• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مسـؤولياتنا اليوم كشبّان

عمار كاظم

مسـؤولياتنا اليوم كشبّان

احتضن النبيّ (ص)، الشباب المسلم ورعاه وأولاه من المسؤوليات ما يجعلنا ـ كشباب ـ نعيد النظر في أدوارنا في الحياة، وما ذاك إلاّ لأ نّه كان يرى أنّهم الأرقّ أفئدة والأنقى سريرة والأقدر على التعاطي مع الحياة المتفتحة، والتفاعل مع المسؤوليات الثقيلة بإيجابية كبيرة. جاء في الحديث الشريف: «عليكم بالأحداث فإنّهم أسرع إلى كلّ خير». اهتم الرسول (ص) بمرحلة الشباب، لأنها مرحلة طاقة وقوة يتمتع الشباب فيها بتكامل جسماني وطاقة حيوية كبيرين مما يجعل فئة الشباب عمود المجتمع الفقري ومستقبلة المنتظر فهم مصدر قوة لمجتمعهم.

مسـؤولياتنا اليوم كشبّان مسلمين كما هي مسـؤولياتنا بالأمس وزيادة. فبالإضافة إلى المسؤولية الرِّسالية التي يفرضها الإنتماء إلى الإسلام وما يستتبع ذلك من العمل به ونشر تعاليمه وتوسيع رقعته والدفاع عنه، هناك مسؤوليات حضارية علمية وثقافية وعملية يتطلّب واقع المسلمين والتحدِّيات التي تواجههم النهوض بها. فنحن كشباب مسؤولون عن اغتنام فرصة شبابنا لأنّها الأثمن والأغنى في حياتنا كلّها، ولأنّها ميدان الخير وحقل العطاء ومسرح التطوّر والرقي في مجالات خدمة الدين من خلال خدمة الإنسان ذاته.

مسؤولون عن بناء شخصيتنا في فترة نموها ونضجها لنكون مميزين في عطائنا بين الناس، تماماً كما يعمل أحدنا ليكون مميزاً بجدِّه واجتهاده بين تلامذة فصله ومدرسته. ومسؤولون أيضاً عن مسابقة الزمن وليس مواكبته فقط، وذلك بأن نستغل كلّ دقائقه وثوانيه في تطوير وتنمية كلّ ما يقع تحت أيدينا من جوانب شخصيتنا أو من واقع أمّتنا. إن مسابقة الزمن هي أن تنظر إلى الأفق البعيد أيضاً وليس إلى ما يقع عليه بصرك في اللحظة الراهنة.. فأنت مسؤول عن أمسك ويومك ومستقبلك أيضاً.

أما من الناحية العلمية، فمسؤوليتنا العلمية تقتضي أيضاً الاستزادة من المعارف القديمة والعـصرية (وقُل ربِّ زدني علماً) (طه/ 114). فالقوي اليوم هو الأكثر علماً، والمؤمن القوي هو المؤمن العالم العامل. إنّ مسؤولية العلم تتطلب كذلك عدم الإستسلام للواقع العلمي الموجود فلا يصح أن نراه نهائياً أو على غاية في الكمال، بل علينا أن نعمل كشباب ـ كلّ حسب طاقته ـ على مزيد من الإبتكار والإبداع والتجديد، فكما لغيرنا عقول تفكر وتتأمل وتنتج، فإن لنا عقولنا التي تفعل ذلك أيضاً. فالعلم والمعرفة ليسا مجرّد عملية تخزين أو تكديس للمعلومات، فالمعرفة في الإسلام مسؤولية «من عرف دلته معرفته على العمل». ومن هنا فلابدّ من العمل على تنويع وتوظيف معارفنا وعلومنا في خدمة أمّتنا والإنسانية كلّها.

أنت كشاب، مسؤول عن وطنك، كما يقال: «حبّ الوطن من الإيمان»، فالحب مسؤولية.. كما أنّ الإيمان مسؤولية. فالعلاقة مع الوطن الذي يولد فيه الإنسان ينمو ويترعرع ويشب، ليست علاقة عاطفية مجرّدة بحيث يتعلق بأهله ولغته ومعالمه ومناخه وتربته وعاداته وتقاليده، إنّما هي علاقة مسؤولة من جهتين: مسؤولية الوطن إزاء أبنائه ومسؤولية أبنائه إزاءه. والمسؤولية الوطنية بعد ذلك متشعِّبة تحتاج إلى كلّ طاقة من الطاقات الحيوية والشبابية في الصدارة منها لتنهض من أجل تطوير أوضاعه وإصلاح الفاسد منها وخدمته في المجالات العلمية والصناعية والفكرية والعملية.

وأخيراً، في موسم العطاء (مرحلة الشباب) نحن مسؤولون عن كلّ عمل ينفع الناس ويكون لله فيه رضا، وأن نقول قليلاً ونعمل كثيراً، وأن نوازن بين أعمالنا وأقوالنا حتى يرى الناس منّا الصدق والمنفعة.

ارسال التعليق

Top