخلف، وردّ النهر إلى منبعه.
لا تحزنْ: لأنّ الحزن كالريح الهوْجاء تُفسدُ الهواء، وتُبعثر الماء، وتغيِّرُ السماء، وتكسر الورود اليانعة في الحديقة والغَنّاءِ.
لا تحزنْ: لأنّ المحزون كالنهر الأحمق، ينحدر من البحر ويصبُّ في البحر، وكالتي نقضت غزلَها من بعد قوةٍ أنكاثاً، وكالنافخ في قربةٍ مثقوبةٍ، والكاتب بإصبعه على الماء.
لا تحزن: فإنّ عمرَك الحقيقي سعادتُك وراحةُ بالِكَ، فلا تُنفق أيامَكَ في الحزنِ، وتبذِّر لياليَكَ في الهمّ، وتوزِّع ساعاتِك على الغموم، ولا تسرف في إضاعة حياتِك، فإنّ الله لا يحبُّ المسرفين.
المصدر: كتاب لا تحزن
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق