• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

موهبة الطفل وإبداعه

موهبة الطفل وإبداعه

منذ السنوات الاولى، تأخذ المواهب والمهارات بالبروز لدى الطفل الذكي، ويحاول التعبير عنها بمختلف الحركات والاشارات التي تعكس نشاطاً ملحوظاً يختلف كلّ الاختلاف عن الطفل البليد الفاقد للحيوية والابتكار. تبدأ علاقة الطفل بالفن من خلال تلك الخطوط البسيطة التي يخطها على الورق أو الاشكال التي يضعها في العجائن الاصطناعية.

ولكن كيف يمكن دفع الطفل الموهوب الى مواصلة هذه النشاطات ليصبح بعد ذلك فناناً له مكانته؟.

ان لكل مرحلة من مراحل نمو الطفل، خصائصها وتعبيراتها وانفعالاتها الخاصة التي تتمثل في الأنشطة الفنية، وعلى وجه الخصوص، التعبير بالرسم والخطوط والالوان.

وتوفير الظروف الملائمة لاشباع هذه الهواية، يحقق للطفل تكيفاً نفسياً واجتماعياً مهماً، يبدأ الطفل بالقلم الرصاص في سنوات مبكرة، وهو نشاط طبيعي جداً، يقوم به أغلب الأطفال، لذلك فقد يمل بعض الأباء والامهات من تلك الخطوط المتشعبة التي قد تصل آثارها احياناً الى جدران المنزل.

وقد يتنبه الوالدان إلى تلك الموهبة الطبيعية، أملاً في تنميتها، لتأخذ مكانها ضمن كيان الطفل، كما ان وجود الأقلام والألوان والأوراق البيضاء ليسجل عليها الطفل كلّ ما يحلو له من انطباعات تخطيطية يومية، ليشعر معها باهتمام الوالدين به وبرسومه الملونة وانفعالاته الملحة.

وقد تكون ثقافة الوالدين في بعض الأحيان عادية، لاتوفر لهم إلا التوبيخ لمثل هذه الخطوط في حين انهم بهذه التصرفات يوقفون أهم عملية تعليمية تتسم بالخلق والابتكار، وتتحد معها شخصية الطفل منذ الصغر، فالخطوط المتقاطعة قد يحسبها بعض الأباء، نوعاً من التدليل الذي يجب أن يوقف في حينه، وهذا حكم قاسي، بتحويل مسار شخصية الطفل من الابتكار الفني الجميل إلى طريق آخر قد لا تحمد عقباه.

من الثابت علمياً ان المهارات الأساسية للطفل في مراحله المبكرة عندما توجه توجيهاً تربوياً سليماً، سواء كانت هذه المهارات ادارية أو رياضية أو فنية، فإنها تعد اللبنة الأولى في بناء الشخصية السوية للطفل.

ولكي يتمكن من المرور بهذه المرحلة دون عائق، لابد أن يتوافر التشجيع اللازم في أفراد الأسرة (الأب والأم) ومن في محيطهم، وأن يتبوأ الطفل مكانته اللائقة وسط الأسرة التي تقوم بتشجيعه وعرض رسومه وتخطيطاته الفنية للزائرين والضيوف، قناعة منهم بالدور الرئيسي الذي تقوم به مثل هذه التدريبات والمهارات الفنية في تكوين شخصيته السوية القادرة على مواكبة الحياة بكل مافيها من جمال وذوق فني رفيع.

إنّ الطفل عندما يجد أفراد المجتمع الذين حوله يؤمنون بحرية ممارسة مثل هذه المهارات الفنية إيماناً علمياً، يصبح المناخ الذي يحيط به مشيعاً بالحرية التي من شأنها تنشئته التنشئة السليمة التي تخلق منه انساناً ذي مواهب فنية، يطلق العنان لأفكاره وهواياته ومهاراته ليفيد بها المجتمع.

ولاشك، فالمدرسة هي المرحلة التالية المباشرة بعد الأسرة، فاذا كان مجتمع الأسرة الصغير قد أعطى جواز المرور للطفل من خلال هواياته التي يعشقها ويمارسها يعاونه الوالدان ومن حولهم، فلابد أن يكون دور المدرسة هو المكمل الرئيسي لهذا الدور فالمدرسة عليها العبء الأكبر في استكمال المرحلة الاولى وتنميتها وتطويرها، خاصة انها تملك المعلمين التربويين الذين يملكون الكثير من القدرات في الفنون والثقافة التربوية الحديثة، وفي امكانهم مواصلة مسيرة الطفل الفنية ووضعها على أول الطريق.

 نعلم جميعاً أن مادة التربية الفنية والمهارات الاخرى في المدارس الآن لاتأخذ مكانها اللائق بسبب مزاحمة المواد الدراسية الأخرى لمادة الفن والرسم، ولذلك من المتوقع أن تضمحل هذه المادة وسط كم المواد الدراسية المعقدة، بينما يقرر الخبراء بأن تعليم الفن في المدارس ينبغي أن يتفق وعقلية الطفل ويتماشى مع ميوله.

والمعروف ان رسوم الأطفال يعتريها التغيير من يوم لآخر، فبعض التفاصيل الجديدة التي سبق أن اظهرت، لاتظهر ثانية من غير تعديل، ومن الملاحظ عادة انه ينقضي وقت مناسب من الزمان قبل أن تصبح التفاصيل والمميزات الجديدة ذات طابع ثابت في الرسم، لذلك فهناك علاقة تقارب بين نمو الإدراك الكلي كما يظهر في الرسم.

 

ارسال التعليق

Top