أشواق عبدالحسن
ان لوسائل الاعلام أهمية كبيرة في رفع المستوى الثقافي للشعب، وحسن أداء افراده لوظائفهم، وكذلك اكتسابهم القيم الاجتماعية داخلياً كما انّها تعرف العالم بحضارة شعوبها ووجهات نظرها في المسائل العالمية خارجياً. ومع تنوع الوسائل وانتشارها على نطاق واسع تنوعت الوظائف التي تقوم بها في المجتمع.
وأهم هذه الوظائف هي:
1- التوجيه: حيث تستطيع وسائل الإعلام المختلفة اكساب الجماهير اتجاهات جديدة أو تعديل القديم منها، ولكن هذا التعديل في ظل شروط معينة، وهي حسن اختيار المادة الاعلامية وملاءمتها للجمهور المستقبل وتقديمها في ظروف مناسبة.
2- الدعاية: تهتم الحكومات المختلفة باستخدام وسائل الاعلام في الدعاية، ويأتي اهتمام الحكومات من جانبها لتعريف الدول الأخرى بفلسفتها ووجهة نظرها في النواحي الداخلية والخارجية، ويرافق ذلك اهتمام بما تطرحه الدول الأخرى لكي تتفادى خطر وصول شيء لشعبها يشوش الأفكار ويعوق تنمية مواردها الموجهة على وفق أيديولوجيتها النابعة من ظروفها الخاصة.
3- التثقيف: هو زيادة المعرفة بغير الأسلوب الأكاديمي المتبع في المدارس خاصة فيما يتصل بنواحي الحياة العامة، والتثقيف عن طريق وسائل الاعلام دون قصد أو تخطيط سابق، أما عارضاً أو مقصوداً فهو حصيلة اتجاه الفرد إلى وسائل الاعلام وتفاعله معها بهدف معين وبخطة مسبقة ويكون باتجاهين موجه من قبل مرشد، أو اتجاه حر من خلال رغبة ذاتية لدى الأفراد.
4- التعارف الاجتماعي: فوسائل الاعلام تقوي الصلة الاجتماعية بين الأفراد عن طريق اظهار تعاطفهم في أسلوب رقيق يعبر عن مشاعرهم أو تقديم الشخصيات الشهيرة المحببة إلى نفوس الناس.
5- الترفيه: وهو استخدام وسائل الاعلام المختلفة في تسلية الناس، ولكن ينبغي أن يكون لهذا الترفيه بعد يتجاوز التسلية إلى التأثير في اتجاه فلسفة مرسومة للمجتمع.
6- الاعلان: ومهمة وسائل الاعلام هنا هي تعريف الجماهير بالسلع المختلفة، ومكانها، وكذلك حثهم على تجربتها وشرائها.
وعلى الرغم من أهمية الوظائف المذكورة أعلاه والدور الكبير الذي تؤديه في حياة المجتمع إلا أن بعضها قد يكون أكثر أهمية، ودورها أكثر وضوحاً في ظل التطورات الإنسانية كالتوجيه والتثقيف والاعلان.
فوسائل الاعلام تعمل على جذب الجمهور من خلال توجيهه باتجاهات معينة مخطط لها، ويأتي هذا التوجيه بمقدار ما لدى الجمهور في المجتمع من ثقافة ودراية بالعديد من القضايا والأفكار والمعلومات. أما الاعلان فتكمن أهميته في ارتباطه المباشر بالجانب التجاري وبقوانين العرض والطلب والحد الأقصى من الربح، إلى الدرجة التي تؤدي إلى خلق نموذج ثقافي استهلاكي عالمي الذي بدوره قد يؤدي إلى تهديد الثقافات القومية من خلال بزوغ أنماط سلوكية وثقافية جديدة في المجتمع.
وعليه ينبغي إضافة الإمكانيات التي أصبحت متاحة بفضل تكنولوجيا الاتصال الحديثة للاستفادة منها في المجتمع، لدعم الوظائف الرئيسية التي تقوم بها وسائل الاعلام، فلقد الغت تكنولوجيا اقمار الاتصال عنصري الزمان والمكان مما سهل عملية التواصل الآني بين أجزاء العالم المختلفة. كما سهلت عملية نقل البيانات والمعلومات لتحقيق أهداف تجارية، تنعكس آثارها على الدول المتقدمة والنامية على السواء.
علاوة على ذلك فقد زادت من التطور الكمي والكيفي في أدوات الانتاج الاعلامي والثقافي وشبكات توزيع المادة الاعلامية والثقافية، واستحداث وسائل للتعليم الذاتي والتعلم عن بعد.
إنّ هذه الوظائف الرئيسية والمساعدة تعمل على حمل المجتمع إلى برّ الأمان والتطور والتقدم والنمو، ولكن يجب أن يكون التحرك بالاتجاه الإيجابي والابتعاد عن الاتجاه السلبي لهذه الوظائف والتي حذر منها الكثير من الباحثين أمثال روبرت ميرتون الذي يقول (قد تعمد وسائل الاعلام إلى نقل معلومات وأنباء تثير الفتنة داخل الدولة أو نشر عداء قوة أجنبية أو محلية أو مناخ الصراع أو الحرب أو قد تعمد على خدمة أغراض حاكم أو جماعة محددة ممن يهيمنون على وسائل الاعلام).
وروبرت ميرتون في هذا المجال يدعو إلى انتقاء الأفضل والمناسب مما يدور في شبكات الاعلام من معلومات وأفكار متولدة من برامج منوعة ومختلفة من حيث المصدر والمضمون والهدف.
المصدر: كتاب الثقافة والتنمية البشرية (دراسة نظرية لبعض المتغيرات الثقافية)
ارسال التعليق