• ١ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٢ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإحسان.. صفة من صفات الكمال

د. عمرو خالد

الإحسان.. صفة من صفات الكمال
◄خُلق أجاده الغرب... وفشلنا نحن... الإحسان خُلق قد ضاع من بين المسلمين وأصبح الملتزمون بهذا الخُلق قلة، وأغلبهم مع الأسف ليسوا من المتدينين... خُلقٌ أجاده الغرب ونجح فيه، وفشلنا نحن... إنّ قانون الله المتمثل بالتغيير لا يتعلق بالمسلمين فقط بل بالعالم أجمع... فالله سبحانه وتعالى لم يقل: لا يغير الله ما بمسلم بل قال: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد/ 11)، فيا ترى.. ما هي أهم الصفات التي علينا أن نتحلى بها حتى نغير ما بأنفسنا؟ وما هي الصفات التي يجب علينا تركها؟   الإحسان هو الإتقان: إنّ الإحسان بكلِّ بساطة هو الإتقان... وهو من صميم أخلاق الإسلام... وهو ما ينقصنا... نعم ينقصنا الإتقان في العمل... إنّ التغيير يا إخوتي ليس زراً نضغط عليه فتتغيّر صفاتنا.. لا؛ بل هو عملية صعبة، عملية تحتاج إلى جهدٍ وعناء لندرك ما الذي يجب تغييره في أنفسنا... فإذا كان التغيير عملية صعبة فإنها ليست مستحيلة... والدليل على ذلك أنّ أمّتنا التي عاشت قرون وهي ترعى الغنم وتحولت بعد 23 عاماً فقط من الدعوة إلى الله لأمةٍ تقود الأُمم.   أُمّتنا تترهل يوماً بعد يوم؟!.. أحبتي الكرام.. للأسف كل أدائنا للأعمال في وقتنا الحاضر يندرج تحت بند: مجرد كلام.. ومجرد أداء دون إتقان واحتراف... شيء يؤدي الغرض والسلام... فمن ذلك نرى: مذاكرة الطالب، صناعة الصانع، تدريس المدرّس، ونرى الكثير من التسيّب... والعجب أنك تسمع من يسمِّي كل ذلك: "بالفهلوة" أي: الذكاء والحذاقة، مع أنّ الإتقان سُنّة حياة المسلمين. فقد قال رسول الله (ص): "إنّ الله يحب إذا عَمِل أحدكم عملاً أن يتقنه" [الطبراني في "المعجم الأوسط"، الحديث: 901]. ألا تحب أن يحبك الله؟ فأتقن عملك... أحسن، يحبك الله. فقد أخذ الغرب هذا الشعار مبدأ وساروا عليه، ولذلك سادوا وتقدَّموا؛ لأنّ القيادة مرتبطة بالقوانين والأنظمة. إن أمتنا تترهّل يوماً بعد يوم... فترى نسبة البطالة أعلى من نسبة العاملين في بلادنا.. لماذا؟؟ إنّه التسيُّب وعدم الإتقان. إنّ الإحسان في مهنتك واجب عليك... فإذا أردت أن تتقدم بلادك وتنهض وترتقي، وتقود... فعليك بالإحسان.   فجوة كبيرة بيننا وبين الغرب: لقد أجرِيت إحصاءات في الدول العربية حول عدد الساعات التي يعمل فيها الموظف... فكم تظن كان العدد؟ لن تصدق! لأنّ ذلك فعلاً لا يُصدَّق!! بين 12 إلى 13 دقيقة في اليوم فقط كمعدّل عمل للشخص الواحد... وتصور أنّ البعض نزل بالمعدّل إلى 5 دقائق... أما في الغرب فمن 8 ساعات إلى 10 ساعات... فجوة كبيرة في الحقيقة!!...   آيات ودلالات في الإحسان: يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 90) فوَضَع الإحسان في المرتبة الثانية بعد العدل... فتصور أهميته عند الله تعالى... إنّ ثاني صفة أمرنا الله بها بعد العدل مباشرةً هي الإحسان... لننظر إلى كلمة "يأمر" نعم... إنّ الله يأمرنا بالإحسان... ويقول تعالى أيضاً: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران/ 134)، فالإحسان يدخل في كلِّ شيء؛ في الأخلاق، والعبادات والعمل... (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف/ 56)، تصوَّر أنك تصبح حبيباً إلى الله تعالى بمجرد أن تكون محسناً... ياه! ... حبيباً للرحمن بالإحسان!! وتأمَّل معي هذه الآيات: (إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (التوبة/ 120)، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا) (الكهف/ 30)، وأيضاً: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)... أيها القارئ الحبيب أرأيت ما للمحسن؟؟ بإحسانه أصبح حبيباً إلى الله، وأجره على الله، مأمون من الله، وكذلك أصبح في مَعِيَّة الله... سبحان الله المحسن يشعر بمعية الله... يا لَه من شعور عظيم يستحقه المحسن... وأهم من ذلك أنّ رحمة الله أصبحت قريبة منه... ، لا، ليس هذا فقط، بل انظر إلى قوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (يونس/ 26). فالله سبحانه لن يضيِّع عملنا هباء بل سيجزينا عليه... وزيادة. والكثير من العلماء فسروا (وزِيَادَةٌ) برؤية وجه الله سبحانه وتعالى... يا الله! ... رؤيته – عزّ وجلّ – هل تتخيَّل أنك ترى ربّ الكون... خالق كلّ شيء؟ ... أخي القارئ... كن محسناً في كلّ صغيرة وكبيرة لعلك تفز بكلِّ هذا... وهو أكرم الأكرمين. أحبتي الكرام... ومع هذا كلّه ترى طالباً يقول لك: أريد أن اذاكر حتى أضمن النجاح.. هذا جيِّد، ويرتبط بالإيجابية والجدية في حياة كلِّ شخصٍ منا... فأن تغش في الامتحان هذه ليست من صفات الجدية، ليست من صفات الإتقان... ولكن عليك الإحسان في المذاكرة... وينبغي على المسلم أن يتفوق... ولن تتفوق إلا إذا أحسنت المذاكرة... أحبتي.. خذوا هذا الكلام بكثيرٍ من الجدية والاهتمام. أيها الطلبة: الأمر ليس موضوع علامة أريد أن أحصِّلها في هذه المادة؛ بل الموضوع هو أنّ الأُمّة تريد أن تنمو على أساس نجاحك وإتقانك في العمل...   الثقة لم تعد موجودة بمنتوجاتنا!! إنّ الإحسان عبارة عن علم، وإدارة، وتوجيه، وتنظيم... أشياء كثيرة يجب أن تتوفر فيك لتكون محسناً... كم منتجٍ ننتج في بلادنا اليوم؟ قد تذهب إلى السوبر ماركت فترى منتجاً مكتوباً عليه صنع في: (دولة أجنبية)، فتأخذه وأنت مغمض العينين، طبعاً فهو ليس بمنتج عربي... لماذا؟ لأنّ الثقة لم تعد موجودة بمنتوجاتنا وقدراتنا... من أجل ذلك (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، نتمنى أن نجد منتجاً مكتوباً عليه "صناعة محلية، قد أُنتج بإحسان" إنّ الإحسان في مهنتك اليوم واجب عليك... فأتقن عملك وأحسن إليه.. ومن المؤسف أنّ كلمة شاطر، شطارة، وفهلوة أصبحت منتشرة بيننا كثيراً... فيقول لك: هو شاطر فهلوي لا يحتاج إلى (كاتالوج) ليعرف كيفية تشغيل أي مكنة، لا، هذا مفهوم خاطىء... شبابنا يريد أن يصبح فهلوي وهذا جُلّ اهتمامه.. يا إخوتي... كونوا محسنين، فالفهلوة إن كانت بمعنى الذكاء فهي مقبولة، أما أن تكون بمعنى عدم الإتقان فهذا عيب علينا. لذا يجب أن نتعلم، ونتفوق، ونتقن أعمالنا... حتى ننهض بهذه الأُمّة...   التفوق... من عباداتنا لله: تخيَّلوا... قابلت شاباً فقال لي كلمة والله أدهشتني جدّاً قال: الحمد لله... أنّ الغرب بات متفوّقاً في صنع التكنولوجيا، وتقدم بصنع الآليات حتى نستخدمها، ونتفرَّغ نحن للعبادة والصلاة... فاندهشت وسألته: أنت فعلاً تفكر وتحسبها هكذا؟ قال: أجل، فالله خلقنا لنعبده، فقلت له: نحن من عباداتنا لله: التفوُّق، يجب أن نتفوق حتى نصبح مثالاً وقدوة لبقية الأُمم والشعوب! (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران/ 110).   لماذا لا تجرب؟؟ انظر لحديث رسول الله (ص) الذي يُعتبر من جوامع الكَلِم: "إنّ الله كَتَبَ الإحسان على كلّ شيء" [أبو داود: 2815، والترمذي: 1409]. ما معنى هذا؟ معناه أنك مأمور بالإحسان في كلِّ شيء، مأمور بالإحسان في كلِّ كبيرة وصغيرة... إنك مثلاً إذا صحوت هل تحسن وتتقن السلام على والدتك؟ هل عندما تستيقظ في أول النهار تُتقِن وتُحسِن جميع أعمالك؟ "الإحسان على كلِّ شيء" تخيل كلّ شيء، فعندما تدرس تتقِن دراستك؟ عندما تشرح الدرس للطلبة تتقن الشرح؟ عندما تذهب لعملك هل تتقن العمل الموكَل إليك... فبالله عليك... هل أنت من المتقنين لوظائفهم؟ هل تستطيع أن تكون كذلك لمدة أسبوع؟ لماذا لا تجرِّب؟ جرِّب لمدة يوم واحد وسترى أنّ كلّ حياتك قُلِبت رأساً على عقب.   الإحسان إلى الحيوان!.. انظر كيف ضرب لنا رسول الله (ص) مثلاً عن الإحسان يقول: "فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحدّ أحدكم شفرته وليُرِح ذبيحته"... [مسلم 5028]... الله يا رسول الله!... تشفق حتى على الحيوانات... فلماذا أراد بضرب المثل (القتل)؟ لأنّ القتل معناه إنهاء الحياة، معناه توقف العمل، فأنت حين تقتل أو تذبح ذبيحة يجب عليك الإحسان إليها، فكيف إذا تعاملت مع حيٍّ يدب على الأرض؟ أو ليس بحاجة إلى المزيد من الإحسان منك؟ يا سبحان الله... الله يعلّمنا الإحسان حتى وقت الذبح والقتل، أفما آن لنا أن نغيِّر من صفاتنا ونُحسِن إلى أنفسنا قبل أن نحسن لغيرنا؟!   أن تعبد الله كأنك تراه... (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ) (السجدة/ 7)، (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (القصص/ 77). حينما جاء جبريل إلى سيدنا محمد (ص) يسأله ليعلمنا أمور ديننا... سأل النبيّ (ص): أخبرني عن الإحسان، قال رسول الله (ص): "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك". [البخاري: 50، ومسلم: 97]. أقل الإحسان أن تستشعر بأنّ الله يراك في كلِّ لحظة.   تعلم كيف يكون أدب الحوار... حتى الجدال أخبرنا المولى – عزّ وجلّ – أنّه يجب أن يتم بإحسان (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل/ 125). الإحسان حتى ولو كانت مشادة كلامية... الإحسان عند الاختلاف لنتعلم من مؤدبنا ومعلمنا سيدنا محمد (ص) كيف يكون أدب الحوار: جاءه مرة عتبة بن ربيعة، أبو الوليد فحصل جدالٌ بينه وبين رسول الله (ص): فبالغ وتطاول في كلامه على النبيّ (ص)، فقال له النبيّ (ص): "أفرغت يا أبا الوليد؟" قال: نعم، فرغت، قال: "فهل تسمعني الآن؟" [السيوطي في "الدر المنثور" (5/ 358)]. انظر إلى الحكمة... انظر إلى ديننا الذي تدخلَّ حتى في جدالنا مع الناس.. يا من أردت أن تتعلم أدب الحوار... تعلّمه من رسول الله (ص) وأحسن حتى في الجدال.   رفيقك.. كيفما تكلمت أو تحركت: إنّ الله سبحانه وتعالى عندما يذكر الوالدين في القرآن الكريم يُقرن الإحسان إليهما: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء/ 23)، حتى التحية: يقول الله – عزّ وجلّ –: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا) (النساء/ 86)، فقد أوجب الله علينا حتى عند التحية أن نحسن إلى الناس... يا الله!.. كم هذا الدين عظيم... يبحث في جميع الثغرات ليسدها ليصبح ديناً كاملاً يزيننا بالكمال. انظر حتى في الطلاق يقول الله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة/ 229)، لماذا؟ لأنّ الذي يُحسِن عند الطلاق حتماً سوف يُحسن في بقية حياته. يا الله!! تخيل أين وصل الإحسان... حتى عند الطلاق! لا تتعجب... واعلم أنّ هذا الخُلق متوغل في حياتنا في أقصى حد... هو رفيقك الدائم في القول والفعل والعمل.   أخرجوني أوّلاً... فأفتيكم ثانياً!! تأمل معي قصة سيدنا يوسف (ع) والتي تلخِّص مضمون، بل جوهر الإحسان ككلِّ: سيدنا يوسف دخل السجن؛ لأنّه اتُهِم زوراً بأنّه فعل فاحشةً مع امرأة العزيز، وحكم عليه بالسجن بضع سنين. وبعد ذلك رأى الملك في منامه رؤيا... سبع بقرات نحيلات تأكل سبع بقرات سمينات... فاندهش وسأل: من يفسِّر له هذه الرؤيا؟ فذهبوا إلى سيدنا يوسف وكان قد عبّر رؤيا لساقي الملك عندما كان مسجوناً معه، فقال: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ) (يوسف/ 47)، يقول لهم سيدنا يوسف الحل في تفسيره للرؤيا، وذلك قبل أن يخرج من السجن، فتخيل لو كنت أنت مكانه، فهل ستفعل هذا؟ أم أنّك ستقول: أخرجوني أوّلاً فأُفتِيكم ثانياً؟! أنا أكيد من الاحتمال الثاني، لكن يا ترى ما الذي دفع سيدنا يوسف لكل هذه المساعدة؟؟؟ إنّه الإحسان، وكان من الممكن أن يترك الناس وقتها في مأزق المجاعة والفقر انتقاماً لنفسه؛ لأنّه حُبِس زوراً وظلماً... لكن هذا ليس خُلُقَنا، وليس هذا ما أمرنا الله به. وانتبه أخي القارئ... إنّ قصة يوسف لم تنتهِ بإخبارنا أنّ الكفار أسلموا أو لم يسلموا، لماذا بتصوُّرك؟ لأنّ الله أراد أن يعلمنا أنّ الإحسان غير مرتبط بالنتائج. سيدنا يوسف أعطى المشركين الحل، كيف يزرعون ومتى يزرعون، وكيف يدَّخرون الطعام وما إلى ذلك دون أن يبحث أو يسأل عن تبعية هؤلاء الناس... يا له من إسلام عظيم شامل... أيُّ دين هذا؟ ألك الحقّ أن تفخر بدينك أم لا؟ إنّ الإحسان صفة من صفات الكمال... والكمال من بعد الله هو جوهر طموحاتنا، الكمال المقيّد حتى يليق بالتقديم إلى ربِّ العبادة... صاحب الكمال المطلق، وليست هذه الصفة لمدَّعي الأداء وسوء الإنجاز... اللّهمّ نجِّنا من ذلك، بل هي للذين تتطابق أقوالهم مع أفعالهم.   المصدر: كتاب حتى يغيروا ما بأنفسهم

ارسال التعليق

Top